المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل تعرفون من هم المورسكيون؟


العوام
17-01-2009, 12:21 PM
من هم المورسكيون:





المورسكيون هم من تبقى من المسلمين بعد سقوط غرناطة آخر المعاقل الاسلامية فى الاندلس تحت وطأة النصارى الاسبان ..

ومعنى المورسكيين (العرب المتنصّرين)..
او بمعنى ادق .. الذين اجبرتهم اسبانيا النصرانية على التنصّر بالاكراه.. ومن يرفض التنصّر يقتل هو واهله .. وكان المورسكيون جميعا قد اعلنوا النصرانية تظاهرا فقط وبقوا زهاء قرنين من الزمان مسلمين يكتمون إسلامهم..
ومع ان اسبانيا كانت تحظر عليهم التفاهم باللغة العربية واحياء اية تقاليد اسلامية او عربية.. فقد كانوا يتمتعون بقدرة عجيبة على الاحتفاظ بلغتهم فيما بينهم داخل بيوتهم وبين اولادهم .. وكانوا يتحدثون القشتالية لغة اسبانيا فى تلك الازمان مع غيرهم من الاسبان النصارى حتى لا ينكشف أمرهم.. وكان لكل شخص منهم اسمين اسم عربى يتخاطبون به بينهم ولا يعرفه الاسبان واسم قشتالى اسبانى يعرفه به الاسبان ..
ولكن الويل كل الويل لمن يثبت عليه ارتكاب المحظور والتكلم باللغة العربية فقد كانت محاكم التفتيش حينئذ تذيقه الويلات من سلخ الناس احياء واحراقهم احياء وقطع احد اطرافهم او اغتصاب نسائهم ام اعينهم .. فى مشاهد غاية فى الفظاعة لا فرق فيها بين كبير او ضغير او شيخ او عجوز..
وكانت اسبانيا النصرانية تعتبرهم عينة اجتماعية غريبة وتضطهدهم اضطهادا شديدا .. وكأن هذا الشعب لم يكن فى يوم من الايام منقذا لاسبانيا من ظلاميات العصور الوسطى فللّه الامر من قبل ومن بعد.




كان المورسكيون يبعثون برسائلهم عبر البحر الى خير الدين بارباروسا كى ينقذهم من نير الاسبان ..
ولم يكن خير الدين بارباروسا يملك لهم شيئا الا انقاذ من اراد الهجرة على مراكبه الخاصة من اسبانيا التى حرّمت عليهم الهجرة نهائيا وقضت عليهم حكما بالاستعباد الابدى
.. اذ ان العثمانيين فى ذلك الوقت كانوا قد صرفوا انظارهم عن المغرب العربى وتوجهوا تلقاء اوروبا فى حروب مظفرة ضد عواصمها الشرقية جميعا..
فلا يملك خير الدين برباروسا الا امكانيات ضعيفة فى الجزائر التى اصبح واليا عليها ..




وكان بارباروسا يعلم انه ليس من الحكمة بقاء المسلمين فى اسبانيا بهذه الكيفية ابدا.. فمن المؤكد ان محارق الكنيسة ستلتهم اجيالهم كلها وبقى يفكر فى الامر حتى كاد يعجز عغن إيجاد حل يخرجهم به من تلك الارض التى تبدل حالها من لالنور الى الظلام واستبدل اهلها الذى هو ادنى بالذى هو خير واقاموا الجهل مقام العلم وشرّدوا رسل الحضارة والمدينة واضطهدوهم فى بلادهم
ولكنه استطاع ان يستعيد سابق عهده وانتصارته البحرية الميمونة .. فقام بشن هجمات متوالية على شواطئ بلنسية (فالينسيا) وقدم العون للمورسكيين من السلاح والمؤن والمجاهدين لكى يقوموا بعدة ثورات اجبرات اسبانيا على الموافقة على هجرة الكثير من المسلمين المورسكيين الى بلاد المغرب ..






محنة المورسكيون لصيام رمضان

بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسولنا محمدو على آله و صحبه أجمعين.

