المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخلق الحسن


الشيخ محمد الزعبي
07-11-2010, 03:10 PM
الترغيب في الخلق الحسن وفضله والترهيب من الخلق السيء وذمهعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : إِنَّ اللَّهَ قَسَّمَ بَيْنَكُمْ أَخْلاَقَكُمْ كَمَا قَسَّمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ وَإِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لاَ يُحِبُّ ، وَلاَ يُعْطِي الدِّينَ إِلاَّ مَنْ يُحِبُّ ، فَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لاَ يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى يُسْلِمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ ، وَلاَ يُؤْمِنُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ قَالَ : قُلْنَا وَمَا بَوَائِقُهُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : غَشْمُهُ وَظُلْمُهُ ، وَلاَ يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالاً حَرَامًا لاَ يُبَارَكُ فِيهِ ، وَلاَ يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيُقْبَلَ مِنْهُ ، وَلاَ يَتْرُكُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلاَّ كَانَ زَادَهُ إِلَى النَّارِ ، إِنَّ اللَّهَ ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، لاَ يَمْحُو السَّيِّئ بِالسَّيِّئ ، وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئ بِالْحَسَنِ ، إِنَّ الْخَبِيثَ يَمْحَقُ الْخَبِيثَ.رواه أبو داود الطيالسي باختصار.والبزار ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، فِي مُسْنَدِهِ ، وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ أَبَانَ بْنِ إِسْحَاقَ بِهِ.عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ : وَأَبِي سَمُرَةُ جَالِسٌ أَمَامِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : إِنَّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ لَيْسَا مِنَ الإِِسْلاَمِ فِي شَيْءٍ ، وَإِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ إِسْلاَمًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا.هَذَا إِسْنَادٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ . وَرَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ. عَنْ مَيْمُونَةَ ، قَالَتْ : سَأَلْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ : هَلْ سَمِعْتِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم شَيْئًا ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَقُولُ :{ أَوَّلُ مَا يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ الْخُلُقُ الْحَسَنُ.}رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ : وَرَوَاهُ الْقُضَاعِيِّ فِي كِتَابِهِ مُسْنَدِ الشِّهَابِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الأَصْبَهَانِيِّ, وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مَرْفُوعاً.ورواه ابن حبان في صحيحه . عَنْ عَلِيٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم :{ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُدْرِكُ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ بِالْخُلُقِ الْحَسَنِ وَإِنَّهُ لَيُكْتَبُ جَبَّارًا وَمَا يَمْلِكُ إِلاَّ أَهْلَ بَيْتِهِ.}رَوَاهُ الشَّيْخُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الثَّوَابِ.وَرَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ : وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.رَوَاهُ الْبَزَّارُ : وكذا رواه الطبراني .وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : مَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ النَّاسُ ؟ قَالَ :{ خُلُقٌ حَسَنٌ.}جَاءَ أُنَاسٌ فَقَالُوا : مَنْ أَحَبُّ عِبَادِ اللهِ تَعَالَى ؟ قَالَ:{ أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا .}وَرُوَاتُهُ مُحْتَجٌّ بِهِمْ فِي الصَّحِيحِ. قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ،{ فَمَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الإِِنْسَانُ ؟ قَالَ خُلُقٌ حَسَنٌ.}قالت أم حبيبة أمُّ المؤمنين : يا رسولَ الله المرأةُ يكونُ لـها الزوجانِ في الدنيا , تعني : زوجاً بعد زوج , فيدخلانِ الجنَّةَ ، فلأيِهما تكونُ ؟ قال : لأحسنِهما , خُلُقاً. رواه البَزَّار والطبراني .عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخَشَنِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم :{ إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ : مَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقًا ، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا مَسَاوِئُكُمْ أَخْلاَقًا الثِّرْثَارُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ الْمُتَفَيْهِقُونَ.}شرح مفردات الحديث الثرثار : بثائين مثلثتين مفتوحتين , هو الكثيرُ الكلامِ تَكلفًا.والمتشدقُ : هو المتكلمُ بملءِ شدقيهِ تفاصحاً وتعظيمًا لكلامِهِ.والمتفيهق : أصلُهُ من الفهق وهو الامتلاءُ وهو بمعنى المتشدق ؟ لأنه الذي يملأُ فمَهُ بالكلامِ ويتوسعُ فيه إظهارًا لفصاحتِهِ ، وفضلِهِ ، واستعلاءً على غيرِهِ ، ولـهذا فَسَرَهُ رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بالمتكبر. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : {خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ ، خُلُقٌ حَسَنٌ ، وَشَرُّ مَا أُعْطِيَ الرَّجُلُ ، قَلْبٌ سُوءٌ فِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ.}رواه أبو يعلى الموصلي : عن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ :{ إِنَّ لِلَّهِ مِئَةَ خُلُقٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ خُلُقًا فَمَنْ أَتَى بِخُلُقٍ مِنْهَا وَاحِدٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ.}{ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَنْ إِمَامِ الْمُتَّقِينِ ، قَالَ : هُوَ التَّقِيُّ الْحَسَنُ الْخُلُقِ.} هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ. ورَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالأَوْسَطِ ، وَالْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ. عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ ، قَالَ : أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم رَجُلٌ ، فَقَالَ : أَيُّ الإِِيمَانِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : الْخُلُقُ الْحَسَنُ فَأَعَادَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ :{ الْخُلُقُ الْحَسَنُ فَأَعَادَ عَلَيْهِ الثَّالِثَةَ أَوِ الرَّابِعَةَ فَإِمَّا أَقَامَهُ وَإِمَّا أَقْعَدَهُ ، قَالَ : أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ وَأَنْتَ طَلِيقٌ ثُمَّ مَا زَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُحَسِّنُ الْخُلُقَ الْحَسَنَ ، وَيَقُولُ : هُوَ مِنَ اللهِ وَيُقَبِّحُ الْخُلُقَ السُّوءَ ، وَيَقُولُ : هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ ، ثُمَّ قَالَ : أَلاَ تَنْظُرُونَ إِلَى حُمْرَةِ عَيْنِيهِ وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ.}رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرُّوزِيُّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ عَذَّبَ نَفْسَهُ وَأَكْثَرَ هَمَّهُ وَسَقِمَ بَدَنُهُ ، وَمَنْ لاَحَى الرِّجَالَ ذَهَبَتْ كَرَامَتُهُ وَسَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ.عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم :{ أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا ، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ.}رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ :. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ .وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ بِلَفْظِ:{ أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لأَهْلِهِ.}وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ. إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة المؤلف : أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري. عن معاذ بن جبل قال آخر ما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وضعت رجلي في الغرز ان قال:{ أحْسنْ خُلُقَكَ للنَّاسِ يا معاذَ بنَ جبلٍ }مالك في الموطأ .{إن أحسنَ الحسنِ الخُلُقُ الحسنُ} رواه ابن عساكر ، وابن النجار عن الحسن بن على وأخرجه ابن عساكر. وأخرجه أيضًا : القضاعى من طريق المستغفرى , قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم:{ ليسَ شىءٌ أثقلُ فى الميزانِ مِنَ الخلقِ الحسنِ }أحمد عن أبى الدرداء. وأخرجه أيضًا : ابن حبان.{ رأس العقلِ بعد الإيمانِ بالله التحببُ إلى الناس .