المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ستر الله لأوليائه وعباده الصالحين


المراقب العام
22-07-2019, 06:36 AM
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره…
أما بعد، عباد الله:
يقول الله في محكم التنزيل: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون (النور: 19).


وإشاعة الفاحشة في المجتمع الإسلامي أسلوب يستخدمه أعداء الله للذهاب بالبقية من حياء الأمة، ويستخدمه الجهلة من المسلمين لينالوا ممن هم خير منهم؛ بأن ينسبوا إليهم ما ليس فيهم، والمسلم مأمور بالستر.


فما الستر؟ وما أنواعه؟ ومتى يفضح الله العبد؟
الستر:في اللغة هو تغطية الشيء وحفظه. وقيل في الاصطلاح هو: الستر على المسلم إن وقع في معصية شريطة أن لا يعلنها ويجهر بها.
والستر من خُلق الله ، فقد أخرج أبو داود عَنْ يَعْلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَأَى رَجُلاً يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ بِلاَ إِزَارٍ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ حَيِىٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ».
والبيوت أسرار فلا يجوز نشرها، فقد أخرج مسلم عن أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ أن رَسُولُ اللَّهِ قال: «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِى إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِى إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا».
ولا يجوز كشف العورة إلا إذا اقتضى الأمر، لما أخرج أبو داود عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ قَالَ: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلاَّ مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِى بَعْضٍ قَالَ: «إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ يَرَيَنَّهَا أَحَدٌ فَلاَ يَرَيَنَّهَا». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا. قَالَ: «اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ».
ولا يجوز ذكر عيوب وأخطاء المسلمين الأتقياء الصلحاء لحديث أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ قَالَ «وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةُِ».
وأما أنواعه:


ستر الله للخلقة والتكوين:
يقول الإمام الغزالي: والله تعالى كثير الستر على عبيده. ومن ستره سبحانه أنه أظهر الحسن من الجسد وأخفى القبيح منه كما قال تعالى: لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم.
فأخفى الدماء في العروق وأخفى العروق تحت الجلود، ومن ستره سبحانه أنه جعل موطن الخواطر هو القلب فلا يطلع عليه إلا الله تعالى، ولو اطلع الخلق على ما يدور في قلبك لمقتوك ولكنه ستر الله سبحانه.


ستر الله لأوليائه وعباده الصالحين:
ففي الدنيا يصرفهم عن المعاصي لوصية رسول الله لعبد الله بن عباس: «احفظ الله يحفظك» (الترمذي). ويسترهم ويحفظهم في الآخرة، لما أخرج الشيخان عن ابن عمر «إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ أَيْ رَبِّ حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ. قَالَ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ».


ستره على عصاته وأعدائه:
حيث يقابل إساءة العبيد وكفرهم بالإحسان إليهم للحديث القدسي: “أنا والجن والإنس في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، أتحبب إليهم بالنعم وأنا الغني وهم يبتعدون عني بالمعاصي وهم الفقراء، خيري إليهم نازل وشرهم إلي صاعد”. نفعني الله..


عباد الله: إن من أنواع الستر أيضا:


ستر المسلم نفسه:
المسلم عليه أن يستر نفسه، فلا يُشْهر خطاياه أمام الخَلْق، ولا يذكر زلَّاته أمام النَّاس، ولو كانوا أصدقاءه، إلَّا على وجه السُّؤال والفتيا، دون تحديد أنَّه الفاعل، سيَّما عند من يعرفه، فعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يقول: «كلُّ أمَّتي معافى إلا المجَاهرين، وإنَّ من المجَاهرة أن يعمل الرَّجل بالليل عملًا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان، عملتُ البارحة كذا وكذا، وقد بات يَسْتُره ربُّه، ويصبح يكشف سِتْر الله عنه» (متفق عليه).
وقال : «أيُّها النَّاس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، من أصاب من هذه القاذورات شيئًا، فليَسْتَتر بسِتْر الله» (رواه مالك في الموطأ).


ستْر المسلم لإخوانه المسلمين:
المسلم الحق عملة نادرة في زماننا، فإذا ظفرت به فاحرص عليه، وكما يَسْتُر المسلم نفسه، عليه أن يَسْتُر إخوانه المسلمين، إذا رأى منهم عيبًا أو خطأً، قال : «من نفَّس عن مؤمن كُرْبةً من كُرَب الدُّنيا، نفَّس الله عنه كُرْبةً من كُرَب الآخرة، ومن سَتَر على مسلم، سَتَره الله في الدُّنيا والآخرة، والله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه» (مسلم من حديث أبي هريرة ).


ستْر الميِّت:
إذا غسَّل المسلم ميِّتًا، فرأى فيه شيئًا معيبًا، فعليه أن يَسْتره، ويكتم أمره، قال : «من غسَّل ميِّتًا فكتم، غَفَر الله له أربعين مرَّةً» (رواه الطبراني والبيهقي).


وأما متى يفضح الله العبد؟ فإن ذلك يحدث:
- إذا كان حريصا على فضح إخوانه، للحديث: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه؛ لا تتعبوا عورات المسلمين، فإن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في بيته» (أخرجه الإمام أحمد وغيره عن أبي برزة الأسلمي).
- المرأة إذا تبرجت وخلعت الستر الذي أمر الله به، خلع الله عنها ستره وحفظه ورعايته، للحديث: «أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله» (أخرجه ابن ماجه من حديث عائشة).
- المجاهرة بالمعصية، للحديث: «كل أمتي معافى إلا المجاهرون ومن المجاهرة أن يعمل الرجل العمل بالليل ويصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، بات يستره الله ويصبح يكشف ستر الله عليه».
الدعاء…
د. سليمان نمير