المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استقبال شهر رمضان المبارك


المراقب العام
12-05-2018, 08:26 PM
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif

الحمد لله الذي منّ على عباده بمواسم الخيرات ليغفر لهم بذلك الذنوب، ويُكَفّر عنهم السيئات، وليُضاعف لهم بذلك الثواب، ويرفع لهم الدرجات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واسع العطايا وجزيل الهبات، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل المخلوقات صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليماً.


أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله ربكم، واعبدوه، واشكروه على ما أنعم به عليكم، واحمدوه، واعرفوا نعمته عليكم بمواسم الخيرات التي تتكرر عليكم كل عام ليتكرر بها عليكم من الله الفضل والإنعام، وتُجددوا النشاط على صالح الأعمال واجتناب الآثام.


عباد الله: لقد أظلكم شهر عظيم، وموسم كريم تُضاعف فيه الحسنات، وتُعَظّم فيه السيئات، إنه شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن، إنه شهر الصيام والقيام، شهر الصدقات والبر والإحسان، شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، شهر تفضل الله به على هذه الأمة بخمس خصال لم تعطها أمة من الأمم:


الخصلة الأولى: خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
الثانية: تستغفر لهم الملائكة حتى يُفطروا.
الثالثة: يُزَيّن الله فيه كل يوم جنته، ويقول: «يُوشِكُ عِبادِي الصالِحونَ أنْ يُلْقوا عنهُمْ المُؤْنَةَ ويصِيروا إِليكِ» (ضعيف الترغيب والترهيب [586]).
الرابعة: تُصَفّد فيه مردة الشياطين، فلا يَخْلُصون فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره.
الخامسة: يغفر الله لهذه الأمة في آخر ليلة منه، شهرٌ من صامه إيماناً بالله واحتساباً لثواب الله غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه. شهر تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النيران، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كل عملِ ابنِ آدمَ يُضاعفُ الحسنةَ عشرةَ أمثالها إلى سبعمائةِ ضعفٍ. قال اللهُ عزَّ وجلَّ: "إلا الصومُ، فإنَّهُ لي وأنا أجزي بهِ. يَدَعُ شهوتَه وطعامَه من أجلي". للصائمِ فرحتانِ: فرحةٌ عند فطرِه، وفرحةٌ عند لقاءِ ربِّهِ» (صحيح مسلم [1151])، يفرح عند فطره بأمرين: باستكمال صوم اليوم الذي مَنّ الله عليه بصيامه، وقَوّاه عليه، ويتناول ما أحل الله له من طعام وشراب، ويفرح عند لقاء ربه بما يجده عند ربه مُدَّخرا له من أجر الصيام.


عباد الله: إن شهر رمضان شهر مغنم وأرباح، فاغتنموه بالعبادة، وكثرة الصلاة، وقراءة القرآن، والذكر، والعفو عن الناس، والإحسان، وأزيلوا العدواة، والبغضاء بينكم، والشحناء، فإن الأعمال تُعرَض على الله عز وجل يوم الاثنين والخميس، فمِن مستغفر فيغفر له، ومِن تائب، فيُتاب عليه، ويَرُد أهل الضغائن بضغائنهم حتى يتوبوا ويصطلحوا.


واستكثروا في شهر رمضان من أربع خصال، اثنتان ترضون بهما ربكم، واثنتان لا غنى لكم عنها. فأما اللتان ترضون بهما ربكم، فشهادة أن لا إله إلا الله، والاستغفار. وأما اللتان لا غنى لكم عنهما، فتسألون الله الجنة، وتستعيذون به من النار. واحرصوا على الدعاء عند الإفطار، فإن في الحديث أن للصائم عند فطره دعوة لا ترد.


واعلموا أن الصيام إنما شُرع ليتحلى الإنسان بالتقوى، ويمنع جوارحه من محارم الله، فيترك كل فعل مُحرّم من الغش والخداع والظلم ونقص المكاييل والموازين ومنع الحقوق والنظر المحرم وسماع الأغاني المحرمة، فإن سماع الأغاني يُنقص أجر الصائم. يترك الإنسان كل قول محرم من الكذب والغيبة والنميمة والسب والشتم، وإن سابه أحد أو شاتمه أحد، فليقل: "إني صائم"، ولا يرد عليه بالمثل. فلا تجعل أيها المسلم يوم صومك ويوم فطرك سواء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدَع قولَ الزُّورِ والجَهلَ والعملَ بِه فلا حاجةَ للَّهِ في أن يدعَ طعامَه وشرابَه» (صحيح ابن ماجه [1379]).


وصَوِّموا أولادكم الذكور والإناث إذا كانوا يطيقون الصيام ليتعودوا على ذلك، فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يُصَوِّمون أولادهم وهم صغار حتى كان الصبي ربما يبكي من الجوع، فيعطونه لعبة يتلهى بها حتى يفطروا، وأجر الصيام يكون لهم بأنفسهم لكن الوالدين أو الأولياء لهم أجر التأديب والتوجيه.


وتحروا الهلال ليلة الثلاثين من شعبان، فإن رأيتموه، فصوموا، وإن لم تروه، فلا تصوموا حتى تكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً، فإن من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم. ومن رآه منكم فليخبر القاضي، ومن سمعه منكم في الإذاعة السعودية، فعليه الصيام إذا تحقق أنها أعلنت ثبوت الشهر. ولا يصومن أحدكم تطوعاً قبل رمضان بيوم أو يومين، إلا من كان له عادة بصيام شيء من الأيام، فوافق قبل الشهر بيوم أو يومين، فلا بأس من صيامه.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183].


بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.



العثيمين