المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مواقيت الصلاة


الشيخ محمد الزعبي
17-05-2010, 03:59 PM
مواقيت الصلاة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين وبعد: يقول الله تعالى في محكم كتابه المكنون:{إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً}النساء: من الآية103{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}البقرة:43{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}البقرة:43{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}العنكبوت:45{يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}لقمان:17
الصلاةُ عبادةٌ تَصلُ العبدَ بربِهِ تعالى ، فتجعلُ هذا الضعيفَ الحقيرَ الفانيَ المخلوقَ من ترابِ الأرض! تجعلُهُ عظيماً لأنه موصولٌ بالله تبارك وتعالى (( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون )) .
وهي إيمان ، وكل الأعمال بلا إيمان لا قيمة لها ولا ثمرة قال الله تعالى : (( وما كان الله ليضيع إيمانكم)) يعني صلاتكم إلى بيت المقدس قبل أن تحول القبلة إلى الكعبة المشرفة في البيت الحرام – ولهذا أيضاً بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن ترك الصلاة كفر ، فقال كما في صحيح مسلم :(( بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)) وتركها أيضاً نفاق كما في قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه ((أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيها لا توهما ولو حبواً )).
والصلاة توبة . قال الله تعالى:- (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فإخوانكم في الدين )) وقال في الآية الأخرى : (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم )).
والصلاة ذكرُُ لله تعالى ، قال الله عز وجل (( إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري )) يعني لتذكرني بها .
والصلاة طمأنينةٌ للقلب وسكينةٌ للنفس وهناء للروح ، قال الله تعالى:- (( وصلّ عليهم إن صلاتك سكن لهم)) .وفي حديث متفق عليه أن أُ سيدَ بنَ حُضيرٍ قامَ يُصلي من الليل فقرأ من سورة البقرة أو من سورة الكهف- اختلفت الرواية – فرأى بين السماء والأرض أمثال القناديل فجالت الفرس حتى خشي على ولده فهدأ وسكن في قراءته فعاد فعادت ، فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( اقرأ يا ابن حُضير تلك السكينة تنزلت لقراءة القرآن ، تلك الملائكة ، ولو قرأت لأصبحت يتراءاها الناس بين السماء والأرض )) .
والصلاة شكرُُ (( ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكوراً )) .. بماذا كان عبداً شكوراً ؟! .. بكثرة الصلاة .. ولهذا لما قالت عائشة كما في الصحيحين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أطال القيام حتى تفطرت قدماه : تفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال يا عائشة أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً ))
والصلاة عونُُ للعبد على ما يعانيه ويواجهه من المشكلات في الدنيا والآخرة ، ولهذا قال الله تعالى :-
(( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا الخاشعين)) فالذين يواجهون مشاكل الدنيا وصعوباتها ويتصدون لجلائل الأعمال ، خاصة من أهل العلم ، وأهل الدعوة ، وأهل الجهاد الذين يلقون التعب في هذه الدار ، ويواجهون من المشاكل الصغيرة والكبيرة ، ويحط الناس بهم كل قضاياهم وكل مشكلاتهم ، لابد أن يستعينوا على ذلك بالصلاة وإلا عجزوا وانقطعوا . والصلاة مناجاة لله سبحانه وتعلى ووقوفُُ بين يديه ولهذا قال النبي صلىالله عليه وسلم كما في الصحيح عن أبي أيوب عن عبدالله بن عمرو أن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال: (( إذا صليتم الفجر فإنه وقت إلى أن يطلع قرن الشمس الأول ثم إذا صليتم الظهر فإنه وقت إلى أن يحضر العصر فإذا صليتم العصر فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس فإذا صليتم المغرب فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق فإذا صليتم العشاء فإنه وقت إلى نصف الليل )) صحيح مسلم والبيهقي في الكبرى.
ولهذا لا تسقط الصلاة عن الإنسان مادام على قيد الحياة قال الله تعالى مخاطباً نبيه محمدا:ً{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}الحجر:99.ولذلك رأيت أن أذكر مواقيت الصلاة مع ذكر أدلتها وذكر أقوال الفقهاء وأدلتهم والله من وراء القصد.
