المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السياحة النظيفة في مصر.


إبراهيم الجيزاوي
27-04-2011, 06:50 AM
ثورة 25 يناير تحتاج للاسراع في ثورة العمل والانتاج لتعود بلدنا كبيرة بحق، تأكل من أرضها ومن صنع شعبها، وليس بالقروض والمساعدات الاقتصادية.

عندنا بنية اقتصادية يمكن الانطلاق منها سريعا. أولها السياحة التي ستدر ذهبا عاجلا لو أعدنا انتاجها بطريقة صحيحة، تبدأ بعودة السياحة العربية والإسلامية، وهي الأساس والأقرب، فالعرب يريدون أن يهبطوا مصر اليوم قبل الغد، لكن لابد من طمأنتهم بتوفير الأمن والأمان والاستقرار.

السعوديون على سبيل المثال، كانت وجهتهم الرئيسية مصر طوال السنين الماضية، فهم يقولون إنهم لا يجدون راحة في تركيا رغم أن المنتج السياحي لديها أفضل، فالعادات والتقاليد، تجعل العائلات تفضل مصر، بالاضافة إلى القرب الشديد بين الشعبين، وامتلاكهم لعقارات وشركات داخلها، وقرب المسافة، التي ستقترب أكثر وأكثر لو أعدنا التفكير في مشروع الجسر الذي يربط السعودية بمدينة شرم الشيخ، ورفضه مبارك لأنه كان يعتقد أن تلك المدينة ورثها ولا يجوز لغيره أن يزورها.

عندما اتحدث عن سياحة العائلات العربية، فإنني أقصد انتاج سياحة نظيفة لتجذبهم أكثر وأكثر، وتجعل بيروت أو تركيا أو غيرهما اختيارا ثانيا.

سياحة نظيفة يعني أن تمنع الدولة الخمور والمنكرات في كل أرض مصر، فنادق ومحلات ومقاه وشقق مفروشة. بالمعنى الأصح توقف انتاجها وتقديمها، وأن يشمل ذلك جميع جنسيات السائحين.

سيأتينا خير كثير من ذلك، وسيبارك الله في سياحتنا، ويجعلها سلاما علينا وعلى من يسيح في أرضنا.

من الضروري أن نقدم نموذجا طيبا من المطار أو الميناء البحري والبري، فانطباع السائح يتأثر بأول من يقابله. يجب علينا أن نشعره أنه لا يدفع أكثر من قيمة السلعة.

لغة ما قبل الثورة من "بقشيش" وفهلوة و"راضيني يا بيه" تفقدنا الكثير من السائحين. قال لي أحدهم: ما لا يعجبني أن يصعد عامل الفندق بحقائبي إلى غرفتي، ثم "يتنح" منتظرا أن أدخل يدي في جيبي، فإذا لم أفعل يتذمر، كأنه أدى عملا زائدا ليس من واجباته.

وهكذا يفعل عامل البوفيه، وسائق التاكسي، والمطاعم. السائح يدفع في مصر دائما مبالغ ليست في "الفاتورة".

طبعا يحتاج ذلك إلى إعادة انتاج الثقافة الاجتماعية. وما الصعوبة في ذلك، فقد قمنا بثورة.. والثورة لا تقتصر على اسقاط رأس الحكم.

السياحة هي الاقتصاد سريع الدخل الذي يمكن أن ينأى بنا عن جزء كبير من الاقتراض. وهي لن تعود من تلقاء نفسها، فحتى الأن لم نر حملات لاعادة العرب إلى مصر. سمعنا فقط عن زيارة وزير السياحة لدول أوروبية، لكن سفاراتنا في الدول العربية لم تحاول حتى الآن ارسال رسائل للمجتمعات التي توجد فيها بأن الثورة في مصر نجحت والأمور عادت لطبيعتها.

ميدان التحرير فرض نفسه على الواقع السياحي، وكل سائح سيضع في رئيسيات أجندته أن يزوره أو يبدأ منه، فلنهيئ الميدان لذلك ونضعه في حملاتنا الدعائية.

القصور الملكية السابقة التي أصبحت جمهورية بعد 1952، مثل قصر عابدين وقصر العروبة الذي أقام فيه آخر رؤساء مصر ورحل منه إلى شرم الشيخ مطروداً، والقصر الجمهوري بالقبة، وقصر الطاهرة، ستكون قبلة للسائحين من الدول العربية والإسلامية، وأيضا الدول التي يقصد سياحها الآثار الفرعونية، ففيها تاريخ مصر الحديثة من عهد الدولة العلوية وحتى نهاية العهد المباركي.

لا نريد أن يقيم رئيس مصر المنتخب في أي منها، ولنبن قصرا جديدا للحكم، بسيطا عاديا يعبر عن مصر الجديدة التي لن يحكمها فرعون بعد اليوم.

ولنطلق كذلك مشروعا لتطوير الجامع الأزهر وتوسيعه ونعيد إليه الأعمدة العلمية لكبار المشائخ وعلماء الدين المشهورين. إذا فعلنا ذلك مع استقلال الإدارة الأزهرية من مشيخة وموظفين عن الحكومة، وانتخاب الإمام الأكبر، سيصبح هذا الجامع مرة أخرى قبلة لطالبي العلم الديني الصحيح وأيضا للسائحين الذين سيأتون من أجل التاريخ الإسلامي لمصر.

في اسطنبول مساجد لا يزيد تاريخها عن عهد الدولة العثمانية ولكنها صارت على رأس المنتج السياحي التركي.

بعد السياحة تأتي الزراعة التي يجب أن تكون همنا الأكبر لنأكل من أرضنا، فمن لا يملك رغيفه لا يملك قراره.

إعادة الاعتبار لزراعات القمح والذرة والشعير، وللثروة الحيوانية، والبدء فورا في تحويل شبه جزيرة سيناء إلى أراض زراعية.

في الصعيد لابد من إعادة الاعتبار لزراعات الفول والعدس والقطن مع القمح، كما كنا نرى في صبانا، وحولها "الكسل" فيما بعد إلى زراعة قصب السكر، الذي لم يقتطع المحاصيل الاستراتيجية فقط، بل جعل القرى التي يزرع فيها عبارة عن غابات كبيرة تسكنها الحيوانات المتوحشة، بالاضافة إلى مخاطره الأمنية.

المدخل الثالث هو وقف استيراد السلع الاستفزازية. سلع المرفهين التي تأكل حصة كبيرة من العملات الصعبة. لنضع في اعتبارنا أن الحياة الكريمة تعني مسكنا لائقا ومياها نقية ونظافة وخبزا.

المدخل الرابع أن نوقف لمدة عام رحلات العمرة وحج التطوع، وقد كتب الأستاذ فهمي هويدي بأن العلامة الدكتور يوسف القرضاوي أفتى بجواز ذلك، فالأموال التي ستنفق على تلك الرحلات يحتاجها الوطن في ظروفه الراهنة.

لتفتح هذه المداخل بابا للمناقشة بيننا من الأخوة المعلقين، سواء بتشريحها أو الزيادة عليها أو نقضها بما هو أفضل.

حفظ الله مصر وشعبها من كل سوء..