المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأربعون القلبية من السنن النبوية


المراقب العام
29-12-2019, 07:16 AM
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif



الأربعون القلبية
من السنن النبوية

البداية

الحمد لله هدى قلوب أهل الإيمان لطاعته، وشرح صدورَهم لمحبته، وجعل في سرائرهم موضع عبادته، وجمال خلقته، وأصلي وأسلم على خير خليقته، وسيد أهل دينه ودعوته، وعلى آله وصحبه أجمعين.... أما بعد:

فإن القلب ملك الأعضاء، وسيد الأشياء، وسرعظمة الإنسان، وآلة فهم القرآن، به استصلاح النفوس، ودرء الحزن والعبوس، لا تمتلئ القلوب من معارفه، ولا تشبع من لطائفه، به تحيا وتعيش، وبدونه تهلك وتطيش.

ولما كان بهذه المكانة، وتكرر ذكره في النصوص، آثرت تتبع أوصافه النبوية، وخصائصه الأثرية، التي جعلت المصطفى الكريم يخصه بمزيد العناية، ودقيق الدراية، لا سيما وهو سر الأسارير، ومحط الأعاجيب، وخلاصة المزاهير.
فقفوت أربعين من أوصافه، على طريقة أئمة العلم وعُرافه، من تفرغوا للجمع والحفظ، وأحبوا المذاكرة والفهم، علها تذكر المستذكر، وتنبه المتعظ، فيعاين ما للشريعة من عظمة، وما في القلب من خطر وحكمة، تستوجب الرعاية والتغذية، والإصلاح والتروية، فهو المقلب المحزون، والمصرف المفتون، من أحياه حيا في حياته، ومن أماته مات قبل وفاته، ولا حياة له بغير مداد خالقه، وزاد بارئه وحافظه.( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) سورة الملك.
وقد نشأت معه فكرة( الأربعين القلبية) ، وهو يجمع أحاديث الثبات والتمسك، فرآها موضوعا باهرا، وبابا علميا مباركاً، لاغنى للمسلم عنه، وهو يشاهد تقلب الناس، وتبدل أحوالهم ، والله المستعان.
وحين الفراغ منها وجدت سابقا لي وهو الشيخ محمد بن أبو الحمد الدقيشي، جمع جزءا في ذلك أسماه ( الأربعين القلبية من كلام خير البرية ) لكنه لم يعنون ولَم يعلق، وقد توافقنا في بعضها، وأيضا الشيخ الفاضل محمد بن صالح المنجد، له صوتيات مختارة جمعها وشرحها، كما في المواقع الإلكترونية ، والله الموفق، لا رب سواه، وهو حسبنا ونعم الوكيل . .

١/ الحديث الأول: إصلاح القلب:
عن النعمان بن بشبر رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( الْحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مضغة إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ ). رواه البخاري(٥٢) ومسلم(١٥٥٩) .
فيه بيان فضل القلب وأنه ملك الأعضاء ووجوب استصلاحه لصلاح الجسد، وخطورة تركه وتعريضه للفساد المنتهي لفساد الجسد وذبوله وترديه.

٢/ الحديث الثاني: تقلبات القلب:
عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( لَقلبُ ابن آدمَ أشدُّ انقلابًا من القِدر إذا اجتمَعت غَلْيًا ) رواه أحمد( ٢٤٣٣٩) والبزار (٢١١٢).
في الحديث: بيان خطورة تقلب القلب، وأنه من الضعف والرخاوة حين الفتن واستسهال المعاصي ، فوجب الحذر، والتزام الطاعة والاستقامة .

٣/ الحديث الثالث: حزن القلب:
عَنْ عبدالله بن عمر رضي اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ : اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ.. وفيه:( أَلَا تَسْمَعُونَ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا . وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ، أَو يَرْحَمُ ، ) .البخاري( ١٣٠٤) ومسلم(٩٢٤).
فيه إثبات حزن القلب، وأنه سبب دمع العين، وأن المصائب مما تحزنه، واستحباب ضبط الجوارح كاللسان عند المحازن، لكيلا يؤاخذ العبد بسببها .

٤/ الحديث الرابع: القلب الرقيق:
عن عياض المجاشعي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته : ( أَلَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ... وفيه : أَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ : ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ ). رواه مسلم ( ٢٨٦٥).
فيه فضل رقة القلب، وإنما يرققه قراءة القرآن وتدبره، وقيام الليل والصدقة، ورحمة الناس، وذكر الموت ، والتفكير في الدار الآخرة، ومعايشة المساكين .

