المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دراسة حول نزاع سد النهضة الإثيوبي والأمن المائي المصري ...


نبيل القيسي
16-07-2020, 03:03 AM
لظاهرة الصراع في إطار العلاقات الدولية مجموعة من الأطروحات الفكرية التي قد تساهم في تفسير السلوك الخارجي للدول في إطار أولويات المؤسسات الوطنية والدولية في إدارة الصراع، ومحاولة محاكاة هذه الأطروحات لإنهاء الصراع بأقل الخسائر الممكنة. ولذلك يجب علينا فهم حدّة المرحلة التي وصلت إليها هذه الأزمة للتعامل مع المعطيات بصورة واقعية. في العقود الأخيرة أصبح الحصول على مصادر الطاقة ومواردها من أهم أشكال وأسباب الصراعات والحروب، وفي المستقبل ستكون أغلبها على أغلى مورد طبيعي في العالم، المياه. فهو أساس الحياة على كوكب الأرض، إضافة الى ارتباطه الوثيق بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية وإنتاج الغذاء والطاقة وعملية التكيف مع تغير المناخ. وقد تحولت المياه الى مسألة حقوق، في ظل ازياد تعداد سكان العالم والحاجة إلى خلق توازن بين متطلبات المجتمعات المائية والموارد المتاحة منها.
تشكل المياه 72% من كوكب الأرض، منها 2.8% فقط على شكل مياه عذبة والباقي مياه مالحة. 2.45% من المياه العذبة موجودة على شكل جليد ومياه جوفية، بالتالي فإن الإنسان لا يمتلك على الكوكب إلا 0.35% من إجمالي نسبة المياه الصالحة في العالم، وهذه النسبة حسب منظمة الفاو ستقل خلال السنوات القادمة بسبب مشكلة التغير المناخي.
نهر النيل وسد النهضة: القصة من البداية
تمتلك مصر عدة موارد للمياه، تقوم بتوفير مجتمعة حوالي 59.5 مليار م3 سنويا لها. يمتلك نهر النيل النصيب الأكبر من هذه النسبة بإجمالي حوالي 55.5 مليار م3 سنويا، أي بنسبة تقدر بـ 98%.. له رافدان أساسيان، النيل الأزرق الذي ينبع من بحيرة تانا في إثيوبيا. والنيل الأبيض الذي ينبع من بحيرة فكتوريا، يجري نهر النيل في مسار 11 دول افريقية تعرف بـ “دول حوض النيل” وهي: أريتريا (بصفة مراقب)، الكونغو الديمقراطية، روندي، رواندا، تنزانيا، كينيا، أوغندا، إثيوبيا، جنوب السودان، السودان ومصر. يوفر النيل الأبيض حوالي 15% من إجمالي كمية المياه التي تصل دول المصب (مصر والسودان) بكمية تبلغ حوالي 8.5 مليار م3، بينما تشكل المياه التي يوفرها النيل الأزرق حوالي 85% بكمية تقدر بـ 47 مليار م3. ويمر النيل الأزرق بثلاث دورات لمدة 20 عام، الاولى 7 سنوات تكون فيها الأمطار غزيرة على هضبة إثيوبيا، الثانية 7 سنوات تكون الأمطار متوسطة تقريبا والثالثة 6 سنوات تكون شحيحة الأمطار.
تم توقيع العديد من الاتفاقيات والمواثيق لتنظيم محاصصة النهر وتوزيع حقوقه، هذه الاتفاقيات ضمنت لمصر السيادة عليه وضمان حصتها منه. جزء من هذه الاتفاقيات لا تعترف بها معظم دول حوض النيل بوصفها بـ “الاتفاقيات الاستعمارية”، لأن الأطراف المعنية بالأزمة الحالية لم تكن جزء منها، وإنما حكمتها الظروف والسياسات الاستعمارية التي حكمت السياسة الدولية في تلك الحقبة، نذكر مثالا لا على سبيل الحصر، بروتوكول روما 1891 بين كل من بريطانيا وايطاليا التي كانت تحتل اريتريا في ذلك الوقت. واتفاقية روما وهي عبارة عن مجموعة خطابات متبادلة بين بريطانيا وايطاليا في1925، تعترف فيها ايطاليا بالحقوق المائية المكتسبة لمصر والسودان في مياه النيل الأزرق والأبيض وروافدهما.
بالمقابل هنالك عدة اتفاقيات شملت أطراف النزاع الحالي، وهي التي تعتمد عليها مصر في مباحثاتها حول صراع سد النهضة، أهم هذه الاتفاقيات:
اتفاقية اديس ابابا عام 1902، والتي وقعت بين بريطانيا (نيابة عن السودان) واثيوبيا، والتي أهم ما جاء فيها المادة 3 التي يعد فيها الامبراطور مينليك الثاني بعدم إصدار أي تعليمات تخص النيل الأزرق أو بحيرة تانا يمكن أن تعيق سريان نهر النيل. وقد وضعت هذه المعاهدة حدا للصراع الدولي بين الدول الأوروبية المتنافسة لصالح بريطانيا.
اتفاقية تقاسم نهر النيل بين مصر وبريطانيا (بصفتها الاستعمارية نيابة عن عدد من دول حوض النيل وهي أوغندا وتنزانيا وكينيا). هذه الاتفاقية أعطت الحق لمصر بالاعتراض على أي مشاريع تقام على نهر النيل (حق الفيتو)، كما حددت نصيب مصر من مياه نهر النيل والتي تقدر بـ 48 مليار م3 ونصيب السودان بـ 4 مليار م3.
اتفاقية تقاسم نهر النيل بين مصر والسودان عام 1959، والتي تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان في ظل المتغيرات الجديدة التي ظهرت على الساحة آنذاك. بناء على هذه الاتفاقية فقد أصبح إجمالي حصة مصر من مياه نهر النيل (بعد توزيع الفائدة المائية من السد العالي) 55.5 مليار م3، وإجمالي حصة السودان 18.5 مليار م3.
مبادرة حوض نهر النيل، والتي وقعت في دار السلام عام 1999 في إطار شراكة حكومية دولية إقليمية تسعى إلى تطوير النيل بطريقة تعاونية وتعزيز السلام الإقليمي والأمن المائي وتقاسم المنافع الاجتماعية والاقتصادية. وتضم هذه الاتفاقية كل من مصر، السودان، أوغندا، إثيوبيا، الكونغو الديمقراطية، بوروندي، تنزانيا، رواندا، كنيا واريتريا. كان من المقرر أن تتحول هذه المبادرة إلى إطار دائم للتعاون تحت اسم “مفوضية حوض النيل”.
اتفاقية (إطار التعاون) بين دول حوض النيل، والتي وقعت في مدينة عنتيبي الأوغندية عام 2010، وقد وقعت عليها 6 دول حتى الآن وهي: إثيوبيا، أوغندا، رواندا، تنزانيا، كينيا وبروندي. وقد رفضت من قبل مصر والسودان لأنها لم تتضمن الاعتراف بحقوق مصر والسودان بحصتهما من نهر النيل، وبناء عليه جمدت مصر عضويتها في مبادرة حوض النيل في أكتوبر 2010.
اتفاق المبادئ 2015 الذي وقع في الخرطوم بين مصر واثيوبيا والسودان، والذي يعد نقطة مفصلية في الصراع القائم على نهر النيل بين مصر واثيوبيا، وسيتم تناول هذه الاتفاقية لاحقا في هذه الدراسة.
سد النهضة الإثيوبي الكبير، أو كما يطلق عليه “سد الألفية العظيم” له تاريخ طويل من الأحداث تفاوتت بين الدفع والجذب. وقد بدأت فكرته عندما قدم مكتب الاستصلاح الأمريكي USBR عام 1964 دراسة مسحيّة للنيل الأزرق بناء على دعوة من الحكومة الإثيوبية بهدف تخزين المياه في إثيوبيا. يقع السد على مجرى النيل الأزرق بولاية بنيشنقول- قماز شمال غربي إثيوبيا بالقرب من الحدود الإثيوبية السودانية، ويبلغ إجمالي السعة التخزينية للسد تقريبا 74.5 مليار م3 وهي مجموع حصتي مصر والسودان من نهر النيل سنويا. يتكون السد من جزئين منفصلين:
الجزء الأول: وهو السد الرئيسي الخرساني يقام على مساحة طولها 1780م بارتفاع خرساني يصل إلى 155م، ويصل ارتفاع المياه فيه إلى 145م، يحتجز بحيرة ذات سعة تخزينية تقدر بنحو 14.5 مليار م3.
الجزء الثاني: وهو سد “السرج” الركامي المبني من ركام الصخور وطبقة خرسانية بسماكة ½م وبطول 4800م وارتفاع 55م، وهو سد احتياطي يخزّن نحو 60 مليار م3 من المياه، يسمح بصرف أي مياه فائضة عن خزان السد الأساسي إلى المجرى الرئيسي للنيل باتجاه السودان.
يضم السد محطتين لتوليد الطاقة الكهرومائية تحتويان على 16 توربينا، سيقوم بإنتاج 6450 ميغاواط من الكهرباء سنويا، ستخصص منها 2000 ميغا واط لتصديرها لبلدان أخرى. وبهذا الانتاج سيحتل السد المرتبة الأولى افريقيا في انتاج الطاقة الكهربائية والعاشر ضمن قائمة السدود الكهرومائية عالميا. تقدّر تكلفة مشروع السد بما يقرب 4.8 مليارات دولار أمريكي باستثناء تكلفة خطوط نقل الطاقة، أي حوالي 7٪ من الناتج القومي الإجمالي الإثيوبي لعام 2016 وحوالي 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي لإثيوبيا لعام 2017. وقد قامت الحكومة الاثيوبية بعدة اجراءات للتمويل، أهمها إصدار شركة الكهرباء الإثيوبية التابعة للحكومة لسندات للإثيوبيين في الداخل والخارج. كما تم تشجيع الموظفين الحكوميين على تخصيص شهر أو شهرين من رواتبهم لشراء سندات سد النهضة. علاوة على جمعها الكثير من الأموال عن طريق الضرائب. بالإضافة لتلك المبالغ، فقد طرحت إثيوبيا سندات سيادية دولية، جمعت منها بحلول نهاية عام 2014 حوالي مليار دولار، كما ساهمت البنوك الصينية بتمويل المشروع بحوالي 1.8 مليار دولار لشراء الأجهزة اللازمة للتوربينات ومحطة الكهرباء.
قامت إثيوبيا في عامي 2009-2010 بعملية مسح لموقع السد النهائي ووضع التصميم النهائي له. في 30 مارس 2011 أعلنت إثيوبيا عن المشروع وبعد يوم واحد من الإعلان تم منح عقد قيمته 4.8 مليار دولار دون تقديم عطاءات تنافسية للشركة الإيطالية. في 2 أبريل 2011 وضع رئيس وزراء إثيوبيا السابق ملس زيناوي حجر الأساس للسد معلنا بذلك تدشين سد النهضة لتوليد الطاقة الكهرومائية، وولادة بداية الصراع الحقيقي حول نهر النيل بين مصر واثيوبيا. في إشارة لأهم المحطات التي مرّ بها هذا النزاع أنه في سبتمبر من نفس العام (2011) اتفق الطرفان المصري والإثيوبي على تشكيل لجنة دولية لدراسة آثار بناء سد النهضة. وفي مايو 2013 أصدرت اللجنة تقريرها بضرورة إجراء دراسات فنية لتقييم لآثار السد على دولتي المصب. توقفت المفاوضات بعد ذلك إثر رفض مصر تشكيل لجنة فنية دون خبراء أجانب، لتستأنف في يونيو 2014 بالاتفاق بعد ذلك على اختيار مكتبين استشاريين، أحدهما هولندي والثاني فرنسي لعمل الدراسات المطلوبة بشأن السد.
الأمن المائي لمصر – وجهات نظر مختلفة
يعد الأمن المائي أحد الركائز الأساسية بل الأهم بالنسبة للأمن القومي والتنمية الاقتصادية لأي دولة. لما له أهمية قصوى لأنه يحدد مدى استقرار الموارد المائية واستجابة تلك الموارد لتغطية حاجة الدولة المائية. ينقسم ضمن منظومة الميزان المائي إلى ثلاثة أقسام، حالة التوازن المائي وحالة الوفرة المائية وحالة الفقر المائي.
يعتبر حوض النيل شريان الحياة للمصريين، فقد ارتبط ارتباط وثيق بتكوين البنى الاجتماعية والثقافية والسياسية للشعب المصري. يعيش حاليا حوالي 97 مليون نسمة على ضفاف النيل في مصر، وهو مصدر الحياة الزراعية والموارد الأخرى كالطاقة الكهربائية التي ينتجها السد العالي، والتي تقدر بـ 2100 ميغاواط سنويا وتغطي حاجة مصر من الكهرباء. وبعد دخول مصر مرحلة الفقر المائي، انخفضت حصة الفرد إلى 700م3 سنويا، وهذه النسبة أقل من 30% من خط الفقر المائي الذي حددته الأمم المتحدة عند 1000 م3 للفرد سنويا. إضافة إلى أن احتياجات مصر الفعلية من موارد المياه هي 80 مليار م3، أي أن هنالك بالأصل عجز يقدر بـ 20.5 مليار م3. وحسب الدراسات فإن لهذا المشروع آثار سلبية يهدد بقاء الدولة المصرية ذات نفسها، لما له من تأثيرات بيئية واجتماعية كارثية جراء تعديل حركة مياه نهر النيل بالسدود والحد من انسيابه الطبيعي بشكل جذري، بما يهدد بنيته البيئية ومكوناته البيولوجية.
ما هي نقاط الخلاف حول سد النهضة؟
بعد سلسلة من النقاشات والمفاوضات وتباين المواقف بين طرفي الصراع الرئيسيين المصري والاثيوبي، فإن مجمل الخلاف الرئيسي حاليا يتعلق بإجراءات مرحلة تشغيل وملء خزان سد النهضة، إذ أعلنت إثيوبيا أنها تنوي البدء بملء الخزان في شهر يوليو 2020، كما سيبدأ السد بالعمل بكامل طاقته بحلول عام 2023.
