المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السعادة في حسن معاملة الخلق أن تعاملهم لله


المراقب العام
12-08-2019, 12:05 AM
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif





السعادة في معاملة الخلق أن تعاملهم لله، فترجو الله فيهم، ولا ترجوهم في الله، وتخافه فيهم، ولا تخافهم في الله، وتحسن إليهم رجاء ثواب الله لا لمكافئتهم، وتكف عن ظلمهم خوفاً من الله لا منهم. وألا تطلب منهم جزاءً إذا أحسنت إليهم فالله جل جلاله هو الذي منَّ عليك بذلك


وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة» [متفق عليه] فإذا رأى الإنسان من أخيه في الله عورة، يعني معصية فلا يفضحه ولا ينشرها بين الناس، بل يسترها عليه، وينصحه ويوجهه إلى الخير، ويدعوه إلى التوبة إلى الله من ذلك، ومن فعل هذا وستر على أخيه، ستره الله في الدنيا والآخرة، لأن الجزاء من جنس العمل، أما الذين يظهرون المعاصي ولا يستحون يظهرونها بين الناس، فهؤلاء فضحوا أنفسهم، فليسوا محلاً للستر. وقال ابن عباس رضي الله عنه: إني لآتي على الآية من كتاب الله، فلوددت أن الناس يعلمون أكثر مما أعلم، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين، في أي أرض يعدل في رعيته، فأفرح به، ولعلي لا أتحاكم في قضية واحدة، وإني لأسمع أن الغيث أصاب بلداً من بلدان المسلمين، فأفرح به، ومالي به من سائمة.


كما حث الاسلام المسلم الى حسن التعامل مع غيره ومُلاطفتهم، وهي مُعاملتهم بما يُحبُّ أن يُعاملوه به من اللطف، ولا يُعاملهم بالعنف والشدة والغلظة، فإن ذلك ينفرهم عنه، ويُغريهم به، ويفسدهم عليه قلبه وحاله مع الله ووقته، فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف، فإن مُعاملة الناس بذلك، إما أجنبي فتكسبُ مودته ومحبته، وإما صاحب وحبيب فتستديم صحبته ومودته، وإما عدو ومُبغض فتُطفئُ بلطفك جمرته وتستكفي شره.


وقال الإمام ابن الجوزي متى رأيت صاحبك قد غضب، وأخذ يتكلم بما لا يصلح، فلا ينبغي أن تعقد على ما يقوله خنصراً، ولا أن تؤاخذه به، فإن حاله حال السكران، لا يدري ما يقول، بل اصبر لفورته، ولا تعول عليها، فإن الشيطان قد غلبه، والطبع قد هاج، والعقل قد استتر، ومتى أخذت في نفسك عليه، أو أجبته بمقتضى فعله كنت كعاقل واجه مجنوناً، أو كمفيق عاتب مغمى عليه، فالذنب لك، بل انظر بعين الرحمة، وتلمح تصريف القدر له، وتفرج في لعب الطبع به، واعلم أنه إذا انتبه ندم على ما جرى، وعرف لك فضل الصبر. ومتى سمعت منه كلمة قذعة فاجعل جوابها كلمة جميلة، فهي أقوى في كفِّ لسانه، فإن لم تطق فهجر جميل،.. عدوك إن بالغ في السب فبالغ في الصفح، تنب عنك العوام في شتمه، ويحمدك العلماء على حلمك، وإنما يقع هذا، ممن يري أن تسليطه عليه، إما: عقوبة على ذنب، أو رفع درجة بالابتلاء، فهو لا يري الخصم وإنما يري القدرة...وقد روي عن بعض العابدين أن رجلاً شتمه فوضع خده على الأرض، وقال: اللهم اغفر لي الذنب الذي سلطت هذا به عليّ.


الشروق