المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العفو ومكانته في الإسلام


الشيخ محمد الزعبي
13-02-2011, 05:11 AM
‏الجمعة‏، 8‏ ربيع الأول‏، 1432 هجري/‏11‏/02‏/2011 ميلادي
العفو ومكانته في الإسلام
{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (133) {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (134) آل عمران. {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }الأعراف199 وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى:"أنا أكرم، وأعظم عفوًا من أن أسترَ على مسلمٍ في الدنيا، وأفضحُهُ بعد أن سترتُهُ، ولا أزالُ أغفِرُ لعبدي ما استغفرني ". رواه الحكيم عن الحسن مرسلًا، والعقيلي عن أنس.
الإمام الغزاليُّ رحمه الله تعالى يقول :" العفّوُّ منه العفوُّ " خَيْرُ الْعَفْوِ مَا كَانَ مَعَ الْقُدْرَةِ . جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : تَسْأَلُ رَبَّكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ ، فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ الْغَدِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : تَسْأَلُ رَبَّكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ ، فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، ثُمَّ أَتَاهُ الْيَوْمَ الثَّالِثَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : تَسْأَلُ رَبَّكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ ، فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، فَإِنَّكَ إِذَا أُعْطِيتَهُمَا فِي الدُّنْيَا ، ثُمَّ أُعْطِيتَهُمَا فِي الآخِرَةِ ، فَقَدْ أَفْلَحْتَ) المسند الجامع إطراف المُسْنِد المعتَلِي بأطراف المسنَد الحنبلي المؤلف : أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني
(لم يكن رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدع هؤلاء الدعوات حين يُصْبح وحين يُمْسي : اللهمَّ إني أسألك العفو والعافية ... الحديث
العفو: المحو، والإزالة. يُقال: عفت الدِّيار: إذا درست، وذهبت آثارها، وفي العرف: ترك المكافأة عند المقدرة قولًا وفعلًا، وقيل: هو السكون عند الأحوال المحركة للانتقام، فعلى هذا: العفو في حق الله تعالى عبارة عن إزالة آثار الذنوب بالكلية فيمحوها من ديوانِ الكرامِ الكاتبين، ولا يُطالبُهُ بـها يومَ القيامة، ويُنسيها من قلوبِـهم لئلا يخجلوا عند تذكيرها، ويُثبتُ مكانَ كلِ سيئةٍ حسنةً،
والعفو أبلغ من المغفرة؛ لأنَّ الغفرانَ يُشعرُ بالسِترِ، والعفوُ يُشعرُ بالمحوِ، والمحوُ أبلغُ من السِترِ،
والعفو من أخلاق الأنبياءِ، والعلماءِ، والأصفياءِ، وقد جاءَ في العفوِ آياتٌ بينات محكمات منها: قال الله تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور:22] وقال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} [الفرقان:63] وقال تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى:40] ومما يُحكَى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه: أنه دعا غلامًا له؛ فلم يجبه، ودعاه ثانيًا، فلم يجبه، وهكذا ثالثًا، فقام إليه، فرآه مضطجعًا، فقال: يا غلام! أما سمعت الصوت؟ فقال: بلى سمعت! قال: فما منعك من الإجابة؟ فقال ثقتي بحلمك، واتكالي على عفوك، فقال عليُّ رضي الله عنه: أنت حر لوجه الله تعالى.
والعفوُ صفةٌ من صفاتِ اللهِ تعالى، فهو الذي يعفو عن عباده ويغفر لهم الخطايا والذنوب ولذلك فهي صفة يحبها الله عز وجل. والنبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم أمر بالعفو وطبق هذه العبادة في أهم موقف عندما فتح مكة المكرمة، ومكَّنه الله تعالى من الكفار وعفا عنهم وكان من نتيجة هذا العفو أن دخلوا في دين الله أفواجاً. لقد كان من أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وبخاصة في ليالي رمضان وليلة القدر: (اللهم إنك عفوّ تحب العفو فاعف عني) رواه البخاري. والله تعالى لا يُحبُ شيئاً إلا وفيه الخيرُ لنا، فهو عفوّ يُحبُ العفوَ, ولذلك فهذه الصفةُ لابدَّ أنْ تأتيَ بالخيرِ على من يتحلى بها. والله تعالى أعطى عبادَه الأملَ بالعفو عن الذنوب: يقول تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [الشورى: 25].
واليوم وبعدما تطور العلم لاحظ العلماء في الغرب شيئاً عجيباً ألا وهو أن الذي يمارس هذه العادة "عادة العفو" تقلُّ لديه الأمراضُ! وهي ظاهرةٌ غريبةٌ استدعت انتباهَ الباحثين فبدأوا رحلةَ البحث عن السببِ، فكانت النتيجةُ أن الإنسانَ الذي يتمتعُ بحبِ العفو التسامح يكونُ لديه جِهازُ المناعة أقوى من غيره!
وقد اكتشفَ الباحثون أن ممارسةَ العفوِ تُنشطُ النظامَ المناعيَ لدى الإنسان، لأنَّ الإنسانَ عِندَما يَغضبُ فإنَّ أجهزةَ الجسمِ تتنبهُ وتستجيبُ وكأنَّ خطراً ما يُهددُ وجودَها، مما يُؤدي إلى ضخِ كمياتٍ كبيرةً من الدم، وإفرازِ كمياتٍ من الهرمونات ووضعِ الجسدِ في حالةِ تأهبٍ لمواجهةِ الخطرِ. ضغط الدم سوف يرتفع، عملية الهضم سوف تضطرب، النظام العصبي سوف يتعب ويرهق، يضيق التنفس، والعضلات تتوتر...
إنَّ هذا التوترَ يُؤدي إلى إرهاقِ الجسدِ في حالةِ تكرارِهِ، وبمجردِ أن يغفرَ ويعفوَ تزولُ هذه التوتراتُ وتزولُ الرغبةُ بالانتقام وتهدأُ أجهزةُ الجسدِ بسببِ زوالِ الخطرِ، وهذا ما يعطي فرصة للنظام المناعي بممارسة مهامه بكفاءة عالية.
ماذا يقول القرآن عن العفو؟
أحبتي في الله! لو كان القرآنُ الكريمُ كلامَ بشرٍ كما يدعي أعداءُ الإسلام، إذاً لامتلأ بتعابير الغضبِ والعنفِ، ولو صدقنا كلامَ بعضِ المستشرقين أن محمداً صلى الله عليه وسلم يدعوُ للعنفِ والإرهابِ لرأينا هذه التعاليمَ في آياتِ القرآن الكريمِ ولرأينا أوامرَ تأمرُ النَّاسَ بالغضبِ والعنفِ والتهور... ولكن على العكس تماماً نجدُ القرآنَ الكريمَ يأمرُ بالعفوِ مهما كانت الإساءةُ، بل ويأمرُ بالصبر ابتغاءَ وجه الله ويأمرنا بالصبر الجميل.
فالقرآن أمر بالعفو, والمكافأةُ هي رضا الله تعالى فهو الذي يعوضك ويعطيك ما فقدته. ويقول الخبراء إن موضوع المكافأة مهم جداً في علاج الغضب وحب الانتقام، أي أن تجد بديلاً عن الانتقام وهذا ما جاء في كتاب الله، يقول تبارك وتعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [الشورى: 40]. انظروا كيف يمنحك القرآن المكافأة وهي أن أجرك على الله تعالى، وهل هناك أجمل من أن يعطيك الله ما تحب؟!وفي آية أخرى ربط القرآن العفو بمغفرة الله للذنوب، فإذا أردت أن يغفر الله ذنوبك فاغفر للناس ذنوبهم، وهذه هي المعادلة التي تمنحك التوازن، لأن الباحثين يؤكدون أن العفو لابد أن يقابله شيء آخر يساعد الإنسان على تقبل العفو، وهنا تتجلى عظمة القرآن، يقول تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [النور: 22].
لقد اعتبر القرآن أن العفو نوع من أنواع التقوى، يقول تعالى: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة: 237]. وبما أن كل واحد منا لديه الكثير من الذنوب، فلابد من أن نطلب العفو من الله تعالى، عسى الله أن يعفو عنا: (فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا) [النساء: 99]. وقد وصف الله نبيّه بأنه على خلق عظيم فقد عفا النبي عمن أساء له، بل لم يكن يريد شيئاً من الدنيا، إنما كان يعفو من أجل الله ولذلك استحق أن يكون على خلق عظيم!
والعفو صفة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، يخاطب الله تعالى أهل الكتاب مؤكداً لهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأت ليرهبهم أو يخوفهم بل ليعفو عنهم، وهنا تتجلى رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالخلق، يقول الله تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ) [ المائدة: 15].
لقد فتح الله تعالى أبوابَ التوبة أمام الناس جميعاً، وهذا يمنح الإنسان الأمل برحمة الله ويبعدهم عن اليأس والاكتئاب، يقول الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [الشورى: 25]. إن هذه الآية العظيمة تبعد شبح الكآبة عن الإنسان، وكما نعلم اليوم فإن عدداً كبيراً من الناس وبخاصة من غير المسلمين يعانون من القلق والاكتئاب، وربما نجد بعض الدول تتكلف مليارات الدولارات لعلاج هذه الظاهرة، ولكن القرآن علجها بتعاليم بسيطة، من خلال إعطائنا الأمل بالرحمة والعفو.
إن الغضب مشكلة العصر ويظهر أكثر ما يمكن عند غير المسلمين، ويقول الخبراء إن ظاهرة الغضب تفشت في الغرب بشكل كبير، حتى إنك تجد شباباً يقتتلون لأسباب تافهة وقد يرتكب أحدهم جريمة قتل بسبب كلمة أو لمجرد مناقشة لم تعجبه!
وعلى الرغم من كل وسائل العلاج النفسي والبرمجة اللغوية العصبية فإن نسبة الغضب بين الناس في ازدياد، ويقول هؤلاء الخبراء إن أفضل وسيلة لعلاج الغضب هو العفو!! وسبحان الله! الإسلام لم يغفل عن هذه الظاهرة المدمرة، بل أمرنا أن نغفر ونعفو ونعالج الغضب بالمغفرة! يقول تعالى: (وَإذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) [الشورى: 37].
أخرج البخاري ومسلم.عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(كان رجلٌ يسرف على نفسه فلما حضره الموت قال لبنيه إذا أنا مت فأحرقوني ثم اطحنوني ثم ذروني في الريح فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً فلما مات فعل به ذلك فأمر الله الأرض فقال اجمعي ما فيك منه فإذا هو قائمٌ فقال ما حملك على ما صنعت فقال يا رب - وفي حديث عبد الرزاق عن معمر قال خشيتك يا رب أو قال مخافتك يا رب فغفر له بذلك وفي حديث هشام بن يوسف عن معمر فغفر له قال البخاري وقال غيره خشيتك وفي حديث الزبيدي عن الزهري قال :فقال الله: لكل شيء أخذ منه شيئاً أد ما أخذت منه وعند مسلم من حديث عبد الرزاق عن معمر قال قال لي الزهري ألا أحدثك بحديثين عجيبين قال الزهري أخبرني حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة عن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال أسرف رجل على نفسه فلما حضره الموت أوصى بنيه فقال إذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم اذروني في الريح في البحر فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً قال ففعلوا ذلك فقال للأرض أدي ما أخذت فإذا هو قائم فقال له ما حملك على ما صنعت قال خشيتك يا رب أو قال مخافتك قال فغفر له بذلك)
عن أبي هريرة قال : قام فينا أبو بكر رحمة الله عليه فقال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كقيامي فيكم اليوم فقال : « إن الناس لم يعطوا شيئا أفضل من العفو والعافية فسلوهما الله تعالى» وهذا الحديث حسن الإسناد مسند البزار
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لله تسعة و تسعين إسما مائة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة إنه وِترٌ يُحبُ الوِترَ ( هو الله ) الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارىء المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل السميع البصير الحكم العدل اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور العلي الكبير الحفيظ المغيث و قال صفوان في حديثه ( المقيت ) و إليه ذهب أبو بكر محمد بن إسحاق في مختصر الصحيح ـ الحسيب الجليل الكريم الرقيب المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الباعث الشهيد الحق الوكيل القوي المتين الولي الحميد المحصي المبدىء المعيد المحيي المميت الحي القيوم الواجد الماجد الواحد الصمد القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول الآخر الظاهر الباطن الوالي المتعالي البر التواب المنتقم العفو الرؤوف مالك الملك ذو الجلال و الإكرام المقسط الجامع الغني المغني المانع الضار النافع النور الهادي البديع الباقي الوارث الرشيد الصبور) المستدرك بتعليق الذهبي
(لم يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم يدع هؤلاء الكلمات حين يصبح و حين يمسي : اللهم إني أسألك العفو و العافية في ديني و دنياي و أهلي و مالي اللهم استر عوراتي و أمن روعاتي اللهم احفظني من بين يدي و من خلفي و عن يميني و عن شمالي و من فوقي و أعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي) يعني الخسف هذا حديث صحيح الإسناد
عن أَنَسِ بْنَ مَالِكٍ ،
(العفو لا يزيد العبد إلا عزًّا فاعفوا يعزكم الله والتواضع لا يزيد العبد إلا رفعة فتواضعوا يرفعكم الله) (ابن لال عن أنس) جامع الأحاديث
لجلال الدين السيوطي.
عن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - : قال : ما نزلت { خذِ العفوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ ، وأعرض عن الجاهلين } ( الأَعراف : آية 199) إلا في أخلاق الناس.وفي رواية قال : أمَرَ اللّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يأخذ العفو من أخلاق الناس. أخرجه البخاري، وأبو داود.[ص:144] [شَرْحُ الْغَرِيبِ]
العفو: ها هنا: السهل الميسر، وقد أمر الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ من أخلاق الناس ويقبل منها ما سهل وتيسر، ولا يستقصي عليهم.
{وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }البقرة109 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً }النساء43 نَدَب الله تعالى إلى العفو, ومهَّد له بأنَّ المؤمن: إمَّا أن يُظهر الخير, وإمَّا أن يُخفيه, وكذلك مع الإساءة: إما أن يظهرها في حال الانتصاف من المسيء, وإما أن يعفو ويصفح, والعفوُ أفضلُ; فإن من صفاته تعالى العفو عن عباده مع قدرته عليهم.فقال تعالى: {إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً}
النساء149 {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ }المائدة15{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }الأعراف199{ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ }الحج60 {وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }النور22 ولا يحلف أهل الفضل في الدين والسَّعَة في المال على ترك صلة أقربائهم الفقراء والمحتاجين والمهاجرين، ومنعهم النفقة؛ بسبب ذنب فعلوه, ولْيتجاوزوا عن إساءتهم، ولا يعاقبوهم. ألا تحبون أن يتجاوز الله عنكم؟ فتجاوزوا عنهم. والله غفور لعباده، رحيم بهم. وفي هذا الحثُّ على العفو والصفح، ولو قوبل بالإساءة.
{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }الشورى25 {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ }الشورى30 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }التغابن14 ا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله, إنَّ مِن أزواجكم وأولادكم أعداء لكم يصدونكم عن سبيل الله, ويثبطونكم عن طاعته, فكونوا منهم على حذر, ولا تطيعوهم, وإن تتجاوزوا عن سيئاتهم وتعرضوا عنها, وتستروها عليهم, فإن الله غفور رحيم, يغفر لكم ذنوبكم؛ لأنه سبحانه عظيم الغفران واسع الرحمة.

المحبه لرسول الله
19-02-2011, 04:26 PM
"العفو لا يزيد العبد إلا عزًّا فاعفوا يعزكم الله والتواضع لا يزيد العبد إلا رفعة فتواضعوا يرفعكم االله "
بارك الله فيك أخي الكريم

فتيان سعيد
05-08-2013, 12:15 AM
أريد من فضلكم أن نعرف الحكم الشرعي في العفو عن الجرائم التي تمس المواطنين وهل للحاكم الحق في العفو عن من ارتكب جرائم في حق المواطنيين دون رضاهم ....؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