المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صيود الأوراد (غنائم الأوراد) - صيود الأوراد (1): كيف تعرف ربَّك سبحانه؟


نبيل القيسي
27-11-2020, 01:54 PM
في إطار ما دعونا إليه مِن صيود الورد القرآني، فقد مَن الله تعالى بمجموعة منها: من الفاتحة (1): معرفة الله أول ما تفتتح به وردَك سورةُ الفاتحة، وهي فاتحة الكتاب الذي جاء لبيان التوحيد كمحور أساسي، وكل ما جاء في القرآن سواه فهو خادم لهذا الأساس، ببيان حقيقته أو مقتضياته أو آثاره في الدنيا والآخرة أو عواقب الناس حسب موقفها منه... لأنها أم القرآن. وبما أن الفاتحة أم الكتاب فهي مُقدِّمة لما سيأمرنا به الله تعالى مِن عبادته سبحانه على الوجه الصحيح.. ولكن قبل أن نعرف العبادة لا بد مِن معرفة المعبود الحقِّ حقَّ المعرفة، قبل أية عبادة، فكان في سورة الفاتحة مِن التعريف بالله تعالى ما يستحق التدبر والتأمل.. ويُلفتُ نظرك أن أول ما فيها التعريف بالله تعالى، فلن تصحَّ لك عبادة ولا توحيد حتى تعرف الإله المعبود.. والملفت للنظر أن أكثر ما جاء تعريف الله في هذه السورة هو تعريف الله تعالى بصفاته العُلى وأسمائه الحسنى؛ لأنه لا أفضل من أن تعرف الله تعالى بصفاته وأسمائه، وقد ذكر الله تعالى بعضها تنبيهًا على بقيتها...صفة الربوبية في: {ربِّ العالمين}، وصفة الربوبية تتضمن صفات أخرى كثيرة: كالتدبير والرَّزق والتصريف... ، ثم صفتا الرحمة العامة والخاصة في: {الرحمن الرحيم}، صفة الملك في: {مالك} و {ملك} على القراءتين، صفة الألوهية في أنه المألوه المعبود في {إياك نعبد وإياك نستعين}، صفة الهادي غي {اِهدنا..}، صفة الإنعام على خَلْقِهِ نعمته الخاصة بالمؤمنين {أنعمتَ عليهم ..}، صفة الغضب في قوله تعالى: { المغضوب عليهم} لأن الذي يغضب عليهم هو الله تعالى، فالغضب صفته الفعلية سبحانه.. ومعلوم أن دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته تكون بالمطابقة، وبالتضمن، وبالالتزام، وليس هذا موضع الكلام عنها. ومعرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته ليس لها الأثر في معرفة الله تعالى معرفة ذهنية أو عقلية فحسب، بل حتى في الاستجابة لشريعته والوقوف عند حدوده، ولذلك لا تكاد تجد آية فيها أمر أو نهي أو إرشاد إلا وخُتِمَت بذكر ما يناسب المقام من صفات الله تعالى، فحيَّهلا نتعلم صفات الله تعالى وأسمائه-على طريقة الصحابة والسلف لا على طريقة أهل الكلام والتفلسف- لنعرف ربنا سبحانه حق المعرفة، فنعبده حق العبادة، فنحقق بذلك توحيدَي الربوبية والألوهية. الثانية: الغالب في كلمات هذه السورة الوعد والترغيب، ويدل عليه صفات الرحمة المذكورة أربع مراتٍ: اثنتان في البسملة، سواء قيل هي آية منها أم لا، واثنتان بعده :{الرحمن الرحيم}، ولم تُذكر فيها كلمة عذاب أو عِقاب.. فهل يعني هذا أنه لم يذكر فيها وعيد وترهيب؟