هناك حديثان هما العمدة في مواقيت الصلاة.الحديث الأول:
عن ابن عباس قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ِ : أمني جبريل - عليه السلام - عند البيت مرتين ، فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك ، فصلى بي العصر حين كان ظله مثله ، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم ، وصلى بي العشاء حين غاب الشفق ، وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم ، فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظله مثله ، وصلى بي العصر حين كان ظله مثليه ، ، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم ، وصلى بي العشاء إلى ثلث الليل ، وصلى بي الفجر فأسفر ، ثم التفت إلي فقال : يا محمد ، هذا وقت الأنبياء من قبلك ، الوقت ما بين هذين الوقتين ' أخرجه أحمد (1/333) والترمذي (149) وقال أبو عيسى : وفي الباب عن أبي هريرة وبريدة وأبي موسى وأبي مسعود الأنصاري وأبي سعيد وجابر وعمرو بن حزم والبراء وأنس. وأخرجه الحاكم (1/306)،والبيهقي في الكبرى (1/364)، والطبراني في الكبير (10/309)، والطحاوي في شرح معاني الآثار(1/146)، وابن المنذرفي الأوسط(2/325)وغيرهم.
والحديث الثاني:
عن عبد الله بن عمرو أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا صليتم الفجر فاته وقت إلى أن يطلع قرن الشمس الأول ثم إذا صليتم الظـهر فاته وقت إلى أن يحضر العصر فإذا صليتم العصر فاته وقت إلى أن تصفــر الشمس فإذا صليتم المغرب فاته وقت إلى أن يسقط الشفق فإذا صليتم العشاء فاته وقت إلى نصف الليل) وفي لفظ عند مسلم : (وقت الظهر ما لم يحضر العصر ووقت العصر ما لم تصفر الشمس ووقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق ووقت العشاء إلى نصف الليل ووقت الفجر ما لم تطلع الشمس).
أخرجه مسلم (611-612)،والبيهقي في الكبرى (1612)وغيرهما.
وقت صلاة الظهر :
*أجمع أهل العلم على أن دخول وقت الظهر بزوال الشمس عن كبد السماء. *واختلفوا في آخر وقتها على قولين :
القول الأول: أن آخر وقتها إذا صار ظلّ كل شيء مثله سوى ظلّ الزوال ، وهوقول مالك والثوري والشافعي والأوزاعي وأبي يوسف ومحمد وأبي ثور وداود .
ودليلهم حديث ابن عباس (رضي الله عنهما) أن جبريل أمّ النبي في يومين ، فصلّى الظهر
في اليوم الأول حين زالت الشمس ، وصلى الظهر في اليوم الثاني حين صار ظلّ
كل شيء مثله ، ثم قال جبريل : (يا محمد : هذا وقت الأنبياء من قبلك ، والوقت
فيما بين هذين اليومين) .
القول الثاني : أن وقت الظهر إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه، وهو قول أبي حنيفة.
وسبب الخلاف في ذلك: اختلاف الأحاديث ؛وذلك أنه ورد في إمامة جبريل أنه صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم الظهر في اليوم الأول ،حين زالت الشمس، وفي اليوم الثاني حين كان ظل كل شيء مثله، ثم قال:" الوقت ما بين هذين " وروي عنه صلى الله عليه وسلم : ( إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم ،كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، أوتي أهل التوراة التوراة ،فعملوا حتى إذا انتصف النهار ثم عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا، ثم أوتي أهل الإنجيل، فعملوا إلى صلاة العصر، ثم عجزوا فأعطوا قيراطا ،ثم أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس، فأعطينا قيراطين قيراطين ،فقال أهل الكتاب: أي ربنا أعطيتهم ونحن كنا أكثر عملا قال الله تعالى: هل ظلمتكم من أجركم من شيء قالوا :لا .قال: فهو فضلي أوتيه من أشاء).
