المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإمام الحافظ يحيى بن معين


المراقب العام
15-12-2019, 05:46 AM
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif



الإمام الحافظ
يحيى بن مَعِين

الحمد لله، القاهرِ فوق عباده، وهو الحكيم الخبير، الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو على كل شيء قدير، والصلاة والسلام على البشير النذير، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمَعِين، أما بعد:
فإن الإمام الحافظ يحيى بن مَعِين هو أحد أئمة الإسلام المشهورين؛ من أجل ذلك أحببتُ أن أذكِّر نفسي وإخواني القراء الكرام بشيء من سيرته المباركة، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
الاسم والنسب:
هو يحيى بن مَعِين بن عون بن زياد بن بسطام بن عبدالرحمن، الإمام، الحافظ، إمام أهل الحديث في زمانه، والمشارُ إليه مِن بين أقرانه.

كنيته:
أبو زكريا؛ (الأسماء واللغات للنووي جـ 2 صـ 156).

ميلاده:
وُلد يحيى بن مَعِين سنة ثمان وخمسين ومائة، في خلافة أبي جعفر المنصور؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 16 صـ 263).

رحلة يحيى في طلب العلم:
رحل يحيى بن مَعِين في طلب العلم إلى الحجاز، والشام، ومِصرَ، واليمَن؛ (تاريخ الإسلام للذهبي جـ 5 صـ 965).

قال عليُّ بن المَدينيِّ: خلَّف مَعِينٌ ليحيى ابنِه ألفَ ألفِ درهم، وخمسين ألف درهم، فأنفقها كلها على الحديث حتى لم يبقى له نعل يلبَسها؛ (الأسماء واللغات للنووي جـ 2 صـ 157).

شيوخ يحيى بن مَعِين:
سمع يحيى بن مَعِين من: ابن المبارك، وهشيم، وإسماعيل بن عياش، وعباد بن عباد، وإسماعيل بن مجالد بن سعيد، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ومعتمِر بن سليمان، وسفيان بن عيينة، وغُنْدَر، وأبي معاوية، وحاتم بن إسماعيل، وحفص بن غياث، وجرير بن عبدالحميد، وعبدالرزاق، ومروان بن معاوية، وهشام بن يوسف، وعيسى بن يونس، ووكيع، وعمر بن عبيد، وعلي بن هاشم، ويحيى القطان، وابن مهدي، وخلق كثير؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 11 صـ 72).

تلاميذ يحيى بن مَعِين:
روى عنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن سعد، وأبو خيثمة، وهنَّاد بن السَّري، وعدة من أقرانه، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وعباس الدوري، وأبو بكر الصاغاني، وعثمان بن سعيد الدارمي، وأبو زرعة الرازي، وأبو حاتم، وإسحاق الكَوْسَج، وإبراهيم بن عبدالله بن الجنيد، ومعاوية بن صالح الأشعري، وحنبل بن إسحاق، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة ، وجعفر الفريابي، وموسى بن هارون، وأبو يعلى الموصلي، وخلائق؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 11 صـ 72).

عقيدة يحيى:
قال عبَّاسٌ الدُّوريُّ: سمعتُ يحيى بن مَعِين مرارًا يقول: القرآنُ كلام الله، وليس بمخلوق، والإيمان قول وعمل، يزيد وينقص؛ (تهذيب الكمال للمزي جـ 31 صـ 549).

منزلة يحيى العلمية:
(1) قال عبَّاسٌ الدُّوريُّ: رأيتُ أحمدَ بن حنبل في مجلس رَوْح سنة خمس ومائتين، فيسأل يحيى بن مَعِين عن أشياء، يقول: يا أبا زكريا، ما تقول في حديث كذا؟ وكيف حديث كذا؟ فيستثبته في أحاديثَ قد سمعوها، فما قال يحيى، كَتَبَه أحمدُ؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 16 صـ 263).

(2) قال أحمد بن حنبل: السماع مع يحيى بن مَعِين شفاءٌ لِما في الصدور؛ (الأسماء واللغات للنووي جـ 2 صـ 157).

(3) قال أحمد بن حنبل: كلُّ حديث لا يعرفه يحيى بن مَعِين، فليس هو بحديث؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 16 صـ 263).

(4) قال علي بن المَدينيِّ: كنتُ إذا قدمت إلى بغداد منذ أربعين سنةً، كان الذي يذاكرني أحمد، فربما اختلفنا في الشيء، فنسأل أبا زكريا، فيقوم فيخرجه، ما كان أعرَفَه بموضعِ حديثه! (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 16 صـ 263).

(5) قال يحيى بن مَعِين: إني لأحدث بالحديث، فأسهر له؛ مخافة أن أكون قد أخطأت فيه؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 16 صـ 263).

(6) قال جعفر الطيالسي: سمعت ابن مَعِين يقول: لما قدم عبدالوهاب بن عطاء، أتيته، فكتبت عنه، فبينا أنا عنده، إذ أتاه كتاب من أهله، فقرأه، وأجابهم، فرأيته وقد كتب على ظهره: قدمتُ بغداد، وقبِلني يحيى بن مَعِين، والحمد لله رب العالمين؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 16 صـ 263).

(7) قال عبدالخالق بن منصور: قلت لابن الرومي: سمعت أبا سعيد الحداد يقول: لولا يحيى بن مَعِين، ما كتبت الحديث! فقال لي ابن الرومي: وما تعجب! فوالله لقد نفعنا الله به، لقد كان المحدِّث يحدثنا لكرامته ما لم نكن نحدِّث به أنفسنا؛ (تهذيب الكمال للمزي جـ 31 صـ 555).

(8) قال عبدالخالق بن منصور: قلت لابن الرومي: إن أبا سعيد الحداد حدثني قال: إنا لنذهب إلى المحدث فننظر في كتبه فلا نرى فيها إلا كل حديث صحيح حتى يجيء أبو زكريا، فأول شيء يقع في يده يقع الخطأ، ولولا أنه عرَّفَنَاه لم نعرِفْه؛ (تهذيب الكمال للمزي جـ 31 صـ 555).

أحاديث يحيى بن مَعِين:
(1) قال علي بن المَدينيِّ: لا نعلم أحدًا من لدن آدم كتب من الحديث ما كتب يحيى؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 16 صـ 263).

(2) قال أحمد بن عقبة: سألت يحيى بن مَعِين: كم كتبت من الحديث؟
قال: كتبت بيدي هذه ستَّمائة ألف حديث، "هذا العدد يشتمل على الأحاديث المكررة"؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 16 صـ 263).

هيبة يحيى عند المحدِّثين:
(1) قال هارون بن معروف: قدم علينا شيخ، فبكرت عليه، فسألناه أن يملي علينا، فأخذ الكتاب، وإذا الباب يدق، فقال الشيخ: من هذا؟ قال: أحمد بن حنبل، فأذِن له، والشيخ على حالته لم يتحرك، فإذا آخرُ يدق الباب، فقال: من ذا؟ قال: أحمد الدورقي، فأذِن له ولم يتحرك، ثم ابن الرومي فكذلك، ثم أبو خيثمة فكذلك، ثم دُقَّ البابُ، فقال: من ذا؟ قال: يحيى بن مَعِين، فرأيت الشيخ ارتعدت يده، وسقط منه الكتاب؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 16 صـ 263).

(2) قال أبو بكر الأثرم: رأى أحمد بن حنبل يحيى بن مَعِين بصنعاء في زاوية وهو يكتب صحيفة معمر عن أبان عن أنس، فإذا اطلع عليه إنسان كتَمه، فقال له أحمد: تكتب صحيفة معمر عن أبان عن أنس وتعلم أنها موضوعة؟ فلو قال لك قائل: أنت تتكلم في أبان ثم تكتب حديثه على الوجه؟! فقال: رحمك الله يا أبا عبدالله، أكتب هذه الصحيفة عن عبدالرزاق عن معمر على الوجه فأحفظها كلها، وأعلم أنها موضوعة؛ حتى لا يجيء إنسان بعده فيجعل أبان ثابتًا ويرويها عن معمر، عن ثابت، عن أنس، فأقول له: كذبتَ، إنما هو عن معمر، عن أبان، لا عن ثابت؛ (تهذيب الكمال للمزي جـ 31 صـ 557).

أقوال السلف في يحيى بن مَعِين:
(1) قال علي بن المَدينيِّ: ما رأيت في الناس مِثلَ يحيى بن مَعِين؛ (الأسماء واللغات للنووي جـ 2 صـ 156).

(2) قال أحمد بن حنبل: كان أعلَمَنا بالرجال يحيى بنُ مَعِين؛ (تهذيب الكمال للمزي جـ 31 صـ 553).

(3) قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: سئل أبي عن يحيى بن مَعِين، فقال: إمام؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 11 صـ 77).

(4) قال أحمدُ بن شُعيب النَّسائي: أبو زكريا يحيى بنُ مَعِين: أحد الأئمة في الحديث، ثقة، مأمون؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 16 صـ 263).

