المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القصة في السنة النبوية


المراقب العام
25-02-2020, 02:45 AM
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif



القصة في السنة النبوية

يتناول هذا المبحث أحد أشكال التعبير في الأحاديث النبوية الشريفة، وهي شكل القصة، والقصة في مفهومها البسيط فن يعتمد على الحكاية، وفي الحكاية أحداث وشخوص ومكان وزمان، حيث ينبع مصطلح " القص " - معجميًا - من تتبع الأثر، ثم تطور إلى معنى الحكاية، ويكاد الخبر والقصة يتفقان في الدلالة على الحكي [1]، وبالنظر إلى استعمالات القصة المختلفة نجد أنها لا تخرج عن ذلك المدلول، وإن أصبحت مصطلحًا عامًا، ينتظم الفن القصصي بأسره على اختلاف أشكاله [2]. فعندما نذكر "القص" أو "القصص" لا نقصد فن القصة القصيرة أو القصة الطويلة أو الرواية، بل المقصود دلالة القص عامة.

وقبل ذلك دلالة وأغراض يريدها منشئ القصة ومقدمها. وقد أجاد الرسول صلى الله عليه وسلم في توظيف القصة في أحاديثه الشريفة توظيفاً يخدم القيم السامية التي يرومها، خاصة أن النفس البشرية تميل إلى سماع القصص، وتحتفي بالحكايات، ويسهل إيصال المعلومة والحكمة عبر القصة، بدلاً من القول المباشر.

ولسنا بصدد عرض أبرز القصص التي وردت في كتب الصحاح، بقدر ما يهمنا أن نتعرف على القصص بوصفها شكلاً من أشكال الحوار الذي استخدمه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو شكل موظف في ثنايا الحوار، لذا فإن تناول القصة في هذا المبحث سيكون خاضعا لآلية الحوار، بمعنى أن القصة ستكون واردة ضمن سياق الحوار النبوي، فهي خاضعة لمنطق الحوار الذي تكون القصة فيه مثالا أو دليلا أو تعليلا أو وسيلة لتوصيل مفهوم أو معلومة.

وعليه يمكن أن نقسم أشكال القصص في الحوار النبوي إلى عدة أشكال:
1) المثل القصصي:
حيث تكون القصة مثالاً يبسط المفهوم والمراد، وهذا المثال مجرد قصة بأحداث مفترضة، لذا هي تقترب من شكل المثال العام، أو القص المتخيل، الذي يلامس حياة المتلقي بشكل عام، ويبدأ متن الحديث بطرح مفهوم وتأتي القصة توضيحا لهذا المفهوما وتبسيطا له.

• عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: (مثل المسلمين واليهود والنصارى، كمثل رجل استأجر قوما، يعملون له عملا يوما إلى الليل، على أجر معلوم، فعملوا له إلى نصف النهار، فقالوا: لا حاجة لنا إلى أجرك الذي شرطت لنا، وما عملنا باطل، فقال لهم: لا تفعلوا، أكملوا بقية عملكم، وخذوا أجركم كاملا، فأبوا وتركوا، واستأجر أجيرين بعدهم، فقال لهما: أكملا بقية يومكما هذا، ولكما الذي شرطت لهم من الأجر، فعملوا، حتى إذا كان حين صلاة العصر قالا: لك ما عملنا باطل، ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه. فقال لهما: أكملا بقية عملكما، ما بقي من النهار شيء يسير، فأبيا، واستأجر قوما أن يعملوا له بقية يومهم، فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس، واستكملوا أجر الفريقين كليهما، فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور[3].

فقد جاء استهل الحديث بمقارنة بين: المسلمين واليهود والنصارى، وجاء الاستهلال غير مكتمل، فلم نعرف مثل أصحاب الديانات الثلاث بماذا، فقد ارتبط هذا المثل بالقصة المروية، وجاءت القصة - نحويا - خبرا للمبتدأ (مثل )، وهذا يعني التعاضد اللغوي والبنائي بين جوانب الحديث الشريف، ونعلم أن المضمون الكلي للقصة هو المقارنة بين جهود أصحاب الديانات الثلاث في الوفاء بخدمة الإسلام والذود عنه، ونيل ثواب إتمام دعوته وإكمال أركانه. فالفريق الأول عمل منتصف النهار، ولم يستطع أن يكمل العمل، فغادر متنازلا عن الأجر، والفريق الثاني عمل إلى العصر، وغادر رغم أن المتبقي على آخر اليوم شيء يسير، ولكنهم غادروا متنازلين عن الأجر، أما الفريق الثالث فهو أتم العمل حسب الوقت ونال الأجر.

في الحديث أمور عدة: إن الرسول صلى الله عليه وسلم: جعل الديانات السماوية الأساسية الثلاث: اليهودية والنصرانية والإسلام في بوتقة واحدة، وهذا دليل على اعتراف الإسلام بالنبوات والرسالات السابقة، وأنها وغيرها من دعوات أنبياء الله تخرج من مشكاة واحدة، بغض النظر عن التبدل والتحريف في بعضها، وهنا جعل الرسول صلى الله عليه وسلم: استيفاء العمل هو الأساس في قبوله، وأن الخالق عز وجل يستوفي كل أمة أجرها، ولكن التقاعس بشري.

أيضا، ارتكز الحديث الشريف على الحوار بشكل خفي، فقد كان مطلع الحديث ثم المثل القصصي المقدم معتمدا على بناء حواري يتمثل في المقارنة بين: جهود أتباع الديانات الثلاث، وقد نال المسلمون الأجر كاملا لأنهم تحمل مشاق العمل، وأتموه لوقته، فنالوا أجر من سبقهم، مصداقا لقوله: " واستكملوا أجر الفريقين كليهما، فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور "، ولننظر إلى لفظة "النور " الذي ختم بها الحديث، فهي معبرة عن أن نور المشكاة واحد في ضوئه، ولكن أين من يتلقى الضوء كاملا: إيمانا وعملا وجهادا.

