المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بر الوالدين سبب في بسط الرزق وطول العمر


المراقب العام
02-09-2019, 04:59 AM
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif





إن من أعظم الروابط بين الناس رابطة خصّها الشرع الحنيف بمزيد من الاهتمام والذكر بل لقد جعلها من فرائض الدين الكبرى فأمر بوصلها والإحسان إليها والقيام بحقها ورتب عليها أعظم الأجر وأزكاه. وفي المقابل حذر من المساس بهذه الرابطة الوثيقة والإخلال بها والاعتداء عليها حتى ولو بأدنى لفظ أو نظر. تلكم الرابطة هي ما يجمع كلاّ منا بأصله الذي جعله الله تعالى سببا لوجوده إنها رابطة الوالدين حيث إن شأنهما عظيم وحقهما كبير ولست أعلم أحدا يجهل حقهما فالكل يعلم هذا الحق (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلا كَرِيما وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كما ربياني صَغِيرا ) (الإسراء23/24).


قال الإمام ابن كثير رحمه الله: (فلا تقل لهما أف أي لا تسمعهما قولا سيئا حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ ولا تنهرهما أي ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح).لقد أكثر الله من ذكر شأن الوالدين وأوجب الإحسان إليهما لفضلهما وعظيم معروفهما على الأبناء.ولقد جاءت نصوص السنة متضافرة في الدلالة على هذا الحق العظيم فمن ذلك ما رواه عبد الله بن مسعود قال سألت رسول الله أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: (الصلاة على وقتها قلت ثم أي؟ قال بر الوالدين قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله).وعن أبي هريرة قال: قال النبي : (رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة) أخرجه مسلم. ومع كثرة النصوص والآثار الدالة على عظم شأن الوالدين ورفع مكانتهما إلا أن بعض الناس قد أخلّوا بهذا الجانب إخلالا عظيما فكم سمع الناس وقرؤوا وشاهدوا من مظاهر العقوق القولية والعملية ما يندى له الجبين ويتألّم له القلب. ويزداد الأمر شناعة إذا كان بعض أولئك المقصرين في حق الوالدين من الذين يصلون ويحضرون الجمعة ويحرصون على صلاة الجماعة. إن لعقوق الوالدين صورا كثيرة منها إظهار العبوس عند بعض الأبناء في وجوه آبائهم وتكلف البشاشة والابتسامة مع الآخرين بينما يتثاقلون في إظهار ذلك مع آبائهم.ومن صور العقوق أيضا رفع الصوت عليهما أو مقاطعة كلامهما بزجرهما وفرض الرأي عليهما وهذه الطباع مما يذمها العقلاء مع الناس فكيف إذا كان ذلك مع الوالدين. ومن صور العقوق كذلك التأخر في قضاء حاجاتهما والتسويف بها إلى أن يسأم الوالدان من سؤاله بعد ذلك ولا حاجة بنا لذكر صور أخرى بغيضة من العقوق ليست من صفات المسلمين كضرب الوالدين أو لعنهما أو البصق عليهما أو رميهما في دور المسنين والتخلص منهما بل ذهب ألأمر إلى حدّ القتل. عن أبي بكرة قال: قال رسول الله :(ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالها: ثلاثا، قلنا: بلى يا رسول الله قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين).وعن ابن عمر قال: قال رسول الله :(ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه ومدمن الخمر والمنان) وفي المقابل فبر الوالدين مفتاح كل خير ومغلاق لكل شر فهو من أعظم أسباب دخول الجنة والنجاة من النار ثم هو ديْن يدخر لك في ذريتك حين ترى ثمار برك بوالديك قد أينعت في ذريتك وقديما قيل : ( كما يدين المرء يدان). وقال النبي ( برّوا آباءكم تبرّكم أبناؤكم وعفّوا عن النساء تعفّ نساؤكم )وبر الوالدين سبب في بسط الرزق وطول العمر وكذلك سبب في دفع المصائب كما أنه سبب في إجابة الدعاء إلى غير ذلك مما هو مدخر للبار بوالديه من خيري الدنيا والآخرة.وبرهما يكون بطاعتهما فيما يأمران به ما لم يكن حراما والاجتناب لما نهيا عنه والإنفاق عليهما وقضاء شؤونهما والمبالغة في خدمتهما واستعمال الأدب والهيبة لهما فلا يرفع الولد صوته ولا يحدق إليهما ويصبر على ما يكره مما يصدر منهما .



إن التربية السيئة وغياب الوازع الديني لدى كثير من الأبناء والبنات وغياب أهمية بر الوالدين لديهم أحد أهم أسباب العقوق فغالب تربيتنا لأبنائنا فيها خلل فمنا من يربي ابنه على الدلال الزائد ومنا من يربيه على الشدة الزائدة على حدودها ومنا من يربيه على الإهمال بل ويترك تربيته للشارع كل ذلك يساهم في استفحال هذه الظاهرة الخطيرة التي فتكت بمجتمعنا.


الشيخ: أحمد الغربي