(5) قال يحيى بن سعيد القطان: ما قدم علينا البصرة مِثل أحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعِين؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 11 صـ 85).

(6) قال محمد بن هارون الفلَّاس: إذا رأيتَ الرجل يقع في يحيى بن مَعِين، فاعلم أنه كذاب، يضع الحديث، وإنما يُبغضه لِما يبيِّن من أمر الكذَّابين؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 11 صـ 83).

(7) قال عبدالخالق بن منصور: قلت لابن الرومي: سمعت أبا سعيد الحداد يقول: الناس كلهم عيال على يحيى بن مَعِين، فقال: صدَق، ما في الدنيا أحد مثله، سبق الناسَ إلى هذا الباب الذي هو فيه، لم يسبقه إليه أحد، وأما من يجيء بعد فلا ندري كيف يكون؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 16 صـ 263).

(8) قال عبدالرحمن بن حمدان بن المرزبان: قال لي أبو حاتم الرازي: إذا رأيتَ البغدادي يحب أحمد بن حنبل، فاعلم أنه صاحب سنَّة، وإذا رأيتَه يُبغض يحيى بن مَعِين، فاعلم أنه كذَّاب؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 16 صـ 263).

(9) قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي: كان يحيى بن مَعِين إمامًا ربانيًّا، عالمًا حافظًا، ثبتًا، متقنًا؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 16 صـ 263).

قبسٌ من كلام يحيى بن مَعِين:
(1) قال يحيى بن مَعِين: ما الدنيا إلا كحُلُم حالم، واللهِ ما ضرَّ رجلًا اتقى الله على ما أصبح وأمسى؛ (تاريخ الإسلام للذهبي جـ 5 صـ 965).

(3) قال يحيى بن مَعِين: ما رأيت على رجل قط خطأً إلا سترته، وأحببت أن أزين أمره، وما استقبلت رجلًا في وجهه بأمر يكرَهُه، ولكن أُبيِّن له خطأه فيما بيني وبينه، فإن قبل ذلك مني، وإلا تركته؛ (تهذيب الكمال للمزي جـ 31 صـ 559).

(4) قال جعفر بن عثمان الطيالسي: سمعت يحيى بن مَعِين يقول: أول بركة الحديث إفادتُه؛ (تهذيب الكمال للمزي جـ 31 صـ 559).

(5) قال أحمد بن عقبة: سمعت يحيى بن مَعِين يقول: من لم يكن سمحًا في الحديث، كان كذابًا، قيل له: وكيف يكون سمحًا؟ قال: إذا شكَّ في الحديث ترَكه؛ (تهذيب الكمال للمزي جـ 31 صـ 560).

(6) قال عبَّاسٌ الدُّوريُّ: سمعت يحيى بن مَعِين يقول: لستُ أعجب ممن يحدِّث فيخطئ، إنما أعجَبُ ممن يحدِّث فيصيب؛ (تهذيب الكمال للمزي جـ 31 صـ 561).

وفاة يحيى بن مَعِين:
قال عبَّاسٌ الدُّوريُّ: مات يحيى بن مَعِين، فحُمل على أعواد النبي صلى الله عليه وسلم (أي السرير الذي حُمِل عليه)، ونُودِي بين يديه: هذا الذي كان يَنفي الكذبَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال أحمد بن محمد بن غالب: لَمَّا مات يحيى بن مَعِين، نادى إبراهيم بن المنذر الحزامي: مَن أراد أن يشهد جنازة المأمون على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليشهَدْ؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 16 صـ 263).

قال عبدالله بن أحمد: قال بعض المحدِّثين في يحيى بن مَعِين:
ذهَب العليمُ بعيبِ كلِّ محدِّثٍ
وبكلِّ مختلِفٍ مِن الإسنادِ
وبكلِّ وَهْمٍ في الحديث ومشكِلٍ
يَعْيا به علماءُ كلِّ بلادِ
(تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 16 صـ 263).

توفِّي يحيى بن مَعِين بالمدينة في ذي القعدة، سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، وهو ابن خمس وسبعين سنة، ودفن بالبقيع؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 16 صـ 263).

قال حبيش بن مبشر: رأيت يحيى بن مَعِين في النوم، فقلتُ: ما فعل الله بك؟ قال: أعطاني، وحباني، وزوَّجني ثلاثمائة حَوْراء؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ 16 صـ 263).

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين.

وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

الشيخ صلاح نجيب الدق