المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مُلَخَّص المَنْهِيَّات في الصلاة


امانى يسرى محمد
11-06-2020, 09:40 PM
مُلَخَّص المَنْهِيَّات في الصلاة[1]


(1) النَهْي عن الاختصار في الصلاة (يعني أن يضع يديه على جَنْبِه وهو يصلي):

فقد نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُصلِّي الرجل مختَصِرًا[2]، والمقصود: النَهْي عن وضع اليد على الخاصرة (والخاصرة هي جَنْب الإنسان فوق عظمة الورك)، وقد تقدَّم أن السُّنة وضْعُ اليدَيْن على الصَّدر.


والحكمة من النَهْي عن الاختصار:

1 - أنَّ فيه تشبُّهًا باليهود: فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تَكْره أن يَجْعل المصلِّي يدَه في خاصرته، وتقول: إنَّ اليهود تفعله[3].


2 - أنه راحَةُ أهل النار؛ فقد قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((الاخْتِصار في الصلاة راحة أهلِ النَّار))[4].


♦ وأمَّا حُكْم الاختِصار في الصَّلاة، فقد ذهبَ ابنُ عبَّاس وابن عمر وعائشةُ ومالِكٌ والشَّافعي وأهل الكوفة إلى أنَّه مكروه، وذهب أهل الظَّاهر إلى حُرْمَتِه، ورجَّحَ الشوكاني ذلك.


(2) النَهْي عن العَقْص في الصَّلاة (يعني أن يربط الرجل شعره بخيط أو غير ذلك وهو يصلي)، وكذلك النَهْي عن تشمير الثوب في الصلاة:

فقد نَهى النبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُصلِّي الرجل ورأسه مَعْقوص - (يعني نهى أن يكون شعره ذو ضفائر أو أن يربطه بخيط في الصلاة)"[5] ، وقد أمرَ النبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يسجد على سبعةِ آراب - (يعني سبعة أعضاء) - ، ونَهى أن يَكِفَّ شعره وثوبَه - (يعني نهى أن يضم شعره ويربطه بشيء، أو أن يشمر ثوبه أو كمه أو نحو ذلك في الصلاة)[6].


♦ والحِكْمة من ذلك أنَّ الشعر يَسْجد معه إذا سجَد؛ فعن عبد الله بن مَسْعودٍ رضي الله عنه أنَّه دخلَ المسجد، فرَأى فيه رجلاً يُصلِّي عاقصًا شعره - (يعني شعره ذو ضفائر) - ، فلمَّا انصرفَ قال عبدالله بن مَسْعودٍ للرجل: إذا صلَّيت فلا تعقصَنَّ شعرك - (يعني لا تضفره) - ؛ فإنَّ شعرك يَسْجد معك، ولك بكلِّ شعرةٍ أَجْر، فقال الرَّجلُ: إنِّي أخافُ أن يتترب، قال: تَتْريبُه خيرٌ لك[7]، وثبت نحوه أيضًا عن ابن عمر.


♦ ومن الحِكْمة كذلك أنْ لا يكون شبيهًا بالمكتوف الَّذي ربطَت يده خلْفه؛ فإنَّه إذا سجدَ لا تسجد يَداه معه، فعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما أنه رأى عبدالله بن الحارث يصلِّي ورأسه معقوص إلى ورائه، فجعل يحلُّه - (يعني أخذ يفك له ضفائره وهو يصلي) - وأقرَّ له الآخر - (يعني لم يمنعه) - ، ثُم أقبل على ابن عبَّاس - (بعد أن انتهى من صلاته) - ، فقال له: ما لكَ ورأسي؟ فقال ابن عباس: إنِّي سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((إنَّما مثَلُ هذا كمثل الَّذي يُصلِّي وهو مكتوف))[8].


قال النوويُّ: "وقد اتَّفقَ العُلماء على النَهْي عن الصَّلاةِ وثوبُه مشمر، أو كمُّه أو نحوه، أو رأسه معقوصٌ، أو مردود شعره تحت عمامته، أو نحو ذلك، فكلُّ هذا مكروهٌ باتِّفاق العلماء" [9]، واعلم أنَّ النَهْي مختصٌّ بالرِّجال دون النِّساء.


♦ ولكنْ يُلاحَظ أنه إذا دخل رجلٌ المسجد، وكانَ مُسْبِلاً إزاره (يعني كان الثوب الذي يغطي الجزء الأسفل من جسده طويلاً يزيدُ على الكعب)، ثم أراد أن يشمر هذا الإزار حتى لا يصلي وهو مُسبل، فإنه يجوز له ذلك مِن باب أقلّ الضررين، لأنه قد تعارض هنا أمْرٌ حرام (وهو الإسبال)، مع أمْرٌ مكروه (وهو تشمير الثوب)، فيُقدَّم فِعل المكروه.


(3) النَهْي عن البَصق تجاه القِبْلة، أو عن يمينه وهو يصلي:

وقد تقدَّم بيانُ ذلك في باب المُباحات في الصَّلاة.


(4) النَهْي عن تشبيك الأصابع:

فقد قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إذا توضَّأ أحَدُكم ثم خرجَ عامدًا إلى الصَّلاة، فلا يشبكنَّ بين يديه؛ فإنَّه في صلاة))[10] ، ففي الحديث كراهيةُ التَّشبيك من وقتِ خروجه إلى المسجد للصَّلاة، ويكون ذلك أشدَّ كراهةً في الصَّلاة من باب أولى.


ملحوظة: وردَ في بعض الأحاديث أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم شَبك بين أصابعه في المسجد؛ كحديث: ((المُؤْمن للمؤمن كالبُنْيان يشدُّ بعضه بعضًا))، وشبك بين أصابعِه[11].


ولا تَعارُضَ بين هذه الأحاديث وبين نَهْيِه صلَّى الله عليه وسلَّم عن تَشْبيك الأصابع في المسجد؛ لأنَّه يُمْكن الجمع بينهما أنَّ تشبيك الأصابع إذا كان لِتَعليم أو ضَرْب مثَلا، أو تشبيه، أو نحوه، فذلك جائز، والنَهْي: إذا كان بلا فائدة، أو كان التَّشبيك على سبيل العبَث، فإنَّه لا يجوز.


(5) النَهْي عن مسح الحصى وهو في الصلاة:

فقد قال النبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في الرَّجل يسوِّي التراب حيث يسجد: ((إن كنتَ فاعلاً، فواحدة))[12] ، (يعني إن كنتَ سَتُسَوِّي التراب حين تسجد فافعل ذلك مرة واحدة فقط في صلاتك كلها).


ففي هذا الحديث دليلٌ على كراهية مَسْح الحصى وهو في الصَّلاة، فإن احتاج إلى ذلك فمَرَّة واحدة فقط؛ حتَّى لا يخرج ذلك إلى العبَث والانشغال عن حقيقة الصَّلاة، والظَّاهر أنَّ هذا النَهْي وهو في الصَّلاة، أمَّا لو سوَّى ذلك قبل دخولِه الصَّلاة، فلا بأس بذلك، والله أعلم.


(6، 7) النَهْي عن تغطية الفم في الصلاة، وكذلك النَهْي عن السَدْل في الصلاة:

فقد نَهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن السَّدْل في الصلاة، ونَهى أن يُغطِّي الرَّجل فاه[13]، والمقصود بالسدل: إخفاء اليدين داخل الثوب أثناء الصلاة، وأمَّا عن تغطية الفَم، فالمقصود به التلَثُّم بعمامته أو نحوها.


قال الخطَّابِي رحمه الله: "مِن عادة العرب التلَثُّم بالعمائم على الأفواه، فنُهوا عن ذلك، إلاَّ أن يَعْرِض للمصلِّي التَّثاؤبُ، فيغطي فاه عند ذلك؛ للحديث الذي جاء فيه"[14]، قال الشيخ عادل العزّازي: يُشير إلى حديث أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((إذا تثَاءب أحَدُكم، فلْيَضع يدَه على فيه؛ فإنَّ الشيطان يدخل))[15].


(8) كراهة نظر المصلي إلى ما يشغله عن الصلاة:

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: صلَّى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في خميصةٍ لها أعلام - (يعني صلى في كِساءٌ مُربَّع من صوفٍ فيه خُطوطٌ أو نُقوش) - ، فقال: ((شغلَتْني أعلامُ هذه، اذهبوا بها إلى أبي جَهْم، وأتوني بأنبجانيَّتِه))[16] ، و"الأنبجانيَّة" كِساءٌ لا علَمَ له (يعني ليس فيه خُطوطٌ أو نُقوش).


(9) النَهْي عن رَفْع البصر إلى السماء:

فعن أنسِ بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما بالُ أقوامٍ يَرْفعون أبصارهم إلى السَّماء في صلاتهم؟)) - فاشتدَّ قولُه في ذلك حتى قال - : ((ليَنْتهُنَّ عن ذلك أو لَتُخَطَّفنَّ أبصارُهم))[17].


قال ابن بطَّال: "أجمعوا على كراهة رَفْع البصَر في الصَّلاة"، هذا وقد ذهَب الشيخ ابن عثيمين إلى حُرْمة ذلك.


(10) كراهة الاعتماد على اليدين:

فقد نَهى النبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يَجْلس الرَّجلُ في الصَّلاة وهو معتمِد على يده[18] .


فهذا الحديث نهى عن الاعتِماد على اليد أثناء جلوسه في الصَّلاة ، لكنَّه إن احتاج إلى الاعتماد على عصا ونحوه؛ لِعُذر، فإنَّ ذلك جائز؛ فعن أمِّ قيس بنت محصن رضي الله عنها "أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لَمَّا أسَنَّ وحمَلَ اللَّحم - (يعني كَثُرَ لحم جسده) - ، اتَّخذَ عمودًا في مُصلاَّه يَعْتمد عليه"[19] .


قال الشوكانِيُّ: "....وحديث أم قيْس - وهو الحديث السابق - يدلُّ على جواز الاعتماد على العمود والعصا ونحوهما، لكن مقيَّدًا بالعذر المذكور، وهو الكِبَر وكَثْرة اللَّحم، ويلحق به الضَّعف والمرض ونحوهما، فيكون النَهْي محمولاً على عدم العُذْر"[20].


"التلخيص على مسؤولية الكاتب"


[1] مُختَصَرَة من كتاب (تمام المِنّة في فِقه الكتاب وصحيح السُنّة) لفضيلة الشيخ عادل العزّازي أثابه الله لمن أراد الرجوع للأدلة والترجيح، وأما الكلام الذي تحته خط أثناء الشرح من توضيح أو تعليق أو إضافة أو غير ذلك فهو من كلامي (أبو أحمد المصري).

[2] البخاري (1220)، ومسلم (545)، وأبو داود (947)، والترمذي (383)، والنسائي (2/ 127).

[3] البخاري (3458).

[4] ابن خزيمة (909)، وابن حبان (2286)، وفي إسناده مقال.

[5] حسن صحيح: رواه أبو داود (646)، والترمذي (384)، وابن ماجه (1042) - واللفظ له - وصحَّحه الترمذي.

[6] البخاري (809، 810، 815)، ومسلم (490)، وأبو داود (889)، والترمذي (273)، والنسائي (2/ 216).

[7] صحيح: رواه عبدالرزاق (2/ 185)، والطبراني في "الكبير" (9/ 267)، وابن أبي شيبة (2/ 194).

[8] مسلم (492)، وأبو داود (647)، والنسائي (2/ 215 - 216).

[9] "المجموع" للنووي (4/ 98).

[10] حسن لغيره: أبو داود (562)، والترمذي (386)، وأحمد (4/ 241).

[11] البخاري (481)، ومسلم (2585)، وليس عنده قوله: "وشبك بين أصابعه".

[12] البخاري (1207)، ومسلم (546)، وأبو داود (946)، والترمذي (380)، والنسائي (3/ 7)، وابن ماجه (1026).

[13] حسن لغيره: رواه أبو داود (643)، والترمذي (378)، وابن خزيمة (772)، والحاكم (1/ 253)، وصححه على شرطهما ووافقه الذهبي، وقد رجح الشيخ أحمد شاكر تصحيحه أو تحسينه على الأقل، واللَّه أعلم، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (6883).

[14] "معالم السُّنن" (1/ 433 - من هامش أبي داود).

[15] مسلم (2995)، وأبو داود (5026).

[16] البخاري (373)، (5817)، ومسلم (556)، وأبو داود (914)، والنسائي (2/ 72)، وابن ماجه (3550).

[17] البخاري (750)، وأبو داود (913)، والنسائي (3/ 7)، وابن ماجه (1044).

[18] صحيح: أبو داود (992)، وأحمد (2/ 147).

[19] صحيح: أبو داود (948)، والحاكم (1/ 397)، وصححه ووافقه الذهبي، وصححه الألبانِيُّ (انظر الصحيحة 319).

[20] نيل الأوطار (2/ 384).


رامي حنفي محمود

شبكة الالوكة

nardena
22-06-2020, 09:50 AM
بورك فيك ونفع بك يا ريت يبقي في فديوهات للشرح

nada shawky
13-07-2020, 04:51 PM
شكرا جزيلا لكل هذه المعلومات نفع الله بكم