الشيخ محمد الزعبي
01-04-2011, 07:53 PM
المحافظة على الصلاة
عن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله تعالى عنه قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلى اللهِ قَالَ:
( الصَّلاةُ عَلى وَقْتِها قَالَ: ثُمَّ أَيّ قَالَ: ثُمَّ بِرُّ الْوالِدَيْنِ قَالَ: ثُمَّ أَيّ قَالَ: الْجِهادُ في سَبيلِ اللهِ قَالَ حَدَّثَنِي بِهِنَّ، وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي) متفق عليه .
الصَّلاةُ عَلى وَقْتِها من أحب الأعمال الى الله تعالى, وهذا الحديث الشريف يدل على المحافظة على الصلاة في وقتها، بل في أول وقتها؛ لأن الإنسان إذا أداها في أول وقتها فقد بادر إلى إبراء الذمة، بخلاف الإنسان الذي يؤخرها إلى آخر الوقت، فقد تخرج عن الوقت، فيكون بذلك قد عرض صلاته لخروجها عن الوقت. إذاً: فالمبادرة إلي الصلاة في أول وقتها إبراءٌ للذمة، وعدمُ تعريضها للتأخير عن وقتها.
المحافظة على الصلاة أن لا يسهو عنها ويؤديها في أوقاتها ويتم أركانها وركوعها وسجودها ويؤكد نفسه بالاهتمام بها والتكرير بمعنى الاستقامة والدوام, كان سعيد بن المسيب إذا ذُكِرَ له الخروجُ إلى البادية قال :فأين صلاة العشاء ؟ قال محمد بن رشد : إنما كان - رضى الله عنه - يقول ذلك إشفاقاً على فوات الصلاة فى مسجد النبى عليه السلام ، لما جاء من أن الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) هكذا أخرجه البخاري. وفي رواية (صلاة فى المسجد الحرام مائة ألف صلاة وصلاة فى مسجدى ألف صلاة وصلاة فى بيت المقدس خمسمائة صلاة )البيهقى فى شعب الإيمان
وخص صلاة العشاء بالذكر لما جاء من الفضل فى شهودها . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (بيننا وبين المنافقين شهود العتمة والصبح, لا يستطيعونها أو نحو هذا ). وقال عثمان بن عفان : من شهد العشاء فى جماعة فكأنما قام نصف ليلة ، ومن شهد الصبح فكأنما قام نصف ليلة ، وذلك لا يكون إلا عن توقيف ، إذ لا مدخل فى ذلك للقياس ولا يقال مثله بالرأى . ولعله أراد أن أهل البادية كانوا لا يصلون العشاء والصبح فى جماعة ،
و الصلاة اصطلاحا: هي أقوالٌ وأفعالٌ مخصوصةٌ, مبتدأةٌ بالتكبيرِ ومختتمةٌ بالتسليم. هذا هو تعريف الصلاة في الشرعي. فهي مبدوءة بـ (الله أكبر) ومختومة بـ (السلام عليكم ورحمة الله)، كما قال عليه الصلاة والسلام: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم).
