المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حرص نساء الصحابة رضي الله عنهن على تعلم السنة


المراقب العام
21-01-2020, 06:04 AM
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif



حرص نساء الصحابة رضي الله عنهنَّ على تَعلُّم السنة

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، فَقَالَ: ((اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا))، فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: ((مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ وَلَدِهَا ثَلاَثَةً، إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ))، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوِ اثْنَيْنِ؟ قَالَ: فَأَعَادَتْهَا مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: ((وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ))[1].

ما يستفاد من الحديث:
• فيه عُلوُّ همة الصحابيات رضي الله عنهنَّ، وحرصهنَّ على تعلُّم السنة وأحكامها[2].

• وفيه تأصيل لمسألة علوِّ الإسناد، فالصحابيات كنَّ يسمعن الحديث من أزواجهنَّ وآبائهنَّ وأبنائهنَّ، ومن أمهات المؤمنين رضي الله عنهنَّ، وصنيعهنَّ هذا يدل على شرف علو الإسناد، لا سيما إن كان العلو يوصل إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مباشرة.

• وفيه بيان عناية الصحابة رضي الله عنهم بحديث النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وملازمتهم له، حتى إنهم ربما لم يفوِّتوا فرصة للنساء في لقاء النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لشدة إحاطتهم به وملازمتهم له.

• فيه تشجيع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لهنَّ على تعلُّم سنته؛ حيث جعل لهنَّ يومًا على حدَةٍ في سماع الحديث منه مباشرة، وقد بوَّب الإمام البخاري (256هـ) على هذا الحديث تبويبًا بديعًا كعادته، فقال: (باب: هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم؟)[3]؛ أي: جواز ذلك؛ لأنه أسند حديثًا يدل على ذلك.

• وفيه دليل على حجية السنة، وأنها ليست رأيًا عابرًا، وإنما هي وحي من الله، وأنَّ الصحابة كانوا يعلمون أنَّ علم رسول الله صلى الله عليه وسلم هو مما يعلمه الله جل وعلا، وأنَّ السنة وحيٌّ كما أنَّ القرآن وحي، لذلك قالوا: مما علَّمك الله، قال الإمام البخاري (256هـ) رحمه الله مبوبًا على الحديث في موطنٍ آخر: (باب تعليم النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أُمَّته من الرجال والنساء مما علَّمه الله، ليس برأي ولا تمثيل)[4].

• وفيه سؤال الطلاب العالم أن يجعل لهم يومًا يسمعون فيه عليه العلم، وإجابة العالم إلى ذلك، وجواز الإعلام بذلك المجلس للاجتماع فيه، وترجم له في كتاب العلم هل يجعل للنساء يومًا على حدة في العلم[5].

[1] أخرجه البخاري (7310)، ومسلم (2633).
[2] يقول العلامة ابن الجوزي في كشف المشكل 1 /71: (كان النساء في ذلك الزمن يطلبنَ الخير ويقصدن الأجر، ويُصلين مع الرسول صلى الله عليه وسلم جماعةً، وكان مثل الرسول صلى الله عليه وسلم واعظهنَّ، فصلح أن يجعل لهنَّ يومًا، فأمَّا ما أحدث القصاص من جمع النساء والرجال، فإنَّه من البدع التي تجري فيها العجائب؛ من اختلاط النساء بالرجال، ورفع النساء أصواتهنَّ بالصياح والنواح إلى غير ذلك، فأمَّا إذا حضرت امرأة مجلس خير في خفية، غير متزينة، وخرجت بإذن زوجها، وتباعدت عن الرجال، وقصدت العمل بما يقال لا التنزه، كان الأمر قريبًا مع الخطر، وإنما أجزنا مثل هذا؛ لأنَّ البعد عن سماع التذكير يقوِّي الغفلة، فينسي الآخرة بمرة، وينبغي للمذكر أن يحث على الواجبات، وينهى عن المحظورات، ويذكر ما ينفع العوام، وما يحتاج إليه الجُهال في دينهم، وهيهات، ما أقل هذا اليوم...)، وصدق والله، وهل ما أصاب شباب اليوم من اختلاط العقول إلا بسب اختلاط النساء بالذكور، نسأل الله العصمة من فتن الشبهات والشهوات.
[3] صحيح البخاري، قُبيل (101).
[4] صحيح البخاري (7310).
[5] شرح ابن بطال 10 /358.
د. زكريا شعبان الكبيسي