قال الله تعالى: {شَهْرُرَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَالْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَمَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُالْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَوَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [سورة البقرة:185]، إن من النعم التي أكرم الله بها عباده و أقرّ أعين المؤمنين بهاأن بلّغهم شهر رمضان, هذا الشهر الفضيل الذي ُأنزل فيه القرآن العظيم على محمد صلىالله عليه و سلّم هو من خصائص الدين الإسلامي التي جمعت كل العبادات من صلاة و صيامو ذكر وصدقة و عمرة إضافة إلى تبني مكارم الأخلاق و أعفّها و أنبلها. قال عليهالصلاة و السلام : «الصوم جُنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلايرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم » [رواه البخاريومسلم.] و قد و عد الله عز وجل من قامه حقّ قيامه بالعتق من النار و المغفرة والأجر الكريم. قال رسول الله صلى الله عليه و سلّم: «من قامرمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري ومسلم]. فطوبى لمن عرف كيف يقوم رمضان و أحسن استغلاله في طاعة الرحمان.و ياحسرة من ضيّعه وزادته غفلته بعدا عن الرحمان. و ما أشد حسرة من ضيعه و هو له آخر رمضان.

منخلال هذا الموضوع – الذي أسأل الله أن يكون خالصا لوجهه الكريم- أريد أن أستعرضمحنة طائفة من المسلمين عاشت دهرا طويلا في أرض كانت إسلامية تُدعى الأندلس. و قدغلب الكفار سنة 1492م على أرضهم فساموهم سوء العذاب و أرغموهم على التنصّر واعتقادالكفر و التثليث و أكل لحم الخنزير و شرب الخمر و التسمّي بالأسماء النصرانية ولباس الزي النصراني ..., هذا و أجبروهم على التنصّل من كل اعتقادات المسلمين والتخلي عن المظاهر الإسلامية الظاهرة و الباطنة. و قد حكموا على من خالف ذلك بالموتشنقا وحرقا أو بالسجن المؤبد أو المؤقت أو بمصادرة الأموال أو بالأشغال الشاقةو....و ...و لائحة الإرهاب النصراني طويلة. و قد أطلق النصارى الإسبان على هذهالطائفة من المسلمين اسم "الموريسكيون" Moriscos أي "المسلمون الأصاغر" تمييزا لهمو تصغيرا من شأنهم. كما أطلقوا عليهم اسم " النصارى الجدد" Cristianos nuevos.

و بما أننا في شهر رمضان المبارك فقد اخترت أن أتناول حياة هؤلاءالمسلمين -الذين عاشوا كنصارى ظاهرا و مسلمين باطنا – في شهر رمضان. كيف كانوا يرونرمضان؟هل كانوا يصومونه ؟ كيف كانوا يعيشونه؟ ماذا لحقهم جرّاء ذلك؟ إلى غير ذلك منالاستفسارات التي قد تُطرح عن حياة هاته الفئة من المسلمين التي –صراحة- تجاهلهاالمؤرخون المسلمون و كما ستلاحظون فأغلب الوثائق التي سأنقلها ذات مصدر إسباني ومحفوظة في أرشيفهم. و لعل هذا أوّل موضوع من نوعه يتطرّق بصفة شبه مفصلة لحياةالمورسكيين في شهر رمضان وما لقوه من شدة و محنة في سبيل صيام و لو يوم واحد منهدون أن يلحقهم أذى النصارى.

1- لمحة تاريخية :

سقطت دولة الإسلام بالأندلس سنة 1492م بتسليم أبي عبد الله ابنالأحمر –غفر الله له- مدينة غرناطة آخر معقل إسلامي بالأندلس إلى الملكينالكاثوليكيين فرديناند و إيزابيلا – عليهما من الله ما يستحقان- فرفعا الصليب علىأعلى أسوار قصر الحمراء و أدى النصارى صلاة الحمد شكرا للرب على هذا الفتح -زعموا – , و قد وعد الملكان الكاثوليكيان في اتفاقية تسليم غرناطة المسلمين باحترام دينهم وتركهم أحرارا في اعتقادهم و عباداتهم. لكن ما أن غادر أبو عبد الله قصر الحمراء حتىحُوّلت مساجده إلى كنائس و قد كان هذا أول ناب كشّر عنه النصارى في خطة افتراسالأندلسيين.
أما الناب الثاني فقد كشّروا عنه سنة 1499م بإصدار مرسوم ملكي يقضيبتنصير المسلمين و تعميدهم قسرا و تخليهم عن أسمائهم و أزيائهم الإسلامية و لغتهمالعربية و كل ما يمتّ للإسلام بصلة. فرفض أهل الأندلس هذا القرار فثاروا في غرناطةلكن ثورتهم أٌخمدت . و أمام إصرار النصارى على تنصيرهم عاش الأندلسيون حياة مزدوجةفهم ظاهرا نصارى و باطنا مسلمون. و أنشأ الأسبان محاكما للتفتيش لمراقبة تصرفاتهم ومحاكمة كل من يتشبت بالإسلام. و استمر الأندلسيون على هذا الحال حتى سنة 1567م حيثأصدر الملك فيليب الثاني قرارا صارما بالتشديد على الأندلسيين و عدم التسامح مع منيٌبدي أي مظهر من مظاهر الإسلام فقام الأندلسيون سنة 1568م بثورة كبرى في غرناطةاستمرت 4 سنوات انتهت بقمعها و اشتداد الوطأة على الأندلسيين الذين ظلوا رغم كل ذلكيحفظون شيئا من الإسلام. و جاءت سنة 1609م التي شكلت سنة الفرج للأندلسيين حيث أعلنالملك فيليب الثالث بإيعاز من القساوسة قرارا بطرد كل الأندلسيين من إسبانيا حفاظاعلى وحدة العقيد ة الكاثوليكية الإسبانية من خطر"المورسكيين" الذين لازالوا مسلمينيحملون دين محمد صلى الله عليه و سلم. و بالفعل تمّ طردهم إلى شمال إفريقيا حيثبلاد الإسلام و هكذا أنجاهم الله عزّ و جل من الكفر النصراني.

2- رمضان عند المورسكيين

حاول المؤرخون الإسبان الذينعاصروا المورسكيين بإسبانيا رسم صورة لحياتهم الدينية السرية و قد خرجوا جميعابخلاصة مفادها أن صيام شهر رمضان و احترامه و تعظيمه هو أكثر ما تشبّت بهالمورسكيون رغم مرور العقود على تنصيرهم .

يقول المؤرخ الإسبانيبورونات إي باراتشينا (Boronat y Parrchina) محاولا رسم صورةعن حياة المورسكيين الدينية كما كانوا يؤدونها خفية عن أعين الوشاة النصارى , وقدأورد عدة مظاهر أساسية في حياة المسلمين بينها الصيام حيث ذكر عن شهر رمضان :" ومدته ثلاثون يوما, لا يأكل المسلم خلال اليوم إلا في الليل عند بزوغ النجم, وفي كلليلة يتسحر المسلم, فيأكل بقية ما خلفه في أكل الليل. يأكل قبل الفجر و يغسل فمه ويؤدي الصلاة, ويتطهر المسلم قبل بدئ رمضان. يبدأ الصوم برؤية الهلال و ينتهي برؤيةالهلال. بعد ذلك ينتظر أحد عشر شهرا, و الشهر الثاني عشر يكون هو رمضان, بحيث أنرمضان يبدأ قبل رمضان السابق له بنحو عشرة أيام, إذ هكذا يكون حساب الأهلة. بعد أنينتهي شهر رمضان – و مدته ثلاثون يوما – يحتفل المسلمون بعيد الفطر. و في أول أيامالعيد يُقبّل الابن المسلم يد أبيه و يطلب منه أن يُسامحه, و الآباء يباركونالأبناء فيضعون أيديهم على رؤوسهم و يقولون "جعلك الله مؤمنا (أو مؤمنة) صالحا (أوصالحة)" , و يطلب كل مسلم من أخيه المغفرة قائلا :"غفر الله لي و لك".(1)

و استخلصت الباحثة الإسبانيةغارسيا مرثيدس أرينالبعض طول دراسة لمحاضر محاكم التفتيشالإسبانية أن: " العبادات الأكثر رسوخا في حياة المورسكيين , و التي يتردد ذكرها فيكل محاضر التفتيش تقريبا, هي صيام رمضان و الطهارة و الصلاة." و واصلت الباحثة "وبدون أدنى شك, صيام رمضان هو العبادة الدينية الأكثر تأصلا في حياة المسيحي الجديد, و في الغالب هي أكثر عبادة يحافظ عليها الجميع. و يمكن القول بأنه أخر مظهر إسلاميمن حيث التلاشي...فصيام رمضان كما تصفه المحاضر, يرتكز أساسا على الإمتناع عنالطعام و الشراب و المحافظة على ذلك من الفجر إلى الليل عندما تطلع النجوم خلال شهررمضان بأكمله. على وجه التحديد, طابع الرفض و الإمتناع في الصيام, مثل ذلك طابعهالجماعي, يجعل منه العبادة الإسلامية الأكثر تأصلا, و بالتالي الأكثر تميزا" (2).

أما الباحث الإسباني الشهيرخوليو كارو باروخافقد ذكر نقلا عن كتاب "سرفنتس والمورسكيون:" أنه في بداية القرن السابع عشر كان أهل مرسية و جيان و من بقي فيغرناطة يصومون رمضان." (3) أي بعد 110 سنوات على سقوطغرناطة حافظ الأندلسيون على صيام رمضان. و هذا إن كان يدلّ على شيء فإنما يدل علىعظم مكانة هذا الشهر عندهم رغم بطش النصارى بهم و ليعتبر اليوم من فرّط في صيامرمضان.

3- تشوق المورسكيين لرمضان.

شكلتمراقبة هلال رمضان للأندلسيين مهمة محفوفة بالمخاطر نظرا لانتشار أعين الوشاة الذينيترصدون الحركة الكبيرة و الصغيرة التي قد توحي بأن فاعلها مسلم. لكن شدة شوقهملصيام رمضان كانت أكبر من خوفهم من النصارى فصعدوا إلى المرتفعات لرؤية الهلال حرصاعلى صيام رمضان في وقته الشرعي.

في هذا الإطار تروي الباحثة الإسبانيةأرينالنقلا عن محاضر محاكم التفتيش بكوينكا:"يبدأالصيام بظهور هلال رمضان الذي كان يدور حوله توقع كبير. و كان هناك قلق عند انتظارالهلال و مراقبته, و كانوا ينقلون خبر ظهوره بين القرى المجاورة و يتناقشون حوله. وتسبب هذا الاهتمام بهلال رمضان في محاكمة عدد ليس بالقليل من المورسكيين. تجدربالذكر حالة ديثا, ففي عام 1570م (أي بعد 78 سنة على تنصير المسلمين) تم القبض علىنصف القرية لأنهم خرجوا إلى أماكن الفضاء لرؤية ظهور هلال رمضان, و لما دار جدل حولما إذا كان الهلال ظهر أم لا انقسموا إلى جماعات متفرقة و بدأت كل جماعة تدافع عنموقفها بصوت عال, و بالبتالي علمت السلطات و قبضت عليهم.(4)

و الحالات التي يظهر فيها المورسكيين و هميستطلعون الهلال عديدة: ماريا دي أليخير (Maria de Aliger) من ديثا-(5) : "لشغفها بمعرفة متى سيبدأ شهررمضان حتى تصوم, قالت لأحد المورسكيين إنها ذهبت لرؤية الهلال في فضاء هذه القرية". و خيرونيمو, نقاش أركوس, رآه جاره ذات ليلة و هو ينظر إلى الهلال و قال له هذاالشاهد : إلام تنظر و ما الذي جاء بك إلى هنا؟ قال هذا النقاش : إنه جاء لرؤيةالهلال, قال الشاهد: تريد أن تصوم؟ قال له النقاش: أجل فهناك في أراغون يصومالجميع" (6)


4- محنةالأندلسيين لصيام رمضان

لتسهيل الوشاية بالمسلمين من طرف النصارى ولمنعهم من أداء شعائرهم الإسلامية, نشرت السلطات الكنسية التابعة لمحاكم التفتيشلائحة طويلة من ستة و ثلاثين مظهرا من المظاهر الإسلامية التي وجب الإخبار عنها ومنها:

" – إذا قاموا بصيام رمضان, و راعوا ذلك أثناء عيد الفصح وسلموا بعض الصدقات و أنهم لم يأكلوا و لم يشربوا حتى يلاحظوا النجمة الأولى.

- إذا قاموا بالسحور, واستفاقوا ليأكلوا قبل طلوع النهار أوغسلوا أفواههم و رجعوا إلى فراشهم" (7)

هكذا عاشالأندلسيون في حالة خوف و حذر من الوشاة و أخفوا عقيدتهم و التمسوا الخلوات والأماكن المنعزلة لأداء فرائضهم و منها الصيام و كان النصارى إذا حل رمضان يمتحنوهملمعرفة ما إذا كانوا ممسكين و رغم اعتذار الأندلسيين بأعذار مختلفة لتبرير عدمأكلهم فإنهم كانوا يتابعون من طرف محاكم التفتيش. و هذا ما جعل عدد المورسكيينالمدانين في شهر رمضان أكثر من الشهور الأخرى. فهذا الأندلسيفرانسيسكو القرطبي(Francisco Cordoba)" الذي كان يصوم رمضانمن طلوع الفجر إلى غروب الشمس خلال شهر كامل, لم تعرض له دعوات كثيرة من جيرانه مثلتلك التي جاءت خلال شهر رمضان, وقد كان حريصا على احترام الصيام, و أنه إذا دُعيللغداء فإنه كان يرفض بحجة أنه فاقد للشهية, و إذا دُعي أثناء الأكل, فإنه كان يردأنه أكل قبل ذلك في مكان أخر" (8)

و قد سجلتمحاضر محاكم التفتيش الإسبانية أعدادا كبيرة من حالات ضُبط فيها الأندلسيون في حالةصيام (عندما يصبح الصيام جريمة و لا حول و لا قوّة إلا بالله) وتبقى أشهر قضيةعرفتها محاكم التفتيش هي ضد عائلة ابن عامر المسلمة (سليلة المنصور ابن أبي عامرالشهير) ببلنسية سنة 1567م و تبيّن لنا هذه القضية تعظيم المورسكيين لشهر رمضان وإصرارهم على صيامه رغم المنع و الحضر النصراني لأي مظهر إسلامي..و قد ذكر محضرالإتهام بعض شهادات المقرّبين من عائلة ابن عامر كشهادة الخادمة المورسكيةأنخيلا زوجة خايمي أليمانو التي شهدت " أنها – و عمرها ستةعشر عاما – قد أدت شعائر المسلمين, فصامت رمضان, و أنها كانت خادمة للسيد خيرونيموبن عامر في بناغواتيل بعد أن كانت تعمل خادمة في بيت هاشم في سيغوربي, و في بيتالسيد خيرونيمو صامت رمضان معه و مع زوجته و أبنائه, وهم السيد كوسمي و السيد خوانو السيد أيرناندو و السيدة أغرايدا, وقد احتفل كل هؤلاء بعيد المسلمين فارتدوا أفضلالثياب لديهم. و هذا ما حدث بالضبط في بيت هاشم في سيغوربي – و السيد هاشم متزوج منالسيدة أغرايدا ابنة السيد خيرونيمو – فلم يكونوا يأكلون طوال اليوم حتى حلولالليل" (9).

جاءت شهادة بيرنات المعلم – المسؤولفي بناغواتيل عن ذهاب المورسكيين لسماع الوعظ النصراني بالكنائس – لتأكد التزامعائلة ابن عامر بالتعاليم الإسلامية , حيث يذكر محضر الإتهام عن بيرنات أنه" شاهدهميصومون رمضان من أول شهر يوليو" (9).

أماسيبستيان القواغازيمن مواليد أوريا بنهر المنصورة فقد حكمعليه سنة 1574م بمصادرة جميع ممتلكاته و التجديف ست سنوات في سفن الملك و ذلكلتلبسه بممارسة شعائر إسلامية منها :"أنه كان يتوضأ مرات عديدة و صلى على طريقةالمسلمين و صام الصيام الذي يقولون عنه صيام رمضان ممتنعا عن الطعام و الشراب حتىدخول الليل و طلوع النجوم..." و قد اعترفسيبستيانقائلا:" إن مسلمي البربر ممن شاركوا في ثورة غرناطة علموه صيام رمضان, وهويصوم شهرا كاملا..." (10). و " كان الإتهام يوجّهأحيانا إلى المورسكيين جملة على أثر بعض الحملات الفجائية على المحلات المورسكية, فقد حدث مثلا في سنتي 1589م-1590 أن سجلت مائة قضية في قرية "مسلاته"المورسكيةبالقرب من بلنسية و سجلت في قرية "كارليت" مائتان, و اتهمت أربعون أسرة بصومرمضان." (11)

و لتفادي المراقبة النصرانية عملالأندلسيون على احتراف مهن تٌبعدهم عن أعين الوشاة حتى يتمكنوا من أداء شعائرهمالإسلامية في اطمئنان نسبي. و هكذا فقد اشتغلوا بمهنة نقل البضائع حيث كانوا يقضونرمضان في قرى غير قراهم أو في طريقهم إلى مدينة أخرى. و قد شكل لهم هذا فرصة لدعوةالأندلسيين إلى الإسلام و تعليمهم أمور دينهم, فلله ذرهم قد كانوا دعاة في قلبالبلد الكاثوليكي المتعصّب.

