المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أما آن الأوان لمشروع النور أن يخرج إلى النور ..؟؟


الحنين للذكريات الجميلة
17-12-2010, 12:27 PM
في عام 2008 جرى إعداد مشروع عربي يتعلق بمضيق باب المندب (جنوب البحر الأحمر). المشروع هو بناء مدينة جديدة باسم "نور" على الشاطئ اليمني المطل على باب المندب تسع 4.5 مليون نسمة ومدينة ثانية توءم لها على شاطئ جيبوتي المطل على المضيق أيضًا تسع 2.5 مليون نسمة، بالإضافة إلى مطار دولي يخدم المدينتين بسعة مليون مسافر في العام، كما يقضي المشروع أيضًا ببناء جسر متحرك فوق باب المندب يربط المدينتين الجديدتين يبلغ طوله 29 كيلو متر، كما يربط بينهما خط مزدوج للسكك الحديدية للركاب والبضائع، ولهذا المشروع مرحلة ثانية تربط مدينة النور على باب المندب بالعمق اليمني حتى دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، كما أن له مرحلة ثالثة تربط المدينة بأديس أبابا عاصمة أثيوبيا وبالعاصمة الكينية نيروبي وتصل شمالا حتى العاصمة السودانية الخرطوم،

ومن ثم القاهرة بالإضافة إلى خطوط أنابيب النفط والغاز مما يحقق تكاملا اقتصاديًا وسياسيًا بين منطقتي شرق إفريقيا وغرب آسيا العربيتين كما أنها تشكل نقطة استقطاب الشمال ووسط وجنوب إفريقيا من خلال الجامعات والمستشفيات والمصانع والمراكز التجارية التي ستقام في شطري مدينة النور على جانبي باب المندب.

ومن شأن هذا المشروع أن يثبت الحضور العربي والإسلامي في إفريقيا ويعززه اقتصاديًا واجتماعيًا ويقطع الطريق أمام التغلغل الإسرائيلي، أما نفقات المشروع "الحلم" فتبلغ 200 مليار دولار، وقد أعدت المخططات الفنية اللازمة وقدّمت حكومة جيبوتي الأرض اللازمة )500 كيلومتر مربع) كما قدّمت حكومة اليمن قطعة مماثلة لبناء مدينة النور، وعُقدت اتفاقات العمل مع الشركات المنفذة العربية والغربية، وقدمت حكومتا اليمن وجيبوتي التسهيلات اللازمة إضافة إلى الأرض وفجأة انفجرت سلسلة من الأزمات الأمنية في المنطقة وكأن يدًا سحريًا أعطت الإشارة بالتفجير لتعطيل التنفيذ الذي كان مفترضًا أن يبدأ في عام 2009، فتصاعدت الحرب الأهلية في الصومات بوحشية ودموية وكشرَّت القاعدة عن أنيابها في جنوب اليمن وأطلق الحراك الوطني اليمني شعاراته الإنفصالية ثم كان إعلان القياديين الجنوبيين رغبتهم في الانفصال عن السودان الأم واستعدادهم للتعاون مع إسرائيل وأثيوبيا، وعند ذلك تراجع المستثمرون وعلى رأسهم مؤسسة بن لادن ومؤسسة الحمد السعوديتان وأُطفئت الأنوار في مشروع مدينة النور وعم ظلام الفقر والجوع شرق أفريقيا فما الذي حدث يا ترى ولماذا؟

ولنبدأ الحكاية من البداية مع القصة الدامية للبحر الأحمر وكيف استطاعت إسرائيل باحتلالها أم الرشراش المصرية عام 1949 واثناء مباحثات "رودس" التي أدت إلى اتفاق الهدنة وإقامتها ميناء "إيلات" مكانها فقطعت بذلك التواصل البري بين عرب آسيا وعرب أفريقيا في شمال البحر الأحمر واليوم تحاول إسرائيل أن تمنع التواصل بين عرب آسيا وعرب أفريقيا في جنوب البحر الأحمر أيضًا.


