المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ظاهـرة حـرق النـفـس والإنتحار ... !!


جميل لافي
19-01-2011, 04:40 AM
بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله والصلاة والسلام علىرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن إستن بسنته ، وإقتفى أثره إلى يوم الدين .



ظاهـرة حـرق النـفـس والإنتحار



ظهرت مؤخراً في بلاد المسلمين هذه الظاهرة المُهلكة ، والغريبة عن الإسلام والمُسلمين ، ألا وهي ظاهرة حرق النفس إحتجاجاً على وضع مادي ، أو على ضغوط دينية ، أو على كبت الحريات أو غيرها ....


فهل هذه أعذار تـُرتجى عند الملك الجبار .... ؟؟


فقبل شهر في تونس والجزائر ، وبالأمس في مصر ونواكشط بموريتانيا ، وبعدهـــا، وبعدهــــا ....


فما حُكم الشرع في هذه المسألة الخطيـرة ... ؟؟


أؤصل بما يلـي : لا مانع من الإحتجاج والتظاهر الذي لا يمس المسلمين الآمنيين بسوء ، أو بمقدراتهم أو بممتلكاتهم أو بأرواحهم أو بأعراضهم ، فالمال يُعادل الروح كما قيل سابقاً ، والمال والنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق من الضروريات الخمس التي ضمنها الشرع لكل المُسلمين وهي
: النفس ، والمال ، والعرض ، والدين ، والعقل .


فهذه خطوط حمراء في الإسلام لا يجوز الإقتراب منها إلا في الحدود والقصاص فقط .


ثم أن الغاية في الإسلام لا تـُبرر الوسيلة .


وهل يجوز لشخص ما أن يحرق نفسه من أجل لقمة العيش أو من في الأرض جميعاً ، أو حتى من أجل ِ دينهِ ... ؟؟



وهل يشفع الناس للذي حرق نفسهُ ، وينفعوه يوم لا ينفعُ مال ٌ ولا بنونَ إلا من أتى الله بقلب ٍ سليم ... ؟؟


الجواب فيما يلي ، وفي قولهِ تعالى : ( فإذا جآئت الصآخة ُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (http://quran.al-islam.com/Loader.aspx?pageid=217&SuraNum=80&AyaNum=34&Return=http%3a%2f%2fquran.al-islam.com%2fPortals%2fal-islam_com%2fLoader.aspx%3fpageid%3d223%26Words%3d% d9%8a%d9%88%d9%85%2b%d9%8a%d9%81%d8%b1%2b%d8%a7%d9 %84%d9%85%d8%b1%d8%a1%26Level%3dexact%26Type%3dphr ase%26Page%3d0%26SectionID%3d-1)* وأمه ِ وأبيه * وصاحبته ِ وبنيه ِ * لكل ِ امرئ ٍ منهم يومئذ ٍ شأن ٌ يُغنيه ) عبس 33 ـ 37 .


وقال تعالى : ( يُبصرّوُنهُمْ يودّ ُ المُجرمُ لوْ يفتدي منْ عذاب ِ يومِئِذ ٍ ببنيه * وصاحبته ِ وأخيه ِ * وفصيلته ِ التي تـُئويه ِ * ومن في الأرض ِ جميعا ً ثمَّ يُنجيه ِ* كلآ إنها لَظى * نزاعة ً للشوى * تدعواْ من أدبرَ وتولى ) المعارج 11 ـ 17 .


إذا ً يفرُ الإنسان من كل أهلهِ وأحبابهِ ، ولحظتها يودّ ُ لو يفتدي نفسهُ ممن في الأرض ِ جميعاً ، ولن يُنجيه ذلك لو فعل ... !!


يظنُ المُنتحر بفعله ِ هذا أنهُ فدى شعبهُ وأمته ُوكان كبش الفداء لهم بحرق نفسه ِ ، والشرارة التي قلبت نظام الحُكم ، وأغدقت الخيرات على الناس ، فهل من نجاة ٍ ؟؟


قال الحق تعالى في الآية : كلآ إنها لَظى ، أي جهنم .


وأدلة جُرم قتل النفس والإنتحار فيما يلي :



* قال سهل أن الرجل الذي قتل نفسه اتكأ على حد سيفه حتى خرج من ظهره ، وفي سياق أبي هريرة أنه استخرج أسهما من كنانته فنحر بها نفسه . وأيضا ففي حديث سهل أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لهم لما أخبروه بقصته : ( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة ... ) الحديث .


* وفي حديث أبي هريرة أنه قال لهم لما أخبروه بقصته :


(قم يا بلال فأذن أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن )


ومُقرر ٌ في شرعنا أن َّ المؤمن َ لا يقتل نفسه .


* فقد نحر نفسه بأسهمه فلم تزهق روحه وإن كان قد أشرف على القتل فاتكأ حينئذ ٍ على سيفهِ استعجالا ً للموت ، وقال ابن الجوزي إسم الرجل هو قزمان الظفري ، وكان قد تخلف عن المسلمين يوم أ ُحد فعيرتهُ النساء ، فخرج حتى صار في الصف الأول فكان أول من رمى بسهم ، ثم صار إلى السيف ففعل العجائب .