والصلاة في اللغة: الدعاء، ومن ذلك قوله تعالى : { وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم } التوبة : 103 أي ادع لهم. . يقول الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}البقرة:238)
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم : انه ذكر الصلاة يوما فقال :(من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة من النار يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا نجاة ولا برهانا وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف) سنن الدارمي. قال حسين سليم أسد : إسناده صحيح . وإنما خص هؤلاء الاربعة بالذكر لأنهم من رؤس الكفرة وفيه نكتة بديعة وهو أن تارك المحافظة على الصلاة إما أن يشغله ماله أو ملكه أو رياسته او تجارته فمن شغله عنها ماله فهو مع قارون , ومن شغله عنها ملكه فهو مع فرعون ومن شغله عنها رياسة ووزارة فهو مع هامان ومن شغله عنها تجارته فهو مع أبي بن خلف .عن عبادة بن الصامت قال اوصانا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: ( لا تشركوا بالله شيئا وإن قطعتم او حرقتم او صلبتم ولا تتركوا الصلاة عمدا فمن تركها عمدا متعمدا فقد خرج من الملة ولا تقربوا الخمر فإنها رأس الخطايا) رواه عبدالرحمن ابن أبي حاتم في سننه مجمع الزوائد .وفي الحديث (تدرون ما يقول ربكم؟ يقول: من صلى الصلوات لوقتها وحافظ عليها ولم يضيعها استخفافا بحقها، فله علي عهد أن أدخله الجنة، ومن لم يصلها لوقتها ولم يحافظ عليها وضيعها استخفافا بحقها، فلا عهد له علي إن شئت غفرت له، وإن شئت عذبته. ) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد "1/302" وقال: رواه الطبراني في الكبير وفيه يزيد بن قتيبة. عن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن أول ما افترض الله على الناس من دينهم الصلاة، وآخر ما يبقى الصلاة، وأول ما يحاسبون به الصلاة، يقول الله- عز وجل-: انظروا في صلاة عبدي. فإن كانت تامة كتبت تامة، وإن وجدت ناقصة قال: انظروا هل له من تطوع؟ فإن وجد له تطوع تمت الفريضة من التطوع، ثم قال: انظروا هل زكاته تامة؟ فإن وجدت زكاته تامة كتبت تامة، وإن وجدت ناقصة قال: انظروا هل له صدقة؟ فإن كانت له تمت زكاته من الصدقة".قلت: مدار حديث أنس بن مالك على يزيد بن أبان الرقاشى، وهو ضعيف.لكن له شاهد من حديث أبي هريرة رواه النسائي ، والترمذي وحسنه، قال: وفي الباب عن تميم الداري.من كتاب اتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة للمؤلف أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري.وعن أنس رضى الله عنه ( أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح له سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله)أخرجه الطبرانى فى الأوسط .
يقول الله تعالى في محكم كتابه المكنون:{إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً}النساء: من الآية103{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}البقرة:43{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}البقرة:43
{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}العنكبوت:45{يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}لقمان:17
الصلاةُ عبادةٌ تَصلُ العبدَ بربِهِ تعالى ، فتجعلُ هذا الضعيفَ الحقيرَ الفانيَ المخلوقَ من ترابِ الأرض! تجعلُهُ عظيماً لأنه موصولٌ بالله تبارك وتعالى (( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون )) .
وهي إيمان ، وكل الأعمال بلا إيمان لا قيمة لها ولا ثمرة قال الله تعالى : (( وما كان الله ليضيع إيمانكم)) يعني صلاتكم إلى بيت المقدس قبل أن تحول القبلة إلى الكعبة المشرفة في البيت الحرام – ولهذا أيضاً بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن ترك الصلاة كفر ، فقال كما في صحيح مسلم :(( بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)) وتركها أيضاً نفاق كما في قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه ((أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيها لا توهما ولو حبواً )).
والصلاة توبة . قال الله تعالى:- (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فإخوانكم في الدين )) وقال في الآية الأخرى : (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم )).
والصلاة ذكرُُ لله تعالى ، قال الله عز وجل (( إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري)) يعني لتذكرني بها .
والصلاة طمأنينةٌ للقلب وسكينةٌ للنفس وهناء للروح ، قال الله تعالى:- (( وصلّ عليهم إنَّ صلاتَكَ سكنٌ لهم)) .وفي حديث متفق عليه أن أُ سيدَ بنَ حُضيرٍ قامَ يُصلي من الليل فقرأ من سورة البقرة أو من سورة الكهف- اختلفت الرواية – فرأى بين السماء والأرض أمثال القناديل فجالت الفرس حتى خشي على ولده فهدأ وسكن في قراءته فعاد فعادت ، فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( اقرأ يا ابن حُضير تلك السكينة تنزلت لقراءة القرآن ، تلك الملائكة ، ولو قرأت لأصبحت يتراءاها الناس بين السماء والأرض )) .
