المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوصايا العشر.. للخشوع في الصلاة!


المراقب العام
18-06-2011, 03:29 AM
أجاب عنها : همام عبدالمعبود

السؤال:
عمري 16 عاماً، أريد أن أكون من خواص عباد الله، وأريد أن أنجح في حياتي الدينية، لكن مشكلتي هي أني فاشلة؛ فأنا أحاول أن أستشعر معنى الصلاة، لكن أحيانًا لا تكون صلاتي بالشكل الذي أريد، سرحاني قليل، وأحاول أن أناجي بتدبر وحب وخوف ورجاء، لكنني لم أصل لما أريد.
عندما أبدأ الصلاة أحس بفتور، ومع الصلاة أبدأ أتحسن، وأصل لآخر الصلاة وحالتي النفسية ممتازة، وسؤالي: كيف أتلذذ بالصلاة؟، وأشعر بأهميتها؟، وكيف أقوي صلتي بالله؟، وكيف أنادي الله بخشوع؟، مع أني أتدبر وأرجو وأخاف فيها، لكنني أحس أن كل ما أفعله ضعيف، وكيف أقوي همتي ونفسي على العبادة؟، وكيف أوازن بين الخوف والرجاء؟ جزاكم الله خيراً.





http://almoslim.net/files/images/src1211265790.thumbnail.jpg (http://almoslim.net/node/148031)


الجواب:
أختنا الكريمة:
السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكِ، وشكر الله لكِ ثقتكِ بإخوانِكِ في موقع (المسلم)، ونسأل الله (عز وجل) أن يجعلنا أهلا لهذه الثقة، آمين.. ثم أما بعد:
فقد قرأت رسالتك؛ وفهمت منها أنكِ تريدين أن تكوني (من خواص عباد الله)، وأن تنجحي في حياتك الدينية، وأنكِ تحاولين أن تستشعري (معنى الصلاة)، كما تحاولين أن تناجي ربك "بتدبر وحب وخوف ورجاء"، وتقولين (لكنني لم أصل لما أريد)، وتقولين (أول ما أبدا الصلاة أكون حاسة بفتور، ومع الصلاة أبدأ أتحسن، وأصل لآخر الصلاة وحالتي النفسية ممتازة).
وتتساءلين: كيف أتلذذ بالصلاة؟، وأشعر بأهميتها؟، وكيف أقوي صلتي بالله؟، وكيف أنادي الله بخشوع؟، وكيف أقوي همتي ونفسي على العبادة؟، وكيف أوازن بين الخوف والرجاء؟. وجزاكم الله خيراً.
وأجمل ما في رسالتك أنها:
1) تعكس رغبتك الصادقة في تجويد الطاعة (الصلاة)، والوصول بها إلى درجة الإحسان، فنحن لسنا بصدد الحديث عن مسلمة مقصرة في أداء الصلاة، او متكاسلة عن أدائها، وإنما عن مسلمة تحافظ على صلاتها لكنها تريد الترقي فيها، من خلال تجويدها وتحسينها، وأدائها على النحو الأمثل، وهذه نية طيبة أسأل الله عز وجل أن يثيبكِ عليها خيرًا، وأن يحبس لك الأجر بالنية؛ لما قاله حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. فمَنْ كانت هجرته إِلَى اللَّه ورسوله فهجرته إِلَى اللَّه ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إِلَى ما هاجر إليه" (متفق عَلَى صحته - رواه البخاري ومسلم).
2) تشير إلى حالة من عدم الرضا عن الأداء العبادي؛ واتهام النفس بالتقصير، وهو خلق إسلامي، مقبول من الناحية الشرعية والتربوية؛ شريطة أن يكون دافعًا إلى التجويد، وباعثًا على التحسين، مالم تكن مدخلا للشيطان، وبابا من أبواب تلبيس إبليس على المسلم، وسببًا في التيئيس والتقنيط من أداء الطاعات، والمعيار الكاشف للحالة هنا هو انخاض/ ارتفاع مقياس الأداء للصلاة، وأثرها على الحالة الإيماينية لكِ.
وأود هنا أن وضح لكِ – ابنتنا الكريمة– أن الصلاة ترمومتر الطاعة بالنسبة للمسلم؛ ربما لكونها "عماد الدين"، وربما لكونها العبادة المفروضة بشكل يومي، بل والتي تجب على المسلم في اليوم خمس مرات، وربما لأنها يجب أن تؤدى بخشوع القلب، وخضوع الجوارح والأركان، لأنها "صلة بين العبد وربه"، ولأن فيها كل روح باقي العبادات المفروضة الأخرى؛ ففيها يتحقق الصيام (الامتناع عن الأكل والشرب والشهوة المباحة)، وفيها الزكاة (إنفاق وبذل الوقت الحلال لأدائها)، الحج (الإحرام واستقبال الكعبة المشرفة و...).
ولا يخفى عليكِ – ابنتنا الفضلى- أن أداء الصلاة على الوجه الأكمل؛ أمر ليس بالسهل الهين؛ فأوضح سبحانه وتعالى أنها كبيرة أي ثقيلة على مؤديها ما لم يصل إلى درجة الخشوع: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) [البقرة/ 45-46]، وبين عز وجل أن الخشوع يكون سببًا في حصد المغفرة والأجر العظيم فقال تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ والصَّائِمِينَ والصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب/ 35).
وحتى تحققي مرادك من الصلاة؛ فتصلي بها إلى مرحلة الخشوع؛ فإنني نصح نفسي وإياكِ بالآتي:-
1- المبادرة للصلاة أول الوقت؛ وتجنب تأخيرها.
2- إسباغ الوضوء على المكاره.
3- المحافظة على النافلة القبلية لأنها لكِ بمثابة تأهيل لصلاة الفريضة.
4- استحضار عظمة الله عز وجل قبل الصلاة.
5- الإقبال على الصلاة برغبة وحب وشوق، وليس من باب أداء الواجب وحسب.
6- تفريغ الذهن عن حاجات الدنيا، والانقطاع عن مشاغل الحياة.
7- البعد عن المؤثرات، بإغلاق التلفاز والهاتف الجوال.
8- الصلاة بعيدًا عن أعين الناس وعن أماكن المعيشة (بالنسبة لكِ كفتاة).
9- تدبر ما تقرئين من القرآن (الفاتحة وبعض الآيات).
10- الدعاء بالمأثور في القيام والركوع والرفع والسجود والانتقالات البينية.
واعلمي يا ابنتي أن الخشوع صفة مكتسبة، يمكن الوصول إليها، والتحلي بها إذا ما استشعر العبد أنه يقف أمام خالقه ومولاه، وأنه يصلي صلاة مودع، وإذا ما نظر إلى ذنوبه وخطاياه على أنها جبل يكاد يسقط عليه ويتهدمه، لا كذبابة وقفت على وجهه فيهشها بيده؛ كما أن كلمة السر في تقوية الهمة في أداء العبادات، والموازنة بين الخوف (من عذاب الله) والرجاء (في رحمة الله)، تكمن في فهم مقولة الإمام بن القيم – رحمه الله- "كمال الإيمان يكون بأداء الطاعة مع تمام الحب لله؛ والتي يمكن صياغتها في هذه المعادلة: (كمال الطاعة + كمال الحب = كمال الإيمان).
نسأل الله (عز وجل) أن يرزقك الخشوع والخضوع؛ وأن يهد قلبك لطاعته ورضاه، وأن يصرف عنكِ كيد الشيطان ومكره.. إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.. وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.