المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وصايا عبدالملك بن مروان لمؤدبي أولاده


المراقب العام
27-11-2019, 06:13 AM
وصايا عبدالملك بن مروان لمؤدبي أولاده
من روائع وصايا الآباء لمؤدبي أبنائهم ومعلميهم

وصايا أُخَرُ لعبدالملك بن مَرْوَانَ:
الحمد لله كما حمِد نفسه في كتابه، والصلاة والسلام على رسول الله محمد وآله.

أما بعد:
فهذه – أسعدك الله - روائع وصايا الآباء للمؤدبين والمعلمين، نذكر فيها على اسم الله تعالى وعونه صدرًا من وصايا عبد الملك؛ بِناء على ما قد سبق وتتميمًا، ومنه ابتداء.. واللهَ نسأل إخلاصًا وقَبولاً...
♦ ♦ ♦ ♦

وصية أخرى من وصايا عبدالملك للشعبي
أيُّهذا الفاضل الأريبُ:
قد مر في المقالة السابقة ذكر وصية أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان للإمام عامر بن شَرَاحِيلَ الشَّعْبِيِّ معلم ولده، وكان من أماثل القوم... ونقول زائدًا إلى ما تقدم:

يروى أن عبد الملك كان يقول أيضًا للشعبي مؤدب ولده:
«علِّمْ ولدي العَوْم، وخُذْهُم بقلة النوم، فإنهم يجدون من يكتب عنهم، ولا يجدون من يسبح عنهم».

أوردها الزمخشري في "ربيع الأبرار".

وأولها عند العلامة المتفنن أبي العباس الْمُبَرِّد في موضعين من "الكامل في اللغة والأدب" (ج1/ص77)، و(ج1/ص311) ط/ مؤسسة المعارف ببيروت، ولفظه في الموضع الأول:
«...وهذِّبْهم بقلة النوم».
قلت:
كأن آخر الوصية محمول على عبدالملك، وإنما هو للعبد الحجاج بن يوسف فهو به ألصق، وما أحسبه تبع فيه عبد الملك واحتذاه، بل هو الذي كان يوصي مؤدب أولاده أن يعلمهم السباحة ويلح، حتى كان يقدمها على الكتابة!

ومما يشهد لك بذلك ما عند الجاحظ في "البيان" (ج2/ص92)، وابنِ قتيبة في "العيون" (ج2/ص166)، وابن عبد البر في "البهجة" (ق1/ج2/ص769)، وعنه ابن مفلح في "الآداب" (ج1/ص480-481)، أن الحجاج قال لمؤدب بنيه:
«علِّمْ ولدي السِّباحةَ قبل الكتابة، فإنهم يصيبون من يكتب عنهم ولا يصيبون من يسبح عنهم». انتهى.

وهذا إنما قاله الحجاج بإيعاز من خلقه وعلى قدر طبعه ومقدار رأيه، والكمال أن يجمع بينهما، فإن تزاحمت الأمور قدمت الكتابة... واسَوْءَتا! ماذا أقبح من مطاع جاهل؟!

وقد كان ابن التوءم يقول: «من تمام ما يجب على الآباء من حفظ الابناء: أن يُعلِّموهم الكتاب والحسابَ والسباحة».

وكانت العرب تُسَمِّي الرجل، إذا كان يكتب ويُحْسِنُ الرَّمْيَ ويحسن السباحة ويقول الشعر، الكاملَ.
♦ ♦ ♦ ♦

وصية عبدالملك بن مَرْوَانَ لإسماعيلَ بن عبيدالله بن أبي المهاجر مؤدِّبِ ولده
قال ابن حبان في "روضة العقلاء": أخبرنا محمد بن سعيد القزاز، حدثنا الفضل بن العباس البغدادي، حدثنا الهيثم بن خارجة، حدثنا الهيثم بن عمران، قال: سمعت إسماعيل بن عبيدالله يقول:
«كان عبد الملك بن مراون يأمرني أن أجَنِّب بنيه السمن، وكان يأمرني أن لا أطعمهم طعامًا حتى يخرجوا إلى البراز». وكان يقول: «عَلِّمْ بَنِيَّ الصدق كما تعلمهم القرآن، وجنبهم الكذب وإن كان فيه كذا وكذا. يعني: القتل».

وأخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب "العيال"[1]، قال: حدثنا الهيثم بن خارجة، حدثنا الهيثم بن عمران، سمعت إسماعيل بن عبيد الله يقول:
«أمرني عبدالملك بن مروان أن أجنب بنيه السمن، وأن لا أطعمهم طعامًا حتى يخرجوا إلى البراز، وأن أجنبهم الكذب وإن كان فيه بعض القتل».

وروَى بعضًا منه في "مكارم الأخلاق"، وفي كتاب "الصمت وآداب اللسان" برقمي (448، 524/تحقيق الشيخ الحويني)، بالإسناد عينه[2].

وساقه الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الملك من "تاريخ دمشق" (ج37/ص147)، من طريق عبيدالله بن سعد، قال: حدثنا الهيثم بن خارجة... بسنده سواء.

[1] (ص80) رقم (338) ط/ مكتبة القرآن.
[2] لكن وقع تحريف في الموضعين في اسم الإمام الكبير إسماعيل بن عبيد الله؛ فوجب التنبيه.

وائل حافظ خلف