فذهب مالك والشافعي إلى حديث إمامة جبريل وذهب أبو حنيفة إلى مفهوم ظاهر هذا
وهو أنه إذا كان من العصر إلى الغروب أقصر من أول الظهر إلى العصر على مفهوم هذا الحديث فواجب أن يكون أول العصر أكثر من قامة وأن يكون هذا هو آخر وقت الظهر
قال أبو محمد بن حزم : وليس كما ظنوا وقد امتحنت الأمر فوجدت القامة تنتهي من النهار إلى تسع ساعات وكسر. قال القاضي: أنا الشاك في الكسر. وأظنه قال وثلث.
قال ابن عبد البر: خالف أبو حنيفة في قوله هذا الآثار والناس وخالفه أصحابه.
وأولى القولين بالصواب القول الأول. والله تعالى أعلم .
مسألة :
يعرف الزوال بزيادة الظلّ بعد تناهي قصره ، وبيان ذلك : أن الشمس إذا طلعت صار لكل شاخص ظلّ طويل من جهة المغرب ، ولا يزال الظل يقصر مع ارتفاع الشمس ، حتى يتوقف عن النقصان ،والشمس في وسط السماء ،فإذا بدأ بالزيادة ولو شعرة فهو الزوال .
وإذا أردت ضبط آخر وقت الظهر : فضع علامة عند بداية الزيادة ، واحسب مقدار طول الشاخص من عند العلامة لا من الشاخص ، والظل الذي يكون بين الشاخص والعلامة هو الذي يسميه الفقهاء بظل الزوال ، أو بفيء الزوال ؛ أي :الظل الذي زالت عليه الشمس
: وقت صلاة العصر :
*يدخل وقت العصر بخروج وقت الظهر ؛ أي من مصير ظل كل شيء مثله سوى فيء الزوال على القول الصحيح كما تقدم ؛ لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما مرفوعاً : (ثم إذا صليتم الظهر فإنه وقت إلى أن يحضر العصر).
*أما آخر وقت العصر ففيه خلاف قوي بين العلماء على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن آخره إذا صار ظلّ كل شيء مثليه سوى فيء الزوال ، وما
بعده إلى غروب الشمس فوقت ضرورة .وهو قول الشافعي ،والثوري ، وروي عن أحمد .
القول الثاني : أن آخره إذا اصفرت الشمس ، وما بعده إلى غروب الشمس فوقت ضرورة . وهو مذهب المالكية ، وقول الإمام أبي ثور ،والأوزاعي، وأبي يوسف ، ومحمد بن الحسن، ورواية عن الإمام أحمد ، وهي أصح عنه ، واختيار شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمهم الله.
القول الثالث : أن العصر ليس له وقت ضرورة ، بل كله وقت جواز إلى
غروب الشمس وهو قول أبو حنيفة.
والراجح هو القول الثاني والدليل عليه حديث عبد الله بن عمرو رضي الله
عنهما مرفوعاً : (فإذا صليتم العصر : فإنه وقت ما لم تصفر الشمس) . أمّا وقت الضرورة فالدليل عليه مجموع حديثين :
الأول : حديث أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه: (ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر) متفق عليه .
والثاني : حديث أنس (رضي الله عنه) قال : (سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : (تلك صلاة المنافق ، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان ، قام فنقرها أربعاً ، لا يذكر الله فيها) .
فحديث أنس بن مالك رضي الله عنه يدل على أن تأخير العصر إلى قرب غروب الشمس أمر مذموم ،وذلك أنه وصف تلك الصلاة التي تصلى في هذا الوقت بصلاة المنافق ،لكن من أخرها إليه فصلاته أداء لا قضاء ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم ، وهذا هو وقت الضرورة . ويكون حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما محدداً لنهاية وقت الاختيار وبداية وقت الضرورة .
أما حديث ابن عباس (رضي الله عنهما) في إمامة جبريل للنبي ، وفيه أنه صلى به العصر في اليوم الأول حين كان ظلّ كل شيء مثله ، وصلّى به في اليوم الآخر حين كان ظلّ كل شيء مثليه ، وفي آخر الحديث قال جبريل : (يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك ، والوقت فيما بين هذين اليومين) فإنه لا يعارض حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ؛ لأن حديث عبد الله بن عمرو دلّ على زيادة في وقت العصر فوجب الأخذ بها .
وبهذا الترجيح تجتمع الأدلة ولا تتعارض والله أعلم.
: وقت صلاة المغرب :
*أجمع أهل العلم على أن أول وقت المغرب إذا غربت الشمس .
*أما آخر وقتها : فاختلف العلماء فيه على قولين :
القول الأول : أنه ينتهي بمغيب الشفق الأحمر ، وهو قول الحنابلة ، والحنفية ، وبعض أصحاب الشافعي، والثوري ، وإسحاق ، وأبي ثور. واستدلوا بأدلة منها :
ما أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعاً (فإذا صليتم المغرب : فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق).
عن أبي موسى الأشعري (رضي الله عنهما) عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (أنه أتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة ثم أمره يعني : بلالاً ، فأقام المغرب حين وقعت الشمس ) وفي اليوم الثاني : ( أخّر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق) ثم أصبح فدعى السائل : فقال : (الوقت بين هذين) .
والمراد بالشفق الوارد في الأحاديث هو الشفق الأحمر لا الأبيض ،
والأدلة على ذلك كثيرة :
قوله : (ووقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق خرجه مسلم ،
والثّوَرَان إنما يطلق على الحمرة دون البياض.
قول ابن عمر (رضي الله عنهما) : (الشفق : الحمرة).
القول الثاني : أنه ليس لها إلا وقت واحد ، عند مغيب الشمس ، وهوأشهر الروايات عن مالك ، وقول الشافعي .
ودليلهم حديث ابن عباس في إمامة جبريل عليه السلام: وفيه (أنه صلى المغرب في اليومين حين غربت الشمس).
قال ابن رشد المالكي:
وسبب اختلافهم في ذلك معارضة حديث إمامة جبريل في ذلك لحديث عبد الله بن عمر وذلك أن في حديث إمامة جبريل أنه صلى المغرب في اليومين في وقت واحد وفي حديث عبدالله ووقت صلاة المغرب مالم يغب الشفق فمن رجح حديث إمامة جبريل جعل لها وقتا واحدا ومن رجح حديث عبد الله جعل لها وقتا موسعا وحديث عبد الله خرجه مسلم
ولم يخرج الشيخان حديث إمامة جبريل أعني حديث ابن عباس الذي فيه أنه صلى بالنبي عليه الصلاة والسلام عشر صلوات مفسرة الأوقات ثم قال له الوقت ما بين هذين والذي في حديث عبد الله من ذلك هو موجود أيضا في حديث بريدة الأسلمي خرجه مسلم وهو أصل في هذا الباب
قالوا وحديث بريدة أولى لأنه كان بالمدينة عند سؤال السائل له عن أوقات الصلوات وحديث جبريل كان في أول الفرض بمكة.
والقول الراجح -والله تعالى أعلم –هو القول الأول لظهور أدلته ، أما حديث ابن عباس (رضي الله عنهما) في إمامة جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه محمول
على تأكيد الاستحباب وكراهية التأخير ، جمعاً بينه وبين الحديثين المتقدمين وما في
معناهما ، وعلى فرض التعارض : فإن حديثيّ ابن عمرو وأبي موسى مقدمان ؛
لأنهما متأخران ، فيبينان آخر الأمر بالمدينة .
: وقت صلاة العشاء :
*أجمع أهل العلم على أن وقت العشاء يبدأ بمغيب الشفق ، والمراد
بالشفق هو الحمرة على الأرجح من قولي العلماء كما سبقت الإشارة إليه .
*أما آخر وقت العشاء ففيه خلاف قوي :
القول الأول : أن وقت العشاء يمتد إلى طلوع الفجر .
القول الثاني : أن وقت العشاء ينتهي بانتصاف الليل .
القول الثالث : بالتفصيل ؛ فوقت الاختيار ينتهي بانتصاف الليل ، وما بعده,فوقت ضرورة إلى طلوع الفجر . وسبب الخلاف في ذلك: تعارض الاثار ففي حديث إمامة جبريل أنه صلاها بالنبي عليه الصلاة والسلام في اليوم الثاني ثلث الليل وفي حديث أنس أنه قال أخر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل خرجه البخاري.
وروي أيضا من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى نصف الليل وفي حديث أبي قتادة ليس التفريط في النوم إنما التفريط أن تؤخر الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى.
والراجح-والعلم عند الله - هو القول الثاني : أنه ينتهي بانتصاف الليل ، وليس له وقت ضرورة ، وهو قول ابن حزم (رحمه الله) وبعض الشافعية وبعض
الحنابلة ، واختاره من العلماء المعاصرين الشيخ ابن عثيمين (حفظه الله).
والدليل عليه : حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً : (فإذا صليتم العشاء : فإنه وقت إلى نصف الليل) أخرجه مسلم .
واستدل القائلون بأن ما بعد نصف الليل إلى طلوع الفجر وقت للعشاء إما وقت اختيار ، أو وقت ضرورة بحديث أبي قتادة (رضي الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (أما إنه ليس في النوم تفريط ، إنما التفريط على من لم يصلِّ حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى) .
فقالوا : إن هذا الحديث يدل على أن كل وقت متصل بالآخر ، وعليه : فإن وقت العشاء لا يخرج إلا بدخول وقت الفجر .
والجواب عن هذا الاستدلال أن يقال : إن حديث أبي قتادة عام مخصوص بغيره ، فكما خصّ منه وقت الفجر فإنه غير متصل بالظهر بالإجماع ، فكذا يُخَصّ منه أيضاً وقت العشاء بالسنة ، كما سبق في حديث عبد الله بن عمرو
(رضي الله عنهما) الذي يدل على انتهاء وقت العشاء بانتصاف الليل .
وهنا ثلاثة تنبيهات :
الأول : يتوهم كثير من الناس أن الليل ينتصف عند الساعة الثانية عشرة ،وهذا تصور خاطئ ، والصواب : أن انتصاف الليل يُعرف بمضي نصف الوقت من غروب الشمس إلى طلوع الفجر ، فإذا كانت الشمس تغرب الساعة السادسة ،
والفجر يطلع الساعة الرابعة ، فإن نصف الليل يكون الساعة الحادية عشرة تماماً ،
وبه يخرج وقت العشاء .
الثاني : يؤخر بعض الناس وخاصّة النساء صلاة العشاء إلى ما قبل النوم ،ويكون التأخير في بعض الأحيان إلى ما بعد نصف الليل ، وهذا خطأ كبير ينبغي التنبّه له وتحذير الآخرين منه .
الثالث : أن راتبة العشاء وهي ركعتان بعد العشاء يخرج وقتها بانتهاء وقت العشاء ، وبعض الناس قد يؤخرها إلى آخر الليل ، وحينئذ يكون فعلها قضاءً لا أداءً .
المبحث الخامس: وقت صلاة الفجر :
أجمع العلماء على أن وقت الفجر يدخل بطلوع الفجر الثاني .
قال ابن قدامة : (وهو البياض المستطيل المنتشر في الأفق ، ويسمّى الفجر الصادق) .
ويخرج وقت الفجر بطلوع الشمس ، لدليلين :
الأول : عن عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال : (إذا صليتم الفجر فإنه وقت إلى أن يطلع قرن الشمس)أخرجه مسلم .
الثاني : عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : (من أدرك من الصبح ركعةً قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)
متفق عليه .والله أعلم وصلى الله على سيدناو نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين والحمد لله رب العالمين .

ياسر ابوزيد
17-05-2010, 09:34 PM
جزاكم الله خيرا يا شيخ محمد و بارك الله فيكم

أم عمار
18-05-2010, 02:11 AM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم

موضوع هام جداً والكثير يغفل عنه

نسأل الله أن ينفع به