المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة برتقالة


ramevic
16-07-2010, 07:00 PM
:exclamationpoint:
إستلت سكينها المصنوعة من غطاء عبوة سمن مستعملة كانت قد وجدتها في إحدى صناديق القمامة الكثُر التي إتخذتهم في يوم من الأيام ملجأ لها يسمى مجازا بيتا , و شرعت في ذبح ثمرة البرتقال النائمة في راحة يدها الصغيرة , و التي كانت قد سرقتها من فوق عربة البرتقال في غفلة من بائعها , تناولت سكينها الصفيحي ، و بدأت في إستحضار لحظة النهاية في عقلها ، عندما يقطر في جوفها هذا العصير الرائع المذاق ، خاصة في يوم حار كذلك اليوم ، فحرارة الشمس تشير إلى منتصف أغسطس ، و الهواء ساخن و مسموم ، عادم السيارات الذي يلفها من كل جانب و هي جالسة تحت هذا البناء الشاهق المسمى كوبري أكتوبر ، يذكرها بكل ايام حياتها الصيفية الماضية ، هي لا تتذكر أبدا أنها كانت في مكان آخر غير الشارع ، هي تعرف أن لكل الناس بيوت ، و أنها لا تملك واحدا ، هي أيضا لا تبحث عن بيتا ، تظن داخلها أن هذة طبيعة الأشياء ، فمن الطبيعي أن ينام الناس في بيوت ، و من الطبيعي أن تنام هي في صناديق القمامة الكبيرة متصارعة ليلا مع القطط و الفئران ، بالطبع هي إنسانة ، و هي تعرف ذلك ، لكنها تشعر أن هذا وعدها من الدنيا ، لذلك لم تشعر أبدا بوخذ الضمير عندما سرقت البرتقالة ، ولن تشعر بوخذ هذا الضمير عندما تأكلها ، فهذا هو حقها من الدنيا ببساطة ، و قد مدت يدها و أخذته ، فقط برتقالة لتسد رمقها و تروي عروقها في هذا اليوم الحار ، جميل شكل البرتقالة و هي تتعرى كاشفة عن لونها الأبيض الناصع , و كأنها تلبس تحت قشرتها البرتقالية , ملابس داخلية ، بيضاء اللون ، فلا يصح أن تنكشف عورتها هكذا من أول طعنة سكين , و على من يريد هذا العصير الممتاز أن يتعب قليلا ليحصل عليه ، إتسخ الثوب الأبيض بعض الشيء من تلك الأتربة العالقة بكفها الصغير ، لكنها لم تلقى لهذا بالا ، و بدأت تقطّع ثوب البرتقالة الأبيض و تأكله , تعلمت هي أنه عندما تأكل هذا الكفن المليء بالألياف النباتية أولا ، فإشتياقها لقطرات العصير المنعش في جسد البرتقالة يصبح أكبر ، فتستمتع أكثر ، كما أنها تشبع أسرع ، علمتها التجربة و الحياة هذة الأشياء ، فحفظتها عن ظهر قلب ، لكن الحياة لم تعلمها وسيلة تعرف بها مسبقا متى تلوح في وجهها أحزية السُلطة ، فلم تشعر إلا و حزاء الميري في وجهها ، يتهاوى على المنطقة ما بين عينيها و كرامتها و خطر التخشيبة ، إنتفضت مسرعة هاربة ، و السباب يعلق بأذنيها كأنه قرط من نار ، لم يعد السباب يعني لها شيء ، فهي لا تعرف لها أما تغار على حقها ولا أب تهب لحماية أسمة الذي لطّخه السباب ، بل قد تكون ناقمة عليهم و راغبة في سبابهم بما هو أشد و أقسى ، إبتعدت قليلا ، و إنصرف تفكيرها في السبب الذي دعا هؤلاء القوم ذوي الرتب و السلطة في أن ينازعونها مكانها تحت الكوبري ، هي تسمع أنه ممنوع ، لكنها لا تعرف لماذا هو ممنوع ، تمنت لو كانت واجهتهم بسكينها الصفيحي ، فقتلتهم جميعا ، و إستمتعت بعرشها تحت الكوبري ، جف ريقها من الخوف و الحر ، تذكرت البرتقالة ، التي فقدتها في معركة الهروب من السُلطة ، و إختلط في عقلها ووجدانها صوت السباب بطعم التراب و شكل الحزاء الميري الثقيل ، إلتفتت يمينا و يسارا لتعبر الطريق ، متجهه إلى عربة البرتقال

مسك
10-08-2010, 02:29 AM
جزاكم الله خيرا نسج رائع لحقيقة تتكر مرات ومرات في عالم لا يرحم لا الكبير ولا الصغير

najah120
28-07-2016, 07:59 PM
موضوع في المستوى عن قصة برتقالة (http://www.aklsihi.com/benefits-of-oranges/) .

ملاوني
25-12-2016, 07:38 AM
مشكووووووووووووور