٥/ الحديث الخامس: موت القلب:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَلَا تُكْثِرِ الضَّحِكَ ؛ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ ). الترمذي ( ٢٣٠٥).
فيه إثبات موت بعض القلوب من فعل معاص وسلوكيات ، وأن التباعد عنها سبب في حياة القلب، وأن المباحات إذا طغت أعمت وأضرت، وكانت سببا في القسوة والجفوة ..!

٦/ الحديث السادس: بشاشة القلب:
عن ابن عباس رضي الله عنهما في حديث أبي سفيان مع هرقل عظيم الروم قال: ( وَسَأَلْتُكَ : أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بشاشته الْقُلُوبَ...) البخاري( ٧ )ومسلم( ١٧٧٣).
فيه فضل حلاوة الإيمان وبشاشته إذا خالطت القلوب، وأنها مانع من الارتداد والنكسة، وإنما تزيد وتنمو بالطاعات ، والتباعد عن السيئات .

٧/ الحديث السابع : القلوب الغليظة:
عَنْ أبي مسعود رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْإِيمَانُ هَاهُنَا - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْيَمَنِ - وَالْجَفَاءُ، وَغِلَظُ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الْإِبِلِ مِنْ حَيْثُ يَطْلع قرنا الشيطان ؛ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ ) .البخاري(٣٤٩٨) ومسلم(٥١).
فيه إثبات غلظ بعض القلوب
قال في الفتح رحمه الله:" قال القرطبي: هما شيئان لمسمى واحد كقوله: { إنما أشكو بثي وحزني إلى الله } والبث هو الحزن، ويحتمل أن يقال: المراد بالجفاء أن القلب لا يلين بالموعظة ولا يخشع لتذكره، والمراد بالغلظ ، أنها لا تفهم المراد ولا تعقل المعنى ".

٨/ الحديث الثامن: اليمين القلبية:
عَنْ عبدالله قال : كَثِيرًا مِمَّا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْلِفُ : ( لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ ). رواه البخاري( ٦٦١٧) .
فيه صحةُ اليمين واستحبابها بهذه الكلمات، قال في الفتح: " ومقلب القلوب " هو المقسم به، والمراد بتقليب القلوب: تقليب أعراضها وأحوالها لا تقليب ذات القلب.
وفي الحديث دلالة على أن أعمال القلب من الإرادات والدواعي وسائر الأعراض بخلق الله تعالى، وفيه جواز تسمية الله تعالى بما ثبت من صفاته على الوجه الذي يليق به،..".

٩/ الحديث التاسع: نُكَت القلب:
قَالَ حُذَيْفَةُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدَ مُرْبَادًّا كَالْكُوز مُجَخياً لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ). رواه مسلم(١٤٤) .
فيه مخالطة الفتن والشهوات للقلوب، وأنها معروضة عليها على الدوام، وفضل القلب المنكر الصادّ لها، وأن المعاصي كالنكت السوداء، تتراكم إذا لم تجد توبة أو إنكارًا أو مجاهدة .

١٠/ الحديث العاشر: تصريف القلوب:
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ ). ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ، صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ ) رواه مسلم(٢٦٥٤) .
فيه إثبات تصريف القلوب وخطورة ذلك، واستحباب المواظبة على هذا الدعاء، وأن القلوب صلاحها وتصريفها إلى الله الواحد الأحد .

١١/ الحديث الحادي عشر: القلب المملوء:
عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا ). رواه البخاري ( ٦٠٥٥) ومسلم(٥٩٠٠).
فيه أن القلب وعاء حقه الملء بالنافع المفيد، وكراهية طغيان الملاهي علي ، وذم الشعر إذا غلب على المرء، وخلا من الحكمة والفضيلة .

١٢/ الحديث الثاني عشر: ظهر القلب:
عَنْ سهل بن سعد رضي الله عنه أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُ لِأَهَبَ لَكَ نَفْسِي .. وفيه أنه زوّجها لفقير صاحب رداء، بما معه من القرآن قَالَ : ( أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ . قَالَ : نَعَمْ. قَالَ: " اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ) .
فيه أن القلب وعاء الحفظ ومخزن المعلومات، وهو محل العلم والوعي والتمييز .