في الحديث السابق أيضا: عدم التمييز بين اليهود والنصارى في العمل، ويبدو من الترتيب في المثل القصصي أن الرسول يقصد بالفريق الأول: اليهود. والنصارى هم الفريق الثاني، أما المسلمون فهم الفريق الثالث، فهذا ترتيب زمني تتابعي، يبسط مفهوم الجهد البشري في تلقي الإيمان والنهوض به.

• عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الخيل لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر: فأما الذي له أجر، فرجل ربطها في سبيل الله، فأطال بها في مرج أو روضة، فما أصابت في طِيَلها ذلك من المرج أو الروضة كانت له حسنات، ولو أنه انقطع طيلها، فاستنت شرفا أو شرفين، كانت آثارها وأرواثها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه، ولم يرد أن يسقي كان ذلك حسنات له، فهي لذلك أجر. ورجل ربطها تغنيا وتعففا، ثم لم ينس حق الله في رقابها، ولا ظهروها، فهي لذلك ستر. ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء لأهل الإسلام، فهي على ذلك وزر[4].

يعتمد هذا الحديث على المقارنة أيضا، مقارنة بين حابس الخيل، فهي على ثلاثة أحوال: الأول: أن تكون أجرا لرجل نذرها للجهاد في سبيل الله: محاربة للكفر، وتحريرا للأرض، ودفاعا عن حرمات الإسلام، وهذا بأن يجعل صاحبها خيله نذرا لله تعالى، فهي محبوسة من أجل ساعة الجهاد، فيثاب على خدمته لها، وهي مثوبة تبدأ من ساعة تهيئتها للجهاد، فكل ما يقوم به صاحبها من أجلها ينال الثواب عليه، فلو قام على رعيها في حديقة أو مرج، فهو مثاب على ذلك، حتى لو أنه تركها ترعى أو تشرب من نهر غير عامد، يناله الأجر أيضا، فالأجر موقوف على النية. وهذا مصداق لقوله تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾ [الأنفال: 60] [5]، وهناك تناص (اقتباس) من المصطلح القرآني " رباط الخيل "، في تواشج ما بين القرآن والحديث الشريف، وتعميق الدلالات القرآنية، وهي واضحة على امتداد الأحاديث النبوية.

والحال الثاني: أن تكون سترا أي مانعة عن النار لصاحبها، وهذه تكون لرجل ربّى الخيل كمال ورزق له ولعياله، وأدى زكاة الله فيها، فهي ستر له.

والحال الثالث: أن تكون وزرا وسوءا ومصدرا لشقاء صاحبها، وهذا لمن يربط الخيل تكبرا بين الناس، وخيلاء له ولعياله، فتزيد نفسه غرورا، وسلوكه سطوة، وتصرفاته عنفوانا، فيضر من حوله من المسلمين وغير المسلمين، فتكون الخيل هنا وبالا وسيئات عليه.

وهذه مصداق للآية الكريمة: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14] [6]. والخيل المسوّمة هي الخيل المطهمة والراعية الحسان [7]، وهي شهوة ومما يحبه المرء في دنياه، وتتقارب في الدلالة مع المركبات الحديثة الفارهة، كوسيلة ركوب.

في الحديث حض على الجهاد، وعلى العمل وإخراج الصدقات، وعلى التواضع، عبر تبيان سبيل تعامل المسلم مع الخيل، فإما أن تكون للجهاد، أو تكون وسيلة رزق ومن ثم إخراج حق الله فيها من زكاة وصدقة، ثم النهي عن اتخاذها وسيلة للتكبر، بين الناس عندما يعتلون ظهورها.

استهل الرسول صلى الله عليه وسلم: حديثه بإجمال ثم أعقبه بتفصيل، والإجمال جاء قاعدة أساسية في التعامل مع الخيل، وهو تعامل نفسي أخلاقي ينطلق من منظومة الإسلام في تربية النفس البشرية حتى لا يطغى الشح والتكبر عليها، وتصبح الممتلكات وسيلة للخير والجهاد والتواضع.

2) قصص الرحمة بالحيوان:
ويقصد بها القصص الواقعية التي بها مظاهر الحنو على الحيوان، وهي تختلف عن النوع السابق، في كونها قصصا حقيقية، كما ورد في تفسيرها، وقد رواها الرسول صلى الله عليه وسلم: من باب التقرير الواضح للحادثة التي وقعت بالفعل، فالرسول يعيد ذكرها، مؤكدا وقوعها، ومبينا نتيجة الفعلة ذاتها ثوابا أو عقابا.

• عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: بينا رجل يمشي، فاشتد عليه العطش، فنزل بئرا فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خفه ثم أمسكه بفيه، ثم رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له. قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرا؟ قال: في كل كبد رطبة أجر [8].

هذا الحديث نزل في أحد رجال بني إسرائيل؛ نال مغفرة من الله تعالى لأنه سقى كلباً كاد يموت عطشاً، فقد نزل بئرا فشرب، فلما صعد وجد كلبا يلهث من العطش، حتى أنه يلحس التراب لحسا، فنزل البئر، فملأ خفه (حذاءه) ماء، ثم وضعه في فمه، وصعد البئر، وسقى الكلب، فنال الشكر من الله تعالى، وأيضا المغفرة الواسعة.

ومن الموقف المذكور، خرجت الحكمة الشاملة من الحديث أن " في كل كبد رطبة أجر "، فالمراد من الرطوبة الحياة، والرطوبة تتأتى من الماء [9]. وهذا الأمر على سبيل الوجوب.

ونرى في الحديث أن الصحابة طرحوا سؤالا على الرسول صلى الله عليه وسلم: فهل ينالون ثواباً إذا أحسنوا للبهائم عامة؟، وجاءت الإجابة مؤسسة لحكم عام في الترفق بالبهائم. وقد اعتمدت بنيةُ الحديث القصةَ مطلعا، ومن ثم كان الحوار استفهاميا عن ثواب من يحسن للبهائم في العموم.

