المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السبب في تَبسم سليمان عليه الصلاة والسلام لقول النملة


المراقب العام
30-12-2019, 10:11 PM
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif



السبب في تَبسم سليمان عليه الصلاة والسلام لقول النملة

يبين لنا القرآن أن سليمان عليه الصلاة والسلام تبسم ضاحكاً لقول النملة، ليس من باب السخرية والامتهان، إنما تبسمه كان للنعمة التي أنعمها عليه خالقه ومولاه سبحانه وتعالى أن ألهمه سماع قولها، وكذلك لغيرة واهتمام وإخلاص تلك النملة لشعبها النمل، وبعد هذه النعمة عليه وجه دعاءه إلى الله عز وجل الذي ألهم هذه النملة، لأن تحذِّر قومها من مغبة سحق جيشه لتلك القرية من النمل وهم لا يشعرون، حيث قال تعالى مخبراً عنه: ﴿ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾ [النمل: 19].

قال ابن كثير في تفسيره: (أي ألهمني أن أشكر نعمتك التي مننت بها عليَّ من تعليمي منطق الطير والحيوان وعلى والدي بالإسلام لك والإيمان بك)[1].

قال سيد: (أدرك سليمان هذا ﴿ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكَاً مِّنْ قَوْلِهَا ﴾.. وسرعان ما هزته هذه المشاهدة، وردت قلبه إلى ربه الذي أنعم عليه بنعمة المعرفة الخارقة، وفتح بينه وبين تلك العوالم المحجوبة المعزولة من خلقه)[2].

وقال الشيخ السعدي في تفسيره عن قوله تعالى ﴿ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكَاً مِّنْ قَوْلِهَا ﴾: (إعجاباً منه بفصاحتها ونصحها، وحسن تعبيرها. وهذا حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، الأدب الكامل، والتعجب في موضعه، وأن لا يبلغ بهم الضحك إلاَّ إلى التبسم، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم جُلُّ ضحكه التبسم، فإن القهقهة تدل على خفة العقل وسوء الأدب، وعدم التبسم والعجب مما يتعجب منه، يدل على شراسة الخلق والجبروت، والرسل منزهون عن ذلك)[3].

ومما تقدم من قول الشيخ السعدي: فالضحك، إما أن يكون تبسماً أو قهقهة، والقهقهة في الضحك معروفة، وهي أن تقول: قَهْ قَهْ[4]، والتبسم في الضحك من غير أن يصدر صوتاً، إنما يحرك معالم وجهه مشيراً إلى أنه مسرور، وهذا ما كان عليه سليمان عليه السلام عند سماعه قول النملة لقومها.

[1] ينظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير: 3 /347.
[2] ينظر: في ظلال القرآن 6 /268.
[3] ينظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص 603.
[4] ينظر: مختار الصحاح ص 554، مادة (قهقه).

حامد شاكر العاني