} "طس عن علي."{ رأسُ العقلِ بعدَ الإيمانِ بالله تعالى التوددُ إلى الناس .} "هب عن أبي هريرة".{ رأسُ العقلِ بعد الدينِ التوددُ إلى الناس، واصطناعُ الخيرِ إلى كلِ بَرٍ وفاجرٍ . "هب عن علي".{ أثقلُ شيءٍ في الميزانِ الخُلُقُ الحَسَنُ .} "حب عن أبي الدرداء".{ أثقلُ شيءٍ في ميزانِ المؤمنِ خُلُقٌ حَسَنُ، إن اللهَّ تعالى يَبغضُ الفاحشَ المتفحشَ البذي . "هق عن أبي الدرداء".{ أفضلُ الأعمالِ حسنُ الخلقِ وأنْ لا تغضبَ إن استطعتَ . }"الخرائطي في مساوى الأخلاق عن العلاء بن الشخير"{ أقربُكُمْ مِنِّي مـجلِساً يومَ القيامةِ أحسنُكُم خُلُقُاً . "ابن النجار عن علي".{ أكملُ المؤمنين إيماناً أحسنُهم خلقاً الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون، ولا خيرَ فيمن لا يَألفُ ولا يُؤلفُ . }"طس عن أبي سعيد".{ إنَّ اللهَ يُحبُ معاليَ الأخلاقِ ويَكرهُ سفسافَها .} "ك عن سهل بن سعد".{ إنَّ أحبَّكُم إليَ وأقربَّكُم مني في الآخرة مجالسَ محاسنُكم أخلاقاً وإنَّ أبغضَّكم إليَ وأبعدَكم مني في الآخرة مساويكم أخلاقاً الثرثارون المتفيهقون المتشدقون .} "حم حب طب هب عن أبي ثعلبة الخشني".{ إنَّ أقربَّكم مني منـزلاً يومَ القيامةِ أحاسنُكم أخلاقاً في الدنيا . }"ابن عساكر عن أبي هريرة".{ إنَّ أكملَ المؤمنين إيماناً أحسنُهم خُلُقاً، وإنَّ حسنَ الخلقِ ليبلغَ درجةَ الصومِ والصلاةِ .} "البزار عن أنس".{ إنَّ من أحبِكم إليَ وأقربِكم مني مجلسا يومَ القيامةِ أحاسنُكم أخلاقاً، وإن أبغضَكم إليَ وأبعدَكم مني يومَ القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون، قالوا: يا رسول الله ما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون } كنـز العمال في سنن الأقوال والأفعال .{ ما شيءٌ أثقلُ في ميزانِ المؤمنِ يومَ القيامةِ من خُلقٍ حسنٍ فإنَّ اللهَ تعالى يبغض الفاحش البذي . }"ت عن أبي الدرداء".{ عليك بحسن الخلق فإن أحسنَ الناسِ خلقاً أحسنُهم دِيناً .} "طب عن معاذ".{ عليك بحسنِ الخُلقِ وطولِ الصمتِ، فوالذي نفسي بيده ما تَجَمَّلَ الخلائقُ بـمثلِهما . "ع عن أنس".{ عليك بحسن الكلام، وبذلِ الطعام . }"خد ك عن هانئ بن يزيد".{ لو كانَ حسنُ الخلقِ رجلاً يَمشي في الناسِ لكانَ رجلاً صالحاً .} "الخرائطي في مكارم الأخلاق عن عائشة".{ ما حَسَّنَ اللهُ تعالى خُلُقَ رَجُلٍ ولا خُلُقَهُ فَتطعمَهُ النارُ أبداً . }"طس هب عن أبي هريرة".{ من سعادةِ المرءِ حُسنُ الخُلُقِ، ومن شقاوتِهِ سوءُ الخُلُقِ .} "هب عن جابر".{ من كان سهلاً هيناً ليناً حَرَمَّهُ اللهُ على النارِ .} "ك هق عن أبي هريرة".{ اللهم كما حسنت خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي . }"حم عن ابن مسعود.{ أفضلُ عملٍ يُؤتى بِهِ يومَ القيامةِ خُلُقٌ حَسنٌ .} "طب عن أبي الدرداء".وقد جاءت أحاديث كثيرة في مدح الخلق الحسن ويروي عن علي بن ابي طالب كرم الله وجهه أنه كان ينشد هذه الأبيات ويترنم بـها ( إن المكارمَ أخلاقٌ مطهرةٌ ... فالعقلُ أولُـها والدينُ ثانيها ) ( والعلمُ ثالثُها والحِلمُ رابعُها ... والجودُ خامسُها والعُرفُ ساديها ) ( والبِرُ سابعُها والصبرُ ثامنُها ... والشكرُ تاسعُها واللَّينُ عاشيها ) (والعينُ تعلمُ من عيني مـحدثِها . إنْ كان من حزبِـها أو من أعاديها ) ( والنفسُ تَعلمُ أنَّي لا أصدقُها ... ولستُ أرشدُ إلا حينَ أعصيها )قال بعض الحكماء: من أحسنِ أخلاقِ المرءِ المسلمِ التهجدُ والمداومةُ على السواكِ ,( وأنبئكم ليت لي بقراء ** دهري مثل من قد مضى من الفتيان ) ( من رجال كانت لهم أخلاق ** وحفاظ في نائب الحدثان ) 5 ( طرح للخناء إذ سمعوه ** قطف عن مظالم الجيران ) ( ينصفون الذليل إذ نازعوه ** ويجلون شيبة الإنسان ) ( ليت لي بالكثير من دهرنا اليوم قليلا من أهل ذاك الزمان ) [ لم يبق من الدنيا إلا الهموم والأحزان ]قال راهب للشيطان وقد بدا له : أي أخلاق بني آدم أعون لك عليهم ؟ قال : الحدة إن العبد إذا كان حديديا قلبناه كما يقلب الصبيان الكرة عن أبي أمامة عن عقبة بن عامر قال : لقيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما فبدرته فأخذت بيده أو بدأني فأخذ بيدي فقال يا عقبة{ ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا وأهل الآخرة تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك } عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : {خصلتان من أخلاق العرب وهما من عمود الدين توشكون أن تدعوهما قيل وما هما يا رسول الله قال الحياء والأخلاق الكريمة } وقال بعض الحكماء من أخلاق الحمق العجلة والخفة والجفاء والغرور والوفجور والسفه والجهل والتواني والخيانة والظلم والضياع والتفريط والغفلة والسرور والخيلاء والفجر والمكر إن استغنى بطر وإن افتقر قنط وإن فرح أشر وإن قال فحش وإن سئل بخل وإن سأل ألح وإن قال لم يحسن وإن قيل له لم يفقه وإن ضحك نهق وإن بكى خار. وإنَّا وجدنا النَّاسَ عُودَين طيِّباً ... وعُوداً خَبيثاً لا يَبِضُّ على العصرِيَزينُ الفتَى أخلاقُهُ وتَشينُهُ ... وتُذكرُ أخلاقُ الفتَى وهو لا يدرِيقول عمرو بن الأهتم المنقريّ:ومُستنبِح بعد الهدوءِ دعوتُهُ ... وقد حانَ من نجم الشِّتاءِ خفوقُيعالجُ عِرنيناً من القرّ بارداً ... تلفُّ رياحٌ ثوبهُ وبروقُأضفتُ فلم أُفحشْ عليه ولم أقلْ ... لأحرمهُ إنَّ المكانَ مضيقُوقلتُ لهُ أهلاً وسهلاً ومرحبَا ... فهذا مبيتٌ صالحٌ وصديقُوضاحكتُهُ من قبلِ عرفانيَ اسمَهُ ... ليأنسَ إنِّي للكَسيرِ رفيقُوقمتُ إلى الكُوم الهواجدِ فاتَّقتْ ... مقاحيدُ كُومٌ كالمجادلِ روقُبأدماءَ مِرْباع النِّتاجِ كأنَّها ... إذا أعرضتْ دون العِشارِ فَنيقُبضرْبةِ ساقٍ أو بنجلاءَ ثرَّةٍ ... لها من أمام المنكبَيْن فَتيقُوقامَ إليها الجازرانِ فأوْفَدا ... يُطيران عنها الجلدَ وهيَ تفوقُفباتَ لنا منها وللضَّيف مَوْهنا ... شواءٌ سمينٌ راهنٌ وغبوقُوباتَ له دون الصَّبا وهْيَ قرَّةٌ ... لِحافٌ ومصقولُ الكساءِ رقيقُوكلُّ كريمٍ يتَّقي الذَّمَّ بالقِرَى ... وللخيرِ بين الصَّالحينَ طريقُلعمركَ ما ضاقتْ بلادٌ بأهلِها ... ولكنَّ أخلاقَ الرِّجال تضيقُ( وعاذلةٍ هَبَّتْ بليلٍ تلومُني ... كأَنِّي إذا أنفقْتُ مالي أَضِيمُها ) ( دعِيني فإِنّ الجُودَ لن يتلِفَ الفتى ... ولن يُخْلِدَ النفسَ اللئيمةَ لُومُها ) ( وتُذكَر أخلاقُ الفتى وعظامُه ... مفرَّقةٌ في القبر بادٍ رميمُها ) من أخلاق الجاهل الإجابة قبل أن يسمع، والمعارضة قبل أن يفهم، والحكم بما لا يعلم.وعاقبة الصبر الجميل جميلةٌ ... وأفضل أخلاق الرجال التّفضّلولا عار إن زالت عن المرء نعمةٌ ... ولكنّ عاراً أن يزول التّجمّلوقال آخروإِنّا وَجَدْنا النَّاسَ عُودَيْنِ: طَيِّباً،وعُوداً خَبِيثاً لا يَبِضُّ على العَصْرِتَزِينُ الفَتَى أَخْلاقُهُ وتَشِينُهُ ... وتُذْكَرُ أَخْلاقُ الفَتَى وهْوَ لا يَدْرِي: أخلاق الإنسان مقسومة على أنفسه الثلاث : أعني النفس الناطقة ، والنفس الغضبية ، والنفس الشهوانية ، وسمات هذه الأخلاق مختلفة بعرض واسع . ويمكن أن يقال في نعتها على مذهب التقريب : إنها بين المحمودة وبين المذمومة ، وبين المشوبة بالحمد والذم ، وبين الخارجة منهما . فمن أخلاق النفس الناطقة - إذا صفت - البحث عن الإنسان ثم عن العالم ، لأنه إذا عرف الإنسان فقد عرف العالم الصغير ، وإذا عرف العالم فقد عرف الإنسان الكبير ، وإذا عرف العالمين عرف الإله الذي بجوده وجد ما وجد ، وبقدرته ثبت ما ثبت ، وبحكمته ترتب ما ترتب ؛ وبمجموع هذا كله دام ما دام . بهذا البحث يتبين له ما تشتمل عليه القوة الغضبية والقوة الشهوية فإن توابع هاتين القوتين أكثر ، لأنهما بالتركيب أظهر ، وفي الكثرة أدخل وعن الوحدة أخرج ؛ فإذا ساستهما الناطقة حذفت زوائدهما ، ونفت فواضلهما ، ووفت نواقصهما ، وذيلت قوالصهما أعني إذا رأت غلمةً في الشهوية أخمدت نارها ، وإذا وجدت السرف في الغضبية قصرت عنانها ؛ فحينئذ يقومان على الصراط المستقيم ، فيعود السفه حلماً أو تحالماً ، والحسد غبطةً أو تغابطاً والغضب كظماً أو تكاظماً ، والغي رشداً أو تراشداً ، والطيش أناةً أو تآنياً وصرفت هذه الكوامن في المكامن - إذا سارت سورتها ، وثارت ثورتها - على مناهج الصواب ، تارةً بالعظة واللطف ، وتارةً بالزجر والعنف ، وتارةً بالأنفة وكبر النفس ، وتارةً بإشعار الحذر ، وتارةً بعلو الهمة ؛ وهناك يصير العفو عند القادر ألذ من الانتقام ، والعفاف عند الهائج ألذ من قضاء.( فَصْلٌ فِي نَمَاذِج مِنْ أََخْلاَقِ السَّلَفِ رَحِمهُم اللهُ )من ذَلِكَ توصية بَعْضهمْ بَعْضًا وقُبُولهمْ لها وشكرهم للواعظ لَهُمْ ، ومن وصية الإِمَام علي بن أبي طالب لابنه الحسن قَالَ فيها : أي بني .. إني لما رأيتني قَدْ بلغت سنًا ، ورأيتني أزداد وهنًا بادرت بوصيتي إليك ، وأوردت خصالاً مِنْهَا قبل أن يُعَجل بي أجلي دون أن أفضي إليك بما فِي نفسي ، وأن أنقص فِي رأيي كما نقصت فِي جسمي ، أَوْ يسبقني إليك بَعْض غلبات الهوى وفتن الدُّنْيَا ، فتَكُون كالصعب النفور .