تطالب مصر بملء خزان سد النهضة في فترة تتراوح بين 10 و21 سنة للتخفيف من الآثار السلبية لعملية الملء، وترفض تقليص كمية المياه عن 40 مليار م3 سنويا أثناء مرحلة ملء الخزان، بالإضافة إلى أن تقتصر عملية التخزين في موسم الأمطار فقط ويتوقف في أوقات الجفاف (دورة الأمطار الشحيحة). أما إثيوبيا فإنها تطالب أن تكون فترة ملء بحيرة السد خلال 3-5 سنوات، وأن يستمر تخزين السد طوال العام، وترى أن كمية المياه التي تطلبها مصر سنويا ستعرقل قدرتها على ملء السد في الوقت المحدد وإنتاج الكهرباء، فهي تنوي بتزويد مصر بـ 32 مليار م3 سنويا أثناء مرحلة ملء الخزان.
إن النتيجة الحتمية التي سوف تواجهها مصر مع بدء عملية ملء الخزان تحمل آثار سلبية في كل احتمالاتها، ولكن مدى شدة هذه الآثار تعتمد اعتماد كلي على الفترة التي ستلجئ إليها إثيوبيا في تنفيذ خطة ملء الخزان. أهم الآثار التي تحاول مصر تجاوزها بوار مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، انخفاض منسوب المياه الجوفية، تداخل مياه البحر في دلتا النيل وارتفاع نسبة الملوحة في أراضيها، زيادة التلوث وتهديد المزارع والثروة السمكية، إذ يتركز إنتاج 90% من الثروة السمكية في نهر النيل بمجراه في مصر، ويوجد فيه عموما أكثر من 800 نوع من الأسماك. إضافة إلى تأثر قطاع الطاقة سلبا بهذه الأزمة وتنخفض إلى ما يقارب النصف بسبب تقليل قدرة السدّ العالي جنوب مصر على إنتاج الكهرباء. كما سيتسبب العجز المائي بتلوث المياه وتفشي عدة أمراض مثل الكبد الوبائي الذي ما زال يعاني منه ملايين المصريين. وسينعكس ذلك بطبيعة الحال سلبيا على الاستقرار والتنمية في المنطقة. فيما يلي جدول يضم سيناريوهات عملية ملء خزان سد النهضة والآثار المتوقعة لأهم مؤشرات الأمن المائي لمصر حسب مدة كل منها:
هذا إلى جانب توقع بعض الخبراء بأن بحيرة سد النهضة ستنفذ في البداية ما يطلق عليه “التخزين الميت”، لأن المياه تترسب لكهوف تحت الأرض نتيجة لعيب جيولوجي في التربة، هذا سيزيد من عدد سنوات ملء الخزان التي قد تصل إلى أكثر من 11 عام.
ولكي تتدارك مصر هذه الآثار وضعت خطة شملت العديد من الدراسات والإجراءات معظمها تتمحور حول تحلية مياه البحر وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، إضافة إلى التوجه حول زراعات تستخدم نسب أقل من المياه، إذ أن هنالك بعض الزراعات تعد شرهة للمياه وهي من المصادر الزراعية الهامة لمصر مثل زراعة الأرز، فزراعة كيلو واحد من الأرز يحتاج إلى نحو 1600 لتر من الماء، مصر تزرع 4.5 مليون طن سنويا، وهذا سيؤثر على سلة الغذاء المصري والزراعة بشكل عام كما أنها ستجبر مصر إلى استيراد هذه المواد الزراعية والتي ستزيد من العبء المالي والاقتصادي للدولة.
إضافة إلى ذلك، يحذر بعض خبراء السدود من انهيار السد في السنوات القادمة، فالسد يتألف من الخرسانة المضغوطة، والتربة التحتية يجب أن تتحمل الضغط الهائل الناتج عن ثقل هذه الخرسانة. إلا أن السد مبني في منطقة الأخدود الافريقي، وهي منطقة نشطة زلزاليا، إضافة لاحتوائها على صخور بازلتية ليس لديها القدرة على تحمل انشاء ضخم مثل سد النهضة، إضافة الى أن السد يقع على منحدر شديد الوعورة، ومعامل أمان السد لا تزيد عن درجة ونصف والتي لا يجب أن تقل عن 8 درجات. سيؤدي انهيار سد النهضة إلى حدوث كارثة انسانية كبيرة، أهمها انهيار سدود السودان الثلاثة (الروصيرص/سنار/مروي) وغرق الخرطوم تحت الماء بمستوى 9 أمتار، بعد 18 يوم ستصل المياه إلى مصر وصولا إلى السد العالي، فإذا كانت بحيرة السد العالي ممتلئة سينهار وتغرق معها القاهرة. إلا أن الجانب الاثيوبي أكد بأن الدراسات الاثيوبية كشفت بأن المشروع يقوم على أرضية صلبة، وأن المواد التي تم فحصها تؤكد على أن الموقع الحالي هو المثالي لبناء السد وتشييد محطة للطاقة الكهرومائية.
وجهة النظر الاثيوبي – العملاق الإفريقي الصاعد
لكي نفهم الموقف الاثيوبي بجميع أبعاده، يجب علينا تسليط الضوء على الداخل الاثيوبي، هذا سيوضح لنا مدى أهمية سد النهضة بالنسبة لإثيوبيا، إضافة إلى طريقة إدارتها لهذا الصراع. فإثيوبيا تعتبر مسألة سد النهضة ذات أولوية قصوى مرتبطة بالأمن القومي والكرامة الوطنية، باعتبار أنه هذا السد طوق النجاة لجميع مشاكلها الاقتصادية والمشاكل المتعلقة بمصادر الطاقة. حمل أبي أحمد “عرّاب النهضة الإثيوبية” تركة كبيرة من المشكلات كان مطالبا بحلها، بدأت بمجتمع مفكك على وشك الدخول في حرب أهلية، ونظام سياسي قمعي، وأجهزة أمنية واسعة النفوذ، واقتصاد نام باضطراد لكنه يعاني بشدة بفعل تزايد الدين وتناقص السيولة وتراجع العملة والاعتماد الشديد على الواردات وسوء توزيع الدخل، وصراع جيوسياسي وعسكري حول طرق التجارة والممرات المائية. تقابلها أجندة سياسية طموحة يقع لاستعادة الوصول البحري لبلاده، وخطاب عابر للقومية يركز على المصالحة بين الأعراق، وإصلاح النظام السياسي الفيدرالي لجعله أكثر تمثيلية، بالإضافة إلى خطط سياسية واقتصادية كبيرة لمواجهة مشاكل من خلال تبني سياسية خصخصة كاملة أو جزئية للشركات الكبرى، وزيادة الصادرات لتحفيز النمو وتحقيق المزيد من النقد الأجنبي.
إقليميا، سعت الحكومة الاثيوبية لتجنب هيمنة القوى الأجنبية على المنطقة من خلال سياسة تصفير الخلافات مع جيرانها، وفي مقدمتهم إريتريا والصومال، معلنة تنفيذها لاتفاق الجزائر الموقع عام 2000. ومع تزايد المصالح الخليجية في القرن الإفريقي بدأت العلاقات تتعزز بشكل ملحوظ بعد أن غلب عليها التوتر في العقود الماضية، حيث تلاقت طموحاتهم بشكل تدريجي في الوصول لموانئ القرن الإفريقي.
اتفاق المبادئ 2015: نقطة تحول
في يونيو 2014 اتفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع رئيس الوزراء الأثيوبي هايلي مريام ديسالين على استئناف المفاوضات بدون خبراء أجانب، وصولا إلى اتفاق المبادئ لعام 2015. السيسي الذي كان مسؤولا عن ملف سد النهضة منذ ابريل من عام 2011 اعتمد مبدأ حسن النية في العملية التفاوضية للوصول إلى الأهداف التي تريدها مصر من هذه المفاوضات، إلا أن إدارته لهذا الملف حسب خبراء دوليين باءت بالفشل.
إن اتفاق المبادئ 2015 هو “إعلان مبادئ” تم توقيعه في الخرطوم بين الأطراف الثلاث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا هايلي مريام دالسين والرئيس السوداني عمر البشير في 23 مارس 2015. يشمل الاتفاق عشرة مبادئ أساسية تتسق (كما يراها أطراف النزاع) مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية. الهدف منه حل نزاع دام فترة طويلة على اقتسام مياه نهر النيل وسد النهضة الإثيوبي. لقد ترتب جراء توقيع مصر هذا الاتفاق أثر قانوني ودولي، يبدو أن مصر لم تدركهما إلا لاحقا، وهو ما اعتبر تقصير قانوني من الطرفين المصري والسوداني. يعد هذا الاعلان نقطة تحول في النزاع القائم بين مصر واثيوبيا حول سد النهضة، إذ بمقتضى هذا الاتفاق تنازل السيسي عن حصة مصر القانونية في مياه النيل وأعطى شرعية للسد كان محروما منها.
بداية فقد عمل على تقنين عمل غير مشروع، لأنه بالاعتماد على الاتفاقيات السابقة وحسب قواعد القانون الدولي كان يجب أن تقوم إثيوبيا بإخطار الجانب المصري بالبدء بتنفيذ سد النهضة وهو ما لم يتم وقد سبب ذلك مشكلة في مشروعية تنفيذ السد ضمن قواعد القانون الدولي. إلا أن توقيع هذا الاتفاق منح إثيوبيا الحق القانوني في شرعية بناء السد بشكل رجعي.
نصت المادة 9 أن تكون التعاون على أساس “السيادة المتساوية”، وهذا خاطئ لأن الموارد المائية المشتركة لا تخضع لسيادة أي دولة، ولقد تخلى القانون الدولي عن نظرية السيادة في مجال الموارد المائية المشتركة، كما تخلى عن نظرية “اقتسام المياه”، واستبدلهما بنظرية “الاستخدام المنصف والمعقول”. إضافة إلى أن إثيوبيا احتجت بسد النهضة لإنتاج الطاقة الكهربائية، إلا أن المادة 9 نقلت حق إثيوبيا بإنتاج الكهرباء إلى حقها باستخدام عادل للمياه وما هو ما قد يتضمن بيعه مثلا.
ونصت المادة 10 أنه في حال لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق أو الوساطة، وذلك نص خاطئ أيضا، لأنه يعطي إثيوبيا الحق في فرض وجهة نظرها على السودان ومصر، وهذا ما يحدث في الوقت الراهن، ويحرمهما من اللجوء إلى المجتمع الدولي لأغراض التوفيق والوساطة إلا بموافقتها.
المشكلة الجوهرية في اعلان المبادئ ما نصت عليه الديباجة ” ألزمت الدول الثلاث أنفسها بالمبادئ التالية بشأن سد النهضة”، وهو ما يعبر عن طبيعة اعلان المبادئ أن تلزم الدول نفسها بإرادة منفردة، إذ كان يجب أن يكون النص يعبر عن التزام تعاقدي للدول “التزمت واتفقت بالآتي”. إن الفرق بينهما هو أن الإلزام المنفرد قد يتغير بتغير رأي أو موقف الدولة نفسها وهو إلزام قانوني ضعيف جدا. كان يجب على الأقل الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل بالتفصيل حفاظا على حقوق المصريين التاريخية المتبقية من نهر النيل.
ماذا بعد اتفاق 2015
في ديسمبر 2015 وقع وزراء خارجية مصر والسودان واثيوبيا على وثيقة الخرطوم، التي تضمنت التأكيد على اتفاق إعلان المبادئ الموقع من قيادات الدول الثلاث، وتضمن ذلك تكليف مكتبين فرنسيين بتنفيذ الدراسات الفنية الخاصة بالمشروع، كطرف استشاري لتنفيذ الدراسات الفنية لآثار السد على دولتي مصر والسودان إلا أن المفاوضات في مايو 2017 قد تعثرت من جديد بسبب اندلاع خلاف حول التقرير المبدئي الصادر منهما.
امتدت بعد ذلك مفاوضات غير ناجحة لمدة 4 سنوات للوصول إلى نقطة اتفاق حول ملء وتشغيل خزان النهضة، بعد أن حاول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتصدير خطاب طمأنة للمصريين، عندما صرح عام 2017 بأن الأمور تسير بشكل جيد، تخللها الوعد الشفهي في يونيو 2018 في القاهرة أثناء زيارة رئيس الوزراء الاثيوبي ابي احمد بعدم المساس بحصة مصر من النيل، والتي اعتبرت بسابقة غير معهودة في البروتوكولات الدولية بما يتعلق بالمفاوضات.
بعدها أعلنت القاهرة في أكتوبر 2019 بوصول المفاوضات لطريق مسدود، مطالبة بتدخل وسيط دولي في المفاوضات، وهو ما حدث عندما لبت واشنطن دعوة القاهرة بمشاركة البنك الدولي في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الطرفين. أتى ذلك تزامنا مع تهديد أبي أحمد داخل البرلمان الاثيوبي، قبل أن يعلن بعد ذلك تمسك بلاده بخيار المفاوضات.
بدأ تدخل واشنطن في المفاوضات بإدارته الحالية، برعاية الخزانة الأمريكية امتدت منذ نوفمبر 2019 شملت العمليات الفنية وقواعد ملء وتشغيل السد، وانتهت في فبراير 2020 عندما أعلنت إثيوبيا انسحابها من المشاركة في الاجتماع الثلاثي الذي كان مقررا لتوقيع الاتفاق في واشنطن؛ معللة ذلك لحاجتها المزيد من المشاورات مع أصحاب المصلحة على المستوى المحلي، فيما تحدثت تقارير أنها لا تريد الدخول باتفاق لا يمكن تمريره خلال البرلمان وهي مقبلة على انتخابات قريبة. وقد اعتبرته مصر “متعمدا” في بيان خارجيتها لإعاقة المفاوضات. وفي 29 فبراير 2020 قامت مصر بالتوقيع “منفردة” على الأحرف الأولى لاتفاق ملء وتشغيل السد.
في تصعيد غير مسبوق من الطرف الاثيوبي أعلن اعتزام بلاده بدء ملء السد في يوليو 2020، دون الالتزام بتوقيع اتفاق واشنطن، وهو ما رفضته القاهرة لاحقا، حسب وزير خارجيتها سامح شكري، الذي اعتبره تجاوزا لقواعد القانون الدولي ومناقضا للبند رقم 5 من اتفاقية إعلان المبادئ 2015، الذي ينص على أنه لا يتم الملء إلا بعد الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل.
لقد اعتبرت إثيوبيا اتفاق واشنطن تدخلا في سيادتها، لأن الاتفاق النهائي –حسب ما صرحت- أتى نتيجة إملاءات البنك الدولي وهو ما اعتبرته انحراف للدور الامريكي. كما صرحت بأنها وافقت على دخول المفاوضات بدون أن تتنازل عن أي حق من حقوقها متذرعة بأن أي حل يجب أن يكون في البيت الافريقي. ويمكن فهم هذا التغير في الموقف الاثيوبي، إذ أن هذه الاجتماعات لم تعطي إثيوبيا كمية المياه التي كانت تطمح إليها أثناء عملية ملء خزان السد، فالاقتراح الأمريكي نص على تزويد مصر بحصة سنوية من المياه مقدارها 37 مليار م3 لحين ملء خزان السد، بينما سعت إثيوبيا أن تكون حصة مصر السنوية 31 مليار م3 فقط.
لكن هنالك بعض الغموض حول دور الولايات المتحدة في هذه المفاوضات، فكثير من التساؤلات تطرح حول عدم قدرة الولايات المتحدة كدولة عظمى من إقناع إثيوبيا بالحلول التي طرحتها، لأن الحقيقة الوحيدة هنا هي أن طول فترة المفاوضات لم يتوقف العمل ببناء السد، وهذا ما أعطى إثيوبيا مكسبا لاستغلال عامل الوقت لصالحها، العامل الذي سمح لها بإنجاز ما يقارب أكثر من 80% من أعمال بناء السد. إذا السؤال المطروح، هل تلاعبت الولايات المتحدة بمصر وقامت بتخدير الشارع والنظام المصري؟
عموما مما لا شك فيه فإن التوجه لأمريكا زادت الأمور تعقيدا، إن عدم توقيع إثيوبيا لاتفاق واشنطن يضع علامات استفهام حولها، فبالرغم من إعلانها أنها تسعى لتحقيق اتفاق إيجابي يضمن حقوق طرفي الصراع، إلا أنها سعت في النهاية لتحقيق هدف واضح وهو كسب المزيد من الوقت، هذا الوقت الذي ستدفعه القاهرة لاحقا في هذه اللعبة السياسية.
الخيارات المطروحة
إن تصاعد التوتر بين مصر واثيوبيا بسبب سد النهضة، يفتح الباب أمام الكثير من التكهنات حول ماهية الخيارات المطروحة أمام الدولة المصرية لتسوية هذا التوتر. عدة سيناريوهات يمكن أن تتكهن حول الاتجاهات التي قد تسلكها هذه الأزمة في الوقت الراهن.
أولى تلك السيناريوهات هي أن تقبل مصر بسد النهضة كأمر واقع لا رجعة عنه، بطبيعة الحال سيخلق هذا الأمر أزمات اقليمية جديدة في المنطقة، لأن إثيوبيا تكون قد فرضت نفسها بذلك كقوة اقليمية جديدة، مقابل مصر التي لم تستغل قوتها الاستراتيجية في إدارة هذا الصراع. إثيوبيا حينئذ لن تتوقف عند هذا المشروع فحسب، بل ستقوم باستخدام نفوذها الجديد في بناء سدود جديدة على نهر النيل تحرم مصر المزيد من المياه وهو ما سيقضي على الأمن المائي والغذائي لمصر بصورة نهائية. هذا سيوفر لإثيوبيا ثروة طائلة ستستغلها في بناء ترسانتها الحربية والتي ستوازي مع السنوات ترسانة مصر الحربية. هنا سيتعامل الجانب المصري مع صراع السد كأنه لم يكن وسيقوم بتوظيف سياسي وإعلامي للأزمة، وهو ما سينعكس في تغطية وسائل الإعلام المقربة من وجهة النظر الرسمية، وتصوَّر ذلك على أنه تتويج لجهود مصر الدبلوماسية وأنَّ النظام المصري خلق حالة انفراج لمشاكل مصر المستقبلية المتعلقة بالمياه على الأقل على المنظور المتوسط والبعيد. وسيعتمد اعتماد تام على الخطة الموضوعة حول إدارة المصادر المائية لمصر.
السيناريو الثاني العودة إلى طاولة المفاوضات ضمن الشروط الإثيوبية بدون تدخل وسطاء أجانب، وهو ما سيظهر مصر بعد كل هذه السنوات بـ “الطرف الأضعف”، ما قد يجبرها بالتنازل عن “تعنتها” كما يصفها الجانب الاثيوبي حول مفاوضات سد النهضة، ومع أن هذا الخيار سيكون أفضل لمصر إلا أنه لن يختلف كثيرا عن السيناريو الأول في المعطيات والنتائج، لأن إثيوبيا أثبتت تفوقها على مصر خلال كل السنوات في أسلوبها لإدارة الصراع، هذا أدى إلى اهتزاز صورة مصر كقوة اقليمية وفقدان ثقة الشارع المصري في مفاوضهم، لعدم توقع أي تغيير في الأسلوب التفاوضي.
السيناريو الثالث، وهو الأفضل لجميع الأطراف، لجوء مصر لمجلس الأمن، وهو ما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة لحل النزاعات التي تهدد الأمن والسلام العالمي بالطرق السلمية. وهنا يجب على مصر استصدار قرار من المجلس بإيقاف جميع الأعمال المرتبطة ببناء السد وتشغيله لحين النظر في هذا الصراع القائم وحله ضمن مظلة الأمم المتحدة. ومع أن مصر كان يجب عليها اتخاذ تلك الخطوة قبل توقيع اتفاق المبادئ 2015.
السيناريو الرابع والأخير هو الحل العسكري، سيناريو تستبعده كل الأطراف ويبقى مطروحا على المستوى النظري، بقيام مصر بتنفيذ ضربة عسكرية لسد النهضة بدون الدخول بحرب شاملة، إن أبعاد هذا السيناريو كارثية جدا على جميع الأطراف. وهذا ما سنتناوله بالتفصيل لاحقا.