والصلاة شكرُُ (( ذريةَ من حملنا مع نوحٍ إنَّهُ كان عبداً شكوراً )) .. بماذا كان عبداً شكوراً ؟! .. بكثرة الصلاة .. ولهذا لما قالت عائشة كما في الصحيحين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أطال القيام حتى تفطرت قدماه : تفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال يا عائشة أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً ))
والصلاة عونُُ للعبد على ما يعانيه ويواجهه من المشكلات في الدنيا والآخرة ، ولهذا قال الله تعالى :-
(( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا الخاشعين)) وقال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }153البقرة.
فالذين يواجهون مشاكل الدنيا وصعوباتها ويتصدون لجلائل الأعمال ، خاصة من أهل العلم ، وأهل الدعوة ، وأهل الجهاد الذين يلقون التعب في هذه الدار ، ويواجهون من المشاكل الصغيرة والكبيرة ، ويحط الناس بهم كل قضاياهم وكل مشكلاتهم ، لابد أن يستعينوا على ذلك بالصلاة وإلا عجزوا وانقطعوا . والصلاة صلة بين العبد وربه في الحديث القدسي يقول الله تعالى: ( قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين ولعبدى ما سأل فإذا قال العبد { الحمد لله رب العالمين } [الفاتحة : 2] قال الله حمدنى عبدى فإذا قال { الرحمن الرحيم } [الفاتحة : 3] قال الله أثنى على عبدى فإذا قال { مالك يوم الدين } [الفاتحة : 4] قال مجدنى عبدى وإذا قال { إياك نعبد وإياك نستعين } [الفاتحة : 5] قال هذا بينى وبين عبدى ولعبدى ما سأل فإذا قال { اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } [الفاتحة : 6-7] قال هذا لعبدى ولعبدى ما سأل) أخرجه عبد الرزاق ، وأحمد ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذى ، والنسائى ، وابن ماجه ، وابن حبان عن أبى هريرة)
والصلاة مناجاة لله سبحانه وتعلى ووقوفُُ بين يديه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح عن أبي أيوب عن عبدالله بن عمرو أن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال: (( إذا صليتم الفجر فإنه وقت إلى أن يطلع قرن الشمس الأول ثم إذا صليتم الظهر فإنه وقت إلى أن يحضر العصر فإذا صليتم العصر فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس فإذا صليتم المغرب فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق فإذا صليتم العشاء فإنه وقت إلى نصف الليل )) صحيح مسلم والبيهقي في الكبرى.
ولهذا لا تسقط الصلاة عن الإنسان مادام على قيد الحياة قال الله تعالى مخاطباً نبيه محمدا:ً{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}الحجر:99 يعني الموت. والصلاة لا تسقط عن الإنسان في الحضر والسفر ولا في السلم والحرب ولا في الصحة والمرض ولا في الغنى والفقر ولا في السراء والضراء . وكل التكاليف الشريعة فرضت بواسطة الوحي إلا الصلاة فرضت مباشرة من الله تعالى الى نبيه محمد صلى الله عليه و سلم.والصلاة تشمل جميع أركان الصلاة .
والصلاة مكفرة للذنوب والخطايا عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مراتٍ هل يبقى من درنه شيءٌ قالوا لا يبقى من درنه شيءٌ قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا) متفق عليه. وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أنَّ رَجُلاً أصَابَ مِن امْرَأَةٍ قُبْلَةً ، فَأتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَأخْبَرَهُ فَأنْزَلَ اللهُ تَعَالَى : { أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ ، إنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ } [ هود : 114 ] فَقَالَ الرَّجُلُ أَلِيَ هَذَا ؟ قَالَ : (( لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - : أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ ، مَا لَمْ تُغشَ الكَبَائِرُ )) رواه مسلم .
