المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصوم في شعبان وفضله


الشيخ محمد الزعبي
24-01-2011, 05:10 PM
الصوم في شعبان وفضله
لقد منح الله تعالى عباده المؤمنين مواسم يضاعف فيها الأجروالثواب,ترفع فيها الدرجات وتغفر فيها السيئات وتستجاب فيها الدعوات, من هذه المواسم شهر شعبان المكرم الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر فيه الصيام والقيام ,فعن عائشة أمِّ المؤمنين رضي الله تعالى عنه قالت:لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهراً أكثرَ من شعبانَ فإنَّهُ كان يصومُ شعبانَ كلَّهُ وكان يقولُ خذوا من العملِ ما تُطيقونَ فإنَّ اللهَ لايـمَّلُ حتى تـملوا وأحبُ الصلاةِ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما دُوومَ عليها وإن قلت وكان إذا صلى صلاة داوم عليها) لفظ الحديث للبخاري وفي حديث مسلم وكان يقول (أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل)عنها أيضاً قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهرٍ قط إلا شهر رمضان وما رأيته في شهرٍ أكثر منه صياماً في شعبان) وأخرج مسلم من حديث عبد الله بن أبي لبيد عن أبي سلمة قال سألت عائشة عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان يصوم حتى نقول قد صام ويفطر حتى نقول قد أفطر ولم أره صائماً في شهرٍ قط أكثر منه في شعبان كان يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلاً)
عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : إِذَا كَانَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ اطَّلَعَ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ ، فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَيُمْلِي لِلْكَافِرِينَ ، وَيَدَعُ أَهْلَ الْحِقْدِ لِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدَعُوهُ ) السنن الصغرى
المؤلف : أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر البيهقي
عن أنس بن مالك قال قيل يارسول الله أي الصوم افضل قال صوم شعبان تعظيماً لرمضان قال فأيُّ الصدقةِ أفضل قال صدقةٌ في رمضان) السنن الكبرى للبيهقيعن أم سلمة قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا أنه كان يصل شعبان برمضان) السنن الكبرى للبيهقي.
عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( لا تتقدموا الشهر بصيام يوم ولا يومين إلا أن يوافق ذلك يوما كان يصومه أحدكم) السنن الكبرى للبيهقي .عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:( إذا كان النصف من شعبان فلا صيام إلا رمضان) لم يرو هذا الحديث عن الزبيدي إلا محمد بن عبد الرحمن المعجم الأوسط – الطبراني
عن عائشة ، قالت : « إن كنت لأفطر أياما من رمضان فما أقضيها إلا في شعبان » المعجم الأوسط – الطبراني
عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يطلع الله على خلقه في ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لجميع خلقه ، إلا لمشرك أو مشاحن ) لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي ، وابن ثوبان إلا أبو خليد عتبة بن حماد ، تفرد به عن الأوزاعي : هشام بن خالد .
المعجم الأوسط للطبراني.
عن أبي ثعلبة : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (يطلع الله على عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين ويمهل الكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه )وفي رواية
( إن الله يغفر فى ليلة النصف من شعبان لجميع أهل الأرض إلا لمشرك أو لمشاحن ) (البيهقى فى شعب الإيمان عن أبى موسى) جامع الأحاديث
المؤلف : جلال الدين السيوطي .قال عليه الصلاة والسلام:
(إن الله يغفر فى ليلة النصف من شعبان لجميع أهل الأرض إلا لمشرك أو لمشاحن)البيهقى في شعب الإيمان عن أبى موسى.
أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : « سُئل رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: أيُّ الصَّوْمِ أفْضَلُ بعد رمضانَ ؟ قال : شعبانُ ، لتَعْظِيمِ رَمَضانَ ، قال :وأيُّ الصدقة أفْضَلُ ؟ قال: صدقة في رَمَضان ».
أخرجه الترمذي.
عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - : قال : « قلتُ : يا رسول الله ، لم أرَكَ تصوم من شهر من الشهور ما تصومُ من شعبان ؟ قال : ذاك شهر يَغْفُلُ الناسُ عنه بين رجب ورمضانَ ، وهو شهر تُرفَع فيه الأعمال إِلى ربِّ العالمين، فأحبُّ أن يرفع عملي، وأنا صائم». أخرجه النسائي.
(يا عائشة أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله بل أتانى جبريل فقال هذه الليلة ليلة النصف من شعبان ولله فيها عتقاء من النار بعدد شعور غنم كلب لا ينظر الله فيها إلى مشرك ولا إلى مشاحن ولا إلى قاطع رحم ولا مسبل ولا إلى عاق لوالديه ولا إلى مدمن خمر) (البيهقى وضعفه عن عائشة)
(إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا يومها فإن الله تبارك وتعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا فيقول ألا من مستغفر فأغفر له ألا من مسترزق فأرزقه ألا من مبتلى فأعافيه ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر ) رواه ابن ماجه ج1/1388.قال العراقى في تخريج أحاديث الإحياء: حديث صلاة النصف من شعبان باطل وإسناده ضعيف. ( ضعيف جداً ) وقال الألبانى في ضعيف الترغيب والترهيب 623: موضوع
عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها . فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا . فيقول ألا من مستغفر لي فأغفر له ألا من مسترزق فأرزقه ألا مبتلى فأعافيه ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر ) في الزوائد إسناده ضعيف لضعف ابن يسرة واسمه أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي يسرة . قال فيه أحمد بن حنبل وابن معين يضع الحديث . قال الشيخ الألباني : ضعيف جدا أو موضوع.
لقَدْ وَرَدَ فِي فَضِيلَةِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ عِدَّةُ أَحَادِيثَ مَجْمُوعُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهَا أَصْلًا ، فَمِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّى فَأَطَالَ السُّجُودَ حَتَّى ظَنَنْت أَنَّهُ قَدْ قُبِضَ ، فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِكَ قُمْت حَتَّى حَرَّكْت إِبْهَامَهُ فَتَحَرَّكَ فَرَجَعَ ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ وَفَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ : " يَا عَائِشَةُ أَوْ يَا حُمَيْرَاءُ أَظَنَنْت أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَاسَ بِك ؟ " قُلْت : لَا وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنِّي ظَنَنْت أَنْ قُبِضْت طُولَ سُجُودِك ، قَالَ " أَتَدْرِي أَيَّ لَيْلَةٍ هَذِهِ ؟ " قُلْت : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : " هَذِهِ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَطَّلِعُ عَلَى عِبَادِهِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِلْمُسْتَغْفِرِينَ وَيَرْحَمُ الْمُسْتَرْحِمِينَ وَيُؤَخِّرُ أَهْلَ الْحِقْدِ كَمَا هُمْ " ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ . وَقَالَ هَذَا مُرْسَلٌ جَيِّدٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْعَلَاءُ أَخَذَهُ مِنْ مَكْحُولٍ . قَالَ الْأَزْهَرِيُّ : يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا غَدَرَ بِصَاحِبِهِ فَلَمْ يُؤْتِهِ حَقَّهُ قَدْ خاس بِهِ ، كَذَا فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ لِلْحَافِظِ الْمُنْذِرِيِّ . وَمِنْهَا حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَطَّلِعُ اللَّهُ إِلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ " ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ بَعْدَ ذِكْرِهِ : رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ ، وَرَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَالْبَزَّارِ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِنَحْوِهِ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ . اِنْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ . قُيلْ : فِي سَنَدِ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عِنْدَ اِبْنِ مَاجَهْ عَنْ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ .
وَمِنْهَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَطَّلِعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِعِبَادِهِ إِلَّا اِثْنَيْنِ مُشَاحِنٍ وَقَاتِلِ نَفْسٍ " ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ لَيِّنٍ اِنْتَهَى .
وَمِنْهَا حَدِيثُ مَكْحُولٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ : " يَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِأَهْلِ الْأَرْضِ إِلَّا مُشْرِكٌ أَوْ مُشَاحِنٌ " ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ هَذَا مُرْسَلٌ جَيِّدٌ قَالَ : وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَطَّلِعُ اللَّهُ إِلَى عِبَادِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَيُمْهِلُ الْكَافِرِينَ وَيَدَعُ أَهْلَ الْحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدَعُوهُ " ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَهُوَ أَيْضًا بَيْنَ مَكْحُولٍ وَأَبِي ثَعْلَبَةَ مُرْسَلٌ جَيِّدٌ اِنْتَهَى . وَمِنْهَا حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ أَلَّا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ أَلَا كَذَا أَلَا كَذَا حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ " ، رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ وَفِي سَنَدِهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَبُرَةَ الْقُرَشِيُّ الْعَامِرِيُّ الْمَدَنِيُّ ، قِيلَ اِسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَقِيلَ مُحَمَّدٌ وَقَدْ يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ رَمَوْهُ بِالْوَضْعِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ . وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ : ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ .
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ وَصَالِحُ اِبْنَا أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِمَا قَالَ : كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ : مَتْرُوكٌ اِنْتَهَى .
فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ بِمَجْمُوعِهَا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي فَضِيلَةِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ شَيْءٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
تَنْبِيهٌ : ليعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } عِنْدَ الْجُمْهُورِ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ، وَقِيلَ هِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ ، وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ هُوَ الْحَقُّ ، قَالَ الْحَافِظُ بْنُ كَثِيرٍ : مَنْ قَالَ إِنَّهَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقَدْ أَبْعَدَ ، فَإِنَّ نَصَّ الْقُرْآنِ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ اِنْتَهَى . وَفِي الْمِرْقَاةِ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ : إِنَّ الْمُرَادَ فِي الْآيَةِ هِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَّا أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ بَلْ صَرِيحُهُ يَرُدُّهُ لِإِفَادَتِهِ فِي آيَةٍ أَنَّهُ نَزَلَ فِي رَمَضَانَ وَفِي أُخْرَى أَنَّهُ نَزَلَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَلَا تَخَالُفَ بَيْنَهُمَا ؛ لِأَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مِنْ جُمْلَةِ رَمَضَانَ ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذَا النُّزُولَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثَبَتَ أَنَّ اللَّيْلَةَ الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ فِي الْآيَةِ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ ، وَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّ لَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَانَ يَقَعُ فِيهَا فَرْقٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَدِيثُ ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّهَا الْمُرَادَةُ مِنْ الْآيَةِ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُرَادَةً مِنْهَا ، وَحِينَئِذٍ يُسْتَفَادُ مِنْ الْحَدِيثِ وَالْآيَةِ وُقُوعُ ذَلِكَ الْفَرْقِ فِي كُلٍّ مِنْ اللَّيْلَتَيْنِ إِعْلَامًا لِمَزِيدِ شَرَفِهَا ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْقُ فِي أَحَدِهِمَا إِجْمَالًا وَفِي الْأُخْرَى تَفْصِيلًا أَوْ تُخَصُّ إِحْدَاهُمَا بِالْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَى بِالْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ الْعَقْلِيَّةِ اِنْتَهَى .
تَنْبِيهٌ آخَرُ :
قَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ : اِعْلَمْ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي اللَّآلِئِ أَنَّ مِائَةَ رَكْعَةٍ فِي نِصْفِ شَعْبَانَ بِالْإِخْلَاصِ عَشْرَ مَرَّاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مَعَ طُولِ فَضْلِهِ لِلدَّيْلَمِيِّ وَغَيْرِهِ مَوْضُوعٌ ، وَفِي بَعْضِ الرَّسَائِلِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ : وَمِمَّا أُحْدِثَ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ الصَّلَاةُ الْأَلْفِيَّةُ مِائَةُ رَكْعَةٍ بِالْإِخْلَاصِ عَشْرًا عَشْرًا بِالْجَمَاعَةِ ، وَاهْتَمُّوا بِهَا أَكْثَرَ مِنْ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ ، لَمْ يَأْتِ بِهَا خَبَرٌ وَلَا أَثَرٌ إِلَّا ضَعِيفٌ أَوْ مَوْضُوعٌ وَلَا تَغْتَرَّ بِذِكْرِ صَاحِبِ الْقُوتِ وَالْإِحْيَاءِ وَغَيْرِهِمَا ، وَكَانَ لِلْعَوَامِّ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ اِفْتِتَانٌ عَظِيمٌ حَتَّى اِلْتَزَمَ بِسَبَبِهَا كَثْرَةُ الْوَقِيدِ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنْ الْفُسُوقِ وَانْتِهَاكِ الْمَحَارِمِ مَا يُغْنَى عَنْ وَصْفِهِ حَتَّى خَشِيَ الْأَوْلِيَاءُ مِنْ الْخَسْفِ وَهَرَبُوا فِيهَا إِلَى الْبَرَارِي . وَأَوَّلُ حُدُوثٍ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ ، قَالَ : وَقَدْ جَعَلَهَا جَهَلَةُ أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ مَعَ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ وَنَحْوِهِمَا شَبَكَةً لِجَمْعِ الْعَوَامِّ وَطَلَبًا لِرِيَاسَةِ التَّقَدُّمِ وَتَحْصِيلِ الْحُطَامِ ، ثُمَّ إِنَّهُ أَقَامَ اللَّهُ أَئِمَّةَ الْهُدَى فِي سَعْيِ إِبْطَالِهَا فَتَلَاشَى أَمْرُهَا وَتَكَامَلَ إِبْطَالُهَا فِي الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ فِي أَوَائِلِ سِنِي الْمِائَةِ الثَّامِنَةِ . قِيلَ أَوَّلَ حُدُوثِ الْوَقِيدِ مِنْ الْبَرَامِكَةِ وَكَانُوا عَبَدَةَ النَّارِ ، فَلَمَّا أَسْلَمُوا أَدْخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ مَا يُمَوِّهُونَ أَنَّهُ مِنْ سُنَنِ الدِّينِ وَمَقْصُودُهُمْ عِبَادَةُ النِّيرَانِ حَيْثُ رَكَعُوا وَسَجَدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى تِلْكَ النِّيرَانِ وَلَمْ يَأْتِ فِي الشَّرْعِ اِسْتِحْبَابُ زِيَادَةِ الْوَقِيدِ عَلَى الْحَاجَةِ فِي مَوْضِعٍ ، وَمَا يَفْعَلُهُ عَوَامُّ الْحُجَّاجِ مِنْ الْوَقِيدِ بِجَبَلِ عَرَفَاتٍ وَبِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَبِمِنًى فَهُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ . وَقَدْ أَنْكَرَ الطَّرَسُوسِيُّ الِاجْتِمَاعَ لَيْلَةَ الْخَتْمِ فِي التَّرَاوِيحِ وَنَصْبَ الْمَنَابِرِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ . قَالَ الْقَارِي رَحِمَهُ اللَّهُ : مَا أَفْطِنُهُ وَقَدْ اُبْتُلِيَ بِهِ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ حَتَّى فِي لَيَالِي الْخَتْمِ يَحْصُلُ اِجْتِمَاعٌ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّغَارِ وَالْعَبِيدِ مَا لَا يَحْصُلُ فِي الْجُمْعَةِ وَالْكُسُوفِ وَالْعِيدِ وَيَسْتَقْبِلُونَ النَّارَ وَيَسْتَدْبِرُونَ بَيْتَ اللَّهِ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ وَيَقِفُونَ عَلَى هَيْئَةِ عَبَدَةِ النِّيرَانِ فِي نَفْسِ الْمَطَافِ حَتَّى يُضَيَّقَ عَلَى الطَّائِفِينَ الْمَكَانُ وَيُشَوِّشُونَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الذَّاكِرِينَ وَالْمُصَلِّينَ وَقُرَّاءِ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَالْغُفْرَانَ وَالرِّضْوَانَ اِنْتَهَى كَلَامُ الْقَارِي مُخْتَصَرًا .
تَنْبِيهٌ آخَرُ :
لَمْ أَجِدْ فِي صَوْمِ يَوْمِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ حَدِيثًا مَرْفُوعًا صَحِيحًا ، وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ : إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا إِلَخْ فَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ ضَعِيفٌ جَدًّا ، وَلِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيهِ حَدِيثٌ آخَرُ وَفِيهِ : فَإِنْ أَصْبَحَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ صَائِمًا كَانَ صِيَامُ سِتِّينَ سَنَةٍ مَاضِيَةٍ وَسِتِّينَ سَنَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ ، رَوَاهُ اِبْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَقَالَ : مَوْضُوعٌ وَإِسْنَادُهُ مُظْلِمٌ .
إِحْيَاءُ اللَّيَالِي الْفَاضِلَةِ :
اللَّيَالِي الْفَاضِلَةُ الَّتِي وَرَدَتِ الآثَارُ بِفَضْلِهَا هِيَ :
لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ ، وَلَيْلَتَا الْعِيدَيْنِ ، وَلَيَالِي رَمَضَانَ ، وَيُخَصُّ مِنْهَا لَيَالِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْهُ ، وَيُخَصُّ مِنْهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ، وَلَيَالِي الْعَشْرِ الأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، وَلَيْلَةُ نِصْفِ شَعْبَانَ ، وَاللَّيْلَةُ الأُولَى مِنْ رَجَبٍ . وَحُكْمُ إِحْيَاءِ هَذِهِ اللَّيَالِي فِيمَا يَلِي :
إِحْيَاءُ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ : - نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى كَرَاهَةِ تَخْصِيصِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ بِصَلاةٍ ، لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي " . أخرجه مسلم عن أبى هريرة)
وأخرجه أيضًا : ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وقال : صحيح على شرط الشيخين . والبيهقى .
أَمَّا إِحْيَاؤُهَا بِغَيْرِ صَلاةٍ فَلا يُكْرَهُ ، لا سِيَّمَا الصَّلاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ ذَلِكَ مَطْلُوبٌ فِيهَا .
وَلا يُكْرَهُ إِحْيَاؤُهَا مَضْمُومَةً إِلَى مَا قَبْلَهَا ، أَوْ إِلَى مَا بَعْدَهَا ، أَوْ إِلَيْهِمَا ، قِيَاسًا عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الصَّوْمِ . وَظَاهِرُ كَلامِ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ نَدْبُ إِحْيَائِهَا بِغَيْرِ الصَّلاةِ ؛ لأَنَّ صَاحِبَ مَرَاقِي الْفَلاحِ سَاقَ حَدِيثَ : (خَمْسُ لَيَالٍ لا يُرَدُّ فِيهِنَّ الدُّعَاءُ : لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ ، وَأَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ ، وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ ، وَلَيْلَتَا الْعِيدِ ". وَلَمْ يُعَلِّقْ عَلَيْهِ .
إِحْيَاءُ لَيْلَتَيِ الْعِيدِ : - يُنْدَبُ إِحْيَاءُ لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ ( الْفِطْرِ ، وَالأَضْحَى ) بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : " مَنْ قَامَ لَيْلَتَيِ الْعِيدِ مُحْتَسِبًا لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ > عن أبي أمامة .
قال الشيخ الألباني : ( ضعيف ) وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ اتِّبَاعًا لابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الإِحْيَاءِ بِصَلاةِ الْعِشَاءِ جَمَاعَةً ، وَالْعَزْمِ عَلَى صَلاةِ الصُّبْحِ جَمَاعَةً.
إِحْيَاءُ لَيَالِي رَمَضَانَ :
- أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى سُنِّيَّةِ قِيَامِ لَيَالِي رَمَضَانَ عَمَلا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )البخاري . وَيُخَصُّ مِنْهَا الْعَشْرُ الأَخِيرُ ، لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ إِذَا كَانَ الْعَشْرُ الأَوَاخِرُ طَوَى فِرَاشَهُ ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ ، وأحيى لَيْلَهُ " . وَذَلِكَ طَلَبًا لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ إِحْدَى لَيَالِي الْعَشْرِ الأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ . قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اطْلُبُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ . وَكُلُّ هَذَا لا خِلافَ فِيهِ .
إِحْيَاءُ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ :
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى نَدْبِ إِحْيَاءِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : (إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا ، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَيَقُولُ : أَلا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرُ لَهُ ، أَلا مُسْتَرْزِقٍ فَأَرْزُقُهُ ، أَلا مُبْتَلًى فَأُعَافِيهِ . . . كَذَا . . . كَذَا . . . حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ).حديث : رواه ابن ماجه ، والبيهقي في شعب الإيمان كلاهما عن علي .
قال في الزوائد : إسناده ضعيف ، وفيه ابن أبي سبرة ، قال فيه أحمد وابن معين : يضع الحديث ( الفتح الكبير 1 / 148 ومحمد فؤاد عبد الباقي في تحقيقه لابن ماجه 1 / 444 ).
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين.