المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثمرات التقوى


امانى يسرى محمد
05-09-2021, 02:45 PM
المراد بالتقوى:


التقوى هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقايةً، وهي عمل الواجب وترك المحرَّم، فتقوى الله في المال أن يؤدي المسلم الحقَّ الذي عليه فيه، ويبتعد عن إنفاقه في الحرام، وتقوى الله في العلم أن يبذله ولا يستخدمه في حرام، وتقوى الله في الزوج أن تؤدى واجباته ولا يُتجاوز حدود الله فيه، وتقوى الله في الأولاد أن يؤدي الوالد الواجبات تجاههم ولا يظلمهم فهو السند لهم، فإن كان السند سوطًا عليهم، فحينها ليتذكر الوالد أن الناصر لهم هو الله فليخشَ سوطه، وتقوى الله في الوالدين أن يؤدي الولد حقوقهما ولا يعقَّهما، وتقوى الله في الوظيفة أن يؤدي الموظف واجباتِه فيها، ولا يستغلها في محرَّم من رشوة وسوء استخدام سلطة وغيرها، وتقوى الله في نعمه كلِّها شكرُها وعدم وضعها فيما يغضب الله، وكلما أدى المرء واجباته نال ثمرات التقوى.


ثمرات التقوى؟



ثمرات التقوى كثيرة، منها:



1- أن الله يحبهم، وإذا أحبك الله، فلا تترقب ولا تلتفت، فالخيرُ كلُّه في يدَيْه، والشَّرُّ ليس إليه، وهل هناك أحق بالخير من أحباب الله؟! قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 4].

2-أنهم أكرمُ الخلقِ عند الله، قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].

3- أن الله معهم، ومن كان الله معه فما يخشى؟! قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا ﴾ [النحل: 128]، وقال: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 194].

4- أنهم أولياء الله، قال الله عز وجل: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 62، 63].

5- أن الله يرزقهم العلمَ والحكمة، قال الله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾ [الأنفال: 29].

6- أنهم هم الذين يفقهون القرآن ويتدبرونه، ويهتدون بهديه، ويتعظون بمواعظه، قال الله عز وجل: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2]، وقال: ﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 138].

7- أن الله يكتُبُ لهم رحمته، قال الله عز وجل: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 156].

8-أن الله يتقبل منهم أعمالهم، قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27].

9- أن الله ييسِّر لهم أمورهم فلا توصد في وجوههم الأبواب، قال الله عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4].

10- أن الله يرزقهم من حيث لا يحتسبون، قال الله عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3].

11- أن الله يفتح عليهم بركات من السماء والأرض، قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96].

12- أن الله يكفِّر عنهم سيئاتهم ويعظم أجورهم، قال الله عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5].

13- أن الله يخرجهم من المحن والبلايا، قال الله عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].

14-أن الله يوفِّقهم للفلاح، قال الله عز وجل: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 189].

15-أن الله يوفِّقهم للمروءة ومكارم الأخلاق، ومنها أنهم أوفياء للخُلَّة والصداقة، فلا يخفرون العهد، ولا يخونون الذمة، قال الله عز وجل: ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 67].

16- أن الله ييسِّرهم للأعمال الصالحة، ويغفر لهم ذنوبهم، قال الله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

17- أن الله يوفقهم لسرعة التوبة والأوبة، فما يقع منهم الذنبُ إلا ويتذكرون قريبًا ثم يعودون تائبين نادمين، قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201].

18- أن الله يحميهم من عدوهم، فمهما كاد الأعداء للمتقي، فلن يضره شيئًا، قال الله عز وجل: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [آل عمران: 120].

19- أن الله كتب لهم الفوز، قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ﴾ [النبأ: 31].

20- أن الله ينجيهم يوم القيامة، قال الله عز وجل: ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزمر: 61]، وقال: ﴿ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا ﴾ [مريم: 72].

21- أن الله يدخلهم الجنة، قال الله عز وجل:﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ [الزمر: 73]، وقال: ﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 198]، وقال: ﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ﴾ [الزمر: 20].

22- أن الله يرفعهم على أعدائهم يوم القيامة الذين كانوا يَسْخرون منهم في الدنيا، وفيه شفاء لصدورهم قال الله عز وجل: ﴿ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [البقرة: 212].

23- أن الله يقرِّبهم منه، قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54، 55].

هذه بعض الثمرات التي يهبُها الله لعباده المتقين.


وقوع المتقي في الذنب:



وبعدما نقرأ هذه الثمرات والهبات الربانية نحرص كثيرًا على اقتطافها ونيلها، ولكن تلوح لنا بعض الذنوب التي نقع فيها، وقد تكون عائقًا لنا من التقدم، والسؤال الذي يَرِدُ على النفس هو: هل يقع المتقي في الذنب؟ وهل وقوعه في الذنب يخرجه من عداد المتقين؟

الجواب: أن الله عز وجل لم يطالب المتقي بالعصمة، بل كتب عليه قدره من الذنوب والمعاصي، فالمتقي قد يقع في الذنب، قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201]، ووقوعه في الذنب لا يرفع عنه صفةَ التقوى، قال الله تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133].



فقد وصَفَهم الله بالتقوى، ثم ذكر الله بعد هذه الآية من صفاتهم ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ﴾ [آل عمران: 135]، ففيها دلالة على وقوع المتقي في الذنب، وقد يكون هذا الذنب من الفواحش، إلا أن الفرق بين المتقي وغيره أن المتقيَ ييسِّر الله له سرعة التذكر والأوبة والرجوع إلى الله بقلب منكسر، ولا يصر على ذنبه، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201]، وقال: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 135].


رزقني الله وإياك التقوى، اللهم آمين.

شَّبكة الالوكة