* وفي حديث أكثم بن أبي الجون الخزاعي عند الطبراني ( قال : قلنا : يا رسول الله فلان يجزئ في القتال . قال : هو في النار . قلنا : يا رسول الله إذا كان فلان في عبادته واجتهاده ولين جانبه في النار فأين نحن ؟ قال : ذلك أخباث النفاق . قال : فكنا نتحفظ عليه في القتال ) فتح الباري بشرح صحيح البخاري .


**************************


* وعن أبي هريرة قال: ( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي قال فلا تعطه مالك قال أرأيت إن قاتلني قال قاتله قال أرأيت إن قتلني قال فأنت شهيد قال أرأيت إن قتلته قال هو في النار) صحيح مسلم .


فهذا دليل للحفاظ والدفاع عن المال ، وعدم سلبه واغتصابه ِِمن المسلمين .


* وعن ابن عمر (رضي الله عنهما) قال : ( قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما ً حراما ً ) رواه البخاري في الصحيح ، وأحمد .


وهذا دليل على أن المسلم في بحبوحة ، وبأمان من دينه ما لم يقتل مسلماً .


* وعن عبد الرحمن بن علي يعني ابن شيبان عن أبيه قال :


( قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من بات على ظهر بيت ليس له حجار فقد برئت منه الذمة ) أبو داود في السنن .


* وعن أبي عمران الجوني قال كنا بفارس وعلينا أمير يقال له زهير بن عبد الله فقال حدثني رجل : ( أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال من بات فوق إجار أو فوق بيت ليس حوله شيء يرد رجله فقد برئت منه الذمة ومن ركب البحر بعد ما يرتج فقد برئت منه الذمة ) رواه أحمد .


* فأيهما أعظم جُرما ً ، الذي نام على سطح بيت ٍ ليس لهُ سور أو ركب البحر وهو شديد الموج ، ولم يكن في نيته ِ قتل نفسه ِ ، أم من حرق نفسه ِ مع سبق الإصرار والترصد ، والعزم بالنية والفعل ... ؟؟


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


* وقال تعالى بعد أن قص علينا قصة إبنيّ آدم قابيل وهابيل :



( ِمنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ) المائدة 32 .


وقوله : ( على ابن آدم الأول ) هو قابيل عند الأكثر ، وأخرج الطبري عن ابن عباس :كان القربان يقربهُ الرجل فيما كان قبلنا ، فتنزل النار فتأكله وإلا فلا ، أي لا يُقبل إذا لم يكن تقيا ً .


وقال ابن عباس : من حرَّم قتلها إلا بحق ، فكأنما أحيا الناس جميعا ً ) والمراد من هذه الآية وهو قوله تعالى :


( من قتل نفسا ً بغير نفس ٍ أو فساد ٍ في الأرض ِ فكأنما قتل الناس جميعا )


وعليه ينطبق قوله : ( إلا كان على ابن آدم الأول كفلٌ منها ) لأنه هو من سن هذه السُنّة .


وقوله : ( كفل منها ) أي من دمها أو من إثمها ، لأنه منسن القتل ، ومنه قوله تعالى :( مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (http://quran.al-islam.com/Loader.aspx?pageid=217&SuraNum=4&AyaNum=85&Return=http%3a%2f%2fquran.al-islam.com%2fPortals%2fal-islam_com%2fLoader.aspx%3fpageid%3d223%26Words%3d% d9%88%d9%85%d9%86%2b%d9%8a%d8%b4%d9%81%d8%b9%2b%d8 %b4%d9%81%d8%a7%d8%b9%d8%a9%26Level%3dexact%26Type %3dphrase%26Page%3d0%26SectionID%3d-1)) النساء 85 .


وقوله : (لأنه أول من سن القتل ) فيه أن من سن شيئا كتب له أو عليه .


* وقد أخرج مسلم من حديث جرير : ( من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة )


* وهو محمول على من لم يتب من ذلك الذنب ، والذي ينتحر ويحرق نفسه هل تاب أو أدرك التوبة ... ؟؟.


* ومن سنَّ سُنة حرق النفس بين المُسلمين ماذا يكون عليه ِ... ؟؟


سيكون عليه ِ وزرها ووزرَ من عمل بها إلى يوم القيامة .


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


* وعن عبد الله بن عمرو: ( أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم ) رواه الترمذي .


* وعن البراء بن عازب : ( أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق ) سنن ابن ماجة .


فكم من ضحية قضى نحبهُ بغير وجه حق بسبب عنف الشرطة بتونس وغيرها ... ؟؟


فكما أخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) أن زوال الدنيا بما فيها أهون على الله عز وجل من قتل إمرئ ٍ مسلم بغير وجه حق .


فهذا نداء لكل من تـُسول لهُ نفسهُ بقتل أي مُسلم .
ونداء لكل من أراد حرق نفسه ِ، أو قتلها .


ودعوة إلى العلماء للتنبيه على هذه الظاهرة .


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


* هذا واللهُ تعالى أعلى وأجلُّ وأعلم * .


* وأستغفر الله *


الشيخ جميل لافي

18 / 1 / 2011


أرجو تثبيت الموضوع للأهمية .



.

ألب أرسلان
20-01-2011, 03:05 AM
أسأل الله أن يحفظ بلادنا وشبابنا

بارك الله فيكم ...

الأرقم
22-01-2011, 03:04 AM
لي عودة للموضوع بإذن الله شيخنا الكريم
جزاك الله خيراً

greenfresh
24-01-2011, 04:39 PM
اقتباس من مقالة الدكتور راغب (http://www.islamstory.com/%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-2):
وكنتُ أتمنَّى أن لو قامت هذه الثورة من أجل نزع حجاب امرأة، لا من أجل شابٍّ منتحر!
لا تغضبوا مني قرَّائي الأعزَّاء!

ما قلتُ ذلك إلاَّ شفقةً على الأُمَّة أن تعيش في وهمٍ كبير!

خرج -وسيخرج الكثيرون- ليشعلوا النار في أنفسهم؛ أملاً أن يحدث التغيير، ولن يحدث التغيير ولو أحرق الشعب كله نفسه!

اليائسون لا يُغيِّرون..

إن هذا التغيير العشوائي جدًّا ثمرة (http://www.islamstory.com/%D8%AD%D8%AA%D9%89-%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D8%B3%D8%B1%D9%82-%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-%D9%84%D9%85%D9%86-%D8%AA%D8%B3%D9%84%D9%85) سهلة وسائغة في أيدي أعداء الأمَّة..

سيخرج رجل من النظام البائد ذاته، يقول: نحن ضدَّ قوى الظلام، وسنقوم بثورة تصحيح، وسيتم القبض على عددٍ كبير من القادة الذين سيُضحِّي بهم، مع أنهم كانوا أصدقاء له في الماضي القريب! وستُختار مجموعة لا قيمة لها من رموز المعارضة لتجميل الصورة، وسيحدث تخدير للشعب، مع بعض الترغيب والترهيب.. وسيبارك المجتمع الدولي لتونس حكومتها الجديدة، وتهنِّئ أمريكا، وتهنِّئ فرنسا، ويتسابق الإعلام العربي في مدح التغيير الجديد، ويُستقبل الزعيم الجديد الفاتح في ربوع الدنيا.. ولو رفعنا القناع من على وجهه لظهر زين العابدين!!

لماذا هذا الكلام؟!

إنها ليست دعوة للإحباط، إنما هي دعوة للعمل..

لا بُدَّ من إعداد وترتيب..

ولا بُدَّ من تواجد قُوى على الساحة، حتى لو كان الثمن سجنًا وتعذيبًا وقهرًا وبطشًا..

لا بُدَّ من مشاركة مستمرة في الأحداث، ومعايشة للشعب في همومه، وطرح الحلول البديلة ليل نهار، حتى إذا جاءت فرصة كهذه صار المصلحون هم البديل الطبيعي والمنطقي أمام الشعب.. أمَّا الآن فالجميع يُريد الحكم في تونس، وستأتي رموز إسلامية جيدة من هنا وهناك تعرض نفسها، لكنْ صدقوني.. سيقول الشعب: وأين كنتم يوم قمنا بالثورة؟ وسيتنازع الأمر كثيرون، وستتفتَّتْ الأصوات، وعندها سيصعد الرجل الغامض الذي أشارت له أمريكا أو فرنسا بأن يدفع زين العابدين إلى الهروب..

ومَنْ قرأ التاريخ أدرك كل ما سبق!

وراجعوا قصة صعود أتاتورك لكرسيِّ الحكم في تركيا (http://www.islamstory.com/%D9%82%D8%B5%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%83% D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D 9%8A%D8%A9_%D9%81%D9%8A_%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D 8%A7)..

ولقد قلنا قبل ذلك في الوقفة الثالثة: إن التغيير يأتي من حيث لا نحتسب. وذكرنا مثال فتح مكة (http://www.islamstory.com/%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D9%85%D9%83%D8%A9-%D9%88%D8%B3%D9%86%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D9%8A%D8%B1-1-2)، فقد فُتحت مكة نتيجة خيانة بني بكر لخزاعة، وهو أمر لا يحسب له أحد حسابًا؛ فقريش ذاتها لم تخُنِ المسلمين، لكن شاء الله أن يحدث هذا الأمر غير المتوقَّع ليتمّ الفتح، لكن الاختلاف الجوهري في الموضوع هو أن الرسول والجماعة المؤمنة معه كانوا جاهزين لأبعد درجة.. كانوا جاهزين إيمانيًّا، وعسكريًّا، واقتصاديًّا، وخططيًّا؛ فعندما جاءت الفرصة الكبيرة غير المتوقعة كان رسول الله جاهزًا تمامًا لانتهاز هذه الفرصة، ولجني ثمرة الإعداد الطويل (http://www.islamstory.com/%D9%85%D8%BA%D8%B2%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9).. إننا لا نعرف متى ستكون الفرصة المناسبة، لكننا نعرف كيف نتهيَّأ لها، ونحن لا نعرف متى يأتي نصر الله (http://www.islamstory.com/%D8%A3%D9%84%D8%A7_%D8%A5%D9%86_%D9%86%D8%B5%D8%B1 _%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%A8 _%D8%A8%D9%82%D9%84%D9%85_%D8%B9%D9%84%D9%8A_%D8%A 8%D8%A7%D8%AF%D8%AD%D8%AF%D8%AD)، ولكن نعرف كيف نستحقُّ نصر الله!