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال: (عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعا، فدخلت فيها النار). قال: فقال والله أعلم: لا أنت أطعمتها ولا سقيتها حين حبستها، ولا أنت أرسلتها فأكلت من خشاش الأرض [10].

فهذه المرأة دخلت النار لأنها حبست القطة، لم تقم بإطعامها وسقيها، ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض أي هوامها وحشراتها، وقد جاء في شرح الحديث الشريف: أن المرأة غير مأمورة بقتل القطة، لأنها لم تفعل شيئا، وإنما حبستها دون ذنب، فدخلت النار [11]. والقصد هنا: الرأفة بالحيوان ورعايته وعدم إيذائه. وجاء بناء الحديث: ذكر القصة بإيجاز شمل حبس القطة، حتى الموت جوعا، ثم العاقبة أن دخلت صاحبتها النار في الشطر الأول. ثم جاء الشطر الثاني: جاء تعليلا لسبب دخولها النار، وهو تعليل منطلق من رحابة الرحمة العامة بمخلوقات الله تعالى، فإن لم نرعها، فلنتركها تنل رزقها المقدر من قبل الله تعالى، فهو رازقٌ مخلوقاته، فكأننا أشبه ببناء حواري على شطرين: شطر قصصي، وشطر تعليل له.

2) قصص الصالحين من الأمم السابقة:
وهي قصص مروية عن الصالحين من الأمم السابقة، وقد جاءت ضمن سياق الحكاية الطويلة نوعا ما، بها الكثير مما يمكن التحاور حوله، وهي قصص مكتملة الدلالة، واضحة في إرشادها، تبرهن من خلال كونها حدثت بالفعل على كثير من القيم الإنسانية والإسلامية العظيمة.

• عن عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما) قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم، حتى أووا المبيت إلى غار فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجّيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعو الله بصالح أعمالكم، فقال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا، فناء بي في طلب شيء يوما، فلم أرح عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين، وكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا، فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر، فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج، قال النبي صلى الله عليه وسلم: وقال الآخر: اللهم كانت لي بنت عم كانت أحب الناس إلي، فأدرتها عن نفسها فامتنعت مني، حتى ألمت بها سنة من السنين، فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها، ففعلت حتى إذا قدرت عليها قالت: لا أحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه، فتحرجت من الوقوع عليها، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: وقال الثالث: اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فثمّرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبد الله أد إلي أجري، فقلت له: كل ما ترى من أجرك، من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي، فقلت: إني لا أستهزئ بك، فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا، اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون) [12]

الحديث السابق كان حوارا قصصيا مرويا بين الرسول وصحابته، وشفاهية الحوار واضحة من بنيته المعتمدة على الحكي المتمهل، الذي نجد أن الرسول يتوقف فيه من آن لآخر، كما يذكر الراوي مثلا: " قال النبي صلى الله عليه وسلم ): قال الثالث: اللهم... ". فهذا يعني أن الرسول كان يتوقف متأملا وقع سرده الأحداث على وجوه مستمعيه، وربما يعن لأحدهم سؤال، ولكن متن الحديث يخلو من السؤال لطبيعة التشويق الذي يعتمده المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولأن الأحداث واضحة متعللة في تتابعها.

أكد الرسول في مطلع الحديث على أن القصة واقعة بالفعل، حين قال: "..ممن كان قبلكم "، فهذا توكيد على واقعية الشخوص والأحداث، خاصة أن القصة تنقل السامع إلى أجواء إيمانية خالصة، لا مجال للاجتهاد البشري فيها، فلا سبيل للخروج من كهف في باطن جبل، سد بابه بصخرة عظيمة، إلا باللجوء إلى المولى سبحانه وتعالى، فقد انعدمت القدرة البشرية في هذا الموقف، وامتحنت القلوب، وبدأت مناجاة العباد لربهم، فالأول أنجاه الله بإخلاصه في طاعة والديه، بموقف أخفض الابن جناح الذل من الرحمة فيه، حيث ظل واقفا حاملا إناء الغبوق، منتظرا استيقاظ والديه المسنين، حارما أبناءه منه. والثاني تعفف عن الوقوع في الفاحشة بعدما امتلك جسد ابنة عمه وهي أحب الناس إليه، وقام خوفا من عقاب الله. والثالث: يؤدي أمانة أجر رجل عمل عنده يوما، ولكنه يؤديه أضعافا مضاعفة: خيلا ورقيقا وأنعاما، ولو شاء لاكتفى بإعطاء الأجير أجره فحسب، خصوصا أنه غادر دون أن يطالب بأجره.

المواقف الثلاثة فيها أمور عدة:
أولها: إنها تمثل أشد لحظات الإخلاص لله تعالى.

ثانيها: إنها متدرجة في طبيعة الاختبار ذاته، فالموقف الأول أقل امتحانا للقلب من الموقف الثاني حيث شهوة الجسد، ورغبة النفس، ولكنه يترفع، أما الثالث فهو يعطي ثمرة تعبه في استثمار أجر الرجل، عن طيب خاطر، وحب النفس للمال شديد.

ثالثها: إن الابتلاء متنوع في كل موقف ما بين فتنة الولد، وفتنة المرأة، وفتنة المال.

رابعها: إن القيم إنسانية الطابع، ما بين طاعة الوالدين، وإعفاف النساء، وإعطاء حق الأجير/ العامل، وهي قيم سامية مشتركة بين البشر، في الأديان السابقة بدليل أن القصة حدثت في أمم سابقة، ثم عززها الإسلام وشدد عليها.

خامسها: إن بناء القصة يعتمد على المناجاة الخالصة للعبد مع ربه، بأشد مواقف الإخلاص والعبودية المطلقة لله تعالى، وهذه المناجاة حوار موصول مع الله.

