المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاحتلال وآلامه... والاقتتال وأحزانه..(كيف لا تبكي العيون دما)


امين
29-11-2008, 01:40 PM
هل هي بداية الطريق لحياة مختلفة أو نهاية الزمان؟ من أين تأتي الإجابة؟ كل من يراها يقف متسمراً أمام دموعها الكئيبة، تغمض عينيها على حلم مضى تكره الاستيقاظ منه، ومن ثم تهجر حاجز الصمت، حينما خرقت رصاصة عنقها الشامخ، وأسدلت ورائها أطرافا، زرعت الورود في جوف الأشواك حفرت الأرض للأولاد, ولكنها بكل بساطة وبكل ظلم شلت، ودفعت ثمن التحرير غاليا.
هي رندة أبو القرايا أصيبت برصاصة في عنقها عندما اجتاحت قوات الاحتلال بيت لاهيا، ولم تكن القاضية بل كانت المعذبة، التي حكمت عليها إعداماً مع حياة يلازمها شلل رباعي، فخلفت ورائها أماً تعال من ستة أطفال بعدما كانت هي المعيل.
هل أخطأت حينما دثرت طفلها بلحاف من الحنان، هل أخطأت وهي الآن ترى ابنتها ذات العامين تبكي فلا قدرة لديها سوى البكاء، هي أم خرج من قلبها المحزون، من لغتها دمع الجفون، الذي يقول للقدر دائما لماذا أنا وما ذنب أطفالي، الزمن يكون هينا رحيما بلا أولاد تحتويهم آلام أم يعشقون كل نفس منها، وتعود ذاكرتهم إلى طهوها، رائحة أنفاسها، وتتوق هي جاهدة لمنحهم كل ما تستطيع، ولكنها بكل بساطة لا تستطيع، وبكل صور التوسل لله، تدعو وتحتاج لمن يعيل ألمها، ويحمل عنها جزءا منه، ألا وهو مساعدتها في رعاية أبنائها.
ولكن هل من مساعد؟؟ لم تجد أمامها سوى أبنائها الصغار، ابنتها ذات الأحد عشر ربيعا وولدها الذي لم يتجاوز العقد من عمره، والذي يعاني من تضخم في كليته، هما من يعيلا أمهما ويقومون بكافة أعمال المنزل.
شروق عندما تنظر إلى صورة جسدها الصغير ويديها الدقيقتان، والتي تستحق أن تقف أمامها انحناءاً وتقديراً، فهي من تعد الطعام وتعجن الدقيق وتخبزه، وهي من تساعد أمها في حمامها.
وبدر يشاطر أخته أعمال المنزل رغم حالته الصحية الصعبة، يغسل الغسيل وينظف المنزل ويهتم برعاية أخوته الصغار وخاصة أخته الصغيرة ذات العامين.
والمحير هنا أنه رغم الأعباء التي يلاقونها إلا أن مستواهم الدراسي جيد، بل ويساعدان إخوتهم الصغار في دروسهم.
هما طفلان نسيا معنى الطفولة منذ أن أعيقت أمهما، اللعب أصبح سخيفا لديهما، عبء الحياة أثقل كاهليهما، هما ضحية احتلال أعاق الأم...وسلب الطفولة..... ؟؟؟؟؟؟؟؟
لم تقف القصة عند ذلك الحد، فالقدر أبى إلا أن تكون هناك بقية، حادثة مفجعة وقفنا جميعاً متسمرين أمامها وكأن على رؤوسنا الطير، كان يوماً عصيباً على الطاقم الطبي التابع للمركز الوطني، كان البكاء والحزن والألم هو ما يخيم علينا، فأم بدر تعتبر صديقة عزيزة لدينا، خاصة ونحن من يقوم بمتابعة حالتها بشكل دوري، فكانت صدمتنا عندما سمعنا بأنها فقدت ولدها بدر، والذي قتل أمام عينيها بدم بارد خلال أحداث الاقتتال الداخلي بقطاع غزة، لم نصدق ذلك رغم تردد النبأ على وسائل الإعلام، أم مشلولة لا حول لها ولا قوة، كل من زارها ليعزيها لم يجد شيئاً ليقوله لها، ولدها يقتل برصاصة في الرأس أمام عينيها، فلا تستطيع أن تحرك لها طرفاً لتضمه بين ذراعيها غير رجفة الجسد ولوعة الفراق وصياح الأم المفزوعة على ولدها، رندة هي من وقعت بين فكي كماشة، فك رصاصة الاحتلال التي شلتها، وفك رصاصة ابن الوطن التي أفجعتها

ألب أرسلان
13-12-2008, 05:16 AM
جزاك الله خيرا ......