ماذا يجب على الجانب المصري فعله؟
إذا أرادت مصر خوض هذا الصراع بنجاح مع إثيوبيا، فهنالك عدة خطوط أساسية يجب أخذها بعين الاعتبار، وهي تتأرجح حول مداها البعيد والمتوسط والقريب. أولا يجب على مصر أن تزيد تواجدها في القرن الافريقي وباب المندب وخليج عدن في محاولة لإحاطة إثيوبيا. انطلاقا من أن إثيوبيا “الدولة الحبيسة” تسعى من خلال سد النهضة أن تكون مصدر للربط الكهربائي لمناطق القرن الافريقي والساحل الشرقي لإفريقيا وجنوب السودان. هذا يتطلب بالضرورة إعادة هيكلة السياسة الخارجية للدولة المصرية في أكثر من اتجاه مع الدول العربية والافريقية وحتى الاقليمية والدولية، بخلق شراكات استراتيجية وتنظيم مصالح مشتركة، تضع مصر على خارطة المنطقة الاقليمية وتجعلها بوابة المنطقة للعالم، ومصر لها من المقومات ما يسمح لها بأخذ مبادرة هذا الدور الاستراتيجي، فإدارة السياسة العامة هنا بحاجة إلى تغيير جذري.
ثانيا من منطلق أن دول العالم تعاني من أزمة نقص الغذاء، خاصة في العقدين القادمين، إذ تؤكد الدراسات مع التغير المناخي وقلة الموارد فإن هذه المعاناة ستتخذ صورة أعنف خلال السنوات القادمة. هنا يجب على مصر الدخول على خط إعادة تغيير خارطة نقاط السلة الغذائية العالمية وتتحول لأحد مراكز الغذاء في العالم، بما يتطلبه من ذلك من دعم موقف مصر في أزمة تقاسم مياه النيل.
يجب على النظام المصري اتخاذ خطوات لتغيير صورتها وتخلق حالة ثقة لدى الشارع المصري حول نتائج تلك المفاوضات. هذه الحالة لن تبدأ إلا بنقطة انطلاق واحدة وهي مكاشفة النظام المصري للشعب واعترافه بالهفوات والقصور في السياسة العامة التي تم اتباعها خلال السنوات السابقة، وتجنب التلاعب والاعتراف بالإمكانيات الحقيقية التي تمتلكها الدولة، وكيفية استغلال تلك الإمكانيات في المسار التفاوضي. يبدأ ذلك ببناء فريق تفاوضي عالي المستوى من الخبراء على المسار القانوني والاستراتيجي والتفاوضي والسياسي والعسكري. صانع القرار لابد له من خلق بيئة تشاركية في عملية إدارة الأزمة مبنية على توزيع الصلاحيات الفعلية الضامنة لدور فعال لمختلف الفئات المجتمعية والمسؤولين. هذه الاجراءات سيكون لها مردود إيجابي، الأول سيربك الطرف الاثيوبي في المفاوضات الذي قد يجبره ذلك بأن يصل مع مصر إلى مرحلة ترضي الطرفين وتكون أقل الأضرار لمصر. الثانية أنه في حال فشل المفاوض المصري للوصول إلى النتائج المرجوة على الأقل، سيحفظ ذلك وجه ماء النظام أمام شعبه لأن الضرر ستتحمله جميع الأطراف المشاركة.
هل الخيار العسكري مطروح لجميع الأطراف؟
في كتاب “الشرق الأوسط الجديد” لشمعون بيريز 1993 تناول موضوع الحرب بسبب المياه في الشرق الأوسط، كان يروج لفكرة أن المياه الموجودة في المنطقة ملك لكل الدول، وأن عدم الاتفاق بتقسيمها بين كل الدول بما فيها الكيان الصهيوني ستعود بنا للحرب كما حصل في حرب 1967 التي كان من أهم أسبابها محاولة سوريا تحويل مجرى نهر الأردن والتي تطورت للاستعدادات التي أدت إلى حرب الأيام الستة، كما ذكر في كتابه. بالإضافة إلى أنه، ووفقا لمعهد المحيط الهادئ، الذي دمج قاعدة بيانات عن الصراعات العالمية المتصلة بالمياه، فقد وقع 92 حادثا متعلقا بالمياه في الشرق الأوسطــ، يعزى معظمها إلى نزاعات إنمائية أو حوادث استخدمت فيها المياه كأداة أو هدف عسكري. فهل ينطبق هذا في نزاع سد النهضة؟
يبدو أن النزاع بين مصر واثيوبيا قد فتح المجال إلى تطور الأحداث في أكثر من اتجاه، منها محاولة إثيوبيا استرجاع قوتها العسكرية البحرية “كما تطلق عليه”، وحول ذلك فإننا نلاحظ أن النزاع أدى إلى أحداث متلاحقة كشفت عن تصاعد التوتر في منطقة البحر الأحمر، بدأت خلال زيارة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لأديس أبابا، وتوقيع البلدان اتفاقية تعاون دفاعي تعهَّدت فيها باريس بتطوير سلاح البحرية الإثيوبي المُنتظَر وتدريب البحّارة الإثيوبيين في فرنسا. في ديسمبر اعلنت صحيفة كابيتال الاثيوبية استعداد إثيوبيا لتأسيس قاعدة بحرية في جيبوتي، هذه القاعدة تمنح إثيوبيا تواجد عسكري نادر عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر. على الرغم من صحة الحقيقة التي تراها أديس أبابا، بأن المنطقة تعاني من فراغ في القيادة، وأن هناك مساحة لقوة إقليمية للعب دور قيادي ومنع القوات الأجنبية من احتكار النفوذ، إلا أن بناء أسطول بحري من الألف إلى الياء يتطلب استثمارات مالية ضخمة وكثير من الوقت والموارد لتدريب القوات.
مصر قامت بطرح الخيار العسكري عدة مرات، ردا على محاولات إثيوبيا أكثر من مرة عن نيتها بالبدء بإنشاء سد النهضة، قبل أن تعرب مؤخرا عن تفهمها لإنشاء سد النهضة مع عدم الإضرار للمصالح المائية لدول المصب. منها عندما هدد السادات في فبراير 1978 بالحرب بعد تلميحات من إثيوبيا ببناء سدود على النيل الأزرق. وقبل ذلك أظهرت وثائق ويكيليكس بأن مصر في منتصف السبعينات قامت بتنفيذ عملية تفجير لمعدات في البحر كانت متجهة لإثيوبيا لبناء سد كبير آنذاك. وفي فترة تولي حسني مبارك فقد أعلن في 2005 استبعاد خيار الحرب مع إثيوبيا، إلا أنه في تسريب لويكيليكس فقد كان هنالك مناقشات حول تعاون عسكري مع السودان من خلال السماح للقوات المصرية، بما في ذلك وحدات الكوماندوز، بتمركزها في السودان لاحتمالية لأي عمليات كتفجير السد. وكان الرئيس السوداني السابق عمر البشير قد وافق على السماح للمصريين ببناء قاعدة جوية صغيرة في مدينةكوستي. لقد كان التدخل العسكري إحدى الخيارات المطروحة لحالات الطوارئ.
إذا قورنت القدرات العسكرية بين البلدين، فإن الكفة ستميل للجيش المصري، على الرغم بأن إثيوبيا جغرافيا واحدة من أكثر البلدان الجبلية في العالم، وبالطبع مع الأخذ بعين الاعتبار تحالفات كل من الدولتين التي قد تغير الكفة لصالح طرف على حساب طرف آخر، إلا أن التدخل العسكري واستخدام القوة العسكرية خارج حدود البلد يحتاج إلى إدراك موازين القوى واعتبارات معينة لإجراء ترتيبات دولية حول ذلك، ومع أن الخيار العسكري يبقى واردا لجميع الأطراف، إلا أنه يجب أن يكون آخر سلاح تلجأ إليه أطراف الصراع.
تلعب جملة من العوامل السياسية والاقتصادية دورا كبيرا في إمكانية استخدام الصراع المسلح المباشر، منها ضعف الجبهة الداخلية المصرية والأوضاع الاقليمية المحيطة بها، إضافة إلى التبعات الاقليمية والدولية لتكاليف الحرب، إذ أن مصر ليست مستعدة لدخولها مع الضغوط الاقليمية التي تحاوطها. والجانب الاثيوبي لن يستطيع أبدا تحمل تكاليف الحرب لان احدى نتائج تلك الحرب قد يكون انهيار سد النهضة الذي عانى سنوات عدة لتمويله والوقت الذي استغرقه بناؤه. هذا بالإضافة إلى أن هنالك قوى اقليمية ودولية لها استثمارات كبيرة في تلك المنطقة ستحول دون وقوع مواجهة عسكرية بين البلدين مهما كلف الأمر.
إن هذا النزاع يحتاج إلى إدارة من نوع مختلف، فمع حقيقة أن المجتمع الدولي أصبح غير منظم ويحاول حل مشاكله عن طريق التدخل العسكري، وهي إحدى الإشكالات المطروحة على مستوى العلاقات الدولية، إلا أنها تبقى غير مقبولة وتخالف الفعل المشروع الذي يصدر عن مجلس الأمن وتترتب عنه أثار وخيمة على النظام الدولي. علاوة على ذلك توجد استراتيجيات وتكتيكات أخرى تستطيع أن تحقق من خلالها أطراف الصراع نتائج بشكل فعال أكبر من المواجهة العسكرية. ما يحدث في العالم اليوم، أن كل الحروب التقليدية تنتهي نهاية مأساوية للغاية، يمكنك بدء نوع من الحروب، وتكون لديك خطة لنتائجها أو لكيفية سيرها، وفي الغالب تنتهي الحرب بعكس ما كنت تتوقع. إنها تكلف أموالا طائلة وخسائر كبيرة في الأرواح البشرية. يمكن تحقيق الكثير من الأهداف بوسائل متعددة، تبقى دون الحرب المسلحة.
كيف يتفاوض اللاعبان
بناء على المؤشرات والمعلومات المتواترة حول طريقة إدارة كل طرف من الأطراف لهذا النزاع “حسب وجهة نظره”، فإن الجانب الاثيوبي أظهر إجادته اللعب بمهارة شديدة في هذه الأزمة، لا يستطيع أحد أن ينكر بأنه استطاع كسب الوقت لصالحه في إنجاز أكثر من 80% من مشروع سد النهضة. ومن الواضح أن خططهم الطموحة تغيرت أكثر من مرة. بداية طالبوا بسد النهضة لتوليد الكهرباء، ثم تطورت هذه الفكرة لتصدير الكهرباء إلى الخارج، ثم إلى حقهم بمياه نهر النيل، ووصلت أخيرا إلى طموحهم باستخدام مياه النهر للزراعة. فنمط الزراعة الحالي، الذي يعتمد على الأمطار 6 أشهر ويتوقف من شهر نوفمبر حتى مايو بفعل الجفاف، أصبح لا يناسبهم ولا يتماشى مع مخططاتهم. ومن هنا أتى التفكير في تغيير مسار استخدام السد، كاشفين أن إثيوبيا بلد يسعى إلى التنمية (وهذا حقهم بالطبع)، وأحد سبل تلك التنمية هي التوسع في الزراعة، وهو ما بدأوا فيه بالفعل من خلال التعاقد مع شركات دولية في السعودية والصين وإسرائيل لزراعة ملايين الأفدنة لهم. وفي إطار ذلك استدعت الخارجية الاثيوبية جميع سفرائها ونظمت لهم دورات دراسية لإبراز دور الدبلوماسية الاقتصادية حول كيفية جذب الاستثمارات الأجنبية وفتح الأبواب أمام المنتجات الاثيوبية في الأسواق العالمية. السياسة الخارجية الإثيوبية تدير الملف بمهارة على مستوى التفاوض المباشر، فبالرغم من إعلانها قيامها بخطوات تبدو من خلالها أنها متساهلة وإيجابية، إلا أن المواقف والتصريحات الرسمية شيء وما يحدث على أرض الواقع شيء آخر. فتوقف المفاوضات المباشرة أكثر من مرة هو أسلوب استنزاف للوقت حتى أصبح ذلك السد أمرا واقعا، وهي الآن تخوض المفاوضات بمنطق القوة بعد أن اكتمل ما يقارب 80% من انشاء السد بفضل اتفاق المبادئ.
الجانب المصري استمر خلال السنوات الأخيرة بالتعامل مع الاثيوبيين بأسلوب حسن النية، وليست تلك السياسة التي تدار بها قضية تحمل قدر كبير جدا من الاهمية الاستراتيجية والخطورة، حتى وإن كانت هذه النية موجودة لدى الطرف الآخر، هذا هو عرف السياسة. المصريين ظهروا بأنهم متشوقين للمضي قدما بأي اتفاق بغض النظر عما يحتويه، وهم يعلمون بأن إثيوبيا ليست لها القدرة الفعلية لتوفير 74 مليار م3 سنويا لملء خزان السد والذي سيحتاج فعليا ل 100 مليار م3 لملئه بسبب نسبة الهدر (التخزين الميت)، وفي نفس الوقت توفير نسبة 32 مليار م3 وهي النسبة التي ستمنحها إثيوبيا لمصر، إذا التساؤل هنا على ماذا تتفاوض مصر؟!
هل تدخلت اسرائيل على خط الأزمة؟
في عام 2016 زار نتنياهو كلا من إثيوبيا رواندا كينيا واوغندا، وقد أعلن في كينيا بأن اسرائيل ستعود لإفريقيا. علاقة اسرائيل مع افريقيا بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي حيث جمعت اسرائيل علاقات دبلوماسية مع اغلب دول القارة باستثناء الدول العربية، في نفس الفترة استقبلت اسرائيل عشرات الآلاف من يهود الفلاشا من أصول اثيوبية. مع بدأ حرب أكتوبر 1973 قررت منظمة الوحدة الافريقية بتجميد العلاقات الدبلوماسية بين اسرائيل وأغلب الدول الافريقية إلا أنها لم تعرقل التبادل التجاري بينهما. وفي أواخر التسعينيات كانت العلاقات قد استأنفت مع 39 دولة افريقية.