عن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله تعالى عنه قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلى اللهِ قَالَ:
( الصَّلاةُ عَلى وَقْتِها قَالَ: ثُمَّ أَيّ قَالَ: ثُمَّ بِرُّ الْوالِدَيْنِ قَالَ: ثُمَّ أَيّ قَالَ: الْجِهادُ في سَبيلِ اللهِ قَالَ حَدَّثَنِي بِهِنَّ، وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي) متفق عليه .
الصَّلاةُ عَلى وَقْتِها من أحب الأعمال الى الله تعالى, وهذا الحديث الشريف يدل على المحافظة على الصلاة في وقتها، بل في أول وقتها؛ لأن الإنسان إذا أداها في أول وقتها فقد بادر إلى إبراء الذمة، بخلاف الإنسان الذي يؤخرها إلى آخر الوقت، فقد تخرج عن الوقت، فيكون بذلك قد عرض صلاته لخروجها عن الوقت. إذاً: فالمبادرة إلي الصلاة في أول وقتها إبراءٌ للذمة، وعدمُ تعريضها للتأخير عن وقتها.
المحافظة على الصلاة أن لا يسهو عنها ويؤديها في أوقاتها ويتم أركانها وركوعها وسجودها ويؤكد نفسه بالاهتمام بها والتكرير بمعنى الاستقامة والدوام, كان سعيد بن المسيب إذا ذُكِرَ له الخروجُ إلى البادية قال :فأين صلاة العشاء ؟ قال محمد بن رشد : إنما كان - رضى الله عنه - يقول ذلك إشفاقاً على فوات الصلاة فى مسجد النبى عليه السلام ، لما جاء من أن الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) هكذا أخرجه البخاري. وفي رواية (صلاة فى المسجد الحرام مائة ألف صلاة وصلاة فى مسجدى ألف صلاة وصلاة فى بيت المقدس خمسمائة صلاة )البيهقى فى شعب الإيمان
وخص صلاة العشاء بالذكر لما جاء من الفضل فى شهودها . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (بيننا وبين المنافقين شهود العتمة والصبح, لا يستطيعونها أو نحو هذا ). وقال عثمان بن عفان : من شهد العشاء فى جماعة فكأنما قام نصف ليلة ، ومن شهد الصبح فكأنما قام نصف ليلة ، وذلك لا يكون إلا عن توقيف ، إذ لا مدخل فى ذلك للقياس ولا يقال مثله بالرأى . ولعله أراد أن أهل البادية كانوا لا يصلون العشاء والصبح فى جماعة ،
و الصلاة اصطلاحا: هي أقوالٌ وأفعالٌ مخصوصةٌ, مبتدأةٌ بالتكبيرِ ومختتمةٌ بالتسليم. هذا هو تعريف الصلاة في الشرعي. فهي مبدوءة بـ (الله أكبر) ومختومة بـ (السلام عليكم ورحمة الله)، كما قال عليه الصلاة والسلام: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم).
والصلاة في اللغة: الدعاء، ومن ذلك قوله تعالى : { وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم } التوبة : 103 أي ادع لهم. . يقول الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}البقرة:238)
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم : انه ذكر الصلاة يوما فقال :(من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة من النار يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا نجاة ولا برهانا وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف) سنن الدارمي. قال حسين سليم أسد : إسناده صحيح . وإنما خص هؤلاء الاربعة بالذكر لأنهم من رؤس الكفرة وفيه نكتة بديعة وهو أن تارك المحافظة على الصلاة إما أن يشغله ماله أو ملكه أو رياسته او تجارته فمن شغله عنها ماله فهو مع قارون , ومن شغله عنها ملكه فهو مع فرعون ومن شغله عنها رياسة ووزارة فهو مع هامان ومن شغله عنها تجارته فهو مع أبي بن خلف .عن عبادة بن الصامت قال اوصانا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: ( لا تشركوا بالله شيئا وإن قطعتم او حرقتم او صلبتم ولا تتركوا الصلاة عمدا فمن تركها عمدا متعمدا فقد خرج من الملة ولا تقربوا الخمر فإنها رأس الخطايا) رواه عبدالرحمن ابن أبي حاتم في سننه مجمع الزوائد .وفي الحديث (تدرون ما يقول ربكم؟ يقول: من صلى الصلوات لوقتها وحافظ عليها ولم يضيعها استخفافا بحقها، فله علي عهد أن أدخله الجنة، ومن لم يصلها لوقتها ولم يحافظ عليها وضيعها استخفافا بحقها، فلا عهد له علي إن شئت غفرت له، وإن شئت عذبته. ) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد "1/302" وقال: رواه الطبراني في الكبير وفيه يزيد بن قتيبة. عن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن أول ما افترض الله على الناس من دينهم الصلاة، وآخر ما يبقى الصلاة، وأول ما يحاسبون به الصلاة، يقول الله- عز وجل-: انظروا في صلاة عبدي. فإن كانت تامة كتبت تامة، وإن وجدت ناقصة قال: انظروا هل له من تطوع؟ فإن وجد له تطوع تمت الفريضة من التطوع، ثم قال: انظروا هل زكاته تامة؟ فإن وجدت زكاته تامة كتبت تامة، وإن وجدت ناقصة قال: انظروا هل له صدقة؟ فإن كانت له تمت زكاته من الصدقة".قلت: مدار حديث أنس بن مالك على يزيد بن أبان الرقاشى، وهو ضعيف.لكن له شاهد من حديث أبي هريرة رواه النسائي ، والترمذي وحسنه، قال: وفي الباب عن تميم الداري.من كتاب اتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة للمؤلف أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري.وعن أنس رضى الله عنه ( أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح له سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله)أخرجه الطبرانى فى الأوسط .
يقول الله تعالى في محكم كتابه المكنون:{إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً}النساء: من الآية103{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}البقرة:43{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}البقرة:43
{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}العنكبوت:45{يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}لقمان:17
الصلاةُ عبادةٌ تَصلُ العبدَ بربِهِ تعالى ، فتجعلُ هذا الضعيفَ الحقيرَ الفانيَ المخلوقَ من ترابِ الأرض! تجعلُهُ عظيماً لأنه موصولٌ بالله تبارك وتعالى (( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون )) .
وهي إيمان ، وكل الأعمال بلا إيمان لا قيمة لها ولا ثمرة قال الله تعالى : (( وما كان الله ليضيع إيمانكم)) يعني صلاتكم إلى بيت المقدس قبل أن تحول القبلة إلى الكعبة المشرفة في البيت الحرام – ولهذا أيضاً بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن ترك الصلاة كفر ، فقال كما في صحيح مسلم :(( بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)) وتركها أيضاً نفاق كما في قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه ((أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيها لا توهما ولو حبواً )).
والصلاة توبة . قال الله تعالى:- (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فإخوانكم في الدين )) وقال في الآية الأخرى : (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم )).
والصلاة ذكرُُ لله تعالى ، قال الله عز وجل (( إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري)) يعني لتذكرني بها .
والصلاة طمأنينةٌ للقلب وسكينةٌ للنفس وهناء للروح ، قال الله تعالى:- (( وصلّ عليهم إنَّ صلاتَكَ سكنٌ لهم)) .وفي حديث متفق عليه أن أُ سيدَ بنَ حُضيرٍ قامَ يُصلي من الليل فقرأ من سورة البقرة أو من سورة الكهف- اختلفت الرواية – فرأى بين السماء والأرض أمثال القناديل فجالت الفرس حتى خشي على ولده فهدأ وسكن في قراءته فعاد فعادت ، فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( اقرأ يا ابن حُضير تلك السكينة تنزلت لقراءة القرآن ، تلك الملائكة ، ولو قرأت لأصبحت يتراءاها الناس بين السماء والأرض )) .