وإنما قلب الحدث كالأَرْض الخالية ما ألقي فيها من شَيْء قبلته ، فبادرتك بالأَدَب قبل أن يقسو قلبك ، ويشتغل لبك ، لتستقبل بجد رأيك من الأَمْر ما قَدْ كفاك أَهْل التجارب بغيته وتجربته ، فتَكُون قَدْ كفيت مؤونة الطلب ، وعوفيت من علاج التجربة ، فأتاك من ذَلِكَ ما قَدْ كنا نأتيه ، واستبان لَكَ ما ربما أظلم عَلَيْنَا منه .أي بني .. إني وإن لم أكن عمرت عمر من كَانَ قبلي ، فقَدْ نظرت فِي أَعْمَالُهُمْ ، وفكرت فِي أخبارهم ، وسرت فِي آثارهم حَتَّى عدت كأحدهم ، بل كأني بما انتهِيَ إِلَيَّ من أمورهم قَدْ عمرت مَعَ أولهم إِلَى آخرهم ، فعرفت صفو ذَلِكَ من كدره ونفعه من ضرره .فاستخلصت لَكَ من كُلّ أمر نخيله وتوخيت لَكَ جميله ، وصرفت عَنْكَ مجهوله ، ورَأَيْت حيث عناني من أمرك ما يعني الوالد الشفيق ، وأجمعت عَلَيْهِ من أدبك أن يكون ذَلِكَ وأَنْتَ مقبل العمر ومقتبل الدهر ، ذو نية سليمة ونفس صافية .وأن إبتدئك بتعليم كتاب الله وتأويله ، وشرائع الإِسْلام وأحكامه ، وحلاله وحرامه ، لا أجاوز ذَلِكَ بك إِلَى غيره ، ثُمَّ أشفقت أن يَلْتَبِسَ عَلَيْكَ ما اختلف النَّاس فيه من أهوائهم وآرائهم مثل الَّذِي التَبَسَ عَلَيْهمْ ، فكَانَ أحكام ذَلِكَ على ما كرهت من تنبيهك به الهلكة ، ورجوت أن يوفقك الله لما فيه لرشدك ، وأن يهديك لقصدك ، فعهدت إليك بوصيتي هَذِهِ .كَأَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ بِأَخْبَارِ مَنْ مَضَى ... وَلَمْ تَرَ فِي الْبَاقِينَ مَا يَصْنَعُ الدَّهْرُفَإِنْ كُنْتَ لا تَدْرِي فَتِلْكَ دِيَارُهُمْ ... عَلَيْهَا مَجَالُ الرِّيحِ بَعْدَكَ وَالْقَطْرُوَهَلْ أَبْصَرَتْ عَيْنَاكَ حَيًّا بِمَنْزِلٍ ... عَلَى الأَرْضِ إِلا بِالْفَنَاءِ لَهُ قَبْرُوَأَهْلُ الثَّرَى نَحْوَ الْمَقَابِرِ شُرّعٌ ... وَلَيْسَ لَهُمْ إِلا إِلَى رَبِّهِمْ نَشْرُعَلَى ذَاكَ مَرُّوا أَجْمَعُونَ وَهَكَذَا ... يَمُرُّونَ حَتَّى يَسْتَرِدُّهُمْ الْحَشْرُفَلا تَحْسَبَنَّ الْوَفْرَ مَالاً جَمَعْتَهُ ... وَلَكِنَّ مَا قَدَّمْتَ مِنْ صَالِحٍ وَفْرُقَضَى جَامِعُوا الأَمْوَالِ لَمْ يَتَزَوَّدُوا ... سِوَى الْفَقْرُ يَا بُؤْسًا لِمَنْ زَادُهُ الْفَقْرُبَلَى سَوْفَ تَصْحُو حِينَ يَنْكَشِفُ الْغَطَا ... وَتَذْكُرُ قَوْلِي حِينَ لا يَنْفَعُ الذِّكْرُوَمَا بَيْنُ مِيلادُ الْفَتَى وَوَفَاتِهِ ... إِذَا نَصَحَ الأَقْوَامُ أَنْفُسَهُمْ عُمْرُلأَنَّ الَّذِي يَأْتِي كَمِثْلِ الَّذِي مَضَى ... وَمَا هُوَ إِلا وَقْتُكَ الضَّيِّقُ النَّزْرُفَصَبْرًا عَلَى الأَوْقَاتِ حَتَّى تَحُوزَهَا ... فَعَمَّا قَلِيلٍ بَعْدَهَا يَنْفَعُ الصَّبْرُاللَّهُمَّ إليك بدعائنا توجهنا وبفنائك أنخنا وَإِيَّاكَ أملنا ولما عندك من الكرم والجود والإحسان طلبنا ومن عذابك أشفقنا ولغفرانك تعرضنا فاغفر لَنَا ولوالدينا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .وَأَحْسَنُ أَخْلاَقِ الفَتَى وَأَجَلُّهَا ... تَوَاضُعُهُ لِلنَّاسِ وَهُوَ رَفِيعُوَأْقْبَحُ شَيْءٍ أَنْ يَرَى المَرْءُ نَفْسَهُ ... رَفِي عاً وَعِنْدَ العَالَمِيْنَ وَضِيْعُوقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( مداراة الناس صدقة ) أخرجه الطبراني وابن السني، وقال ابن بطال ( المداراة من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح للناس، وترك الإغلاظ لهم في القول، وذلك من أقوى أسباب الألفة) .أخلاق المؤمنين والمؤمنات :ومما ورد في كتاب الله العظيم فيما يتعلق بهذا الأمر العظيم قوله تعالى : {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[3]هذه صفة المؤمنين والمؤمنات ، وهذه أخلاقهم ، بعضهم أولياء بعض لا حقد ولا حسد ، ولا غش ولا خيانة ولا تنابز بالألقاب ولا لمز ، ولا غير ذلك مما يؤذي ومما يسبب الشحناء والعداوة والفرقة ، بل هم أولياء يتحابون في الله ، ويتناصحون ويتواصون بكل خير . ولذلك يأمرون بالمعروف ويتناهون عن المنكر فيما بينهم ، هكذا المؤمنون والمؤمنات .وبهذا تصلح مجتمعاتهم ، وتستقيم أحوالهم ، ثم مع هذا يقيمون الصلاة كما شرعها الله بالطمأنينة ، وبالخشوع والإقبال عليها ، والمحافظة عليها في أوقاتها ، وأداء ما يلزم فيها من شروط وأركان وواجبات ، أي أن تقام كما شرع الله ، يؤدونها كما شرع الله في كل وقت . {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} ويعطونها إلى المستحقين لها كما أمر الله ، ثم قال : {وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} من صفات أهل الإيمان ذكورا وأناثا طاعة الله ورسوله في جميع الأمور . وهذه أسباب السعادة ، وهذه سبل النجاة ، هذا ما أوصيكم به ونفسي : تقوى الله جل وعلا ، والقيام بهذه الأمور وتدبرها وتعقلها ، كما أوصيكن بكتاب الله القرآن الكريم ، بتدبره وتعقله ، والإكثار من تلاوته والعمل بما فيه ، وهو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد ، كتاب الله الذي قال فيه سبحانه : {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[4] وقال فيه عز وجل : {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}[5] وقال فيه تبارك وتعالى : {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}[6] فأوصيكن بهذا الكتاب العظيم تلاوة وتدبرا ، وتعقلا وعملا ، التي تقرأ عن ظهر قلب تحمد الله وتقرأ عن ظهر قلب ، كيفما شاءت مضطجعة وجالسة وماشية ، والتي تحتاج إلى مصحف تقرأ منه على طهارة وتدبر وتعقل ، فيه الهدى والنور ، وفيه الدعوة إلى كل خير : الدعوة إلى مكارم الأخلاق ، ومحاسن الأعمال ، فيه الترهيب من مساوئ الأخلاق ، وسيئ الأعمال .كما أوصيكن بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم والحرص على سماع الأحاديث فيما بينكن : من ( رياض الصالحين ) ، أو ( بلوغ المرام ) ، أو ( منتقى الأخبار ) ، أو غيرها من كتب الحديث المعتبرة كالصحيحين والسنن الأربع .وننصح بهذا كل مسلم ومسلمة في أنحاء المعمورة ، فإن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم تدعو إلى الهدى ، وكلها تفسر كتاب الله ، وتدل على معناه . فالتي تقرأ وتطالع الكتب تستفيد ، ومن أحسن ما يقتنى ( رياض الصالحين ) ، فهو كتاب جيد ، و ( بلوغ المرام ) ، و ( منتقى الأخبار ) و ( عمدة الحديث ) ، هذه كتب جيدة ومفيدة وعظيمة .وإذا كانت لا تقرأ فيمكن أن تقرأ عليها ابنتها أو أختها أو ابنها أو أخوها في مجالس مرتبة ، في أوقات معينة للفائدة والتعاون على الخير والتفقه في الدين .أسأل الله بأسمائه أن يوفقنا وإياكن إلى الخير ، وأن يمنحنا الفقه في دينه والثبات عليه ، وأن يزيدنا وإياكن علما نافعا ، وعملا صالحا .أما موضوع هذا اللقاء وهو الكلام على ( الاستهلاك ) ، وما يترتب على الوقوع فيه من التبذير ، والإسراف ، فكلمتي هنا أقول : قد أنزل الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم آيات فيها ذكر الإسراف والتبذير ، والنهي عنهما ، والثناء على المقتصدين والمستقيمين في تصرفاتهم في أكلهم وشربهم وسائر نفقاتهم .فلا إسراف ولا تبذير ، ولا بخل ولا تقتير ، ولا غلو ولا جفاء . هكذا شرع الله بالتوسط في الأمور كلها ، ومن ذلك النهي عن الغلو ، فالعباد منهيون عنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين)) .والله سبحانه وتعالى يقول : {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}[7] ونهيه سبحانه لهم هو نهي لنا أيضا ، والجفاء والتقصير منهي عنهما ، بل يجب أن نؤدي الواجبات وندع المحرمات ونسارع في الخيرات من غير غلو ولا جفاء .والغلو هو : الزيادة فيما شرع الله ، مثل الذي لا يكفيه الوضوء الشرعي ، بل يزيد ويسرف في الماء ، فلا يكتفي بغسل يديه ورجليه ثلاثا بل يزيد على ذلك ، فهذا نوع من الغلو فيما شرع الله ، وهكذا في الأذان ، وهكذا في الإقامة ، وهكذا في الصوم إلى غير ذلك .فالزيادة في الشرع تسمى غلوا وإفراطا وبدعة ، والتقصير في الصلاة بالنقص وعدم الكمال يسمى جفاء وتفريطا . وهكذا النقص في الصوم أن لا يحفظه من المعاصي كالغيبة والنميمة وسيئ الكلام والفعال حال صومه ، فهذا جفاء في الصوم ونقص .ومن الغلو في الصيام : كونه لا يتكلم أو لا يجالس الناس فهذا غلو .ولكن نصلي كما شرع الله ، ونصوم كما شرع الله ، ونبتعد عما حرم الله ، وهكذا في النفقات لا إسراف ولا تبذير ولا بخل ولا تقتير ، ولكن بين ذلك خير الأمور أوسطها ، كما قال سبحانه وتعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً}[8] فالشرع جاء بالتوسط في الأمور كلها ، وعدم الغلو ، وعدم الجفاء ، وعدم التشدد . قال الله سبحانه : {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[9] أمر الله سبحانه بأخذ الزينة لما فيها من ستر العورات ، ولما فيها من الجمال كما قال تعالى : {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَريشَاً}[10] الريش : ما يتجمل به الإنسان ، فالله خلق لنا شيئا نستر به العورات ، ثيابا تستر العورات ، وخلق لنا ثيابا جميلة وهي الرياش فوق ذلك للتجمل بين العباد ، ثم قال : {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ}[11] لباس التقوى : الإيمان بالله ، وتقوى الله : بطاعته واتباع ما يرضيه ، والكف عن محارمه ، هذا اللباس الأعظم ، وهذا هو لباس التقوى.ثم قال سبحانه وتعالى : {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا}[12] أمر بالأكل والشرب لما فيهما من حفظ الصحة والسلامة ، وقوام البنية؛ لأن ترك الأكل والشرب يفضي إلى الموت ، وذلك لا يجوز ، بل يجب الأكل والشرب بقدر ما يحفظ الصحة ، ويكون الإنسان متوسطا في ذلك حتى يحفظ الصحة ، وتستقيم حاله ، فلا يسرف فيؤدي ذلك إلى التخمة والأمراض ، والأوجاع المتنوعة ، ولا يقصر فيضر بصحته ، ولكن بين ذلك ، ولهذا قال : {وَلا تُسْرِفُوا}وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)) وهذا الحديث الصحيح يدل على أن الإسراف في الأكل والتوسع فيه أمر غير مرغوب فيه ، بل وخطير ، بحسب ابن آدم ما يقيم صحته ، ويقيم صلبه من اللقيمات التي تناسبه صباحا ومساء ، وفي غير ذلك من الأوقات التي يحتاج فيها إلى الطعام والشراب . فإن كان لا بد ولا محالة من الزيادة فلا يسرف ، فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس والراحة ، للقراءة والتهليل والنشاط الاجتماعي ، ومخاطبة الناس ، إلى غير ذلك ، والإسراف هو الزيادة ، وهو في الأكل يؤدي إلى التخمة ، وهو في الملابس يفضي إلى إضاعة المال ، وعدم الاهتمام بحفظه ، وفي الكلام يفضي إلى ما لا تحمد عقباه ، أو إلى ما حرم الله من الكلام .الإسراف من شرور الحياة :وهذا الإسراف في كل شيء من شرور هذه الحياة ، فالمؤمن يتوسط في أموره كلها ، والمؤمنة تتوسط في كل الأمور ، وقد أخبر جل وعلا عن منزلة المبذرين بقوله : {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا }[13]فالمبذر مضيع للمال ، لا يؤمن على مال ، والمال له شأن عظيم ، والمال الصالح نعم العون للرجل الصالح ، ينفقه في سبيل الله .فالواجب حفظ المال وعدم إضاعته ، ولذلك جاء التشديد في شهادة الزور لما فيها من أخذ الأموال بغير حق ، وسفك الدماء بغير حق ، وهتك الأعراض بغير حق ، فقال صلى الله عليه وسلم : ((ألا أخبركم بأكبر الكبائر)) ؟ قلنا بلى يا رسول الله قال (( الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور)) فكررها عليه الصلاة والسلام . لأن شهادة الزور شرها عظيم وعواقبها وخيمة ، تؤخذ بها الأموال بغير حق ، وتزهق بها الأرواح ، وتنتهك بها الأعراض بغير حق . ولهذا حذر منها عليه الصلاة والسلام وجاء في كتاب الله العزيز ما يفيد التحذير منها ، كما قال جل وعلا في سورة الحج : {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}[14] أما عقوق الأمهات فهو كبيرة عظيمة ، وجريمة شنيعة يجب الحذر منها ، والتواصي بتركها ، وأما الشرك بالله فهو أعظم الذنوب وأكبرها كما قال سبحانه : {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[15] وقال سبحانه : {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[16] نعود إلى إكمال البحث في التبذير ، يقول سبحانه وتعالى : {وَلا تُبَذِّرْ تبْذيرَاً}[17] يحذر سبحانه من التبذير وهو الإنفاق في غير الوجه الشرعي ، كإنفاق الأموال في ظلم الناس ، وقصد الإضرار بهم ، أو في ظلم النفس كإنفاقها في المسكرات والمخدرات ، وفي التدخين وفي الزنى وسائر المعاصي كالقمار والربا ونحو ذلك ، وهكذا إتلافها من غير سبب كالإفراط في شراء الأغراض التي لا حاجة إليها . هذا من إضاعة المال ، ومن التبذير ، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال . فالتبذير هو : صرف الأموال في غير وجهها ، إما في المعاصي ، وإما في غير فائدة لعبا وتساهلا بالأموال .أما الإسراف فهو : الزيادة التي لا وجه لها ، يزيد في الطعام والشراب بلا حاجة ، يكفيه مثلا كيلو من الطعام أو كيلو من اللحم ، أو ما شابه ذلك فيزيد طعاما ولحوما لا حاجة لها ، تلقى في التراب وفي القمائم ، هذا يسمى إسرافا .وأما إتلاف الأموال بغير حق وصرفها في غير حق فيسمى تبذيرا ، وبين سبحانه أن المبذرين إخوان الشياطين . لأنهم شابهوهم في اللعب والإضاعة والمعاصي .التأدب بآداب الله :فالواجب على المؤمنين والمؤمنات جميعا أن يتأدبوا بآداب الله ، وأن يحذروا مما نـهى الله عنه ، فلا إسراف ولا تبذير لا في المآكل ولا في المشارب ولا في الملابس ، ولا في غير ذلك ، ولا في الولائم العامة ، ولا في الولائم الخاصة ، بل بالمقدار المناسب ، فإذا صنع طعاما لجماعة ولكن تخلفوا أو تخلف بعضهم فليس بإسراف لكن يجتهد في صرف الطعام لمن يحتاجه ، وفي نقله إلى من يحتاجه ، أو في حفظه حتى يؤكل بعد ذلك ، ولا يلقى في القمائم والمواطن القذرة .