اسرائيل الآن تقدم الدعم الفني والمالي لإثيوبيا، فهي تسعى لتحقق مصالح على المستوى الاستراتيجي في منطقة القرن الافريقي لاحتضانها منابع النيل وموانئ ومعابر بحرية مهمة، وعلى المستوى الدبلوماسي لكسب أصوات الدول الافريقية في المحافل الدولية والأمم المتحدة، كذلك على المستوى الاقتصادي فالسوق الافريقي سوق مهم للإنتاج الاسرائيلي ومصدر مهم للألماس. ومع أن السفارة الاسرائيلية أصدرت بيان بعدم صحة الأخبار التي تتحدث عن نصب نظم دفاعية اسرائيلية لحماية سد النهضة، إلا أن وسائل إعلام إسرائيلية أفادت بوجود حالة توتر كبيرة بين مصر وإسرائيل على خلفية إكمال الأخيرة نشر منظومة الصواريخ الإسرائيلية Spyder-MR حول سد النهضة الذي بنته إثيوبيا. اسرائيل فعليا تحاول إحاطة مصر والضغط عليها، وتبحث عن تحقيق مصالح استراتيجية مع دول القرن الافريقي، ولكن إذا وقعت مواجهة عسكرية فعلية فما هي خيارات اسرائيل سوى إعلانها دعم الحل السلمي بين الطرفين دون تدخل، على الأقل سيكون ذلك دورها العلني للجميع. لأنها كهدف استراتيجي لن تخسر في الوقت الراهن أي فريق لحساب الفريق الآخر لأن من مصلحتها أن تبقي علاقات سلمية ذات معادلة صفرية مع الفريقين.
الدروس التي نتعلمها
يقول توماس شيلينج:” إن الاستراتيجية ليست معنية “بالتطبيق الكفء “للقوة وإنما “باستغلال القوة المحتملة”. وهي ليست معنية بالأعداء الذين يكره بعضهم بعضاً وحسب، وإنما بالشركاء الذين لا يثق بعضهم ببعض، أو لا يتوافق بعضهم مع بعض أيضاً“. من بديهيات السياسة أن تعمل الدول لمصلحتها، وتقوم باستغلال قوتها “في الوقت المناسب” لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، فما تملكه من أوراق ضغط هو الذي سيؤهلها لتحقيق ذلك، ومن ضمن قوة الدولة هو معرفة كيفية استغلال الوضع، مع الشركاء والخصوم، بغض النظر عن واقع هذه العلاقات معهم، لزيادة احتمالات النجاح لها. ومع أن حديث إثيوبيا يعبر عن شيء وفعلها يعبر عن شيء آخر، إلا أن تلك من بديهيات المفاوضات، فأي طرف يظهر ضعفه أمام الآخر فانه سيحقق على حسابه المزيد من المكاسب مهما كانت طبيعة العلاقات التي تجمع بينهم، وسيعطي له المجال للتنصل من أي اتفاق قانوني ملزم له، هكذا تدار العملية السياسية، لأن المصالح بين الدول والشركات تسبق القانون، ويجب على مصر اللعب على هذا الوتر. فالتحالفات السياسية والاقتصادية أداة من أدوات سياسة توازن القوى. والقانون الدولي لا يتجاوز فكرة أنه عبارة عن حقيقة نسبية، ترتبط بالعلاقات التي تنشئ بين الدول والتي تقوم على مبدأ القوة، وتتفاوت أهمية هذه الدول وفقاً لدورها في الساحة الإقليمية والدولية، ففكرة التوسع في المجال الحيوي للدول ترتبط ارتباط وثيق بتلك التحالفات.
من خلال النظر الى مؤشرات السياسة الداخلية والإقليمية التي يتبعها النظام المصري فإننا نستطيع رؤية سعيه لتحقيق مصلحته الشخصية كأولوية أساسية ولا يهمه رهن دور البلد الإقليمي ومقدراته الاقتصادية لصالح ترسيخ نفسه لفترة طويلة. فالدولة المصرية انشغلت بأمورها الداخلية وابتعدت عن الاهداف الاستراتيجية الإقليمية، بطابع الحال لصالح الأطراف التي تبحث عن نفوذ في المنطقة ويقررون تحركات مصر في مسألة قومية كمسألة أمنه المائي والمرتبط بملف سد النهضة. فضلا عن أن النظام من البداية لا يبحث عن مواجهة سليمة وفعالة للأزمة بقدر ما يبحث عن بروباجندا سياسية تكون وسيلة في كسر سلاسل فشله في نظر المجتمع. واحدة منها أن هنالك دول تسعى لمؤامرة ضد مصر بإقامتها علاقات استراتيجية مع إثيوبيا. مصر تتصرف كأن التاريخ والجغرافيا قد ارتسمتا للتو، الدول لا ترتبط مصالحها مع مصلحة الدولة المصرية بالمطلق، هنالك قاعدة واحدة فقط، كل دولة تعمل لتحقيق مصالحها فقط، بغض النظر عن الطرف الذي ستحقق مصالحه من خلاله. هنالك عالم يتغير ومفردات الصراعات والقوة تغيرت بتغير الحقبة والأسلوب والطبيعة، يجب على الدولة المصرية التكيف مع هذا التغير في أسلوب إدارتها للمفاوضات. بالمقابل ليس من الذكاء السياسي تحميل مسؤولية فشل مفاوضات سد النهضة لثورة يناير 2011 في مصر، يجب أن يتمسك النظام بتحشيد الجبهة الداخلية وليس العكس. وهذا هو الوقت الأنسب لذلك مع تأثير أزمة كورونا على اقتصاديات الدول ووقف حركة الشركات العاملة في السد لأن الدول والشركات تعيد ترتيب أوضاعها الاقتصادية لعالم ما بعد كورونا.
إن عامل الوقت مهم جدا للطرف المصري ويجب عدم استنزاف المزيد منه، يجب فتح قنوات اتصال مع جميع الدول خاصة مع إثيوبيا، وتقريب وجهات النظر إضافة إلى تحشيد دعم اقليمي ودولي واستنزاف كافة الوسائل الأخرى. هذا لا يعني الإضرار بمصالح إثيوبيا الاقتصادية والتنموية، بل الوصول إلى اتفاق يحقق الطرفان من خلاله مصالحه دون الإضرار بالطرف الآخر، والتوصل إلى معادلة تضمن للأطراف بتحقيق شراكة إقليمية في نهر النيل يتم توزيع المياه فيها بشكل عادل. لا يمكن لمصر أن تنكر حق إثيوبيا في تطوير وبناء سدود لتوليد الطاقة والري، ولهذا يجب أن تلعب لعبة دبلوماسية محسوبة للغاية لتجنب ارتكاب مزيد من الأخطاء، وإيجاد نتيجة مقبولة للطرفين تعطيهما أكبر قدر ممكن من النتائج المرجوة. يجب أن تشمل تلك الإجراءات زيادة معامل أمان السد لأن أي أضرار ستحدث للسد سيكون لها مردود كارثي على الدول أطراف النزاع. إضافة الى ذلك سيكون لعدم تسوية هذا النزاع نتائج سلبية على مصر والدول الإقليمية يفترض أن تكون محسوبة للغاية، لأن انفجار نسبة الفقر وارتفاع البطالة وغيرها من الآثار في دولة ومنطقة تتصفان بالأصل بعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي سيؤديان الى مالا تحمد عقباه، وذلك بالطبع سيزيد من عبء الدولة المصرية والدول الداعمة لها والدول الإقليمية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا حتى في أوروبا، والتي يجب أن يكون لهم جميعا دور إيجابي في هذه الأزمة، ويبقى الترقب سيد الموقف.