سادسها: إن الطابع الحواري واضح في ثنايا القصة، فكل موقف يجعل النفس تتحاور حول مدى ترسخ هذه القيم في النفس، وهي قيم أساسية في نفس كل مسلم، وثابتة في مختلف الأديان السماوية المنزلة من عند الله تعالى. كما أن الشخصيات الثلاثة بمواقفها المختلفة شكلت بناء حواريا فيما بينها، فالتنوع يجعل الذهن متفكرا، مقارنا، طارحا الأسئلة، أي متحاورا مع الشخصيات والأحداث.

سابعها: إن هذه القصة، وغيرها من القصص النبوي، تثير في السامع الشعور بالتفاؤل، والأمل في الله تعالى دائما، وأن الأمور مهما اشتدت، وعظُم سوادُها فإنها إلى انفراج مادام العبد حسن الظن، صادق التوكل على الله تعالى. والتفاؤل شعور " بتوقع الخير الذي يؤدي إلى الرضا والفرح والسرور، ثم السعادة، وما ينعكس عنه من أثر إيجابي...، يدفعه إلى البحث عن وسائل عمل الخير، والرغبة في فعله، والاستزادة منه " [13]، والهدي النبوي متوافق مع الفطرة البشرية، لأن النفس تميل بطبعها إلى الأمل، والرغبة في الخير.

أما التشاؤم - من المنظور الإنساني والإسلامي - فأمر يحبط النفس، ويؤدي إلى عدم الرضا، والشعور بالحزن، والكره والغضب، وانقباض النفس، وهذا كله له أثر لبي على توجه الإنسان نحو الخيرات، بل انعدام الرغبة في الفعل [14]. وكما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (فيما يرويه أبو هريرة ): " لا طيرة، وخيرها الفأل. قالوا: وما الفأل؟ قال: الكلمة الصالحة، يسمعها أحدكم " [15]

والكلمة الصالحة في مجملها تغرس الفأل الحسن في النفس، وتمثل قصص الرسول كلها أملا في النجاة والفوز والفلاح، والتوفيق من الله حاضر في كل موقف، ما دام العبد مرتكناً، متوكلا على ربه تعالى.

• عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل، سأل بعضهم بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار، فقال: ائتني بالشهداء أشهدهم، فقال: كفى بالله شهيدا، قال فائتني بالكفيل، قال: كفى بالله كفيلا، قال: صدقت، فدفعها إليه إلى أجل مسمى، فخرج في البحر فقضى حاجته، ثم التمس مركبا يركبها يقدم عليه للأجل الذي أجله، فلم يجد مركبا، فأخذ خشبة فنقرها، فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه، ثم زجج موضعها، ثم أتى بها إلى البحر فقال: اللهم إنك تعلم أني كنت تسلفت فلانا ألف دينار، فسألني كفيلا فقلت: كفى بالله كفيلا، فرضي بك، وسألني شهيدا فقلت: كفى بالله شهيدا، فرضي بك، وأني جهدت أن أجد مركبا أبعث إليه الذي له فلم أقدر، وإني أستودعكها، فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه، ثم انصرف، وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده، فخرج الرجل الذي أسلفه، ينظر لعل مركبا قد جاء بماله، فإذا بالخشبة التي فيها المال، فأخذها لأهله حطبا، فلما نشرها وجد المال والصحيفة، ثم قدم الذي كان أسلفه، فأتى بالألف دينار، فقال: والله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك، فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه، قال: هل كنت بعثت إلي بشيء؟ قال: أخبرك أني لم أجد مركبا قبل الذي جئت فيه، قال: فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة، فانصرف بالألف دينار راشدا[16].

هذه القصة تعبر عن الصدق العالي مع الله تعالى، فمن أحسن الظن بالله، كان الله تعالى عند ظنه، وقد أشهد المقترض الله على أنه أخذ الألف دينار، وجعل الله وكيله، وأصدق الله وعده. فلما حان موعد الأجل، لم يجد مركبا، فأدخل الألف دينار في خشبة، ثم ألقاها في البحر، وقد وصلت الألف دينار إلى المقرض عبر البحر، وكان الله تعالى عند حسن ظن الرجلين، فلما سافر المقترض بالألف الثانية؛ خشية أن تكون الأولى ضاعت في البحر، أخبره المقرض أنه تسلمها في اليوم المحدد عبر خشبة جاءته في الماء.

في القصة تسليم مطلق بقدرة الله، وصدق الرجلين فيما بينهما، وتقيم حوارا غير مباشر في أعماق السامع، إنه حوار مع القيم العليا المترسخة في القصة: الإخلاص، وحسن الظن بالله، والوفاء.

بناء القصة اعتمد على السرد والحوار، والسرد كان مركزا للغاية، ينقل الدلالة المباشرة، عبر مشاهد ثلاثة: مشهد الإقراض، ثم مشهد البحر، ثم مشهد اللقاء الثاني بين الرجلين، وفي كل مشهد نجد صدق الذات مع الله تعالى. وفي المشهدين الأول والثالث: الحوار مكثف بين الرجلين، وكلاهما يثق في الآخر.

- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان رجل من بين إسرائيل يقال له جريج يصلي، فجاءته أمه فدعته فأبى أن يجيبها، فقال: أجيبها أو أصلي؟ ثم أتته فقالت: اللهم لا تمته حتى تريه المومسات، وكان جريج في صومعته، فقالت امرأة: لأفتنن جريجا، فتعرضت له، فكلمته فأبى، فأتت راعيا فأمكنته من نفسها، فولدت غلاما، فقالت: هو من جريح، فأتوه وكسروا صومعته فأنزلوه وسبوه، فتوضأ وصلى، ثم أتى الغلام فقال: من أبوك يا غلام؟ قال: الراعي، قالوا: نبني صومعتك من ذهب، قال: لا، من طين[17].

فحين أبى جريج أن يجيب أمه دعت عليه أن يريه الله وجوه الغانيات المومسات، واستجاب الله لدعائها، وسعت إحداهن لتغويه، ولكنه رفض وتعفف، فذهبت الغانية إلى أحد رعاة الغنم، فزنا بها، وحملت، ووضعت سفاحا غلاما، وادعت على جريج أنه والد الغلام، فيثور قومه، وينزلوه من صومعته ويهدوموها، وهنا يلوذ جريج بالصلاة، فيدعو، ويستجيب الله لدعائه، وينطق الغلام أن الراعي أبوه، وحين يرى القوم هذا المشهد، يعتذرون، ويعرضون عليه أن يبنون صومعته من الذهب، فيرفض، ويفضل الطين، ليعود إلى معية الله، وزهده.

في القصة عدة قيم سامية: طاعة الأم، الاستجابة إلى الأم عند ندائها، وأن دعوة الأم مستجابة، وأن الصلاة ملاذ العبد في محنته، وأن الدعاء مخ العبادة.

جاء بناء القصة في مواقف حوارية موجزة: بين الأم وجريج، وجريج والقوم، وجريج والغلام، فالحوار أقصر السبل الجمالية في الفن القصصي.

3) قصص من الواقع المعيش:
وهي قصص رويت للرسول عايشها الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان طرفا فيها، ومحاورا لشخوصها، وقد دُوِّنت الكثير منها في كتب السيرة والصحاح، فكانت توثيقا رائعا لحياة زاخرة بالقيم والهداية، ونرى في هذه القصص إعلام الله تعالى بأمور غيبية إلى رسوله صلى الله عليه وسلم.

• عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت: والله لأرفعنّك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة. قال: قلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة، وعيالا فرحمته فخليت سبيله، قال: أما إنه قد كذبك، وسيعود. فعرفت أنه سيعود، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه سيعود. فرصدته، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال، لا أعود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أباهريرة ما فعل أسيرك. قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا، فرحمته فخليت سبيله، قال: أما إنه كذبك، وسيعود. فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله، وهذا آخر ثلاث مرات تزعم لا تعود، ثم تعود، قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت ما هو؟ قال: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255]. حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك البارحة؟. قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله، قال: ما هي؟. قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم: الله لا إله إلا هو الحي القيوم. وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح - وكانوا أحرص شيء على الخير - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة. قال: لا. قال: ذاك شيطان[18].

في هذه القصة نجد ثلاثة شخوص: الرسول صلى الله عليه وسلمأبا هريرة الصحابي الجليل، والشخص الذي يحاور أبا هريرة (الشيطان). فقد أمسك أبو هريرة برجل كان يسرق من صدقات شهر رمضان المبارك، فاسترحمه الرجل، مدعيا الفقر وحاجته وحاجة عياله، فتركه أبو هريرة، فأعلم الله تعالى رسوله الكريم بما حدث، فسأل الرسول أبا هريرة عن خبر الرجل، فلما أخبره أبو هريرة بما حدث، أخبره الرسول أن هذا الرجل سيعود إليه على نحو ما جاء في أحداث القصة، وبالفعل يعود الرجل، مرتين، ويحاور أبا هريرة، ويعلمه آية الكرسي، مثلما علمه الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقر الرسول أن هذا الرجل شيطان، وأنه علّم أبا هريرة آية من القرآن فصدق وهو من الكاذبين، وجنّب الله أبا هريرة آثام الشيطان ومسّه وأنجاه منها.

في القصة أمور عدة: إن الرسول صلى الله عليه وسلميحاور أبا هريرة، الذي تعرض لفتنة شيطان، ويهديه إلى حسن التصرف في هذه المواقف، حيث يعتصم بالقرآن الكريم، وبهدي آية الكرسي، فهي حافظة من كل شيطان آثم.

وفيها أيضا مظهر لنبوة محمد صلى الله عليه وسلمحيث يعلم الغيب، وكينونة هذا الرجل الذي أراد أن يفتن أبا هريرة، ويخلط سمه بعسل القرآن، وقد ظل ثلاثة أيام ينبئ أبا هريرة بالمستقبل حتى أعلمه حقيقة الرجل. وكون ظهور الشيطان في هيئة رجل هو واقع، فالشياطين كائنات يمكنها أن تظهر في صور مختلفة، لتفتن الناس وتغويهم، وتدس في سبيل ذلك خبيثها من القول.

• عن أبي سعيد (رضي الله عنه) قال: انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلمفي سفرة سافروها، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا، لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم، والله إني لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾. فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قلبة. قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقي: لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله فذكروا له، فقال: وما يدريك أنها رقية. ثم قال: قد أصبتم، اقسموا، واضربوا لي معكم سهما. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم [19].

كان الرسول في هذه القصة شاهدا مقرا على أحداثها، وهي قصة تثبت التداوي بآيات القرآن الكريم خاصة آيات فاتحة الكتاب؛ وقد شفى زعيم القوم بهذه الآيات، وحين عرض الأمر على الرسول ضحك مقرا أن الفاتحة شفاء لأمراض الجسد، وقد كان الموقف توفيقا من الله للرجل الذي أرقى زعيم القوم وأشفاه بفضل فاتحة الكتاب.

القصة بهذا الشكل تلامس الحدث، فهي مروية على لسان أبي سعيد راوي الحديث، الذي رواها للرسول صلى الله عليه وسلمومن ثم جاء تعقيب الرسول بأن المداوي بالفاتحة قد أصاب، وطلب سهما معهم فيما أخذوه، ثم ضحك الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو سعيد بأن أحد هؤلاء النفر المسلمين قد اهتدى بخالص إيمانه إلى الاستشفاء بأم الكتاب (الفاتحة).

• وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا فَسَأَلَتْ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم‏"‏ مَنِ ابْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ ‏"‏ ‏[20].

الموقف عظيم التأثير في النفس، فهذه امرأة لا عائل لها، ومعها ابنتان صغيرتان، وهن يعانين الفقر الشديد، بدليل أنهن يسألن الطعام، وحين يغدون إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسألن زوجته السيدة عائشة (رضي الله عنها )، ولم تجد السيدة عائشة إلا تمرة واحدة، أعطتها المرأة، فقسمتها المرأة بين ابنتيها. وحيت روت السيدة عائشة الحادثة إلى الرسول، جعل من كفل هذه البنات ينال الستر من النار يوم القيامة.

في الحديث دلالات عالية: فبيت السيدة عائشة، زوج الرسول، حاكم المسلمين، ورسولهم وقائدهم، لا طعام فيه، وهذا دليل على الزهد وكثرة الصدقات من الرسول وآل بيته. كذلك، فإن المجتمع في المدينة المنورة فيه تكافل كبير وكان أهل بيت النبي يتقدمون الناس في التصدق، فها هي الأم وابنتاها يدخلن على بيت رسول الله، وينلن ما فيه من على قلته الشديدة ويرضين، لأن في علمهن المسبق أن أزواج النبي كثيرات الصدقة والبر.

لم يترك الرسول الحادثة دون أن يذكر توجيها ساميا، وقد انتقل فيه من الخاص إلى العام، فبشّر كافل البنات والأم، بشارة أخروية، لينقل القضية كلها إلى دائرة الإثابة، والحفز على رعاية اليتيمات والأرامل، رغم أن الحديث لم يشر إلى أن البنتين يتيمتان، إلا أن السياق دال على أن لا كفيل لهن، فجاء التوجيه النبوي السامي إلى أهمية الاعتناء بهن، على العموم، سواء أن يكفلهن متطوعا من غير قرابة، أو يكون قريبا لهن فيتولى أمرهن.

• عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ جَاءَ شَيْخٌ يُرِيدُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَبْطَأَ الْقَوْمُ عَنْهُ أَنْ يُوَسِّعُوا لَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا ‏"‏ [21].

الموقف غاية في البساطة: رجل كبير السن، يريد النبي في أمر، والنبي بين الناس وهم جالسون، وكل ما حدث: أن القوم تباطئوا في الإفساح له؛ ليقترب من النبي صلى الله عليه وسلم، فسارع النبي بترسيخ قاعدة مهمة، تتصل بكيفية التعامل مع كبير السن، وصغيره، إنها قاعدة الرحمة، التي تبدأ بأبسط السلوكيات: الإفساح في المجلس، وتتسع لتشمل القول والفعل والإحسان. وقد ركز الرسول على الفئة العمرية: صغار السن وكبارهم، لأنهم الطرف الأضعف في الاهتمام، فهم ما يكونون غير ذي قوة: في المال والجسد والعمل.

4) قصص اليوم الآخر:
وهي أحاديث تشير إلى ما سيحدث يوم القيامة من مواقف وأحداث، وقد صيغت بشكل قصصي، يقربنا من الصورة التي ستقع بها، وهو شكل فيه وصف للشخوص والمكان والأحداث بدقة وكثافة لغوية.

• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَرْسَلَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى الْجَنَّةِ فَقَالَ انْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا ‏.‏ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَرَجَعَ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لاَ يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَهَا ‏.‏ فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ فَقَالَ اذْهَبْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لاَ يَدْخُلَهَا أَحَدٌ ‏.‏ قَالَ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَى النَّارِ وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا ‏.‏ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَرَجَعَ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لاَ يَدْخُلُهَا أَحَدٌ ‏.‏ فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ فَقَالَ ارْجِعْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا ‏.‏ فَإِذَا هِيَ قَدْ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ فَرَجَعَ وَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لاَ يَنْجُوَ مِنْهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَهَا ‏"‏ [22].

إننا أمام قصة متكاملة جوانب السرد: الوصف، المتكلمين، الحوار. وجاء الزمان في المطلق الأبدي الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، وكذلك المكان في عليين. كان الحوار هو الأساس في بناء القصة، فالله تعالى، خلق الجنة والنار، وجعل مسببات وكمال النعيم في الجنة، وكمال القبح والعذاب في النار، وهنا نجد الحوار بين الله تعالى، وبين جبريل عليه السلام، فالجنة لو سمع بها أحد على ما فيها من خيرات ونعيم أبدي لا حدود له، ولا يخطر على قلب بشر، فإن الناس سيدخلونها، ويتركون النار بما سمعوا عنها من مشاهد العذاب الأبدي. فيأمر الله تعالى أن تُحَفَ الجنة بالمكاره والنار بالشهوات، والمكاره مختلف الواجبات التي يقوم بها المرء وتشمل اجتناب المحرمات (الشهوات المختلفة)، وفعل الطاعات وهي قد تثقل على النفس. أما الشهوات فهي كل ما ترومه النفس وتتمناه مثل شهوتي الفرج والمال، وتسلك في سبيل ذلك مسالك تخالف الشرع، وتضر الآخرين كالزنا والسرقة والنصب والاحتيال والربا.

فمقصد الحديث: أن الجنة ذات نعيم غير محدود، ولكن من طلبها فعليه أن يتجنب المحرمات وما تشتهيه نفسه بطريق غير شرعي، ويتحمل مشقة ذلك على نفسه، ولكن الثمرة أن شهواته سينالها كاملة في الجنات العلا، أما إذا أراد راحة نفسه، وإشباع شهواتها، فإن النار عاقبته في الآخرة.

وقد صيغ الحديث بقالب حواري جذاب، بين الله تعالى وسيد الملائكة جبريل عليه السلام، والحديث موجز، ولكنه عالي الإشارات والدلالات حول اكتمال اللذائذ في الجنة، واكتمال العذاب في النار.

ونلاحظ سمة تميز الأسلوب اللغوي للرسول صلى الله عليه وسلم، تتمثل في إعادة توظيف المفردات في دلالات جديدة، فيما يسمى " دلالات اللفظة في السياق"، ويعنى بـ " بيان دلالات الألفاظ وتحديد معنى الكلمة وإزالة الغموض والكشف عن المعنى المراد في الألفاظ ذات الدلالات المتعددة، التي لا تُعرَف دلالتها، ولا تتضح إلا من خلال السياق " [23]. ولابد أن يكون في السياق قرائن تسهم في عملية فهم النصوص وبيان معانيها مثل القرائن اللفظية في النص أو في نصوص أخرى تسهم في تبيان الدلالات المقصودة [24]. والقرائن الحالية وهي تعتمد على بيان حال الأشخاص المتكلمين والمخاطبين وغرض المتلكم وبيئة الخطاب[25].