وعلى هذا، فتكرار المثال التونسي في البلاد الأخرى مستحيل.. بل لا ننصح بتكراره بالصورة نفسها، إنما ننصح بالإعداد الجيد، والترتيب الحسن، وتحمُّل التبعات، والإكثار من التضحيات، فإذا جاءت الفرصة بعد هذا الإعداد كان التغيير راسخًا، وكان الذين يلتقطون الثمرة هم أَوْلى الناس بجنيها. .................................................. ...................


المسألة الأولى: مسألة الشاب المنتحر الذي كان بدايةً للأحداث..

لا ينبغي أبدًا للمسلمين -في ظلِّ حماستهم وعاطفتهم الجيَّاشة نتيجة زوال حكم زين العابدين- أن ينظروا إليه على أنه شهيد، بل ويطالب البعض أن يُقام له تمثال أو تماثيل!

إن الشاب -في حكم الشرع- قام بجريمة منكرة، وهي جريمة الانتحار، ولا ينبغي لنا أبدًا أن نتعاطف مع هذه المسألة، ونبحث عن الأسباب المبرِّرة له.. دعوني أقولها عالية: "لا مبرِّر أبدًا لجريمة الانتحار، مهما كانت الأوضاع متردِّية". إنها حالة شديدة من ضعف الإيمان، قال تعالى: {قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ} [الحجر: 56]. وقال أيضًا: {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87]. وقال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29].

والذي يقتل نفسه غير معذور أبدًا في ذلك؛ فقد صرَّح رسول الله بفساد هذا الفعل، وسوء عاقبته، فقال -فيما رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري-: "مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهْوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسَمُّهُ فِي يَدِهِ، يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ، يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا"[1] (http://www.islamstory.com/%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-2#_ftn1).

راجعوا الصياغة؛ لتدركوا مدى تغليظ النهي، وتبشيع الفعل..

ماذا حدث عندما غابت هذه الرؤية الشرعية عند الإعلام؟ وماذا حدث عندما صوَّروا هذا الشاب المنتحر على أنه شهيد؟

لقد تصوَّر المسلمون أن الفعل حميد، وأنه سيقود إلى تغيير مجيد، بل لعلَّ البعض تصوَّر فيه الحسنات والدرجات العُلا في الجنة! ها هم سبعة حتى الآن يحرقون أنفسهم في مصر، وأربعة في الجزائر، وواحد في موريتانيا.. هذا ما أعلمه.. وقد يكون هناك غيرهم مما لم يشتهر أمره في الإعلام.

إنها كارثة..

إنها مخالفة شرعية جسيمة.. وهي سلبية مقيتة.. وهي طلب للراحة من هموم الدنيا إلى جحيم الآخرة!!

لقد مرَّ رسول الله والصحابة الكرام y بأضعاف أضعاف ما مرَّ به الشاب التونسي، فما انتحر أحدهم، ولا قنط من روح الله.. لقد تفلوا في وجه رسول الله ، وألقوا على رأسه القاذورات، وسبُّوه بأقذع الألفاظ، وقذفوه بالحجارة، وطردوه من بيته، وصادروا ماله، وفعلوا ذلك بأصحابه y، وحتى لو قال أحد الناس: إن الذي تعدَّى على الشاب التونسي امرأة شرطية؛ فجرح هذا كرامته. أقول لكم: إن الذي كان يتولَّى تعذيب خباب بن الأرت (http://www.islamstory.com/%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%A8_%D8%A8%D9%86_%D8%A7%D9%84 %D8%A3%D8%B1%D8%AA) -العربي الأصيل الكريم- امرأة، وما سُمح له أن ينتحر أو يقنط.

إنني أرفض تمامًا هذا التكريم الذي يتلقَّاه الشاب المنتحر، حتى لو كانت الثورة ناجحة، وقد نجح فتح مكة (http://www.islamstory.com/%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D9%85%D9%83%D8%A9-%D9%88%D8%B3%D9%86%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D9%8A%D8%B1-2-2) مع أن سببه كان خيانة بني بكر لخزاعة، فليس معنى هذا أن نمدح الخيانة، أو نُثني على الخائنين.. إنما الصواب أن نتوافق مع الشرع في أهدافنا، وكذلك نتوافق معه في وسائلنا، فإذا فعلنا ذلك جاء التغيير، وعندها سيكون تغييرًا حقيقيًّا لا وهميًّا، مستمرًّا لا مؤقَّتًا.





عبرة كبيرة نرجو الاستفادة منها ........... جزى الله الدكتور راغب كل الخير على هذه المعلومات و التحليلات المفيدة

greenfresh
24-01-2011, 04:40 PM
اقتباس من مقالة الدكتور راغب (http://www.islamstory.com/%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-2):
وكنتُ أتمنَّى أن لو قامت هذه الثورة من أجل نزع حجاب امرأة، لا من أجل شابٍّ منتحر!
لا تغضبوا مني قرَّائي الأعزَّاء!

ما قلتُ ذلك إلاَّ شفقةً على الأُمَّة أن تعيش في وهمٍ كبير!

خرج -وسيخرج الكثيرون- ليشعلوا النار في أنفسهم؛ أملاً أن يحدث التغيير، ولن يحدث التغيير ولو أحرق الشعب كله نفسه!

اليائسون لا يُغيِّرون..

إن هذا التغيير العشوائي جدًّا ثمرة (http://www.islamstory.com/%D8%AD%D8%AA%D9%89-%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D8%B3%D8%B1%D9%82-%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-%D9%84%D9%85%D9%86-%D8%AA%D8%B3%D9%84%D9%85) سهلة وسائغة في أيدي أعداء الأمَّة..

سيخرج رجل من النظام البائد ذاته، يقول: نحن ضدَّ قوى الظلام، وسنقوم بثورة تصحيح، وسيتم القبض على عددٍ كبير من القادة الذين سيُضحِّي بهم، مع أنهم كانوا أصدقاء له في الماضي القريب! وستُختار مجموعة لا قيمة لها من رموز المعارضة لتجميل الصورة، وسيحدث تخدير للشعب، مع بعض الترغيب والترهيب.. وسيبارك المجتمع الدولي لتونس حكومتها الجديدة، وتهنِّئ أمريكا، وتهنِّئ فرنسا، ويتسابق الإعلام العربي في مدح التغيير الجديد، ويُستقبل الزعيم الجديد الفاتح في ربوع الدنيا.. ولو رفعنا القناع من على وجهه لظهر زين العابدين!!

لماذا هذا الكلام؟!

إنها ليست دعوة للإحباط، إنما هي دعوة للعمل..

لا بُدَّ من إعداد وترتيب..

ولا بُدَّ من تواجد قُوى على الساحة، حتى لو كان الثمن سجنًا وتعذيبًا وقهرًا وبطشًا..

لا بُدَّ من مشاركة مستمرة في الأحداث، ومعايشة للشعب في همومه، وطرح الحلول البديلة ليل نهار، حتى إذا جاءت فرصة كهذه صار المصلحون هم البديل الطبيعي والمنطقي أمام الشعب.. أمَّا الآن فالجميع يُريد الحكم في تونس، وستأتي رموز إسلامية جيدة من هنا وهناك تعرض نفسها، لكنْ صدقوني.. سيقول الشعب: وأين كنتم يوم قمنا بالثورة؟ وسيتنازع الأمر كثيرون، وستتفتَّتْ الأصوات، وعندها سيصعد الرجل الغامض الذي أشارت له أمريكا أو فرنسا بأن يدفع زين العابدين إلى الهروب..

ومَنْ قرأ التاريخ أدرك كل ما سبق!

وراجعوا قصة صعود أتاتورك لكرسيِّ الحكم في تركيا (http://www.islamstory.com/%D9%82%D8%B5%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%83% D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D 9%8A%D8%A9_%D9%81%D9%8A_%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D 8%A7)..

ولقد قلنا قبل ذلك في الوقفة الثالثة: إن التغيير يأتي من حيث لا نحتسب. وذكرنا مثال فتح مكة (http://www.islamstory.com/%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D9%85%D9%83%D8%A9-%D9%88%D8%B3%D9%86%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D9%8A%D8%B1-1-2)، فقد فُتحت مكة نتيجة خيانة بني بكر لخزاعة، وهو أمر لا يحسب له أحد حسابًا؛ فقريش ذاتها لم تخُنِ المسلمين، لكن شاء الله أن يحدث هذا الأمر غير المتوقَّع ليتمّ الفتح، لكن الاختلاف الجوهري في الموضوع هو أن الرسول والجماعة المؤمنة معه كانوا جاهزين لأبعد درجة.. كانوا جاهزين إيمانيًّا، وعسكريًّا، واقتصاديًّا، وخططيًّا؛ فعندما جاءت الفرصة الكبيرة غير المتوقعة كان رسول الله جاهزًا تمامًا لانتهاز هذه الفرصة، ولجني ثمرة الإعداد الطويل (http://www.islamstory.com/%D9%85%D8%BA%D8%B2%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9).. إننا لا نعرف متى ستكون الفرصة المناسبة، لكننا نعرف كيف نتهيَّأ لها، ونحن لا نعرف متى يأتي نصر الله (http://www.islamstory.com/%D8%A3%D9%84%D8%A7_%D8%A5%D9%86_%D9%86%D8%B5%D8%B1 _%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%A8 _%D8%A8%D9%82%D9%84%D9%85_%D8%B9%D9%84%D9%8A_%D8%A 8%D8%A7%D8%AF%D8%AD%D8%AF%D8%AD)، ولكن نعرف كيف نستحقُّ نصر الله!

وعلى هذا، فتكرار المثال التونسي في البلاد الأخرى مستحيل.. بل لا ننصح بتكراره بالصورة نفسها، إنما ننصح بالإعداد الجيد، والترتيب الحسن، وتحمُّل التبعات، والإكثار من التضحيات، فإذا جاءت الفرصة بعد هذا الإعداد كان التغيير راسخًا، وكان الذين يلتقطون الثمرة هم أَوْلى الناس بجنيها. .................................................. ...................


المسألة الأولى: مسألة الشاب المنتحر الذي كان بدايةً للأحداث..

لا ينبغي أبدًا للمسلمين -في ظلِّ حماستهم وعاطفتهم الجيَّاشة نتيجة زوال حكم زين العابدين- أن ينظروا إليه على أنه شهيد، بل ويطالب البعض أن يُقام له تمثال أو تماثيل!

إن الشاب -في حكم الشرع- قام بجريمة منكرة، وهي جريمة الانتحار، ولا ينبغي لنا أبدًا أن نتعاطف مع هذه المسألة، ونبحث عن الأسباب المبرِّرة له.. دعوني أقولها عالية: "لا مبرِّر أبدًا لجريمة الانتحار، مهما كانت الأوضاع متردِّية". إنها حالة شديدة من ضعف الإيمان، قال تعالى: {قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ} [الحجر: 56]. وقال أيضًا: {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87]. وقال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29].

والذي يقتل نفسه غير معذور أبدًا في ذلك؛ فقد صرَّح رسول الله بفساد هذا الفعل، وسوء عاقبته، فقال -فيما رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري-: "مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهْوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسَمُّهُ فِي يَدِهِ، يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ، يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا"[1] (http://www.islamstory.com/%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-2#_ftn1).

راجعوا الصياغة؛ لتدركوا مدى تغليظ النهي، وتبشيع الفعل..

ماذا حدث عندما غابت هذه الرؤية الشرعية عند الإعلام؟ وماذا حدث عندما صوَّروا هذا الشاب المنتحر على أنه شهيد؟

لقد تصوَّر المسلمون أن الفعل حميد، وأنه سيقود إلى تغيير مجيد، بل لعلَّ البعض تصوَّر فيه الحسنات والدرجات العُلا في الجنة! ها هم سبعة حتى الآن يحرقون أنفسهم في مصر، وأربعة في الجزائر، وواحد في موريتانيا.. هذا ما أعلمه.. وقد يكون هناك غيرهم مما لم يشتهر أمره في الإعلام.

إنها كارثة..

إنها مخالفة شرعية جسيمة.. وهي سلبية مقيتة.. وهي طلب للراحة من هموم الدنيا إلى جحيم الآخرة!!

لقد مرَّ رسول الله والصحابة الكرام y بأضعاف أضعاف ما مرَّ به الشاب التونسي، فما انتحر أحدهم، ولا قنط من روح الله.. لقد تفلوا في وجه رسول الله ، وألقوا على رأسه القاذورات، وسبُّوه بأقذع الألفاظ، وقذفوه بالحجارة، وطردوه من بيته، وصادروا ماله، وفعلوا ذلك بأصحابه y، وحتى لو قال أحد الناس: إن الذي تعدَّى على الشاب التونسي امرأة شرطية؛ فجرح هذا كرامته. أقول لكم: إن الذي كان يتولَّى تعذيب خباب بن الأرت (http://www.islamstory.com/%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%A8_%D8%A8%D9%86_%D8%A7%D9%84 %D8%A3%D8%B1%D8%AA) -العربي الأصيل الكريم- امرأة، وما سُمح له أن ينتحر أو يقنط.

إنني أرفض تمامًا هذا التكريم الذي يتلقَّاه الشاب المنتحر، حتى لو كانت الثورة ناجحة، وقد نجح فتح مكة (http://www.islamstory.com/%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D9%85%D9%83%D8%A9-%D9%88%D8%B3%D9%86%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D9%8A%D8%B1-2-2) مع أن سببه كان خيانة بني بكر لخزاعة، فليس معنى هذا أن نمدح الخيانة، أو نُثني على الخائنين.. إنما الصواب أن نتوافق مع الشرع في أهدافنا، وكذلك نتوافق معه في وسائلنا، فإذا فعلنا ذلك جاء التغيير، وعندها سيكون تغييرًا حقيقيًّا لا وهميًّا، مستمرًّا لا مؤقَّتًا.





