المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأعمال الصالحة ورزق الإنسان


المراقب العام
17-11-2019, 06:05 AM
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif



الأعمال الصالحة ورزق الإنسان

يعيش الإنسان في حياته اليومية من وقت أن يصبح حتى يمسي في طلب الرزق له، وتأمين القوت لأفراد أسرته، وتوفير مستلزماتهم، من مأكل ومشرب ولباس وتعليم، ويتفاوت الناس في مستوى المعيشة وقَدْر الرزق المكتسب، أو الجهد اللازم حول الحصول على تحصيل هذا الرزق، فمنهم من يقبض الآلاف وهو خلف طاولة المكتب تحت تكييف الهواء، ومنهم من لا يقبض سوى العشرات وهو تحت أشعة الشمس الحارقة في أعمال الحَفْر والبناء مثلاً، ونتساءل هل هؤلاء كلهم راضون بما حصلوا عليه؟ فطبيعة الإنسان تحب الزيادة في الكسب والمحصول، كما جاء في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو أن لابن آدم واديـين من مال، لابتغى لهما ثالثًا، ولا يملأ جوفَ ابنِ آدم إلا الترابُ، ويتوب الله على من تاب))؛ فالغالب لا يرضى ويبحث عن زيادة الدخل، والحصول على أكبر قدر من المال لتغطية حاجياته، سواء كانت ضرورية أم ترفًا، فمِنْ أين سيحصل على تلك الزيادة؟ وبأية وسيلة سوف يحصل عليها؟.

تعددت الوسائل لذلك، ولكن هل كل هذه الوسائل مباحة؟ فهناك الغِشُّ، والربا، والنَّجش، وغيرها، كلها وسائل محرمة، يرتكبها البعض معتقدًا أنه لن يحصل على المال إلا بها، فالحمد لله الوسائل المباحة كثيرة ومتنوعة، وهذا من سماحة دين الإسلام، وتيسيره على الناس.

وهناك أمور يجب أن نحرص عليها في طلب المعيشة، ونعرف تأثيرها في سَعة الرزق، منها: تقوى الله سبحانه، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: أي: ومن يتق الله فيما أمره به، وترك ما نهاه عنه، يجعل له من أمره مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب؛ أي: من جهةٍ لا تخطر بباله.

ولا نَغْفُل أيضًا عما افترضه الله علينا من فرائض وواجبات، وآكدُها الصلاة، وأمر الرعية بها من أفراد الأسرة، وإشعارهم بأهميتها، وأنها عمود الدين، والصبر في دعوتهم إلى ذلك، وأنها من أسباب تيسير الرزق؛ قال سبحانه في كتابه العزيز: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].

فقوله: ﴿ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ ﴾ بمعنى: إذا أقمت الصلاة، وأمرت أهلك بها، أتاك الرزق من حيث لا تحتسب، ويؤيد ذلك ما جاء في السنة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يقول الله تعالى: يا بن آدم، تفرَّغ لعبادتي، أملأْ صدرك غِنًى وأَسُدَّ فقرك، وإن لم تفعل، ملأتُ صدرك شغلاً ولم أسُدَّ فقرَك))، وجاء أيضًا عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- من حديث زيد بن ثابت أنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: ((من كانت الدنيا همَّه، فرَّق الله عليه أمرَهُ، وجعل فقْرَهُ بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتِبَ له، ومن كانت الآخرة نيَّتَه، جُمِعَ له أمره، وجُعِل غناه في قلبه، وأتتْه الدنيا وهي راغمة)).

وَلْنُكْثِرْ من الاستغفار والتوبة من المعاصي والذنوب؛ فإن لذلك أثرًا عظيمًا، وفضلاً كبيرًا على الإنسان خاصة، والمجتمع بصفة عامة، إذا داوم على الاستغفار والتوبة.

قال الله تعالى في هذا الشأن في سورة نوح: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 - 12].

وجاء في الأثر: ((من أكثر من الاستغفار، جعل الله له من كل هَمٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورَزَقَهُ من حيث لا يحتسب)).

فهذه بعض الأمور والمسببات أحببت ذكرها، وأنصح بالمداومة عليها؛ لكي يتيسر علينا أمور رزقنا، وتسعد حالنا، ويهنأ عيشنا في الدنيا والآخرة.

وفَّقَ الله المسلمين إلى ما يحب ويرضى.

نايف ناصر المنصور