١٣/ الحديث الثالث عشر: النزع من القلب:
عَنْ عائشة رضي الله عنها قَالَتْ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ، فَمَا نُقَبِّلُهُمْ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ ). رواه البخاري (٥٩٩٨) ومسلم(٢٣١٧) .
فيه أن المشاعر الإنسانية من رحمة وقسوة مصدرها القلب، والذي يضاعفها وعي المرء وإدراكه لمعالم دينه الحاض على التراحم والتعاطف، وأنها قد تنزع فيفقد المرء إنسانيته.

١٤/ الحديث الرابع عشر: القلب المَهدي:
عَنْ علي رضي الله عنه قَالَ : بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ قَاضِيًا، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُرْسِلُنِي وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ، وَلَا عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ ؟ فَقَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ سَيَهْدِي قَلْبَكَ، وَيُثَبِّتُ لِسَانَكَ، فَإِذَا جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْكَ الْخَصْمَانِ فَلَا تَقْضِيَنَّ حَتَّى تَسْمَعَ مِنَ الْآخَرِ كَمَا سَمِعْتَ مِنَ الْأَوَّلِ ؛ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يَتَبَيَّنَ لَكَ الْقَضَاءُ ). قَالَ : فَمَا زِلْتُ قَاضِيًا. أَوْ : مَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَعْدُ.رواه أبو داود ( ٥٣٨٢ ) .
فيه فضل القلب المهدي، وأن الهداية بيد الله ، وأن الأعمال الجليلة إنما تطلب بتوفيق الله وهدايته .

١٥/ الحديث الخامس عشر: ائتلاف القلوب:
عَنْ جُندُب بن عبدالله رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ ) رواه البخاري(٥٠٦٠) ومسلم(٢٦٦٧) .
قال النووي رحمه الله : والأمر بالقيام عند الاختلاف في القرآن محمول عند العلماء على اختلاف لا يجوز ، أو اختلاف يوقع فيما لا يجوز كاختلاف في نفس القرآن ، أو في معنى منه لا يسوغ فيه الاجتهاد ، أو اختلاف يوقع في شك أو شبهة ، أو فتنة وخصومة ، أو شجار ونحو ذلك ، وأما الاختلاف في استنباط فروع الدين منه ، ومناظرة أهل العلم في ذلك على سبيل الفائدة وإظهار الحق ، واختلافهم في ذلك فليس منهيا عنه ، بل هو مأمور به ، وفضيلة ظاهرة ، وقد أجمع المسلمون على هذا من عهد الصحابة إلى الآن ، والله أعلم .

١٦/ الحديث السادس عشر: اختلاف القلوب:
عَنْ أبي مسعود رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ، وَيَقُولُ : ( اسْتَوُوا، وَلَا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِنِي مِنْكُمْ أولو الأحلام والنهى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ). قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ : فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ أَشَدُّ اخْتِلَافًا. مسلم(٤٣٢) .
فيه إثبات اختلاف القلوب، وأن بعض المعاصي كترك التسوية للصف سببٌ لذلك . قال في التحفة:" قال الطيبي فتختلف بالنصب أي على جواب النهي وفي الحديث أن القلب تابع للأعضاء فإذا اختلفت اختلف وإذا اختلف فسد ففسدت الأعضاء لأنه رئيسها ".

١٧/ الحديث السابع عشر: النظر إلى القلوب:
عَنْ أبي هريرة قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ) .
مسلم( ٢٥٦٤ ).
في الحديث: فيه أن العبرة بعمل القلوب والجوارح وليس الأموال والأشكال ، لأن بها تحصل التقوى وتعظيم الله، ومحبة شرعه والانقياد له .

١٨/ الحديث الثامن عشر: وهن القلوب:
عن ثوبان رضي الله عنه : قَالَ :قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تداعى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا ". فَقَالَ قَائِلٌ : وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : " بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غثاء كغثاء السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ ". فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ : " حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ ) . أبو داود( ٤٢٩٧ ).
فيه أن القلوب توهن وتضعف، وأن كثرة المسلمين لا يصلح فساد القلوب .
قال في عون المعبود رحمه الله :" وليقذفن) بفتح الياء أي: وليرمين الله.( الوهن) أي: الضعف، وكأنه أراد بالوهن ما يوجبه ، ولذلك فسره بحب الدنيا وكراهة الموت. قاله القاري " .

١٩/ الحديث التاسع عشر: القلوب العارفة :
عن أبي حُميد وأبي أُسيد، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا سَمِعْتُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي تَعْرِفُهُ قُلُوبُكُمْ، وَتَلِينُ لَهُ أَشْعَارُكُمْ، وأبشاركم وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ قَرِيبٌ، فَأَنَا أَوْلَاكُمْ بِهِ، وَإِذَا سَمِعْتُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي تُنْكِرُهُ قُلُوبُكُمْ، وَتَنْفِرُ أَشْعَارُكُمْ، وَأَبْشَارُكُمْ، وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ بَعِيدٌ، فَأَنَا أَبْعَدُكُمْ مِنْهُ ) . رواه أحمد( ١٦٠٥٨ ) .
فيه فضل القلوب العارفة، العالمة بحديث رسول الله ، والسبب صفاؤها وامتلاؤها باليقين المورث للعلم .

٢٠/ الحديث العشرون: تجديد القلوب :
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنَّ الإيمانَ ليخلَقُ –أي يبلى- في جوفِ أحدِكم كما يخلَقُ الثَّوبُ ، فسَلُوا اللهَ تعالى أن يُجدِّدَ الإيمانَ في قلوبِكم ). رواه الطبراني(١٤٦٦٨) والحاكم(٥) بسند حسن.
فيه فضل تجديد القلوب، وأن تجديدها يكون بالإيمان ومن وسائله الدعاء، الذي يتعلق به بربه، ويؤمن به ويتوكل عليه .

٢١/ الحديث الحادي عشر: جزَع القلب:
قَالَ : عن عمرو بن تغلب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أَمَّا بَعْدُ، فَوَ اللَّهِ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَأَدَعُ الرَّجُلَ وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الَّذِي أُعْطِي، وَلَكِنْ أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا أَرَى فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغِنَى وَالْخَيْرِ، فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ ). فَوَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُمْر النَّعم . البخاري(٩٢٣).
قال في الفتح:" قال ابن بطال: مراده في هذا الباب إثبات خلق الله تعالى للإنسان بأخلاقه من الهلع والصبر والمنع والإعطاء، وقد استثنى الله المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون، لا يضجرون بتكررها عليهم ولا يمنعون حق الله في أموالهم؛ لأنهم يحتسبون بها الثواب ويكسبون بها التجارة الرابحة في الآخرة، وهذا يفهم منه أن من ادعى لنفسه قدرة وحولا بالإمساك والشح والضجر من الفقر، وقلة الصبر لقدر الله تعالى ليس بعالم ولا عابد؛ لأن من ادعى أن له قدرة على نفع نفسه أو دفع الضر عنها فقد افترى. انتهى ملخصا".

٢٢/ الحديث الثاني والعشرون: القلب الواحد:
عَن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّذِينَ عَلَى إِثْرِهِمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إِضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَبَاغُضَ ). البخاري(٣٢٤٦) مسلم( ٢٨٣٤).
فيه فضل اجتماع القلوب على قلب واحد صفاءً ونقاء، وأن ذلك سمت لأهل الجنة، وهو تطهيرها من مذمومات الأخلاق ونزاعات أهل الدنيا .

٢٣/ الحديث الثالث والعشرون: ختم القلوب:
أَنَّ عبدالله بن عمر وأبا هريرة حدَّثَاهُ، أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ : ( لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ ودَعْهم- تركهم -الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ ). مسلم ( ٨٦٥ ).
فيه قبح التخلف عن الجمعة بلا عذر، وأنه معصية، ومن سوء عاقبتها الختم على القلب أي تغطيته وحرمانه من ينابيع الخير .
قال النووي رحمه الله:" وقوله : " ودعهم " أي : تركهم ، وفيه أن الجمعة فرض عين ، ومعنى الختم : الطبع والتغطية ، قالوا في قول الله تعالى : { ختم الله على قلوبهم } أي : طبع . ومثله " الرين " ، فقيل : الرين : اليسير من الطبع ، والطبع : اليسير من الأقفال ، والأقفال أشدها ".

٢٤/ الحديث الرابع والعشرون: قلوب الشياطين:
قَالَ حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ، فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ قَالَ : " نَعَمْ ". قُلْتُ : هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ ؟ قَالَ : " نَعَمْ ". قُلْتُ : فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ قَالَ : " نَعَمْ ". قُلْتُ : كَيْفَ ؟ قَالَ : " يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ ". قَالَ : قُلْتُ : كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : " تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ) رواه مسلم ( ١٨٤٧).
فيه بيان تغير أحوال الناس في آخر الزمان، وظهور الأئمة المبطلين المبدلين، الراغبين عن السنة، وأن قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، ومع ذلك تجب طاعتهم والصبر على الأذى .

٢٥/ الحديث الخامس والعشرون: نكتة القلب السوداء:
عَنْ أبي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ، كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ، صُقِلَ قَلْبُهُ، فَإِنْ زَادَ زَادَتْ، فَذَلِكَ الران الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ : { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } ) . رواه ابن ماجه ( ٤٢٤٤) بسند حسن .
فيه أن الذنب سببٌ للنكتة السوداء ، والاستغفار يصقلها ويزيلها قال تعالى( وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا ) سورة هود .

٢٦/ الحديث السادس والعشرون : القلب النقي:
عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( نِعْمَ الْقَوْمُ الْأَزْدُ، طَيِّبَةٌ أَفْوَاهُهُمْ، بَرَّةٌ أَيْمَانُهُمْ، نَقِيَّةٌ قُلُوبُهُمْ ) . رواه أحمد( 8615 ) بسند حسن .
فيه فضل نقاء القلوب وهو سلامتها من كل غش وغل، وهو منقبة ظاهرةً للأزد .

٢٧/ الحديث السابع والعشرون : الصدر المتردد :
عن النواس بن سمعان الأنصاري رضي الله عنه : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ، فَقَالَ : ( الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالْإِثْمُ مَا حاك في صَدْرِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ). مسلم( ٢٥٥٣).
فيه فضل البر، وأن ضده من الخصال هي الإثم المحتار فيه، والمضطرب في القلب. .
قال النووي رحمه الله:" قال العلماء : البر يكون بمعنى الصلة ، وبمعنى اللطف والمبرة وحسن الصحبة والعشرة ، وبمعنى الطاعة ، وهذه الأمور هي مجامع حسن الخلق ، ومعنى " حاك في صدرك " أي : تحرك فيه وتردد ، ولم ينشرح له الصدر ، وحصل في القلب منه الشك ، وخوف كونه ذنبا ".

٢٨/ الحديث الثامن والعشرون : القلب الفسيح بإحكام الإسلام :
عن قَبِيصَةُ بْنُ هُلْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : إِنَّ مِنَ الطَّعَامِ طَعَامًا أَتَحَرَّجُ مِنْهُ. فَقَالَ : ( لَا يَتَخَلَّجَنَّ فِي صَدْرِكَ شَيْءٌ ضَارَعْتَ فِيهِ النَّصْرَانِيَّةَ ). رواه أبو داود( 3784 ) بسند حسن.
فيه وضوح الشرائع وسلامتها، وأنها مما يطمئن بها القلب عقيدة وشريعة، وعبادة وعادة ، وقوله( لا يتخلجن ): أي لا يتحركن .
والمعنى: لا يدخل في قلبك ضيق وحرج لأنك على الحنيفة السهلة، فإذا شككت وشددت على نفسك بمثل هذا شابهت فيه الرهبانية.

٢٩/ الحديث التاسع والعشرون : غنى الصدر:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : يَا ابْنَ آدَمَ، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى، وَأَسُدَّ فَقْرَكَ، وَإِلَّا تَفْعَلْ مَلَأْتُ يَدَيْكَ شُغْلًا، وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ " الترمذي( ٢٤٦٦) .
فيه فضل القلب الغني، وأن التفرغ العبادي سبب للغنى والثبات والاستقامة، وأن من أصلح حاله مع الله، أصلح الله له دنياه.
قال في التحفة رحمه الله:" أي تفرغ عن مهماتك لعبادتي أقضي مهماتك وأغنيك عن خلقي ، وإن لا تفعل ملأت يديك شغلا ، وتسكن للتخفيف . ولم أسد فقرك أي إن لم تتفرغ لذلك واشتغلت بغيري لم أسد فقرك لأن الخلق فقراء على الإطلاق فتزيد فقرا على فقرك ".

٣٠/ الحديث الثلاثون : حفظ الصدور:
عَنْ عَبْدِ اللَّه رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بِئْسَمَا لِأَحَدِهِمْ يَقُولُ : نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ ، بَلْ هُوَ نُسِّيَ، اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ، فَلَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ بِعُقُلِهَا ) . البخاري(٥٠٣٢) مسلم( ٧٩٠).
فيه أن المذاكرة القرآنية سبب لحفظ الصدور وعدم التفلت والتفصي الحاصل من جراء الهجران والإهمال والله المستعان ( وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآنَ مهجورا ). سورة الفرقان .

٣١/ الحديث الواحد والثلاثون : صدور العلماء:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تَظْهَرُ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ، وَيُرْفَعُ الْعِلْمُ ". فَلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ، أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : " يُرْفَعُ الْعِلْمُ ". قَالَ عُمَرُ : أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ يُنْزَعُ مِنْ صُدُورِ الْعُلَمَاءِ، وَلَكِنْ يَذْهَبُ الْعُلَمَاءُ. أحمد ( ١٠٢٣١).
فيه بيان أن صدور العلماء ظرف للعلم وحفظه، وأن نزعه بموتهم وفقدانهم في الحياة كما في حديث الصحيحين ( ولكن يقبضه بقبض العلماء ).

٣٢/ الحديث الثاني والثلاثون : القلب المقذوف:
عن صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ.. وفيه: مر رجلان فأسرعا لما رأياه، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الْإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا ) .
البخاري ( ٢٠٣٥) مسلم ( ٢١٧٥ ).
فيه بيان تسلط الشيطان على ابن آدم بمقذوفات الوساوس والأفكار السيئة،
قال في الفتح:" فقد روى الحاكم أن الشافعي كان في مجلس ابن عيينة فسأله عن هذا الحديث فقال الشافعي: إنما قال لهما ذلك؛ لأنه خاف عليهما الكفر إن ظنا به التهمة فبادر إلى إعلامهما، نصيحة لهما قبل أن يقذف الشيطان في نفوسهما شيئا يهلكان به.. وفيه: بيان شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته وإرشادهم إلى ما يدفع عنهم الإثم. وفيه التحرز من التعرض لسوء الظن والاحتفاظ من كيد الشيطان والاعتذار.

٣٣/الحديث الثالث والثلاثون: القلوب اللينة:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً، وَأَلْيَنُ قُلُوبًا، الْإِيمَانُ يَمَانٍ ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ، وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي أَصْحَابِ الْإِبِلِ، وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ ) رواه البخاري ( ٤٣٨٨) مسلم ( ٥٢ ).
فيه فضيلة ظاهرة لأهل اليمن، وانهم من ذوي القلوب اللينة .
قال الخطابي رحمه الله : قوله " هم أرق أفئدة وألين قلوبا " أي لأن الفؤاد غشاء القلب، فإذا رق نفذ القول وخلص إلى ما وراءه؛ وإذا غلظ بعد وصوله إلى داخل، وإذا كان القلب لينا علق كل ما يصادفه.

٣٤/ الحديث الرابع والثلاثون : أفئدة الطير:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَقْوَامٌ أَفْئِدَتُهُمْ مِثْلُ أَفْئِدَةِ الطَّيْرِ ). رواه مسلم ( ٢٨٤٠ ).
فيه فضل الأفئدة المحاكية للطير سلامة وضعفاً وصفاء .
قال النووي رحمه الله : " قيل : مثلها في رقتها وضعفها ، كالحديث الآخر : " أهل اليمن أرق قلوبا وأضعف أفئدة " ، وقيل : في الخوف والهيبة ، والطير أكثر الحيوان خوفا وفزعا ، كما قال الله تعالى : { إنما يخشى الله من عباده العلماء } ، وكأن المراد : قوم غلب عليهم الخوف كما جاء عن جماعات من السلف في شدة خوفهم ، وقيل : المراد : متوكلون ، والله أعلم" .

٣٥/ الحديث الخامس والثلاثون : إجمام القلوب:
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بِالتَّلْبِينِ لِلْمَرِيضِ وَلِلْمَحْزُونِ عَلَى الْهَالِكِ، وَكَانَتْ تَقُولُ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ التَّلْبِينَةَ تُجِمُّ فُؤَادَ الْمَرِيضِ ، وَتَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ ". رواه البخاري (5689) مسلم(2216) .
فيه فضل التلبينة وأنها مريحة للمحزون.
قال النووي) مَجَمَّةٌ ) وَيُقَال : ( مُجِمَّةٌ ) أَيْ : تُرِيح فُؤَاده , وَتُزِيل عَنْهُ الْهَمّ , وَتُنَشِّطهُ " انتهى .
والتلبينة : حساء يُعمل من ملعقتين من مطحون الشعير بنخالته ، ثم يضاف لهما كوب من الماء ، وتطهى . قال ابن القيم رحمه الله:
" وإذا شئتَ أن تعرف فضل التلبينة : فاعرف فضل ماء الشعير ، بل هي ماء الشعير لهم ؛ فإنها حساء متخذ من دقيق الشعير بنخالته ، والفرق بينها وبين ماء الشعير أنه يطبخ صحاحاً ، والتلبينة تطبخ منه مطحوناً ، وهي أنفع منه لخروج خاصية الشعير بالطحن ، وقد تقدم أن للعادات تأثيراً في الانتفاع بالأدوية والأغذية ، وكانت عادة القوم أن يتخذوا ماء الشعير منه مطحوناً لا صحاحاً ، وهو أكثر تغذية ، وأقوى فعلاً ، وأعظم جلاءً .... " انتهى .

٣٦/ الحديث السادس والثلاثون : رجفان الفؤاد:
عن عائشة رضي الله عنها في قصة نزول الوحي: ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، وفيه قال: في مجئ الملك :( فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } { خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ } { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ } ". فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ،... الحديث .وفي رواية ( ترجف بوادره ) البخاري ( ٣ ) مسلم(١٦٠).
فيه بيان رجفان القلب وتأثره بما يعرض .
قال في الفتح :" قال شيخنا: الحكمة في العدول عن القلب إلى الفؤاد أن الفؤاد وعاء القلب على ما قاله بعض أهل اللغة، فإذا حصل للوعاء الرجفان حصل لما فيه فيكون في ذكره من تعظيم الأمر ما ليس في ذكر القلب.
وأما بوادره فالمراد بها: اللحمة التي بين المنكب والعنق، جرت العادة بأنها تضطرب عند الفزع، وعلى ذلك جرى الجوهري أن اللحمة المذكورة سميت بلفظ الجمع، وتعقبه ابن بري فقال: البوادر: جمع بادرة؛ وهي ما بين المنكب والعنق، يعني: أنه لا يختص بعضو واحد، وهو جيد، فيكون إسناد الرجفان إلى القلب؛ لكونه محله، وإلى البوادر؛ لأنها مظهره،.." .

٣٧/ الحديث السابع والثلاثون : ثمرة الفؤاد:
عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ : قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ. فَيَقُولُ : قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ. فَيَقُولُ : مَاذَا قَالَ عَبْدِي ؟ فَيَقُولُونَ : حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ. فَيَقُولُ اللَّهُ : ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ ) الترمذي ( ١٠٢١).
فيه فضل الولد والصبر على فقدانه وانه ثمرة الفؤاد ، وقيل سمى الولد ثمرة فؤاده لأنه نتيجة الأب كالثمرة للشجرة .
وفضل الحمد عند المصائب واثبات بيت الحامدين ، وأضاف البيت إلى الحمد الذي قاله عند المصيبة لأنه جزاء ذلك الحمد ، قاله القاري رحمه الله .

٣٨/ الحديث الثامن والثلاثون : خفة القلب وتقلبه:
عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَثَلُ الْقَلْبِ مَثَلُ الرِّيشَةِ تُقَلِّبُهَا الرِّيَاحُ بِفَلاةٍ) رواه ابن ماجة بسند حسن (٨٨).
فيه خفة القلب ولطفه وسهولة تغييره .
قال السندي رحمه الله في الحاشية:" قال الطيبي المثل هنا بمعنى الصفة لا القول السائر والمعنى صفة القلب العجيبة الشأن وورود ما يرد عليه من عالم الغيب من الدواعي وسرعة تقلبها ، بسبب الدواعي كريشة واحدة تقلبها الرياح بأرض خالية من العمران فإن الرياح أشد تأثيرا فيها منها في عمران تقلبها من القلب أو التقليب والثاني هو الأشهر الأظهر في مقام المبالغة لدلالته على التكثير وهو الأوفق بجمع الرياح ليظهر التقلب إذ لو استمر الريح على جانب واحد، لم يظهر التقلب والجملة صفة للريشة لكون تعريفها للجنس ".

٣٩/ الحديث التاسع والثلاثون : دواء غلّ القلوب:
عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ : إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَمُنَاصَحَةُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ، فَإِنَّ الدَّعْوَةَ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ ) . رواه الترمذي ( ٢٦٥٨).
فيه فضل تطهير القلب من الغل وهو الغش والحسد أو الخيانة، وأن هذه الخصال مما يستصلح بها القلوب .
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: هذه الخصال تنفي الغل، قال ابن القيم: "لا يبقى فيه غل" من عمل بها، نفى وطرد الغل، وأخرجه من قلبه، ولن يحمل قلبه غلاً، بل إن هذه الثلاثة تنقي القلب من الغل، فالقلب يَغل على الشرك، ويَغل على الغش، يَغل على البدعة والضلالة، وهذه الثلاثة: الشرك، والغش، والخروج عن جماعة المسلمين، تملأه دغلاً وغلاً، فإذا جرد الإخلاص والنصح، وتابع السنة؛ نفى ذلك ..!

٤٠/ الحديث الأربعون : القلب الكرْمي:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ : الْكَرْمُ ؛ فَإِنَّمَا الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ ). البخاري( ٦١٨٣ ) مسلم( ٢٢٤٧).
قال الخطّابي رحمه الله ما ملخصه: ( إن المراد بالنهي تأكيد تحريم الخمر بمحو اسمها، ولأن في تبقية هذا الاسم لها تقريرا لما كانوا يتوهمونه من تكرم شاربها فنهى عن تسميتها كرما وقال: إنما الكرم قلب المؤمن لما فيه من نور الإيمان وهدى الإسلام).
وفي الفتح : وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة ما ملخصه: لما كان اشتقاق الكرم من الكرم، والأرض الكريمة هي أحسن الأرض فلا يليق أن يعبر بهذه الصفة إلا عن قلب المؤمن الذي هو خير الأشياء لأن المؤمن خير الحيوان، وخير ما فيه قلبه؛ لأنه إذا صلح صلح الجسد كله، وهو أرض لنبات شجرة الإيمان.

٤١/ الحديث الواحد والأربعون: ترويح القلوب:
عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ ، وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ مَرَّ بِأَبِي بَكْرٍ وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ : مَا لَكَ يَا حَنْظَلَةُ ؟ قَالَ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا أَبَا بَكْرٍ، نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ كَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ، فَإِذَا رَجَعْنَا إِلَى الْأَزْوَاجِ وَالضَّيْعَةِ وَنَسِينَا كَثِيرًا. قَالَ : فَوَاللَّهِ إِنَّا لَكَذَلِكَ، انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَانْطَلَقْنَا، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا لَكَ يَا حَنْظَلَةُ ؟ " قَالَ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ، فَإِذَا رَجَعْنَا عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالضَّيْعَةَ وَنَسِينَا كَثِيرًا. قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْ تَدُومُونَ عَلَى الْحَالِ الَّتِي تَقُومُونَ بِهَا مِنْ عِنْدِي، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ فِي مَجَالِسِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ وَعَلَى فُرُشِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ، سَاعَةً وَسَاعَةً " مسلم( ٢٧٥٠ ).
فيه بيان تغير القلوب حين تباعدها عن مجالس الذكر، وحرص السلف على المعالجة، وخوفهم النفاق، قال النووي رحمه الله: معناه : أنه خاف أنه منافق ، حيث كان يحصل له الخوف في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم ، ويظهر عليه ذلك مع المراقبة والفكر والإقبال على الآخرة ، فإذا خرج اشتغل بالزوجة والأولاد ومعاش الدنيا .
قال السندي في الحاشية: قوله ( لو كنتم كما تكونون )
نبههم على أن الحضور لا يدوم عادة وعدمه لا يضر في وجود الإيمان في القلب والغفلة إنما تنافي الحضور فلا يلزم منها عدم الإيمان .
و( ساعة ) يكون الحضور لينتظم به أمر الدين وساعة تكون الغفلة لينتظم بها أمر الدين والمعاش ، وفي كل منهما رحمة على العباد .

تمت الأربعون القلبية بحمد الله وتوفيقه .

واكتـــملَ العـــقدُ بأربعـــينا... قلبــيةً تكشــف ما لقــينا
فجاهدِ القلبَ بذا الإيــمــانِ.. وارفعه عن سوءٍ وعن طعانِ
فإنــه الســــيد للأعـــــضاءِ ... بـــه صلاحـــهها بلا مــــراءِ

جمع وتعليق
د.حمزة بن فايع الفتحي