المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مكانة النبي عليه الصلاة والسلام عند الصحابة


الشيخ محمد الزعبي
24-01-2011, 05:08 PM
مكانة النبي عليه الصلاة والسلام عند الصحابة:
{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }الفتح29
محمد رسول الله, والذين معه على دينه أشداء على الكفار, رحماء فيما بينهم, تراهم ركعًا سُجَّدًا لله في صلاتهم, يرجون ربهم أن يتفضل عليهم, فيدخلهم الجنة, ويرضى عنهم, علامة طاعتهم لله ظاهرة في وجههم من أثر السجود والعبادة, هذه صفتهم في التوراة. وصفتهم في الإنجيل كصفة زرع أخرج ساقه وفرعه, ثم تكاثرت فروعه بعد ذلك, وشدت الزرع, فقوي واستوى قائمًا على سيقانه جميلا منظره, يعجب الزُّرَّاع؛ ليَغِيظ بهؤلاء المؤمنين في كثرتهم وجمال منظرهم الكفار. وفي هذا دليل على كفر من أبغض الصحابة -رضي الله عنهم-; لأن من غاظه الله بالصحابة, فقد وُجد في حقه موجِب ذاك, وهو الكفر. وعد الله الذين آمنوا منهم بالله ورسوله وعملوا ما أمرهم الله به, واجتنبوا ما نهاهم عنه, مغفرة لذنوبهم, وثوابًا جزيلا لا ينقطع, وهو الجنة. (ووعد الله حق مصدَّق لا يُخْلَف, وكل من اقتفى أثر الصحابة رضي الله عنهم فهو في حكمهم في استحقاق المغفرة والأجر العظيم, ولهم الفضل والسبق والكمال الذي لا يلحقهم فيه أحد من هذه الأمة, رضي الله عنهم وأرضاهم).
لقد كان الصحابة رضي الله عنهم يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم، أكثر من حبهم لأنفسهم وبنيهم, وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالديه والناس أجمعين) أخرجه البخاري ومسلم.فهو الرحمة المهداة الذي أخرجهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومن الانغماس في المعاصي إلى التطهر والعيش في نعم الطاعات والأخلاق.
والقصص التي تروى لنا عن حب الصحابة للرسول، تجعل من يسمعها يتعلق بهذا الشخصية العظيمة، حتى وإن كان على غير دينه.
أخرج الطبراني عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : لما كان يوم أُحد، حاص أهل المدينة حيصة وقالوا : قُتِل محمد، حتى كثرت الصوارخ في ناحية المدينة. فخرجت امرأة من الأنصار محرمة، فاستقبلت بأبيها وابنها وزوجها وأخيها. لا أدري أيهم استقبلت به أولاً. فلما مرَّت على أحدهم قالت: من هذا ؟ قالوا : أبوك، أخوك، زوجك، ابنك، تقول: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: أمامك، حتى دُفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذت بناحية ثوبه، ثم قالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا أبالي إذا سلمت من عطب .
يا له من حب عظيم، حين لا تبالي تلك الصحابية بأمر أبيها وابنها وأخيها وزوجها، إن كانوا أحياء أم أموات، إن كانوا مصابين أم في عافية. لقد كان أول ما كانت ترنو إليه، الاطمئنان على نبيهاو حبيبها محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم.كيف لا وقد قال النبي صلى الله عليه و سلم : (أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة و أحبوني لحب الله و أحبوا أهل بيتي لحبي ) شعب الإيمان للبيهقي. وكيف لا وقد سمعوا النبي صلى الله عليه و سلم أنت مع من أحببت فعن أنس بن مالك قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : متى الساعة ؟ فقال ما أعددت لها ؟ فقال : لا إلا أني أحب الله و رسوله فقال : أنت مع من أحببت) رواه البخاري و رواه مسلم .
وحُبُّ النبي صلى الله عليه و سلم لا يكون بالتمني ولا بالإدعاء وإنما يكون بالمتابعة والإقتداء.
عن حاتم الأصم رحمه الله تعالى قال: من ادعى ثلاثا بغير ثلاث فهو كذاب, من ادعى حب الله بغير ورع عن محارمه فهو كذاب, ومن ادعى حب الجنة من غير إنفاق ماله فهو كذاب ,ومن ادعى حب النبي صلى الله عليه و سلم من غير حب الفقراء فهو كذاب.
عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : من يكن الله و رسوله أحب إليه مما سواهما و أن يقذف الرجل في النار أحب إليه من أن يرجع في الكفر بعد أن أنقذه الله منه و أن يحب الرجل العبد أحمد لا يحبه إلا لله تعالى) ـ أو قال : في الله ـ و شك البيهقي و أبو داود والبخاري.
جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : لأنت أحب إلي من نفسي و ولدي و أهلي و مالي, و لولا إني آتيك فأراك لخشيت أني سأموت, و بكى الأنصاري فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : ما أبكاك ؟ قال : ذكرت أنك ستموت و نموت فترفع مع النبيين و نحن إن دخلنا الجنة كنا دونك فلم يخبره النبي صلى الله عليه و سلم بشيء فأنزل الله عز و جل على رسوله صلى الله عليه و سلم : { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً) (النساء:69)
فقال له النبي : أبشر.)
قال سهل بن عبد الله رحمه الله تعالى: علامةُ حب الله حبُ القرآن ، وعلامةُ حُبِّ القرآنِ حُبُّ النبي صلى الله عليه و سلم ( ، وعلامة حب النبي صلى الله عليه و سلم ( حب السنة ، وعلامة حب السنة حب الآخرة ، وعلامة حب الآخرة بغض الدنيا ، وعلامة بغض الدنيا ألا يدخر منها إلا زاداً وبلغة إلى الآخرة .
إن كل مسلم يتمنى صادقاً أن يبلغ أعلى درجات حب النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، وعليه أن يستعين بالله سبحانه في ذلك . فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم المرء مع من أحب . رزقنا الله حبه .
صلى الله عليه وعلى آله وسلم و اليكم الأسئلة الأربعة عشر لمقياس الحب لسيد البشر صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:
السؤال الأول :
1- هل أشتاق إلى الصلاة عليه؟
2- هل أتلذذ عندما أصلي عليه؟
3- هل أصلي عليه في كل مجلس؟
4- هل أصلي عليه بتأن وروية؟
5- هل أصلي عليه بأدب وخشوع؟
6- هل أصلي عليه بحب وشوق؟
7- هل دمعت عيني مرة وأنا أصلي عليه؟
8- هل أشعر بأن الصلاة عليه أحب إلي وأهم من نفسي وتنفسي؟
9- هل شعرت وأنا أصلي عليه أني قريب إليه؟
10- هل أحس بأني مقصر في حقه مهما أكثرت من الصلاة عليه؟
11- هل شعرت بأن الصلاة عليه تطيب وتعطر لساني ومجلسي؟
12 هل أتلفت أو أتحرك أو ينشغل فكري بشيء آخر أثناء الصلاة عليه؟
13- هل أكثر من الصلاة عليه ليرزقني الله رؤيته في الفردوس الأعلى؟
14- هل أكثر الصلاة عليه مساءً ليرزقني الله عز وجل رؤيته في المنام؟
أخي أيها المحب للحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم !
هذه التساؤلات لا تحتاج منك إلى إجابات ، بل تحتاج إلى أن تستعين بالله لكي تحققها .
لم يحب الناس أحداً من البشر كما أحبوا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم . ولكن لماذا ؟ لقد جبلت النفوس على حب من أحسن إليها ، وعلى قدر الإحسان تكون المحبة . ولذلك كانت المحبة هنا لامتناهية وليس لها حد ، لأن الإحسان الذي تلقته من الهادي البشير صلى الله عليه وسلم إحسان إليها في كامل دنياها ودينها ، أحبته أكثر مما أحبت نفسها وأولادها ، افتدته بأرواحها وبذلت أنفسها رخيصة دفاعاً من أجل مجرد كلمة سمعتها عنه . ويحق لها ذلك ، فإن الإحسان الذي أحسنه إليها ليس أحسان بشر عادي ، صحيح أنه بشر ولكن ليس كالبشر إنه قمة القمم حيث حاز الكمال في كل الفضائل ، كما أن الشيء الذي جاء به إليها ليس إحسانا بشرياً بل سعادة الدنيا والآخرة . لذلك أحبه المسلمون ، لقد كان أفضل نبي ورسول ، وكان أفضل أب وأفضل مولود وأفضل حاكم وأفضل معلم وخير زوج وخير صهر وخير جار ، كان صلى الله عليه وسلم خير الأخيار .
إن المؤلفين عندما يكتبون عن أحد العظماء فإنهم يزيدونه عظمة ، إلا عندما تكون الكتابة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم فهنا يختلف الأمر وينعكس حيث أننا بالكتابة عن عظمته صلى الله عليه وسلم نتشرب ونقتبس جزءا قليلاً من أي عظمة من جوانب عظمته التي نكتب عنها . يصبح الكلام جميلا عندما نتكلم عن جماله الشريف ، ويصبح الكلام عذباً عندما نتكلم عن أخلاقه الطاهرة ، أما عندما نتكلم عن عبادته وعلاقته بربه فهنا يكون أعظم الكلام .
لقد استحق محمد بن عبدالله رسول الله صلى الله عليه وسلم بجدارة المنزلة العالية الرفيعة, فأحبَّ اللهَ تعالى فاستحق حب الله سبحانه له ، وكان عبداً شكوراً ، وهذه هي السبيل لكل مسلم أن يسلكها .
ونحن المسلمين علينا أن نحمد الله سبحانه ونشكره أن جعلنا من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فالله عز وجل أرسل خير رسول لخير أمة . فعلينا بالحب الصادق له والإيمان به وطاعته واتباعه ، علينا بالشوق إليه والذكر الدائم له ، لكي يرزقنا الله جواره ورؤيته ومرافقته في الجنة ، بل إن من أعظم أمانينا أن نحلم برؤيته في المنام في الدنيا . إنَّ حُبَّ محمد صلى الله عليه وآله وسلم من حُبِّ ربِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
اللهم إنا نتوسل إليك بحبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن ترزقنا النظر إلى وجهك الكريم .
اللهم إنا نتوسل إليك بحبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغفر لنا وترحمنا ووالدينا وكل مسلم ومسلمة .
اللهم إنا نتوسل إليك بحبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن ترزقنا جواره في جنات النعيم .
اللهم إنا نتوسل إليك بحبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشرب من يده الشريفة من حوض الكوثر شربة لا نظمأ بعدها أبداً .
رحم الله حسان بن ثابت ورضي عنه وهو القائل :
أغر عليه للنبوة خاتم من الله من نور يلوح ويشهد
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد
وقال رضي الله عنه
وأفضل منك لم تر قط عين وأجمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرأ من كل عيب كأنك قد خلقت كما تشاء
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .