المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نماذج من التربية الإيمانية النبوية على الآداب الكريمة والأخلاق الفاضلة


المراقب العام
29-07-2019, 06:08 AM
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif





عن المقداد في حديثه الطويل قال: “كنا نرفع للنبي نصيبه من اللبن فيجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان فجاء النبي فسلم كما كان يسلم” (رواه مسلم).


كان النبي يربي بالقدوة على الآداب الكريمة والأخلاق الفاضلة، ليجعل من المسلم إنسانا خفيف الظل رهيف الحس، إنها الآداب التي تنشر في الأمة جوا من الوعي والنباهة، التي تجعل المسلم يلتزم لكل ظرف ولحظة بما يناسبها من الحركة والكلام، وإنها التربية النبوية التي تجعل ذهن المسلم يتفتق على أرقى ذوق وأرهف شعور في الحياة.


وإن المتأمل في هذا التصرف النبوي الحكيم الذي أشار فيه الرسول إلى أزكى التعاليم جدير بأن يبعد المسلم عن الذين تبدلت عقولهم، واستغلقت أذهانهم.


وإننا نجد في هدي النبي ما يجعله يميز في سلامه وكلامه بين الحي والميت والنائم اليقظان فيخاطب كل واحد بما يحتاجه من الرفع والمخافتة، عن أبي جري الهجيمي قال: أتيت رسول الله فقلت: عليك السلام يا رسول الله، فقال: «لا تقل عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الموتى» (رواه أبو داود. والترمذي وقال حديث حسن صحيح. وقد سبق بطوله).


وهذا الحديث فيه مراعاة مشاعر الأحياء والأموات عند قراءة السلام، قال الخطابي رحمه الله تعالى: هذا يوهم أن السنة في تحية الميت أن يقال له: عليك السلام، كما يفعله كثير من العامة وقد ثبت عن النبي أنه دخل المقبرة فقال: «السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين» فقدم الدعاء -أي السلام- على اسم المدعو له -وهو الأنفع للميت- وإنما كان ذلك القول منه إشارة إلى ما جرت به العادة منهم في تحية الأموات إذا كانوا يقدمون اسم الميت على الدعاء. وهو خلاف الأولى في الإحسان إلى شعور الميت.


وعن أنس أن النبي كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا. رواه البخاري وهذا محمول على ما إذا كان الجمع كثيرا.


هكذا كان يجعل كلامه على مراحل وطبقات ثلاث حتى إذا رأى أن الأولى لم تبلغ الآذان والأذهان زاد عليها قليلا، قال أبو الزناد رحمه الله تعالى: إنما يكرر الكلام ثلاثا، والسلام ثلاثا إذا خشي أن لا يفهم عنه، أو لا يسمع سلامه.


قال ابن بطال رحمه الله تعالى: وفيه أن الثلاث غاية مايقع به البيان والإعذار به. فلا يزيد فوق ثلاث، ولا يرفع فوق نفس الصوت الثالث. قال ابن العربي رحمه الله تعالى: الأولى استعلام، والثانية تأكيد، والثالثة إعذار.




د. عبد الحميد صدوق