المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إحياء السنن الموات .......................!!!


نبيل القيسي
25-08-2020, 03:58 AM
ال النبي - صلى الله عليه وسلم - لبلال بن الحارث: " «اعلم» ! قال: ما أعلم يا رسول الله؟ قال: «إنَّه من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدى فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، ومن ابتدع بدعة ضلالة لا ترضى الله ورسوله كان عليه مثل آثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار النَّاس شيئًا». أي أنَّ الناس يتركون العلم بالسنة فمن قام على نشرها والعلم بها والعمل بها كان له ذلك الجزاء الأوفى، ففي إحياء السنة إماتة للبدعة والعكس صحيح. إخوتاه .. …كان للصحوة الإسلامية خلال العقود الماضية دورها الفعّال في إحياء السُّنة وإماتة البدع المحدثات التي كان العالم الإسلامي يذخر بها، وقام رواد الدعوة الإسلامية بدور كبير في هذا المجال، ومن ثمَّ وُجد جيل من الملتزمين بسنة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، المحاربين للبدع والمنكرات فأحيوا السُّنة وأماتوا البدعة. …ثم خلف من بعدهم خلف ورثوا عنهم هذا ولكن كان حظهم أقل من جيل الرواد، وبدأ خط الرجعة من جديد فأميتت سنن أو صارت من جنس العادات أو الشكليات، فاهتم القوم بالمظهر وضاع منهم الجَوْهر ولهذا أسبابه المعروفة، ولكن الوقفة هنا مع أحد الأسباب الخطيرة في شيوع مثل هذه الظاهرة، أعنى بطبيعة الحال " الأُخُوَّة "، فالقوم لم يعودوا على قلب رجل واحد، بل تفرقوا شيعًا، ودخل في قلوبهم الدخن كلٌ تجاه الآخر، واختلفوا فتناكروا وتنافروا، وبدأ الجيل الصاعد تتفتح عيناه على معارك ومشاحنات فمنهم من تولّى ومنهم من خاض غمار تلك المخاصمات، فصار جل اهتمامه في مسائل ثانوية، وتحت شعار إحياء سنة أميتت سُنن. …وإذا أردت أمثلة واقعية لذلك، فانظر كيف كان حالك منذ سنوات قليلة وكيف صار الحال الآن؟ أين السُنن والآداب التي كنت تعظمها؟ أين المحافظة على الأذكار؟ أين المحافظة على آداب الطعام والنوم ومعاشرة الناس والكلام واللباس و ... ؟ …سنن كثيرة أحياه جيل الصحوة، ثم ما لبثت أن ضاعت في خضم المشاكل، إنني لا أُسَفِّه من جهود كثير من دعاة الخير لنشر العلم، ولكن فقط أخشى أن نهتم بالمفضول عن الفاضل، فإننا ينبغي أن نتعامل مع الدين على أنه كلٌ واحد، لا نهتم بمسألة على حساب مسائل أخرى، ولا نقول كذلك إنَّ للدين لبابًا وقشورًا، فنهتم باللباب دون القشور، فتلك بدعة محدثة ما أنزل الله بها من سلطان، وهي وسيلة خطيرة ماتت بسببها سنن كثيرة فالحق دائما بين طرفي التفريط والإفراط فتأمل. إخوتاه …من السُّنن التي تكاد تكون قد أميتت سُنَّة النتاصح في الله، حدث هذا بسبب عدم تآلف القلوب، فلم تعدْ تقبل منى نصيحة في الله لأنني قد أكون مخالفًا لك في مسألة أو في اتجاه، أمَّا عامة الناس فقد بثوا فيهم سموم الشبهات، وخدعوهم بشعارات الحُرية التي هي في واقع الأمر عبودية للدنيا وذل لأصحابها، لكن القوم مُكِر بهم فإذا نصحت أحدهم في الله قال لك بملء الفم: أنا حرٌ مَالَك بى، مع أنه لو أنعم النظر لعلم أنَّ الذي ينصحه في الله لا يبغي منه شيئًا بل يريد في أفضل حال يريد مصلحته ولكن أكثر النَّاس لا يعلمون. إخوتاه .. …لعمر الله إنَّ تبادل النصيحة في الله تعالى واجب على كل مسلم تجاه أخيه، وهذا مما يقتضيه الحب في الله، وهو من العدل الذي أمر الله به. …يقول ابن العربي ـ رحمه الله ـ: العدل بين العبد وبين ربه إيثار حقه تعالى على حظ نفسه، وتقديم رضاه على هواه، والاجتناب للزواجر والامتثال للأوامر. …وأمَّا العَدلُ بينه وبين نفسه فمنعها مما فيه هلاكها؛ قال الله تعالى: {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} [النازعات/40] وعزوب الأطماع عن الأتباع، ولزوم القناعة في كل حال ومعنى. …وأمَّا العدل بينه وبين الخلق فبذل النصيحة وترك الخيانة فيما قل وكثر، والإنصاف من نفسك لهم بكل وجه، ولا يكون منك إساءة إلى أحد بقول ولا فعل، لا في سر ولا في علن، والصبر على ما يصيبك منهم من البلوى، وأقل ذلك الإنصاف وترك الأذى. أهـ. …آهٍ أين ـ بالله عليكم ـ هذه السنن الموات؟ فأين التناصح لا التفاضح؟! أين الإنصاف لا الإجحاف؟ … أين …؟ وأين ... ؟ إخوتاه .. …دعونا من التباكي على الواقع المر، وتعالوا بنا نفتح صفحة جديدة نجدد بها إيماننا، تعالوا نتناصح في الله على الوجه الشرعي الذي علمناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تعالوا نتعاون في الله بإحياء السنة وإماتة البدعة، كل من عرف حرفًا من كتاب أو سنة يسارع إلى أخيه لتبليغه ويأخذ كل واحد بيد أخيه إلى صراط الله العزيز الحميد، تعالوا لا نترك سنة حتى نعمل على إحيائها ونشرها فهل من عود حميد؟ …أسأل الله تعالى أن بعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، اللهمَّ اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين.

محمد حسين يعقوب داعية إسلامي مصري، حاصل على إجازتين في الكتب الستة وله العديد من المؤلفات