عبرة كبيرة نرجو الاستفادة منها ........... جزى الله الدكتور راغب كل الخير على هذه المعلومات و التحليلات المفيدة

greenfresh
24-01-2011, 04:46 PM
اقتباس من مقالة الدكتور راغب (http://www.islamstory.com/%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-2):
وكنتُ أتمنَّى أن لو قامت هذه الثورة من أجل نزع حجاب امرأة، لا من أجل شابٍّ منتحر!
لا تغضبوا مني قرَّائي الأعزَّاء!

ما قلتُ ذلك إلاَّ شفقةً على الأُمَّة أن تعيش في وهمٍ كبير!

خرج -وسيخرج الكثيرون- ليشعلوا النار في أنفسهم؛ أملاً أن يحدث التغيير، ولن يحدث التغيير ولو أحرق الشعب كله نفسه!

اليائسون لا يُغيِّرون..

إن هذا التغيير العشوائي جدًّا ثمرة (http://www.islamstory.com/%D8%AD%D8%AA%D9%89-%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D8%B3%D8%B1%D9%82-%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-%D9%84%D9%85%D9%86-%D8%AA%D8%B3%D9%84%D9%85) سهلة وسائغة في أيدي أعداء الأمَّة..

سيخرج رجل من النظام البائد ذاته، يقول: نحن ضدَّ قوى الظلام، وسنقوم بثورة تصحيح، وسيتم القبض على عددٍ كبير من القادة الذين سيُضحِّي بهم، مع أنهم كانوا أصدقاء له في الماضي القريب! وستُختار مجموعة لا قيمة لها من رموز المعارضة لتجميل الصورة، وسيحدث تخدير للشعب، مع بعض الترغيب والترهيب.. وسيبارك المجتمع الدولي لتونس حكومتها الجديدة، وتهنِّئ أمريكا، وتهنِّئ فرنسا، ويتسابق الإعلام العربي في مدح التغيير الجديد، ويُستقبل الزعيم الجديد الفاتح في ربوع الدنيا.. ولو رفعنا القناع من على وجهه لظهر زين العابدين!!

لماذا هذا الكلام؟!

إنها ليست دعوة للإحباط، إنما هي دعوة للعمل..

لا بُدَّ من إعداد وترتيب..

ولا بُدَّ من تواجد قُوى على الساحة، حتى لو كان الثمن سجنًا وتعذيبًا وقهرًا وبطشًا..

لا بُدَّ من مشاركة مستمرة في الأحداث، ومعايشة للشعب في همومه، وطرح الحلول البديلة ليل نهار، حتى إذا جاءت فرصة كهذه صار المصلحون هم البديل الطبيعي والمنطقي أمام الشعب.. أمَّا الآن فالجميع يُريد الحكم في تونس، وستأتي رموز إسلامية جيدة من هنا وهناك تعرض نفسها، لكنْ صدقوني.. سيقول الشعب: وأين كنتم يوم قمنا بالثورة؟ وسيتنازع الأمر كثيرون، وستتفتَّتْ الأصوات، وعندها سيصعد الرجل الغامض الذي أشارت له أمريكا أو فرنسا بأن يدفع زين العابدين إلى الهروب..

ومَنْ قرأ التاريخ أدرك كل ما سبق!

وراجعوا قصة صعود أتاتورك لكرسيِّ الحكم في تركيا (http://www.islamstory.com/%D9%82%D8%B5%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%83% D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D 9%8A%D8%A9_%D9%81%D9%8A_%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D 8%A7)..

ولقد قلنا قبل ذلك في الوقفة الثالثة: إن التغيير يأتي من حيث لا نحتسب. وذكرنا مثال فتح مكة (http://www.islamstory.com/%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D9%85%D9%83%D8%A9-%D9%88%D8%B3%D9%86%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D9%8A%D8%B1-1-2)، فقد فُتحت مكة نتيجة خيانة بني بكر لخزاعة، وهو أمر لا يحسب له أحد حسابًا؛ فقريش ذاتها لم تخُنِ المسلمين، لكن شاء الله أن يحدث هذا الأمر غير المتوقَّع ليتمّ الفتح، لكن الاختلاف الجوهري في الموضوع هو أن الرسول والجماعة المؤمنة معه كانوا جاهزين لأبعد درجة.. كانوا جاهزين إيمانيًّا، وعسكريًّا، واقتصاديًّا، وخططيًّا؛ فعندما جاءت الفرصة الكبيرة غير المتوقعة كان رسول الله جاهزًا تمامًا لانتهاز هذه الفرصة، ولجني ثمرة الإعداد الطويل (http://www.islamstory.com/%D9%85%D8%BA%D8%B2%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9).. إننا لا نعرف متى ستكون الفرصة المناسبة، لكننا نعرف كيف نتهيَّأ لها، ونحن لا نعرف متى يأتي نصر الله (http://www.islamstory.com/%D8%A3%D9%84%D8%A7_%D8%A5%D9%86_%D9%86%D8%B5%D8%B1 _%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%A8 _%D8%A8%D9%82%D9%84%D9%85_%D8%B9%D9%84%D9%8A_%D8%A 8%D8%A7%D8%AF%D8%AD%D8%AF%D8%AD)، ولكن نعرف كيف نستحقُّ نصر الله!

