المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكلمة الطيبة وأثرها في النفوس


المراقب العام
29-09-2020, 06:21 AM
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif



عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة”(متفق عليه). إن الذين أوقفوا نفوسهم وجهودهم للدعوة إلى الله تعالى، وتحققوا بشرف التبليغ عن الله جل وعلا ورسوله صلى الله عليه وسلم، مفروض عليهم أن يعايشوا جماهير الأمة، وأن يجد كل صنف من أبنائها مكانته في قلوبهم، ونصيبه في أخلاقهم، لأن مقام الدعوة هو مقام الأخذ بمجامع القلوب، وتلابيب النفوس من أجل تذكير الناسي، وتحذير العاصي، وتليين القاسي، وتقريب البعيد، وضم القريب، قال حماد بن سلمة : إن صلة بن أشيم مر عليه رجل قد أسبل إزاره فَهَمَّ أصحابه أن يكلموه بشدة، فقال : دعوني أنا أكفيكم، فإذا به يخاطبه بكلمة طيبة لينة ـ فقال : ياابن أخي إن لي إليك حاجة، قال : وما حاجتك يا عم؟ قال : أحب أن ترفع من إزارك فقال : نعم وكرامة، فرفع إزاره، فقال لأصحابه : لو أخذتموه بشده، لقال : لا، ولا كرامة وشتمكم. ولهذا اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم الكلمة الطيبة من أفضل المعروف الذي يبذل للناس لأنها تعمل عملها في قلوبهم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “والكلمة الطيبة صدقة”(متفق عليه). قوله صلى الله عليه وسلم : “والكلمة الطيبة صدقة” لأنها من المداراة كما رأينا في حديث صلة بن الأشيم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : “مداراة الناس صدقة”(1) قال ابن بطال رحمه الله تعالى : والمداراة من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح للناس، ولين الكلمة وترك الإغلاظ لهم في القول، وذلك من أقوى أسباب الألفة. ثم قال : والمدارة هي الرفق بالجاهل في التعليم، وبالفاسق في النهي عن فعله، وترك الإغلاظ عليه حيث لا يظهر ما هو فيه، والإنكار عليه بلفظ القول والفعل، ولا سيما إذا احتيج إلى تألفه ونحو ذلك”(1). ومن أجل تأليف القلوب على دين الله قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو ذر رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق”(رواه مسلم).
ذ. عبد الحميد صدوق
—–
1- الفتح ج 2 ص 160.