المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نخوة المعتصم وتخاذل غيره!


ابن الشافعي
18-10-2008, 12:33 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من منا لا يذكر القصة التي لا تخفى على احد والتي حدثت في عهد الخليفة المعتصم العباسي حينما جيش جيوش المسلمين لمحاربة الروم ثأراً لامرأة عربية أهانها رومي في عمورية، فقد جاء رجل الى المعتصم وقال له: (يا أمير المؤمنين.. كنت في عمورية فرأيت في سوقها امرأة عربية مهيبة جليلة تساوم روميا في سلعة، فحاول ان يتغافلها ففوتت عليه غرضه، فأغلظ لها القول، فردت على عدوانه بمثله، فلطمها على وجهها فصاحت في لهفةٍ تطلب النخوة.. وامعتصماه!).

فرد عليها الرومي: (وماذا يقدر عليه المعتصم؟ وأنى له بي؟!).

امر المعتصم بان يستعد الجيش لمحاصرة عمورية فمضى اليها، فلما استعصت عليه، جعل النار في المجانيق ورمى الحصون رميا متتابعا، فاستسلمت، ودخل المعتصم عمورية، وبحث عن المرأة فلما حضرت قال لها: (هل اجابك المعتصم؟ قالت نعم)، واحضر المعتصم الرجل الذي اهانها من قبل، فقالت للرجل: (هذا هو المعتصم قد جاء وأجابني بنخوته، وأخزاك الله)، وقالت للمعتصم: (أعز الله ملكك أمير المؤمنين بحسبي من المجد انك ثأرت لي، ومن الفخر انك انتصرت لدعوتي، فهل يأذن لي أمير المؤمنين ان أعفو عن الرومي وأسامحه؟!).

أعجب المعتصم بمقالها وقال لها: (لأنت جديرة حقا بأنني حاربت الروم ثأراً لك، ولتعلم الروم اننا نعفو حينما نقدر)، ما ابعد الأمس من اليوم! فقد كان المعتصم يمتلك المروءة والشجاعة.

(معتصمو!) عصرنا هذا واعني بهم السلطات السورية سلمت إلى الفرس- المحتلين لدولة الاحواز العربية - بتاريخ 2008/9/27 امرأة عربية لجأت اليهم مع اطفالها الخمسة هربا من بطش اعدائها الحاقدين على كل ما هو عربي! نعم سلموها بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيها وابنائها من الزاهدين!.

اذا كان المعتصم قد جيش جيوشه لمحاربة الروم ليثأر لامرأة عربية من أجل لطمة، فقد لجأت المرأة العربية الاحوازية معصومة الكعبي واطفالها الخمسة الى السلطات السورية (العربية!) وبدلا من ان تحميها السلطات سلمتها لاعدائها الفرس لكي يكملوا تعذيبها! وبتسليمها للمرأة العربية الاحوازية الى المحتل الفارسي، تكون قد قطعت آخر شعرة تربطها بشعارات ومبادئ (القومية!) الرنانة التي كانت تنادي بها، كما ان النظام الفارسي لا يمثل الاسلام وان زعم ذلك!، كما ان الموقف المدان الذي قامت به السلطات السورية ضد الاحواز العربية لم يكن مجرد صدفة او نابع عن خلافات سياسية، بل هي نظرة تستبدل الفلسفة القومية العربية بالرؤية الطائفية التي هي مقياس الارتباط والمصالح بين البلدين.