المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البدء بالبناء :: مدينة السلام مدينة العباسيين ::


ابن الشافعي
17-10-2008, 11:27 PM
لــهــذا ســمــيـت دار الـــســـلام

مدينة السلام مدينة العباسيين (( بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ثم قال : ابنوا على بركة الله ))

قول ابن الوردي :


وفـــي بـــغـــداد أقـــوام كـــرام
ــــ ولـــكـــن بالســـلام بـلا طــعــام

فـــما زادوا صـديقــا عن ســلام
ــــ لــهــذا ســمــيـت دار الـــســـلام

قال أبو حاتم السجستاني : سألت أبا سعيد الأصمعي كيف يقال بغداد أو بغداذ ؟ .. فقال : قل (( مدينة السلام )) .
وهو من أسمائها العربية , وبهذا الاسم كانت تضرب النقود العباسية . ومن أسمائها العربية (( دار السلام )) .وفيه إشارة إلى الآية الكريمة (( لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون )) والذي يتتبع أحوال الـعبــاســـيين في صدر دولتهم , يجد أنهم كانوا مولعين بالتفاؤل الديني ويريدون من مدينتهم هذه أن تكون نموذجا للجنة التي وعد بها المتقون , وقد أنشؤوا فيها قصرا سموه (( قصر الخلد )) إشارة إلى جنة الخلد , وآخر سموه (( الفردوس )) إشارة إلى جنة الفردوس . ومن أسمائها (( مدينة المنصور )) , و (( الزوراء )) . وكان هذان الاسمان في أول الأمر لا يطلقان إلا على المدينة المدورة التي أنشأها المنصور أول ما أنشأ . ومن أسمائها (( دار الخلافة )) .
وقد صرف العرب كلمة بغداد فقالوا : تبغدد الرجل إذا انتسب إليها أو تشبه بأهلها على قياس تمعدد وتعرب إذا تشبه بمعد والعرب أو انتسب إليهما .
وقال المولدون : تبغدد الرجل علينا إذا تكبر وتعظم , وفيه إشارة إلى ارتفاع مكانة بغداد و البغداديين في تلك العصور . وبغداد في جميع لغاتها هذه تذكر وتؤنث , فيقال هذه بغداد . وقد أخبرني المحقق الفاضل أبو الحسنات المدرس في جامعة فؤاد الأول أن في الهند إمارة تحكمها أسرة ترجع بنسبها إلى بني العباس ولا تزال تحافظ على تقاليدهم وعاداتهم , واسم عاصمتهم (( بغداد ))



:

:


وقال أخو همدان من أبيات :
فـــلـــم تـــر عــيني مثل بــغــداد مـنـزلا
ــــ ولـــم تـــر عــينــي مــثل دجــلـة واديــا

ولا مـــثـــل أهـــلــيــهـا أرق شــمـائــلا
ــــ وأعـــذب ألـــفـــاظـــا وأحــلى مـعـانـيا

خبر بنائها:
اتخذ العباسيون الكوفة أول عاصمة لهم , ثم بنوا مدينة على مقربة من الكوفة سموها الهاشمية . ثم أخذ المنصور يفكر في نقل عاصمته إلى موطن يأمن فيه الفتن ويعصمه من عاديات الزمن , فبعث الرواد أولا , ثم أخذ هو نفسه يرتاد موضعا يقيم فيه مدينته المطلوبة , فوقع اختياره على البقعة الواقعة بين دجلة شرقا ودجيل شمالا وقطربل غربا والصراة جنوبا , فأقام فيها أياما ليختبر بنفسه حالة جوها وتربتها وما يتصل بذلك من العوارض , فأسفر الاختيار عن نتائج حسنة . وكان يقوم على الموضع عدة ضياع , منها ضيعة أو سوق يقال لها بغداد , وكان يجتمع فيها رأس كل شهر التجار , وتقوم بها للفرس قبل الإسلام سوق عظيمة , وقد جاء ذكرها قي تاريخ الفتوح الإسلامية سنة 13هــ , فقد ذكروا أن المثنى بن حارثة أغار على هذه السوق في جمع من أصحابه فغنموا ما بأيدي أهلها من ذهب وفضة ثم رجعوا إلى الحيرة , ولم يجر لها ذكر في تاريخ الفتوح بعد هذه الحادثة إلى أن بنى المنصور مدينته عندها .



:

:


قال منصور النموي :
مــاذا بــبـغــداد من طـــيـــب الأفـــانـــيـــن
ــــ ومــن مــــنــاره للـــدنــيــا وللــــــديــــن

تـحيـي الريـاح بــها الــمرضى إذا نـسـمــت
ــــ وجـــوســت بــيــن أغــصان الريــاحـين

سبب الاختيار :
ذكر المؤرخون أسبابا كثيرة لترجيح المنصور هذه البقعة على غيرها , منها اقتصادية ومنها عسكرية ومنها صحية , فقالوا : (( إن المادة تأتيها من الفرات ودجلة وجماعة الأنهار , وتحمل إليها طرائف الهند والسند والصين والبصرة والأهواز وواسط في دجلة , وتجيئها ميرة الموصل وديار بكر وربيعة في دجلة أيضا . وهي بين أنهار لا يصل إليها العدو إلا على جسر أو قنطرة , فإذا قطعت الجسور ونسفت القناطر لم يصل إليها العدو , فهي قريبة من البر والبحر والجبل )) . ثم هي في أقرب نقطة بين دجلة والفرات , وواسط بين بلاد العرب و العجم , ثم إن العباسيين الذين قامت دولتهم على سيوف الفرس يحلو لهم أن يجعلوا عاصمتهم على مقربة من المدائن عاصمة العجم القديمة .

:

:


البدء بالبناء :
(( بـــــسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ثم قال : ابنوا على بركة الله )) .



قال الشيخ أبو بكر الخطيب : (( وبلغني أن المنصور لما عزم على بنائها أحضر المهندسين وأهل المعرفة بالبناء . والعلم بالذراع و المساحة وقسمة الأرض , فمثل لهم صفتها التي في نفسه , ثم أحضر الفعلة و الصناع من النجارين و الحفارين و الحدادين و غيرهم فأجرى عليهم الأرزاق , وكتب إلى كل بلد في حمل من فيه ممن يفهم شيئا من أمر البناء , ولم يبتدى في البناء حتى تكامل بحضرته من أهل المهن والصناعات ألوف كثيرة , ثم اختطها وجعلها مدورة ..... )) .
قال محمد بن جرير الطبري في تاريخه : (( ذكر أن المنصور لما عزم على بنائها أحب أن ينظر إليها عيانا فأمر أن تخط بالرماد , ثم أقبل يدخل من كل باب في فصلانها وطاقاتها ورحابها وهي مخطوطة بالرماد . . . ثم أمر ان يجعل على تلك الخطوط حب القطن ويصب عليه النفط , فنظر إليها والنار تشتعل ففهمها وعرف رسمها , وأمر أن يحفر أساس ذلك على الرسم )) .
وعند ذاك ابتدئ بحفر الأساس وكان ذلك سنة 145 هــ فوضع بيده أول أجرة في بنائها وقال : (( بـــــسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ثم قال : ابنوا على بركة الله )) .
وأقيم لها في أول الأمر سوران قطر دائرة السور الداخلي 1200 ذراع وارتفاعه 35 ذراعا وعرضه من أسفله 20 ذراعا . أما السور الخارجي فعرضه من أسفله خمسون ذراعا ومن أعلاه عشرون . وعرض ما بين السورين مائة وستون ذراعا . وفي كل سور أربعة أبواب بين كل باب وآخر ميل , وعلى كل باب قبة ذاهبة في السماء سمكها خمسون ذراعا وعلى رأس كل قبة منها تمثال يتجه إلى حيث تأتي الرياح , وبين كل قبتين 28 برجا .
وبنى المنصور قصره المعروف بقصر الذهب في وسطها , وأقام في صدر القصر إيوانا شامخا وفوقه إيوان مثله , وفوقه القبة الشهيرة المعروفة بالقبة الخضراء , وكان ما بين الأرض وأعلى القبة 80 ذراعا . وفي أعلى القبة فارس بيده رمح يتجه إلى حيث تأتي الريح , وهو شبيه بما يسميه المعاصرون (( ديك الريح )). قالوا كانت هذه القبة تاج بغداد وعلم البلد و مأثرة من مآثر بني العباس عظيمة , وكان في جملة من يشرف على العمل الإمام أبو حنيفة , فقد كان ينظر في أمر تسلم الأجر . قالوا : وكان يعد اللبن بالذراع بعد أن يأمر برصفه رصفا معينا . قيل وهو أول من فعل ذلك واستفادة الناس منه .
ثم أمر المنصور بإجراء الماء إليها من قناتين إحداهما من نهر دجيل الآخذ من دجلة , والثانية من نهر كرخايا الآخذ من نهر عيسى الاخذ من الفرات , وكانت تلك المياه تجري في مجار من خشب الساج , فعل كل ذلك لئلا تدخل دواب السقائين المدينة فتلوثها

منقول

Dr.asmaa gamal
27-11-2008, 06:35 PM
جزاكم الله خيرا موضوع شيق