المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محاسبة النفس من الإحياء


الأرقم
28-06-2010, 09:48 PM
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه والتابعين وبعد :
قال الغزالي رحمه الله في إحياءه :
فحتم على ذي حزم آمن باللّه واليوم الآخر أن لا يغفل عن محاسبة نفسه والتّضييق عليها في حركاتها وسكناتها وخطراتها وخطواتها، فإنّ كلّ نفس من أنفاس العمر جوهرة نفيسة لا عوض لها يمكن أن يشترى بها كنز من الكنوز لا يتناهى نعيمه أبد الآباد، فانقباض هذه الأنفاس- ضائعة أو مصروفة إلى ما يجلب الهلاك- خسران عظيم هائل، لا تسمح به نفس عاقل. فإذا أصبح العبد وفرغ من فريضة الصّبح ينبغي أن يفرغ قلبه ساعة لمشارطة النّفس كما أنّ التّاجر عند تسليم البضاعة إلى الشّريك العامل يفرغ المجلس لمشارطته. فيقول للنّفس: مالي بضاعة إلّا العمر، ومهما فني فقد فني رأس المال، ووقع اليأس من التّجارة وطلب الرّبح، وهذا اليوم الجديد قد أمهلني اللّه فيه، وأنسأ في أجلي وأنعم عليّ به، ولو توفّاني لكنت أتمنّى أن يرجعني إلى الدّنيا يوما واحدا حتّى أعمل فيه صالحا، فاحسبي أنّك قد توفّيت، ثمّ قد رددت فإيّاك ثمّ إيّاك أن تضيّعي هذا اليوم، فإنّ كلّ نفس من الأنفاس جوهرة لها قيمة .

ثم ليستأنف لها وصية في أعضائه السبعة وهي العين والأذن واللسان والبطن والفرج واليد والرجل وتسليمها إليها فإنها رعايا خادمة لنفسه في هذه التجارة وبها تتم أعمال هذه التجارة فيوصيها بحفظها عن معاصيها أما العين فيحفظها عن النظر إلى وجه من ليس له بمحرم أو إلى عورة مسلم أو النظر إلى مسلم بعين الاحتقار بل عن كل فضول مستغنى عنه فإن الله تعالى يسأل عبده عن فضول النظر كما يسأله عن فضول الكلام ثم إذا صرفها عن هذا لم تقنع به حتى يشغلها بما فيه تجارتها وربحها وهو ما خلقت له من النظر إلى عجائب صنع الله بعين الاعتبار والنظر إلى أعمال الخير للاقتداء والنظر في كتاب الله وسنة رسوله ومطالعة كتب الحكمة للاتعاظ والاستفادة .

وهكذا ينبغى أن يفصل الأمر عليها في عضو عضو لا سيما اللسان والبطن أما اللسان فلأنه منطلق بالطبع ولا مؤنة عليه في الحركة وجنايته عظيمة بالغيبة والكذب والنميمة وتزكية النفس ومذمة الخلق والأطعمة واللعن والدعاء على الأعداء والمماراة في الكلام وغير ذلك مما ذكرناه في كتاب آفات اللسان فهو بصدد ذلك كله مع أنه خلق للذكر والتذكير وتكرار العلم والتعليم وإرشاد عباد الله إلى طريق الله وإصلاح ذات البين وسائر خيراته فليشترط على نفسه أن لا يحرك اللسان طول النهار إلا في الذكر فنطق المؤمن ذكر ونظره وعبرة وصمته فكرة و ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد وأما البطن فيكلفه ترك الشره وتقليل الأكل من الحلال .
ويشرط على نفسه أنها إن خالفت شيئا من ذلك عاقبها بالمنع عن شهوات البطن ليفوتها أكثر مما نالته بشهواتها
هكذا يشرط عليها في جميع الأعضاء واستقصاء ذلك يطول ولا تخفى معاصى الأعضاء وطاعاتها
ثم يستأنف وصيتها في وظائف الطاعات التي تتكرر عليه في اليوم والليلة ثم النوافل التي يقدر عليها ويقدر على الاستكثار منها ويرتب لها تفصيلها وكيفيتها وكيفية الاستعداد لها بأسبابها

إحياء علوم الدين - (4 / 394)

greenfresh
29-06-2010, 01:40 AM
سبحان الله ما أشد قرب كلام الشخ الغزالي إلى النفس و بالفعل كما قيل مجازياً في هذا الكتاب من لم
"يقرأ الإحياء فهو ليس من الأحياء"

الأرقم
29-06-2010, 06:48 AM
بارك الله بك أخي الفاضل وجزاك الله خيرا على طيب مرورك

ولكن لا يخفى على أمثالك أخي الكريم أن الإحياء للإمام الغزالي رحمه الله يحتاج إلى انتباه وحذر
كما ذكر أهل العلم كالذهبي رحمه الله في السير وشيخ الإسلام .
فالإحياء ينتفع به ولكن يحذر من الأحاديث الموضوعة والقصص والشطحات .
نفعني الله وإياكم

greenfresh
29-06-2010, 01:19 PM
فالإحياء ينتفع به ولكن يحذر من الأحاديث الموضوعة والقصص والشطحات .

الحمد لله أخي الأرقم فإن النسخة التي لدي في حاشيتها تخريج للأحاديث فما ما كان مكذوماً أو مغلوطاً تركناه و ما كان صحيحاً وضعناه فوق رؤسنا . بارك الله فيك

الأرقم
30-06-2010, 02:36 AM
جزاك الله خيرا
واسأل الله أن يديم علينا وعليك نعمة البصيرة في الدين .