وعلى هذا، فتكرار المثال التونسي في البلاد الأخرى مستحيل.. بل لا ننصح بتكراره بالصورة نفسها، إنما ننصح بالإعداد الجيد، والترتيب الحسن، وتحمُّل التبعات، والإكثار من التضحيات، فإذا جاءت الفرصة بعد هذا الإعداد كان التغيير راسخًا، وكان الذين يلتقطون الثمرة هم أَوْلى الناس بجنيها. .................................................. ...................


المسألة الأولى: مسألة الشاب المنتحر الذي كان بدايةً للأحداث..

لا ينبغي أبدًا للمسلمين -في ظلِّ حماستهم وعاطفتهم الجيَّاشة نتيجة زوال حكم زين العابدين- أن ينظروا إليه على أنه شهيد، بل ويطالب البعض أن يُقام له تمثال أو تماثيل!

إن الشاب -في حكم الشرع- قام بجريمة منكرة، وهي جريمة الانتحار، ولا ينبغي لنا أبدًا أن نتعاطف مع هذه المسألة، ونبحث عن الأسباب المبرِّرة له.. دعوني أقولها عالية: "لا مبرِّر أبدًا لجريمة الانتحار، مهما كانت الأوضاع متردِّية". إنها حالة شديدة من ضعف الإيمان، قال تعالى: {قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ} [الحجر: 56]. وقال أيضًا: {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87]. وقال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29].

والذي يقتل نفسه غير معذور أبدًا في ذلك؛ فقد صرَّح رسول الله بفساد هذا الفعل، وسوء عاقبته، فقال -فيما رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري-: "مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهْوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسَمُّهُ فِي يَدِهِ، يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ، يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا"[1] (http://www.islamstory.com/%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-2#_ftn1).

راجعوا الصياغة؛ لتدركوا مدى تغليظ النهي، وتبشيع الفعل..

ماذا حدث عندما غابت هذه الرؤية الشرعية عند الإعلام؟ وماذا حدث عندما صوَّروا هذا الشاب المنتحر على أنه شهيد؟

لقد تصوَّر المسلمون أن الفعل حميد، وأنه سيقود إلى تغيير مجيد، بل لعلَّ البعض تصوَّر فيه الحسنات والدرجات العُلا في الجنة! ها هم سبعة حتى الآن يحرقون أنفسهم في مصر، وأربعة في الجزائر، وواحد في موريتانيا.. هذا ما أعلمه.. وقد يكون هناك غيرهم مما لم يشتهر أمره في الإعلام.

إنها كارثة..

إنها مخالفة شرعية جسيمة.. وهي سلبية مقيتة.. وهي طلب للراحة من هموم الدنيا إلى جحيم الآخرة!!

لقد مرَّ رسول الله والصحابة الكرام y بأضعاف أضعاف ما مرَّ به الشاب التونسي، فما انتحر أحدهم، ولا قنط من روح الله.. لقد تفلوا في وجه رسول الله ، وألقوا على رأسه القاذورات، وسبُّوه بأقذع الألفاظ، وقذفوه بالحجارة، وطردوه من بيته، وصادروا ماله، وفعلوا ذلك بأصحابه y، وحتى لو قال أحد الناس: إن الذي تعدَّى على الشاب التونسي امرأة شرطية؛ فجرح هذا كرامته. أقول لكم: إن الذي كان يتولَّى تعذيب خباب بن الأرت (http://www.islamstory.com/%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%A8_%D8%A8%D9%86_%D8%A7%D9%84 %D8%A3%D8%B1%D8%AA) -العربي الأصيل الكريم- امرأة، وما سُمح له أن ينتحر أو يقنط.

إنني أرفض تمامًا هذا التكريم الذي يتلقَّاه الشاب المنتحر، حتى لو كانت الثورة ناجحة، وقد نجح فتح مكة (http://www.islamstory.com/%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D9%85%D9%83%D8%A9-%D9%88%D8%B3%D9%86%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D9%8A%D8%B1-2-2) مع أن سببه كان خيانة بني بكر لخزاعة، فليس معنى هذا أن نمدح الخيانة، أو نُثني على الخائنين.. إنما الصواب أن نتوافق مع الشرع في أهدافنا، وكذلك نتوافق معه في وسائلنا، فإذا فعلنا ذلك جاء التغيير، وعندها سيكون تغييرًا حقيقيًّا لا وهميًّا، مستمرًّا لا مؤقَّتًا.





عبرة كبيرة نرجو الاستفادة منها ........... جزى الله الدكتور راغب كل الخير على هذه المعلومات و التحليلات المفيدة

المحبه لرسول الله
19-02-2011, 04:34 PM
بارك الله فيك أخي الكريم والله موضوع حساس
اللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن