المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صنائع المعروف


فوزية محمد
29-08-2010, 03:15 PM
صنائع المعروف


عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد العمر" (أخرجه الطبراني في المعجم الكبير)، وأورده الإمام الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال الطبراني إسناده حسن.

أعظم الصناع

وها هو أعظم الصُّنَّاع على الإطلاق- صلى الله عليه وسلم- يغرس فينا صناعة المعروف فيقول: "من نفَّس عن مؤمن كربةً من كُرَب الدنيا نفسَّ اللهُ عنه كربةً من كُرَب يوم القيامة، ومن يسَّرَ على مُعسرٍ يسَّرَ الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".
ألا تراه يجلس بين أصحابه يسألهم: "من عاد منكم اليوم مريضًا؟! لافتًا الانتباهَ إلى أن أفضل الأعمال ليست في الانقطاع للشعائر التعبُّدية مع مكانتها المعروفة، بل في قضاء حوائج المسلمين والسعي عليها.

إنك لتصل الرحم

فهِمَت خديجة- رضي الله عنها- تلك الحقيقة، فما إن دخل عليها- صلى الله عليه وسلم- وهو خائفٌ مما رآه في الغار.. حتى طمأنته، لكن بأي شيء يكون؟! نعم.. نعم.. فلتذكِّره بملاذه بربه.. أتعرفون ما هو؟! إنها صناعة المعروف: "والله لا يُخزيك الله أبدًا.. إنك لتصل الرحم وتحمل الكلَّ وتُكسِب المعدوم (الفقير) وتُعين على نوائب الدهر (شدائده)".

لك مع أمك رغيف

يروي لنا ابن الفرات الوزير أنه كان يتتبَّع أبا جعفر بن بسطام بالأذى ويقصده بالمكاره، فلقي منه شدائد كثيرة، وكانت أم جعفر قد عوَّدته منذ طفولته أن تجعل له في كل ليلة تحت وسادته التي ينام عليها رغيفًا من خبز إذا ما أصبح تصدقت به عنه، فلما كان في مدة "أذية" ابن الفرات له دخل إلى ابن الفرات في حاجةٍ له، فقال له ابن الفرات: لك مع أمك رغيفًا من خبز، قال: لا.. فقال: لا بد أن تصدقني، فحدثه أبو جعفر بحديثه، فقال ابن الفرات: فإني بتُّ في البارحة وأنا أدبر عليك تدبيرًا لو تم لاستأصلتك، فنمت فرأيت في منامي كأن بيدي سيفًا مسلولاً، وقد قصدت لأقتلك به، فاعترضتني أمك بيدها رغيف تحميك به مني فما وصلت إليك، وكان ذلك المعروف طريقًا لاستصلاحه وصارا صديقين.

إذا أعياك المرض

سأل رجلٌ ابنَ المبارك: يا أبا عبد الرحمن، قرحةٌ خرجت في ركبتي من سبع سنين وقد عُولجت بأنواع العلاج وسألت الأطباء فلم أنتفع بهم؟! قال له: اذهب فانظر موضعًا يحتاج الناس للماء فيه فاحفر بئرًا هناك؛ فإني أرجو أن تنبع عينًا فيمسك الدم بها، ففعل الرجل فبرئ.

لا تحقرن صغيرًا

أخي الكريم/ أختي الكريمة.. احرص على صناعة المعروف صغيرًا أو كبيرًا حسب استطاعتك.. المهم أن تلحق بركب صنَّاع المعروف، دونما تحقيرٍ لصغيرِ معروفٍ، فلربما كان الصغير عظيمًا عند الله تعالى.
إغاثة الملهوف وقضاء حوائج الناس وإدخال السرور عليهم وخدمة الآخرين، بالفعل هي من أعظم العبادات، نتقرب بها إلى الله الخالق، ونتحبب بها إلى الخلق، ويشعر من خلالها الإنسان بسعادة غامرة وقلب مطمئن، حينما يدخل السرور ويرفع الغم والهم عن مكروب أو ملهوف أو محزون.
ولربما كتب كثيرة ومقالات مستفيضة وخطب رنانة لا تؤثر في إنسان بقدر تأثره بموقف عملي إيجابي، مواساة، تهنئة، مناصرة، زيارة مريض، نصرة في ظلم.. إلخ.. إلخ، وهناك شخصيات كثيرة كانت نقطة تحولهم وإقبالهم وارتباطهم بدين الله ودعوته موقف عملي من شخص ما.
لم يتركه في فرحته إلا وسعد له وهنأه ... ولم يتركه في حزنه إلا وحزن له وواساه... ولم يتركه في ضائقة إلا وفرجها له وكفاه.
وإن الدعوة إلى الله اليوم لتحتاج إلى آفاق جديدة ومنابر متنوعة لتبلغ الآفاق، وإن للناس حاجات وضرورات ملحة لا يجوز للدعاة أن يتركوها بغير علاج، ولا يقتحموا هذا الميدان، ونحتاج تحديدًا إلى هذا المنبر العملاق والرسالة الخالدة؛ ألا وهي: إغاثة الملهوف، وقضاء حوائج الناس، وإدخال السرور عليهم، واصطناع المعروف لهم وخدمتهم.
ولنعلم ابتداءً أن صانع المعروف لا يقع، وإذا وقع وجد متكئًا، وإذا وقع لا ينكسر.. يقول الشاعر:

الناس بالناس ما دام الحياء لهم *** والعسر واليسر أيام وساعات
وأسعد الناس من بين الورى رجل *** تقضي على يده للناس حاجات
كم مات ناس وما ماتت جمائلهم *** وكم عاش من ناس وهم في الناس أموات

لذلك..
أعظم موقف وأفضل مدخل وبداية هو موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع امرأة عجوز حمل عنها متاعها الثقيل، ولم يتركها حتى أوصلها إلى بيتها حيث تريد، فوجدت ذلك جميلاً وفضلاً تريد أن تكافئه عليه، فقدمت له أعظم نصيحة من وجهة نظرها؛ ألا وهي: يا بني يوجد رجل يدَّعي النبوة اسمه محمد؛ أنصحك إن لقيته ألا تتبعه.
فقال لها: أنا هو.
فقالت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
فهي أمام نموذج، أمام مدرسة، أمام قدوة، وليست أمام شريط كاسيت أو كتاب أو..

لذلك على أصحاب الدعوة اليوم وكل يوم أن يعتمدوا هذا الأسلوب وهذه الطريقة السهلة إلى القلوب في الوصول إلى كل أفراد المجتمع، فما من فرد في المجتمع إلا وله حاجة ولديه مشكلة أو في ضائقة أو يحتاج لمواساة أو من يشاركه فرحه، فهذا بحق هو دور الدعاة القائمين على أعمال "البر" والمهتمين "بالمجتمع" من باب التعبد إلى الله، وليس رياء ولا سمعة وإنما حسبة إلى الله جل وعلا.
يقول تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ (المائدة: من الآية 2)، ويقول تعالى: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (البقرة: من الآية 237).
وإليك أخي الكريم/ أختي الكريمة، المحب للخير القائم على البر، دليل ومرشد المجتمع، بعض جوانب من فضل وثواب ومكانة هذه العبادة؛ حتى تكون مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: يقول صلى الله عليه وسلم: "إن من الناس ناسًا مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس ناسًا مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه" (أخرجه بن ماجة في سننه 1/86 ح، والبيهقي في شعب الإيمان 1/455 وذكره العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة 3/32).

من بريدي

elamir84
29-08-2010, 04:10 PM
شكرا جزيلا ....

جزاكِ الله خيرا

ياسر ابوزيد
29-08-2010, 04:33 PM
جزاكم الله خيرا

ramevic
30-08-2010, 02:58 AM
موضوع جميل

ابا الوليد
30-08-2010, 04:52 AM
جميل جدا جزيتي خيرا

فوزية محمد
30-08-2010, 07:10 AM
وجزاكم الله إخوتي الأفاضل..

نسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه..

الأرقم
30-08-2010, 12:23 PM
ماشاء الله بارك الله بكم وجعل الله ما نقلتم في ميزان حسناتكم

فوزية محمد
30-08-2010, 02:49 PM
جزاكم الله خيرا أخانا الكريم...

ولك بمثل ما دعوت لي...

أبو حكيم
30-08-2010, 10:32 PM
في الصميـــــــــــــم... نسأل الله لك التوفيق.

حسين العسقلاني
31-08-2010, 05:34 AM
أجدتِ وأحسنتِ أختنا الكريمة، موضوع مميز للغاية
بارك الله فيكم وجعلنا من صانعي المعروف
وكما قال أحد السلف: صانع المعروف لا يقع، وإن وقع وجد متكئا ، فتأمل !!

خولة بنت الأزور
31-08-2010, 01:13 PM
بوركت عزيزتي فوزية على موضوعك القيم ..

وصدقت خير الناس أنفعهم للناس ..

وفقك الله .

فوزية محمد
01-09-2010, 02:02 PM
الإخوة الكرام، الأخوات العزيزات

أشكر لكم مروركم الطيب ودعواتكم العطرة...

وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال..

أبو حكيم
02-09-2010, 04:46 AM
* من المعروف الإحسان الى الجار
* من المعروف الإحسان الى الآخر المختلف عنا ان دينا أو عرقا أو جنسا
* من المعروف الدعاء للمسلم بظهر الغيب
* و من العروف الدعاء لأي انسان بظهر الغيب

- كان لابن المبارك جارا يهوديا، فكان يبدأ باطعام اليهودي قبل أن يبدأ بأبنائه، و يكسوه قبل أن يكسو أبنائه.
قالوا لليهودي: بعنا دارك
قال: داري يألفي دينار ؛ ألف قيمتها / و ألف جوار ابن المبارك!!!
فسمع ابن المبارك بذلك فقال: اللهم اهده الى الإسلام.
فأسلم اليهودي باذن الله.

* المعروف ثم المعروف .

عليش
02-09-2010, 07:46 AM
اللهم اني أسألك العفو والعافية في الدنيا والأخرة . اللهم إني أسالك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي . اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي . اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك وأن أغتال من تحتي ( لم يكن الرسول صلى الله علية و سلم يدع هؤلاء الدعوات وحين يصبح وحين يمسي )
شكرا لكي على الطرح الجميل جعله الله فى ميزان حسناتك

فوزية محمد
03-09-2010, 02:22 PM
بارك الله في أخينا أبي حكيم على الإضافة الطيبة..

وبارك الله في أخينا عليش على الدعاء الطيب...

وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال..

أبو حكيم
26-09-2010, 09:38 AM
قال الشاعر في المعروف:

و لم أر كالمعروف أما مذاقه ..... فحلو و أما وجهه فجميل