المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العفو والتسامح من أعظم خصال الإسلام


المراقب العام
19-08-2019, 05:59 AM
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif





العفو والتسامح وكظم الغيظ عبادة عظيمة هجرها كثير من الناس اليوم وهي من أعظم الخصال الإسلامية إذا اتصف بها الإنسان فإنها تدل على قوة شخصية صاحبها وعلى سلامة النفس من الغل والحقد والحسد وعلى صفاء القلب من الروح العدوانية. والعفو من صفات المؤمنين المتقين يقول تعالى: (وَٱلْكَـٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَـٰفِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ) (آل عمران:134) ويقول أيضا: (وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ) (الشورى:40) .



فمن عفا وأصلح عفا الله عنه وغفر له . ذلك أن التحلي بالعفو يريح النفس ويطمئن القلب كما يريح الأعصاب ويغني عن كثير من الأدوية لأنه يجعل صاحبه بعيدا عن التوتر النفسي والقلق والاضطراب وارتفاع ضغط الدم الذي يسبب كثيرا من الأمراض فالذي يملأ قلبه بالغل والحقد والحسد والتشفي والأخذ بالثأر فإنه يخلق في داخله إعصارا وبركانا هائجا لا يهدأ حتى ينتقم فيقع فيما يندم عليه فيما بعد .كما أن العفو من خصال الأنبياء والمرسلين وقد برز في عفوهم عن أقوامهم وهم يؤذونهم ويعذبونهم ولقد نال النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الخلق أعلاه وأرفعه وأظهر من آيات الصفح والعفو جميلها وجليلها فقد عفا النبي عن أخطاء من أساء إليه سواء كان المخطئ قريبا أو بعيدا عدوا أو صديقا ما لم يكن منتهِكا لحرمات الله قال أنس بن مالك: (وما انتقم رسول الله لنفسه قط إلا أن تنتهَك حرمة لله فينتقم من ذلك) فعندما قذف مسطح بن أثاثة السيدة عائشة في حادثة الإفك وهو ابن خالة أبي بكر حلف أبو بكر أن لا ينفق عليه شيئا وكان من فقراء المهاجرين فنزل قوله تعالى: (وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُواْ أُوْلِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينَ وَٱلْمُهَـٰجِرِينَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُواْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (النور:22) فقرأها النبي على أبي بكر فقال رضي الله عنه: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي فعفا عنه وأعاد ما كان ينفقه على مسطح الذي قذف ابنته واتهمها بالزنا وقال: والله لا أنزعها منه أبدا. ويتجلى عفو الرسول كذلك في كثير من المواقف العظيمة التي سجلها التاريخ منها حينما ذهب إلى الطائف ليدعو أهلها إلى الإسلام ولكن أهلها رفضوا دعوته وسلَّطوا عليه صبيانهم وعبيدهم وسفهاءهم يؤذونه صلى الله عليه وسلم هو ورفيقه زيد بن حارثة ويقذفونهما بالحجارة حتى سال الدم من قدم النبي صلى الله عليه وسلم.


فنزل جبريل عليه السلام ومعه ملك الجبال واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في هدم الجبال على هؤلاء المشركين لكن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عنهم وقال لملك الجبال: (لا بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا) وكذلك عندما دخل عليه الصلاة والسلام مكة منتصرا وجلس في المسجد والمشركون ينظرون إليه وقلوبهم مرتجفة خشية أن ينتقم منهم بما صنعوا به وبأصحابه فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر قريش ما تظنون إني فاعل بكم ؟) قالوا: خيرا أخ كريم وابن أخ كريم قال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء). إنّ العفو والتسامح خلُقان كريمان تحتاجهما النفس البشرية لتتخلّص من كل الشوائب التي قد تعلق في القلب من أثر الأذى وكذلك لينعم الأفراد بالخير والحب وانشراح الصدر ولا يتحقق ذلك إلاّ بطولِ صبر وكظم للغيظ واحتساب الأجر عند الله سبحانه وتعالى ولا ريب أنّ تغليب العفو والتسامح على العقاب والانتقام ينجّي الأفراد من الخصومات الحادة التي قد تنشأ بينهم ويساهم في نشر الأمن والسلام بين أفراد المجتمع .




الشيخ: أحمد الغربي