الأطماع الإسرائيلية في البحر الأحمر
مثلث أم الرشراش المصرية يتكون رؤوسه من (طابا - القطار – أم الرشراش) فعقب انتهاء مفاوضات الهدنة عام 1949 كان الوفد الأردني في رودس ينتظر أوامر الحكومة الأردنية لتوقيع اتفاقية الهدنة الأردنية الإسرائيلية، بعثت الحكومة البريطانية إلى الوسيط الدولي (رألف بانش) تخبره فيها بأن القوات البريطانية المرابطة في العقبة لن تتدخل في حوادث جنوب النقب، ولن تطلق النار إلا إذا هُوجمت من قبل اليهود وأرسلت البرقية أيضًا إلى السلطات اليهودية، وبديهي أن إرسالها كان إيعازًا لليهود بالزحف على أم الرشراش لتحقيق أهدافهم، وعندما وجد اليهود أن القوات الأردنية تنسحب بسرعة متحاشية الاشتباك معهم بناء على أوامر (جلوب)، أسرعوا بزحفهم مارين بنفس المراكز والمسالك التي أخلاها الجيش الأردني وفي 8 مارس 1949 وصلوا إلى نقطة تبعد 3كم عن خليج العقبة وعندما لم يجدوا من يعترض طريقهم تابعوا التقدم ووصلوا إلى خليج العقبة في 10 مارس 1949 واحتلوا ميناء أم الرشراش بسهولة ودون أن تطلق رصاصة واحدة وقد أطلقت إسرائيل على هذه العملية اسم "عوفداه" ومعناها الأمر الواقع (Fait Accompli).
لقد لعبت السياسة البريطانية الدور الرئيسي في هذه العملية الخطيرة التي وضعت إسرائيل أخيرًا على البحر الأحمر.
وقد قامت إسرائيل بتسميته إيلات (Elath) حيث لم يكن لهذا الأسم وجود في المنطقة العربية قبل ذلك وباحتلال إسرائيل لميناء أم الرشراش المصرية تكون قد فصلت ما بين مصر والأردن وقسمت العالم العربي إلى قسمين لأول مرة في التاريخ العربي والإسلامي الطويل، وتكون قد حققت أحلام الصهيونية القديمة في إحراز منفذ على البحر الأحمر وافتتحت بذلك صفحة دامية في الصراع العربي الإسرائيلي على البحر الأحمر.

الحصار المصري لباب المندب
لقد بادرت الحكومة المصري في يناير 1950 إلى سلب إسرائيل ميزة احتلالها مثلث أم الرشراش عن طريق إغلاق البحر الأحمر في وجهها كطريق اتصال بين إسرائيل والدول الأفريقية والأسيوية، وكانت وسيلتها لذلك احتلال جزيرتي "تيران" وصنافير" اللتين تتحكمان في مدخل خليج العقبة (وهما مصريتان بالأصل) ثم نصبت المدافع الساحلية في رأس نصراني للسيطرة على مدخل العقبة، ومن الجدير بالذكر أن جزيرتي تيران وصنافير كانتا ملكًا لمصر ولم يكن لهما من الأهمية ما يستدعي احتلالهما ولكن تزايد النشاط الإسرائيلي على ساحل أم الرشراش (إيلات حاليا) قد اضطر الحكومة المصرية إلى تدعيم قواتها في مدخل خليج العقبة لقطع خط الرجعة على أي محاولة للاعتداء على حقوق مصر.

وقبل العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 كانت مصر تسيطر على شرم الشيخ وتمنع الملاحة الإسرائيلية من المرور في مضيق تيران وبعد احتلال إسرائيل لشرم الشيخ يوم 5 نوفمبر 1956 أصبح مضيق تيران تحت سيطرة القوات الإسرائيلية وظلت إسرائيل تحتل شبه جزيرة سيناء وجزيرتي تيران وصنافير حتى نهاية 1957 حيث طلبت الأمم المتحدة من إسرائيل إخلاء الأراضي المصرية المحتلة، وقد حلت قوات الطوارئ الدولية في شرم الشيخ ورأس نصراني وجزيرة تيران محل القوات الإسرائيلية ابتداء من 16 مارس 1958.
لقطة لباب المندب من الجو عام 1966م، يظهر فيها خليج عدن والبحر الأحمر

رفع الحصار المصري على باب المندب
في يوم 9 ديسمبر 1973 تم رفع الحصار عن باب المندب في هدوء وبدون إغلاق رسمي، ففي 11 ديسمبر تلقت وكالة "سانا" السورية للأنباء برقية من مصادرها في الكويت ذكرت أن سفنا إسرائيلية عبرت يوم 9 ديسمبر 1973 مضيق باب المندب بحراسة قطع بحرية تابعة للأسطول الأمريكي السابع في طريقها إلى ميناء "إيلات" الإسرائيلي وبذلك انتهت قصة حصار مضيق باب المندب وفُتح الطريق للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر مرة أخرى إلى ميناء إيلات.

أهمية البحر الأحمر
يعتبر البحر الأحمر أفضل طريق بحري يصل الشرق بالغرب مما أعطى البحر الأحمر بمداخله الشمالية والجنوبية أهمية استراتيجية كبيرة وباستعراض التاريخ نجد أن
• الغزو الفرنسي لمصر عام 1798م كان ينطلق من موقع مصر الجغرافي وإشرافها على مخرج البحر الأحمر حيث الانطلاق منها إلى المداخل الجنوبية وتهديد المصالح البريطانية في الشرق.
• كان احتلال بريطانيا لجزيرة (بريم 1817م) ثم احتلال عدن (1839م) من أجل السيطرة على البحر الأحمر وسعي بريطانيا إلى تقليص دور مصر المتنامي في البحر الأحمر وأيضًا الحد من وجودها في القرن الأفريقي.
• احتلال فرنسا (لجيبوتي 1862م) كان لمنافسة بريطانيا في البحر الأحمر.
• بعد افتتاح (قناة السويس 1869م) ازدادت أهمية البحر الأحمر والقرن الأفريقي وأخذ التنافس الاستعماري من أجل السيطرة عليه واحتلال مصر.

القرن الأفريقي وأهميته:
القرن الأفريقي (اريتريا - جيبوتي - الصومال)
يتكون القرن الأفريقي من ثلاث دول هي (اريتريا – جيبوتي – الصومال) وقد عرف بالقرن نسبة إلى شكله على الخارطة (يشبه القرن) وتبرز أهمية القرن الأفريقي من ناحيتين الأولى بحرية حيث يشرف على البحر العربي والمحيط الهندي والبحر الأحمر، والثانية برية باعتبار القرن الأفريقي نقطة الانطلاق من المياه الدافئة، وصولا إلى قلب أفريقيا.

الاستراتيجية الصهيونية تجاه البحر الأحمر:
يعتبر ميناء "إيلات" منفذ الكيان الصهيوني على البحر الأحمر، فكما قال بن جوريون: (إيلات موت وحياة إسرائيل) ومن ثم فلابد أن يتجه الصهاينة نحو المدخل الجنوبي للبحر الأحمر لأنه يربطهم بدول آسيا والشرق الأدني و أفريقيا واضعين في حساباتهم كون البحر الأحمر بمداخله ومخارجه بحيرة عربية ولمخاوفهم من إغلاقه بوجههم اتجه الكيان الصهيوني إلى التحالف مع إمبراطور أثيوبيا (هيلاسلاسي) ومساندته في احتلال إريتريا وكذلك مساندة أثيوبيا في الصراع مع الصومال وإيجاد صلات وثيقة معها على الصعيدين الاقتصادي والعسكري.