والصلاة شكرُُ (( ذريةَ من حملنا مع نوحٍ إنَّهُ كان عبداً شكوراً )) .. بماذا كان عبداً شكوراً ؟! .. بكثرة الصلاة .. ولهذا لما قالت عائشة كما في الصحيحين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أطال القيام حتى تفطرت قدماه : تفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال يا عائشة أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً ))
والصلاة عونُُ للعبد على ما يعانيه ويواجهه من المشكلات في الدنيا والآخرة ، ولهذا قال الله تعالى :-
(( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا الخاشعين)) وقال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }153البقرة.
فالذين يواجهون مشاكل الدنيا وصعوباتها ويتصدون لجلائل الأعمال ، خاصة من أهل العلم ، وأهل الدعوة ، وأهل الجهاد الذين يلقون التعب في هذه الدار ، ويواجهون من المشاكل الصغيرة والكبيرة ، ويحط الناس بهم كل قضاياهم وكل مشكلاتهم ، لابد أن يستعينوا على ذلك بالصلاة وإلا عجزوا وانقطعوا . والصلاة صلة بين العبد وربه في الحديث القدسي يقول الله تعالى: ( قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين ولعبدى ما سأل فإذا قال العبد { الحمد لله رب العالمين } [الفاتحة : 2] قال الله حمدنى عبدى فإذا قال { الرحمن الرحيم } [الفاتحة : 3] قال الله أثنى على عبدى فإذا قال { مالك يوم الدين } [الفاتحة : 4] قال مجدنى عبدى وإذا قال { إياك نعبد وإياك نستعين } [الفاتحة : 5] قال هذا بينى وبين عبدى ولعبدى ما سأل فإذا قال { اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } [الفاتحة : 6-7] قال هذا لعبدى ولعبدى ما سأل) أخرجه عبد الرزاق ، وأحمد ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذى ، والنسائى ، وابن ماجه ، وابن حبان عن أبى هريرة)
والصلاة مناجاة لله سبحانه وتعلى ووقوفُُ بين يديه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح عن أبي أيوب عن عبدالله بن عمرو أن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال: (( إذا صليتم الفجر فإنه وقت إلى أن يطلع قرن الشمس الأول ثم إذا صليتم الظهر فإنه وقت إلى أن يحضر العصر فإذا صليتم العصر فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس فإذا صليتم المغرب فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق فإذا صليتم العشاء فإنه وقت إلى نصف الليل )) صحيح مسلم والبيهقي في الكبرى.
ولهذا لا تسقط الصلاة عن الإنسان مادام على قيد الحياة قال الله تعالى مخاطباً نبيه محمدا:ً{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}الحجر:99 يعني الموت. والصلاة لا تسقط عن الإنسان في الحضر والسفر ولا في السلم والحرب ولا في الصحة والمرض ولا في الغنى والفقر ولا في السراء والضراء . وكل التكاليف الشريعة فرضت بواسطة الوحي إلا الصلاة فرضت مباشرة من الله تعالى الى نبيه محمد صلى الله عليه و سلم.والصلاة تشمل جميع أركان الصلاة .
والصلاة مكفرة للذنوب والخطايا عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مراتٍ هل يبقى من درنه شيءٌ قالوا لا يبقى من درنه شيءٌ قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا) متفق عليه. وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أنَّ رَجُلاً أصَابَ مِن امْرَأَةٍ قُبْلَةً ، فَأتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَأخْبَرَهُ فَأنْزَلَ اللهُ تَعَالَى : { أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ ، إنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ } [ هود : 114 ] فَقَالَ الرَّجُلُ أَلِيَ هَذَا ؟ قَالَ : (( لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - : أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ ، مَا لَمْ تُغشَ الكَبَائِرُ )) رواه مسلم .