وإن كان ولا بد فليحمل إلى جهة بعيدة سليمة حتى تأكله الدواب ، وإذا تيسر نقله إلى من يستفيد منه من العمال والفقراء وجب ذلك حتى لا تضيع هذه الأموال ، وحتى لا يقع الإسراف والتبذير .وقد مدح الله سبحانه عباده المقتصدين ، وهم عباد الرحمن ، فقال في أوصافهم عز وجل : {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا }[18]وهذا هو الحد الفاصل ، لا إسراف ولا تقتير ، وما بين ذلك هو القوام والعدل ، يمدحهم سبحانه فيقول : {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا}[19] الإسراف الزيادة ، والتقتير البخل ، والبخيل والبخل مذمومان ، وهكذا الإسراف والتبذير مذمومان أيضا ، فلا هذا ولا هذا ولهذا مدح الله عباد الرحمن بقوله {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامَاً}[20] كان عدلا وسطا .فالوصية لكن أيتها الأخوات ولكل مسلم التخلق بهذا الخلق الكريم ، والحرص في البيت وعند الولائم على التحري في هذه الأمور ، والتوسط فيها ، والحذر من إضاعة الأموال بغير حق ، وكثرة الطعام بلا حاجة إليه ، فإن المال ينفع إذا حفظ ، والمحتاجون إليه كثيرون في هذه البلاد وفي غير هذه البلاد ونعلم من سكان هذه البلاد أمما لا يحصيها إلا الله ، في حاجة إلى المال ، وفي حاجة إلى الطعام ، وفي حاجة إلى اللباس .وإن كانت بلادنا بحمد الله من خير البلاد قد أفاء الله عليها خيرا كثيرا في دينها ودنياها . لكن مع ذلك موجود فيها من هو محتاج ، إذا طلب وجد في هذه البلاد في المدن وفي القرى ، وفي كل مكان محتاجون لأن تصل إليهم المساعدات من الزكاة وغيرها . بواسطة المحاكم والأعيان المعروفين بالثقة والأمانة ، حتى توزع بينهم وينظر في شأنهم لأنهم في حاجة ، وفوق ذلك في بلدان كثيرة في أفريقيا وفي آسيا ، وفي كل مكان حاجات كثيرة وفقراء لا يعلم حالهم إلا الله ، في أشد الحاجة إلى المال .ولعبت أخلاق الاسلام دورا مهما في تفعيل الايمان بحقوق الانسان لأن الاخلاق أساس من أسس الاسلام ولايستقيم ايمان الانسان اذا كان هناك تناقض وتعارض بين عقيدته وسلوكه , وأخلاق الاسلام تفرض على المسلم أن يكون نظيف القلب خاليا من كل أشكال الحقد والكراهية ( قال عليه الصلاة والسلام ألا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) وعليه فالمسلم محاسب على كل سلوك ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره . ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) الزلزلة 7- 8 .ولو تتبعنا سور القرآن الكريم لوجدنا نصوص كثيرة تحض على احترام حقوق الانسان ويكفي سورة الحجرات التي اشتملت على هذه المعاني ( يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) الحجرات 6 وفي( يا أيها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهمن ولاتلمزوا أنفسكم ولاتنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ) الحجرات 11وفي خطبة الوداع ( قال صلى الله عليه وسلم : ان دمائكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ) .ولم يقتصر الأمر على العقيدة والأخلاق بل تلعب العبادة دورا مهما في قضية حقوق الانسان لان العبادة تربط الانسان بخالقه وتخرجه من دائرة العبودية لغير الله وتعمل على تزكية النفس وترفعها عن ايذاء الآخرين بل انها تجعل الجميع سواسية ففي الصلاة يقف الرئيس والمرؤوس بجانب بعضهم وفي الحج الكل بلباس واحد لافرق بين ابيض أو اسود ولابين سيد ومسود وفي الصيام الجميع يجوع ويعطش فلا فرق بين غني أو فقير وكذلك فالعبادات تهذب النفس وتنهى عن الايذاء ( ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) فالفحشاء والمنكر مصطلحان عامان يدلان على كل قول أو عمل سئ بحق النفس أو بحق الآخرين .وبذلك نجد أن النصوص بشكل عام الزمت السلم باحترام حقوق الانسان وبما أنها نصوص ربانية فهي ضمانة لخلوها من النقائص والأخطاء وهي السبيل الوحيد لضمان العدل والرحمة ( صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون ) البقرة 138كما أن هذه النصوص لها قدسية عند السملم مما يحرم عليه الخروج عليها وهي طاعة اختيارية نابعة من النفس التي آمنت بالمنهج الرباني ( فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) النساء 65.ولم تقتصر النصوص على دائرة المسلمين بل شملت غيرهم لتحصنهم من الاعتداء عليهم ( لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين ) الممتحنة 8فهي نصوص لعدم الاعتداء طالما غير المسلم لايعتدي ودعوة الى البر والاحسان والقسط بالعدل فاي قيم أرقى من هذه القيم التي تدعوا لاحترام حقوق الانسان بغض النظر عن دينه .