فلفظتا: (المكاره، والشهوات)، اكتسبتا دلالتين جديدتين؛ فالمكاره تعني اجتناب ما يكرهه الإنسان من ملذات الحياة المحرمة، وإجبار النفس على فعل الطاعات. أما الشهوات فتعني اللذائذ المحرمة التي تغوي النفس. وقد جاء الفعل " حُفّت " ليعطي الجنة والنار دلالة الصورة الخيالية (الاستعارة المكنية) حيث شبه المكاره والشهوات كسورين يحفان بالجنة أو بالنار، فالسياق للجنة والنار في الحديث الشريف، أعطى الدلالات المشار إليها للمكاره والشهوات.

إن قضية السياق في الحديث النبوي واضحة بجلاء، ويمكن أن نقرر أن هناك قاموسا لغويا؛ جديد في استخداماته اللغوية أحدثه الرسول صلى الله عليه وسلم في تعبيراته، ويمكن أن نرصد ألفاظ هذا القاموس من خلال إعادة قراءة مفردات الحديث النبوي الشريف بشكل أفقي، وهذا دال على ثراء المنشئ، وعمق رسالته.

• عن صفوان بن محرز المازني قال: بينما أنا أمشي مع ابن عمر رضي الله عنهما آخذ بيده، إذ عرض رجل فقال: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النجوى؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يدني المؤمن، فيضع عليه كنفه ويستره، فيقول: أتعرف ذنب كذا: أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب، حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه هلك، قال: سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته. وأما الكافر والمنافق، فيقول الأشهاد: ﴿ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18] [26].

القصة مشهد يعبر عن لحظة الحساب ثم المغفرة من الله تعالى، يوم الحساب، حين يحضر العبد المؤمن بمعاصيه في الدنيا، وهي معاص لا ترقى لمعاصي الكافر ولا المنافق، ونجد أن الرسول صلى الله عليه وسلميصف الموقف بكلمات قليلة، ولكنها تتخذ طابع القصة المشهد الواحد، فالله تعالى يقرّب العبد المؤمن يوم القيامة، ويعرّفه بذنوبه، فيقر المؤمن بما فعل، وتعظم الذنوب أمام عينيه، ويظن أن جهنم جزاؤه، إنها الهلاك، إلا أن الله تعالى يخبر المؤمن بستره الذنوب عليه في الدنيا، ومغفرتها له في الآخرة، أما الكافر والمنافق فلهما لعنة الله على الظالمين.

القصة تقارن بين شخصيات ثلاثة: المؤمن، الكافر، المنافق، وتضع الأخيرين في خندق واحد، بينما ينجو المؤمن بصدقه وإخلاصه وينال مغفرة الذنوب والجنة. فالقصة تذم سلوك المنافق، الذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر، ويكون كالسوس ينخر في المجتمع المسلم. في الوقت التي تبشر به المؤمن المخلص بالمغفرة، فالدلالة غير المباشرة في القصة: أن الإيمان الصادق والتوحيد الحقيقي هو الأساس في قبول الأعمال، والسبيل لمغفرة السيئات. فالمؤمن ذو إيمان ثابت، وتوحيد خالص يضاد الكفر والنفاق.

وقد كان الحوار ديدن الموقف بين الله تعالى، وعبده المؤمن، أما رد الله على الكافر والمنافق فقد جاء بآية قرآنية، ليكون الموقف موضحا ماهية الكذب على الله، وهو إبطان الكفر.

• عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: استب رجلان: رجل من المسلمين، ورجل من اليهود، قال المسلم: والذي اصطفى محمدا على العالمين، فقال اليهودي: والذي اصطفى موسى على العالمين، فرفع المسلم يده عند ذلك فلطم وجه اليهودي، فذهب اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بما كان من أمره وأمر المسلم، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم المسلم، فسأله عن ذلك فأخبره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تخيروني على موسى، فإن الناس يصعقون يوم القيامة، فأصعق معهم، فأكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش جانب العرش، فلا أدري: أكان فيمن صعق فأفاق قبلي، أو كان ممن استثنى الله [27].

القصة تشمل ثلاثة مواقف، الأول: حادثة واقعية، تتمثل سباب الرجلين، المسلم واليهودي، وكلٌ يتباهى بنبيه. الموقف الثاني: شكوى اليهودي للرسول صلى الله عليه وسلم من لطمة المسلم له. الموقف الثالث: ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم موقف صعق الناس يوم القيامة، فلما يفيق محمد من الصعقة، يجد موسى عليه السلام جانب عرش الرحمن، فلا يعلم هل استثنى الله موسى من الصعقة، أو أفاق موسى قبل الرسول صلى الله عليه وسلم.

في الموقف دلالات عديدة: أولها: كيف أن الرسول كان ملاذ الناس في مجتمع المدينة، فهو قاض محايد بين المسلم واليهودي، واليهودي قبل بحكم الرسول في خصومته مع المسلم. ثانيها: إن حكم الرسول كان رفضا لسلوك المسلم، فلا تمييز بين موسى ومحمد، فكلاهما رسول. ثالثها: إن الإسلام يؤمن بفضل موسى، ويعترف به، والرسول يقر بمنزلته العالية عند الله تعالى.

ونشير في النهاية إلى:
إن البناء الحواري في القصص النبوي هو الأساس، فهو يتسق مع طبيعة السرد الشفاهي للأحاديث الشريفة، حيث تتميز قصص الرسول بالكلمات الموجزة التي تنقل أحداث القصة، وهذا النقل يعتمد على أمور في بناء القصة، يمكن أن نجملها مما تقدم من القصص:
• إن السرد في القصص النبوي قصير عامة، لأنه يُلَقى على مستمعين، وبالتالي فإن الرسول حريص على الكثافة اللغوية، والعرض بأقل العبارات.