لقد قام الكيان الصهيوني باحتلال عدة جزر في باب المندب أهمها جزيرة (زقر) كما يقوم بالتنسيق مع الولايات المتحدة في البحر الأحمر والمحيط الهندي لتأمين وصول النفط العربي من الخليج والدول الأخرى إلى الأسواق الأمريكية والغربية، ويقف في وجه أي تعاون عسكري لتحويل البحر الأحمر إلى بحيرة عربية، ويسعى لجعل البحر الأحمر حاجزًا طبيعيًا يفصل الشرق العربي عن مغربه، وتقسيم الأمة العربية إلى قسمين (أفريقي – آسيوي)

الاستراتيجية العربية تجاه البحر الأحمر:
إن العرب مطالبون اليوم قبل أي وقت مضى بأن يفيقوا حتى لا يلفظهم التاريخ وتضيع الجغرافيا من تحت أرجلهم، وانطلاقًا مما تقدم فإن الاستراتيجية العربية يجب أن تعتمد على مبدأ واحد أساسي وهام وهو أن الأمن العربي كل لا يتجزأ ومن ثم يجب:
• إنهاء أي وجود عسكري أجنبي ومنع إقامة قواعد عسكرية أجنبية.
• التعاون العسكري والاقتصادي والفني بين الأقطار العربية ككل وبين هذه الأقطار والقرن الأفريقي (جيبوتي – الصومال – اريتريا) والعمل على تحقيق الوحدة بين أقطار القرن الأفريقي.
• العودة وفورًا لإنشاء المشروع العملاق (مدينة النور) على شاطئ اليمن وجيبوتي.
إن إسرائيل وبدلاً من أن تكون تحت رحمة السيادة العربية على الممرات المائية الاستراتيجية من مضيق جبل طارق حتى باب المندب مرورًا بقناة السويس، فإنها تحاول أن تضع العرب عند رحمة تحالفاتها التي ترفع القبضة العربية عن هذه الممرات، من حلف الأطلسي في الشمال حتى أثيوبيا، وجنوب السودان.

إن إسرائيل توسع في دائرة تحالفاتها الاستراتيجية والدول العربية توسع دائرة صراعاتها الصغيرة والتافهة التي تستنزف قدراتها وإمكانياتها والتي تتراوح بين صدامات مسلحة في الصحراء بين المغرب والجزائر (البوليساريو) وتعميق الخلافات والنزاعات والتشرذم في (العراق) والغرق في دوامة المحكمة الدولية أو شهود الزور في (لبنان) أو تزوير الانتخابات وقمع إرادة الشعب في (مصر) واستمرار الانقسام الفلسطيني وخضوع قادة السلطة وتمسكهم بالمفاوضات التي لا طائل من ورائها فيما تواصل إسرائيل مخطط التهويد للبشر والحجر.

وبعد،، فأتمنى أن يكون هذا المقال صيحة تحذير فلا عذر للضعيف أن يكون ضعيفًا بعد أن منحه الله أسباب القوة كما منح غيره وكما يقول الحكماء الاستعداد للحرب أنفر للحرب، وهذه ليست دعوة لشن الحروب على الآخرين ولكني أجد غضاضة وغصة في حلقي وأنا أرى تهديدًا على لسان "زيناوي" رئيس وزراء أثيوبيا بشن الحرب على مصر، فلا يكون رد فعل المسئولين فيها سوى القول: بأن علاقتنا جيدة بأثيوبيا ولا نعرف لماذا تهددنا؟؟؟!!!
لا أريد أن أقول مع عروة بين أذينة:
أمرتكم أمري بمنعرج اللوى فلم تستبينوا النصح إلى ضحى الغد
أو أقول مع غيره:
مالي أراكم نيامًا في بٌلهنية وقد ترون شهاب الحرب قد لمعا
والله من وراء القصد،،

**********

العنوان الأصلى للموضوع : الحلم العربي يغرق في البحر الأحمر .. والعرب يندبون على باب المندب

الكاتب : م . فتحى شهاب الدين

المصدر : ط§ظ„ظ…ظ†ظˆظپظٹط© - (http://www.mnfonline.com/index.php?do=show&cat=28&id=2145)

الحنين للذكريات الجميلة
17-12-2010, 12:33 PM
لو تكرم أخ من فريق الإشراف بتعديل العنوان فقط إلى العنوان التالى :

أما آن الأوان لمشروع النور أن يخرج إلى النور ..؟؟

وجزاكم الله خير