المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطورة التساهل باليمين


المراقب العام
27-02-2019, 05:03 AM
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif





التساهل باليمين





بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أما بعد: لقد تساهل كثير من الناس بأيمانهم وأصبح البعض يحلف بالله في كثير من أحاديثه وأقواله، وفي بيعه وشرائه، وفي كل أمر يَعِدُ به غيره، فتراه يحلف بالله على أتفه الأسباب بلا سبب يقتضيه، ومن الناس من لا يصدق غيره إلا إذا حلف له يمينا مغلظا.

لقد أمرنا الرب -جل وعلا- أن نحفظ أيماننا تعظيما لاسمه -جل وعلا- ولا نكثر من الحلف إلا عند الحاجة الملِّحة فقال تعالى { وَٱحْفَظُواْ أَيْمَـٰنَكُمْ}، بل أمرنا تبارك وتعالى أن لا نُطع من يُكثر الحلف فقال تعالى {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ}.

إن شأن اليمين عند الله عظيم، والتساهل بها أمر جسيم؛ فليست اليمين مجرد كلمة تمر على اللسان، ولكنها عهد وميثاق سيُسأل عنه العبد يوم القيامة.

واليمين ثلاثة أقسام، يمين لغو، ويمين منعقدة، ويمين غموس، فأما يمين اللغو فهي الحلف من غير قصد اليمين، كقول الرجل: حينما يسأل عن حاله: أنا والله بخير، فهو لا يقصد أن يحلف لك، ولذلك لا يؤاخذ عليه، ولا كفارة فيه، قال تعالى في سورة البقرة: لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱلَّلغْوِ فِى أَيْمَـٰنِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [225].

أما اليمين المنعقدة فهي اليمين التي يقصدها الحالف ويؤكد ويصر عليها، فهي يمين متعمدة مقصودة وليست لغواً يجري على اللسان.

وأما اليمين الغموس فهي الحلف كذبا لأكل مال إنسان بالباطل، وسميت بالغموس لأنها تغمس صاحبها في الإثم العظيم أو في النار والعياذ بالله. فقد روى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال:َ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْكَبَائِرُ؟ قَالَ: (الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ) قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: (ثُمَّ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ)، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: (الْيَمِينُ الْغَمُوسُ)، قُلْتُ: وَمَا الْيَمِينُ الْغَمُوسُ؟ قَالَ: الَّذِي يَقْتَطِعُ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا كَاذِبٌ) رواه البخاري.

يجهل كثير من الناس أحكام الأيمان ويقعون في أخطاء كثيرة في أيمانهم، والبعض قد يسأل العلماء عن ذلك والبعض الآخر يبقى على جهله سنين عديدة ثم يسأل عن أيمانه الماضية.

أذكر مجموعة من أخطاء الناس في أيمانهم لعلّنا أن نتفقه في أمر ديننا، ونحفظ أيماننا استجابة لأمر ربنا.

الخطأ الأول: الحلف بغير الله -عز وجل- وهو أمر محرم: كحلف بعضهم قائلا والأمانة وشرفي والذمة والنعمة وراس أبوي، وحق هذا الطعام ونحو ذلك وقد قال صلى الله عليه وسلم : (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) رواه الترمذي والحاكم، وقال صلى الله عليه وسلم : (من حلف بالأمانة فليس منا) رواه أبو داود وقال صلى الله عليه وسلم : (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) متفق عليه.

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : لأن أحلف بالله كاذبا أحب إليَّ من أن أحلف بغيره صادقا.

قال ابن تيمية -رحمه الله تعالى-معلقا على كلام ابن مسعود: (لأن حسنة التوحيد أعظم من حسنة الصدق، وسيئة الكذب أسهل من سيئة الشرك)، فلنحذر من الحلف بغير الله -عز وجل-.

الخطأ الثاني: الحلف بالله كاذبا
إنّ الحلف يكون بأعظم وأعز شيء لديك، ولا أحد أعز عندنا من الله -جل وعلا-، فمن حلف بالله كاذبا فكأنّه استهان بالله -عز وجل- ولم يقدره حق قدره، فقد روى ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فليصدق، ومن حُلف له بالله فليرض، ومن لم يرض بالله فليس من الله) رواه البيهقي.

فيجب على المسلم تحري الصدق في سائر كلامه عموما وفي يمينه خصوصا.

ويزداد الأمر إثما عندما يكون الحالف كاذباً، فيحلف لأجل أكل أموال الناس بالباطل وهذه هي اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في النار، فقد روى أبو أُمَامَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ)، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ) رواه الإمام مسلم.
ولنعلم أن اليمين الكاذبة ماحقة للمال وللعمر، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (واليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع) أي أن اليمين الكاذبة تترك الديار مقفرة لا شيء فيها، والمعنى أن الحالف يفتقر ويمحق الله ماله، وقيل: هو أن يفرق اللّه شمله ويغير عليه ما أولاه من نعمه؛ ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الحلف منفقة للسلع ممحقة للكسب) متفق عليه. فلنحذر الحلف بالله كاذبين.

والخطأ الثالث في اليمين: الكذب في اليمين لترويج السلع، فقد روى سلمان الفارس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: أُشَيْمِطٌ زَانٍ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ، وَرَجُلٌ جَعَلَ اللَّهَ لَهُ بِضَاعَةً فَلَا يَبِيعُ إِلَّا بِيَمِينِهِ وَلَا يَشْتَرِي إِلَّا بِيَمِينِهِ) رواه الطبراني، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم (جعل الله بضاعته) أي جعل الحلف بالله وسيلة لترويج بضاعته وسلعته، فيُكثر من الأيمان الكاذبة ليخدع الناس فيشتروا منه اعتماداً على يمينه الكاذبة، فتراه يحلف بالله والله ربحي فيها ريال واحد.

وتأملوا في هذا الحديث كيف قرن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحالف بالله كذباً بالزاني والمتكبر مما يدل على عِظم جريمته والعياذ بالله.

وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثَلاَثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ الله يَوْمَ القِيامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ رَجُلٌ حَلَفَ على سِلْعَتِهِ لَقَدْ أُعْطِي بِها أكْثَرَ مِمَّا أُعْطِيَ وَهُوَ كاذِبٌ ورَجُلٌ حَلَفَ على يَمِينٍ كاذِبَةٍ بَعْدَ العَصْرِ ليقْتَطعَ بهَا مالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مائِهِ فَيَقُولُ الله اليَوْمَ أمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ) متفق عليه. فلنحذر الكذب في اليمين لترويج السلع.

الخطأ الرابع: التورية في الحلف عند القاضي
فبعض الخصوم يتساهلون في أمر اليمين في المحاكم، فترى أحدهم يحلف كاذبا ليكسب قضية، دون مبالاة بحرمة تلك اليمين الكاذبة، التي قد تبطل حقا أو تحق باطلا، فيأخذ بيمينه متاعاً من الدنيا قليلا بغير حق، وفي النهاية سيموت ويتركه لورثته، وهو الوحيد الذي سيسأل عنه ويعذب به، فقد روى الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ رضي الله عنه قال: كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي بِئْرٍ فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ)، قُلْتُ إِنَّهُ إِذًا يَحْلِفُ وَلا يُبَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالاً وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ) فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [آل عمران: 77] متفق عليه.
ويجب العلم بأن اليمين التي يقولها الواحد منّا أمام القضاء هي على نية الْمُسْتَحْلِفِ وليس على نية الحالف، ولا يجوز التورية فيها، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ) رواه مسلم، وفي رواية أخرى (يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ صَاحِبُكَ)، فَإِذَا ادَّعَى رَجُل عَلَى رَجُل حَقًّا فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي فَحَلَفَ وَوَرَّى فَنَوَى غَيْر مَا نَوَى الْقَاضِي، اِنْعَقَدَتْ يَمِينه عَلَى مَا نَوَاهُ الْقَاضِي وَلا تَنْفَعهُ التَّوْرِيَة ( شرح صحيح مسلم للنووي).

والخطأ الخامس في اليمين: الحلف بالطلاق وعلى أتفه الأسباب، فترى أحدهم إذا أراد أن يُضيّفُ رجلا ويُلزمه الحضور حلف بالطلاق أن يتغدى أو يتعشى عنده، بهذه السهولة يُعرّض زوجته وأولاده للتشريد والضياع من أجل وليمة؟ فليس من الرجولة بشيء أن يعرض أحدنا أسرته للشتات والانفصال من أجل أمر لا يستحق.
إن الذي يحلف بالطلاق إنسان لا يحب زوجته ولا يحب أولاده، لأنّه بتصرفه هذا يبيع أسرته ويهدم علاقة متينة دامت سنين، يبيعها بأبخس الأثمان.
إن شأن الطلاق عند الله عظيم، فلا ينبغي التلاعب به ولوكه بالألسن لأتفه الأسباب، حتى تجرَّأ كثير من الشباب العزاب بالحلف بالطلاق، استهتارا واستخفافا بحدود الله -عز وجل-، واعلموا أن من حلف بالطلاق فقد يقع ذلك الطلاق؛ ولذلك لا يجوز لأي واحد منّا التسرع بالفتيا لمن حلف بالطلاق، وإنما عليه المبادرة إلى سؤال العلماء ليتيقن هل وقع طلاقه أم لا؛ لأن المسألة فيها بقاء مع الزوجة بالحلال أو بالحرام.
فليتق الله هؤلاء الأزواج في زوجاتهم وأولادهم ولا يحلفوا بالطلاق البتة.

والخطأ السادس في اليمين: حلف بعضهم بالبراءة من الإسلام أو أنه يهودي إن فعل كذا وكذا، فقد روى لنا بريدة الأسلمي رضي الله عنه حرمة ذلك اليمين حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَنْ حَلَفَ فَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ الإِسْلامِ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَلَنْ يَرْجِعَ إِلَى الإِسْلامِ سَالِمًا) رواه أبو داود والنسائي.
والخطأ السابع في اليمين: أن البعض قد يعد زوجته أمرا ويحلف لها على تحقيقه ثم ينقض عهده دون سبب، ولا يُكفّر عن يمينه ظنّا أن هذا من الكذب المباح على الزوجة، وإنما الكذب المباح على الزوجة ما كان فيه إصلاحا بين الزوجين ودواما لعشرتهما، فليس من الكذب المباح أن تعد زوجتك شيئا لا تريد أن تفيَ به لها أو تخبرها بأنك اشتريت لها الشيء الفلاني بسعر كذا فتغالي بالسعر ترضية لها؛ لأن ذلك قد ينكشف لها فيكون سببا لكي تسيء ظنها بك، فتسوء العلاقة بينكما وذلك من الفساد لا الإصلاح المنشود.
فكيف إذا حلفت لها يمينا على أمر ما تعدها به، وأنت في قرارة نفسك لا تريد الوفاء به، فلا شك أن هذا من الإثم، ويجب التكفير عن ذلك اليمين.

الخطأ الثامن: البعض إذا أراد أن يمنع نفسه ويكفها عن شيء محرم اعتاده كمثل شرب الدخان لجأ إلى الحلف أن لا يشربه مرة أخرى، ثم يتفاجئ أنه عاد إلى ذلك المحرم، فيتضجر من كثرة التكفير عن أيمانه، وكان أولى بهذا إن كان صادقا في الابتعاد عن ذلك المحرم أن يلجأ إلى الله تعالى فيسأله الإعانة دون استخدام اليمين.

الخطأ التاسع: البعض يحلف بأن يمتنع عن فعل معروف ويستمر على هذا الأمر وإذا نصح في ذلك تعلل بأنه حلف أيمانا مغلظة ويخاف عاقبة هذه الأيمان، فمن حلف أن لا يصل قريبه أو أخاه المسلم، أو لا يكلمه، أو لا يدخل بيته، ونحو ذلك مما فيه معصية للخالق وتقصير في حق مسلم، فلا ينبغي له أن تمنعه يمينه عن فعل البر وتحقيق الصلة، بل الذي ينبغي له أن يكفِّر عن يمينه ويفعل الذي هو خير أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي قال (إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ) رواه أبو داود والنسائي.
ولا تظن أن التراجع عن الرأي ليس من شيم الرجال، كلا، فطالما أنك تفعل ما فيه خير وصلاح فلا حرج في هذا التراجع، بل هي الحكمة والرجولة، فأنت لست أفضل من سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم الذي قال: (إِنِّي وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلاَّ كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ) رواه البخاري.
وإذا أراد الرجل التكفير عن يمينه فعليه إطعام عشرة مساكين فإن لم يستطع فعليه صيام ثلاثة أيام، فكثير من الناس إذا أراد التكفير عن يمينه؛ قالوا له صم ثلاثة أيام وهذا خطأ؛ لأن الصيام يكون للفقير العاجز عن إطعام عشرة مساكين، قال تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِى أَيْمَـٰنِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلاْيْمَـٰنَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَـٰكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـٰثَةِ أَيَّامٍ ذٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَـٰنِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ}[المائدة:89].
ومن حلف على شيء يظن صدقه فظهر خلافه فهو من باب الخطأ ولا كفارة فيه لأنه من اللغو.
ومن حلف يمينا على أمر ماض وهو كاذب، فهو آثم إثما عظيما، وليس فيه كفارة وإنما عليه التوبة والندم، فمن حلف أنه سافر إلى الصين مثلا وهو لم يسافر فلا كفارة في ذلك اليمين وإنما عليه التوبة.
ومن حلف على يمين فأكل بها حق إنسان بالباطل فلا تنحل تلك اليمين بالكفارة أبدا، وإنما تنحل بالتوبة وردّ المظلمة، لا كفارة لها إلا ذلك.
وأما من حلف على يمين واستثنى في يمينه كمن قال والله لأُسافِرنّ اليوم إلى مكة ثم قال إن شاء الله فلا شيء عليه ولا كفارة ليمينه لو لم يسافر، وذلك لما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ أَمْضَى، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ) رواه الإمام أحمد والنسائي.
واحذروا أن تحول اليمين بينكم وبين الطاعة وفعل الخير.
هذه بعض أخطاء الناس في بعض الأيمان، فاحفظوا أيمانكم استجابة لأمر ربكم.


جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.




د.محمد بن إبراهيم النعيم -رحمه الله-