• في السرد القصصي يمكن تمييز " الوقفة الوصفية "[28] التي تصف الموقف بدقة، خاصة أن القصص ذات مكان وزمان محدودان، فجاءت القصص النبوية في مجملها قصيرة، تصف أحداثا محددة وبشخوص قلة، رغبة في إيصال رسالتها بشكل ميسر فلا يضيع السامع بين أحداث القصة وطولها.

• في السرد النبوي حوار " درامي الطابع "، والحوار أكثر الآليات القصصية في إيجاز الحدث، وتعميق الدلالة. وفيه أيضا كلمات من الرسول (بوصفه راويا للقصة) تساهم في تطوير الحدث القصصي، وإفهام المتلقي مغزى القصة [29].

إذا كان الفصل الثاني تناول أشكال الحوار في الأحاديث الشريفة، فإن الفصل الثالث، سيتطرق إلى أبرز القضايا وطبيعة الشخصيات التي حاورها الرسول صلى الله عليه وسلم وهي قضايا متعددة، كان الحوار فيها أساسا في الدعوة.

[1] لسان العرب، ابن منظور، ج5، ص102. يشير إلى أن القص يعني تتبع الأثر، والقص والخبر مترادفان، والقصص هي الخبر المقصوص ( المحكي )، و القاص هو الذي يأتي بالقصة على وجهها كأنه يتتبع معانيها.وانظر أيضًا: المعجم الوسيط، ج1، ص222.
[2] انظر: فن القصة القصيرة، د. عبد الحميد يونس، دار المعرفة، القاهرة، ص12
[3] صحيح البخاري، ج2، كتاب الإجارة، ص133، رقم 2271.
[4] صحيح البخاري، ج2، كتاب الشرب والمساقاة، ص167، رقم 2371.
[5] سورة الأنفال، الآية ( 16 ).
[6] سورة آل عمران، الآية ( 14 ).
[7] تفسير ابن كثير، ج1، ص404، عن ابن عباس رضي الله عنهما. وقد ورد في التفسير أن حب الخير على ثلاثة أقسام، هي المذكورة في الحديث الشريف المتقدم.
[8] صحيح البخاري، ج2، كتاب الشرب والمساقاة، ص165، رقم 2363.
[9] فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب المساقاة، فصل سقي الماء. حيث يقول الإمام النووي تعقيبا على الحديث الشريف: إن عمومه مخصوص بالحيوان المحترم وهو ما لم يؤمر بقتله فيحصل الثواب بسقيه، ويلتحق به إطعامه وغير ذلك من وجوه الإحسان إليه‏.‏
[10] صحيح البخاري، ج2، كتاب الشرب والمساقاة، ص166، رقم 2365.
[11] فتح الباري، كتاب المساقاة، فضل سقي الماء، وقد جاء فيه: " قال ابن المنير‏:‏ دل الحديث على تحريم قتل من لم يؤمر بقتله عطشا ولو كان هرة وليس فيه ثواب السقي ولكن كفى بالسلامة فضلا‏.
[12] صحيح البخاري، ج2، كتاب الإجارة، ص134، رقم 2272.
[13] التفاؤل والتشاؤم في الحديث النبوي ( دراسة موضوعية )، د. أمين محمد القضاة، بحث منشور في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، العدد ( 52 )، 1423هـ، 2003م، ص 98.
[14] انظر : المرجع السابق، ص98 وأيضا: ص 103.
[15] صحيح البخاري، كتاب الطب، رقم 5754، ج4، ص46.
[16] صحيح البخاري، ج2، كتاب الكفالة، ص140، رقم 2291.
[17] صحيح البخاري، ج2، كتاب المظالم والغصب، ص202، رقم 2482.
[18] صحيح البخاري، ج2، كتاب الوكالة، ص149، رقم 2311.
[19] صحيح البخاري، ج2، كتاب الإجارة، ص136، رقم 2276. وذكر أيضا: قال ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله. وقال الشعبي: لا يشترط المعلم، إلا أن يعطى شيئا فليقبله. وقال الحكم: لم أسمع أحدا كره أجر المعلم. وأعطى الحسن دراهم عشرة. ولم ير ابن سيرين بأجر القسام بأسا. وقال: كان يقال: السحت: الرشوة في الحكم، وكانوا يعطون على الخرص.
[20] سنن الترمذي، كتاب البر والصلة، الحديث رقم 2039.
[21] سنن الترمذي، كتاب البر والصلة، الحديث رقم 2043.
[22] سنن النسائي، أبو عبد الرحمن أحمد بن على بن شعيب بن على بن سنان بن البحر الخراساني،كتاب الأيمان والنذور، الحديث رقم 3779، نشر موقع Al-Eman|ظ†ط¯ط§ط، ط§ظ„ط¥ظٹظ…ط§ظ† (http://www.al-eman.com) ( نداء الإيمان )، مكتبة التراث الإسلامي.
[23] السياق وأثره في دلالات الألفاظ ( دراسة أصولية )، د. عبد المجيد محمد السوسوه، بحث منشور في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، العدد ( 74 )، رمضان 1429هـ، 2008م، ص24.
[24] المرجع السابق، ص30، والقرائن اللفظية على نوعين: المتصلة: وتكون في مبنى النص نفسه، والمنفصلة وتكون في نصوص أخرى مستقلة عن النص، ولا نفهم الدلالة إلا باستحضار النص الآخر.
[25] المرجع السابق، ص 39، والقرائن الحالية هي التي تحف بالخطاب من ظروف وملابسات ومقامات مختلفة، والتي سماها العلماء بسياق الحال أو المقام.
[26] صحيح البخاري، ج2، كتاب المظالم والغصب، ص190، رقم 2441.
[27] صحيح البخاري، ج2، كتاب الخصومات، ص179، رقم 2311.
[28] قاموس السرديات، جيرالد برنس، ترجمة: السيد إمام، دار ميريت للنشر والمعلومات، 2003م، ص44.
[29] السابق، ص45.
د. مصطفى عطية جمعة