المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أهمية العلم ودوره في نهضة وحضارة الأمم


المراقب العام
17-06-2019, 06:15 AM
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif




مواهب العلم...!






• يتعلم كثيرون، وجامعات متدفقة، ومدارس عامة وخاصة، وبرامج تعليمية حضارية، وتخصصات شرعية يانعة، وأشكال من النظريات الحديثة التربوية، ومع ذلك لا ينبغ إلا قلائل مؤثرون ، ولا يبرز إلا نوادر باذلون لأنه اصطفاء من الله وتوفيق، وهو أشرف الفضائل، يختص الله بها من عباده من شاء، ولذلك قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: ( إنما العلم مواهب، يُؤتيه الله من أحب من خلقه، وليس يَناله أحد بالحسَب، ولو كان لعلة الحسب، لكان أولى الناس به، أهلُ بيت النبي صلى الله عليه وسلم ). ( طبقات الحنابلة ١/ ١٧٩).

• وفقه هذه العبارة يجعله خَصِيصة يخصها الله من شاء من عباده، فلا يحمله ذوو نسب لا يتعب عليه، ولا صاحب وجاهة لم يحتمل مشاقه، ولا صاحب مرتبة لم ينقطع لأجله، ولا شخص مستكثر للطعام والشراب، ولَم يجرّب سفرَه وفقره وهوانه...!

• ولا ينافي هذا أنه يكتسب ويُجمع ويحرص عليه، لكنه مع مرور الوقت، ينقطع عنه إذا انقطع هدفه، أو نال مراده، أو كلّ طريقه، أو لم يُبارك له فيه، أو انصرف الناس عنه...!

• وانتزاع البركة من مخاطر جمعه وتحصيله، بحيث يشعر بعدم الفائدة والمتاعب الأولية ، فيضيق ويمل ويعود لسابق عهده، ويندرج في الحياة العملية أو التجارية القاتلة....!

• ولذا وجب تحري الإخلاص، وطلب الصدق فيه، لئلا تذهب موانحه، وسؤال الله العون عليه، واختراق مصاعبه .

• ولذلك تحصيله بالدعاء، ونيله بالإخلاص، وجنيه بالتواضع، وإحرازه بالتعاطي والبلاغ، وكل ذلك مما يحبه الله تعالى .

• ومن اتقى الله فيه، فتح عليه كنوز الحكمة، ويسر له ينابيع الفهم والنعمة، قال عز وحل ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) سورة الطلاق .

• وإذا علم الله صدق العبد، ذلّل له أسبابه، وأعانه على التماس مسالكه ، وفتح له مغلقَه ومصاعبه .

• وكذلك من عمل بيسير العلم، شرح الله صدره للمزيد من العلم والعمل، وقلده مقاليد التوفيق والتسديد ، قال ابن مسعود رضي الله عنه وغيره :( من عمل بما يعلم ، ورّثه الله علم ما لم يعلم ). ولا يصح ذلك مرفوعا .

• واستشعار دائبية التعلم والمنهج القرائي للإسلام، وحاجتنا الماسة كحاجة السمك إلى الماء، والروح للهواء ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) سورة العلق . وتحسس مثل ذاك في الحياة، مما يشعل الهمم، ويوقد العزمات .

• والقيام الدعوي والسلوكي بالعلم والفقه، مما يرسخه ويحببه النفوس ، ويبعث على المزيد من الجهد والدأب التحصيلي ، دعوةً وإلقاءً وتبليغا..!

• ولذلك تعجب من أناس كيف حفظوه، وآخرين كيف جمعوه، ونحوهم كيف فقهوه..؟! ولولا أن الفتاح العليم فتح لها أبوابه، ومكنهم من نواصيه، ومنحهم هباته ما رأيتهم بالمكان العلي، وتلك المنزلة الرفيعة ...! وقد تقاعس عنه أولو همم وبأس شديد، وآثروا الزائف على الباقي،،، والله ذو الفضل العظيم .

• وفِي مواهب العلم يعيش حملته الصادقون لذته، فيتفاتون في حبه، ويتعبون في تبليغه، وقد انشرحت له الصدور، وطابت به القلوب ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) سورك الرعد .

• وهذا سر مكوث بعض العلماء الساعات الطوال شرحا وتعليقا، وفئة تدرس لعشرات السنين، كما مكث البخاري في صحيحة (١٦) عشرة سنة، ومسلم (١٥)خمس عسرة سنة، ومالك في(٤٠) أربعين سنة الموطأ ، وأبو عبد الرحمن السلمي يدرس القرآن (٤٠) سنة في جامع الكوفة الأعظم، وغيرهم رحم الله الجميع .

• فاجتمع لهم البركة وحب النفع للخلق، والتي من ثمارها: البذل والتحمل، والبلاغ، واستطعام اللذاذة ، والعيش في رحاب الحياة الطيبة ...!

• وما أطيبَ قولَ أبي إسحاق الإلبيري رحمه الله:
ينالك نفعُه ما دمتَ حيا /ويبقى ذكره لك إن ذهبتا
هو العضبُ المهند ليس ينبو / تصيب به مقاتِلَ من أردتا
وكنز لا تخاف عليه لصاً / خفيف الحمل يوجد حيث كنتا
يزيدُ بكثرة الإنفاق منه / وينقص إن به كفا شددتا
فلو قد ذُقت من حَلواه طعماً / لآثرت التعلم واجتهدتا ..!

وهذه المواهب واللذاذات قد تنقلب على أصحابها من جراء :

• ترك العمل بالعلم، واتخاذه سُلما إلى بهارج الدنيا وزخارفها .

• والتعالي فيه والطغيان به قربا وعملا وتأليفاً وسلوكاً .

• وكثرة الجدال والمماراه به، بحيث يبيت وسيلة جدلية شخصية، وليس وسيلة للتهذيب وإقامة الحق والعدل . قال في الحديث الصحيح :( ما ضلَّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ).

• وتطويعه للباطل وأهله والمتاجرة به، بحيث تُبدل الأحكام إرضاء لأرباب الدنيا والسطوة، قال تعالى:( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) سورة التوبة . وقال عز وجل: ( آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) سورة الأعراف .

• ومن ثم تّحوًّل تلك المواهب إلى تعاسات ونكايات، فيبيت العلم حجة عليهم لا لهم ، قال صلى الله عليه وسلم : ( كل الناس يغدو فبائع نفسَه فمُعتقها، أو موبقها ).
والمعنى : فمعناه كل إنسان يسعى بنفسه فمنهم من يبيعها لله تعالى بطاعته فيعتقها من العذاب ، ومنهم من يبيعها للشيطان والهوى باتباعهما فيوبقها أي يهلكها ، والله أعلم .

• فاللهم وفقنا للعلم، وامنحنا مواهبه وفضائله ، إنك جواد كريم .



د.حمزة بن فايع الفتحي

ثراء جمال
19-06-2019, 06:36 AM
بارك الله فيك وجزاك الله خير