المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حديث: من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله .............


نبيل القيسي
18-05-2019, 05:17 PM
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تطهر في بيته، ثم مشى إلى بيت من بيوت الله، ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطوتاه: إحداهما تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة))؛ رواه مسلم[1].



يتعلق بهذا الحديث فوائد:

الفائدة الأولى: السنة أن يتوضأ المسلم في بيته، ويذهب إلى المسجد متوضئًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: ((من تطهر في بيته))، والظاهر أن هذا يشمل خروجه من أي موضع هو فيه قاصدًا المسجد؛ كالمكتب أو الاستراحة أو غيرهما، وذكر البيت هنا للغالب، ومن ترك ذلك وتوضأ في دورات المياه التابعة للمسجد فلا حرج عليه، لكنه يفوته فضلٌ كبيرٌ، ومنه: أنه لا يكون له فضل المصلِّي من حين خروجه من بيته[2].



الفائدة الثانية: المشي إلى المسجد أفضل من الركوب؛ لقوله في الحديث: ((ثم مشى إلى بيت من بيوت الله))، وقد ثبت أن أعظم الناس أجرًا في الصلاة أبعدهم ممشى؛ فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أعظم الناس أجرًا في الصلاة أبعدهم إليها ممشًى، فأبعدهم))؛ رواه مسلم[3]، وقد منَّ الله على من مشى إلى المسجد برفع الدرجات وتكفير الخطيئات، وذلك بكل خطوة يخطوها إلى المسجد[4]، وقد ثبت أيضًا أن له أجرًا في رجوعه إلى بيته ماشيًا؛ ففي حديث أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رجلٌ لا أعلم رجلًا أبعد من المسجد منه، وكان لا تخطئه صلاةٌ، قال: فقيل له - أو قلت له -: لو اشتريتَ حمارًا تركبه في الظلماء، وفي الرَّمضاء،قال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد؛ إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد، ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي،فلما أُخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، قال: ((قد جمع الله لك ذلك كله))؛ رواه مسلم[5].



الفائدة الثالثة: دل الحديث على أن موضع الصلوات المفروضة هو المسجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: ((ثم مشى إلى بيت من بيوت الله، ليقضي فريضة من فرائض الله))، وإذا كان المسجد هو موضع الصلاة المفروضة، فالواجب الحرص على أدائها فيه مع الجماعة، كما دلت على ذلك النصوصُ الكثيرة من السنة النبوية؛ إذ هي تنادي بوجوب صلاة الجماعة[6]، وعلى ذلك أجمع الصحابة رضي الله عنهم، وقاله عامة السلف رحمهم الله تعالى، قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في ذكر أدلة وجوب صلاة الجماعة: الدليل الثاني عشر: إجماع الصحابة رضي الله عنهم، ثم ذكر نصوص الصحابة رضي الله عنهم على وجوب صلاة الجماعة، ثم قال: فهذه نصوص الصحابة كما تراها صحة وشهرة وانتشارًا، ولم يجِئْ عن صحابي واحد خلاف ذلك؛ اهـ[7]، وقال أيضًا بعد ذكر الخلاف في حكم الجماعة في المسجد: ومن تأمل السنة حق التأمل، تبيَّن له أن فعلها في المساجد فرضٌ على الأعيان، إلا لعارض يجوز معه ترك الجمعة والجماعة، فترك حضور المسجد لغير عذر كترك أصل الجماعة لغير عذر؛ اهـ[8].


[1] رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات 1/ 462 (666).

[2] قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: ظاهر الحديث أنه لا يكون له هذا الأجر؛ لأن هناك فرقًا بين من يخرج من بيته متهيئًا للصلاة قاصدًا لها، وبين إنسان يأتي إلى المسجد غير متهيئ للصلاة، نعم، لو كان بيته بعيدًا، ولم يتهيأ له الوضوء منه، فيرجى أن ينال هذا الأجر؛ اهـ (الشرح الممتع 3/ 23).

[3] رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطى إلى المساجد 1/ 460 (662).

[4] ظاهر الحديث: أن خطوة ترفع درجة، والأخرى تحط خطيئة، وجاء في غيره ما يفيد أن كل واحدة ترفع درجة وتحط خطيئة، ففيه زيادة على ما هنا، وفضل الله واسع؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((.. فإن أحدكم إذا توضأ فأحسن، وأتى المسجد لا يريد إلا الصلاة، لم يخطُ خطوة إلا رفعه الله بها درجة، وحطَّ عنه خطيئة حتى يدخل المسجد..))؛ رواه البخاري في أبواب المساجد، باب الصلاة في مسجد السوق 1/ 181 (465)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وانتظار الصلاة 1/ 459 (649).

[5] رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطى إلى المساجد 1/ 460 (663).

[6] خلافًا لما قاله الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى في السيل الجرار 1/ 245: فإن الأحاديث المصرحة بأفضلية صلاة الجماعة على صلاة الفرادى مناديةٌ بأعلى صوت بأن الجماعة غير واجبة؛ اهـ، فلو قال: منادية بأن الجماعة ليست شرطًا لصحة الصلاة، لكان قوله صوابًا، والله أعلم.

[7] الصلاة وحكم تاركها لابن قيم الجوزية ص124، 126.

[8] المرجع السابق ص137.

تطبيقات بالعربي
13-06-2019, 05:58 AM
تسلم علي مواضيعك الممتازه اخي