"في إحدى الرحلات التي كان يسيرها بدروزامورانو(Pedro Zamorano) اجتهد هذا الأرقوني لإقناع المورسكي الوحيد الذي رفضالصوم – إذ كانت الرحلة في شهر رمضان –بحتمية احترامه لهذه القاعدة الإسلامية" (12)

و لننظر من خلال القضايا أدناه المحفوظة فيأرشيفات محاكم التفتيش إلى هم الدعوة عند الأندلسيين : "في عام 1524م كان أغوستيندي ثيلي Agustin de celei, وهو نسّاج من ديثا, غالبا ما يذهب إلى أراغون لزيارةأقاربه و أصدقائه. و كان ميغيل دي ديثا يذهب إلى مولد سان أندرس دي داروقا San Andres de Daroca و قام ماتيو ألموتثان Mateo Almotazan برحلة من ديسا إلى سرقسطة وعلّمه المورسكيون الأراغونيون كيف يصوم رمضان و متى. " و كان غريغوريو غورغاث Gregorio Gorgaz, العمدة الإعتيادي لديثا, يمتلك بعض خلايا النحل في سيستريكا و كانيذهب إلى هناك كثيرا, قام المورسكيون بهذا الإقليم بتعليمه صيام رمضان و الصلاة والطهارة...و كان لويس إيرناندبيث, أحد ناقلي البضائع, قد تعلّم كل ما يتعلقبالإسلام في أراغون التي كان يمرّ بها في أسفاره, وهناك و بإرادته قطع على نفسهعهدا أن يكون مسلما. و سافر لويس دي أورتوبيا إلى قطالونيا لبيع حمولنه عندما بدأرمضان, و أراد أصدقاؤه الأراغونيون أن يصوم معهم, ولما لم يتمكنوا من إقناعه حملوهإلى قرية بها فقيه مشهور كي يعلمه الصيام و يحوله إلى الاسلام. " (13)

وقد ساعد بعض النصارى القدامى المورسكيين علىأداء شعائرهم الدينية بما فيها الصلاة و الصيام لكن محاكم التفتيش كانت لهمبالمرصاد و حاكمتهم بتهمة حماية المورسكيين و إبقائهم على دينهم الإسلامي. و أذكرهنا حالة النصرانيسانشو دي كاردونا أدميرالالمقيمببلنسية و الذي اتهم في 14 مايو 1568م بحماية المورسكيين و تمكينهم من أداء شعائرهمالإسلامية حيث قام ببناء مسجد لهم. و جاء في محضر الإتهام : " كان أمر تشييد المسجدمعلوما, و كان وفود المورسكيين إليه معلوما, وكانت الفضيحة كبيرة وصلت إلى مسامعأسقف بلنسية, ثم إلى مسامع جلالة الملك فيليبي سيدنا, و بأمر صاحب الجلالة –كمسيحيمخلص – هُدم المسجد, و رغم هدمه فقد استمر قائما كمكان يعيش فيه المورسكيون بدعم منالسيد سانشو. إن رعايا السيد سانشو من المتنصرين (المورسكيون) قد واصلوا أداء شعائرطائفتهم الخاصة بالزفاف و الزواج, و الخاصة بصيام رمضان, و الإحتفال بالأعياد التييحتفل بها المسلمون, وختان الذكور كبارا و صغارا" (14) و الشاهد هنا هو استمرار المورسكيين في صيام رمضان حتى بعد عقود من فرض التنصيرعليهم و محاولة طمس هويتهم الإسلامية.

و قد أبدى أسقف مدينة سيقوربيمارتين دي سالبتراسنة 1587م (حوالي 95 عاما علىسقوط غرناطة) امتعاضه من استمرار المورسكيين في صيام شهر رمضان قائلا : " إنه من المشهور أنهم لميصوموا أي صيام مسيحي, بل يصومون صيام المسلمين, خاصة ما يُسمى برمضان....و لكييخفي المورسكيون ذلك فإنهم يذهبون إلى مزارعهم, ويقضون وقتهم هناك إلى أن يحلالظلام, فيعدون عشاءهم و طعامهم في سرية, و يؤدون بقية شعائرهم كالصلاة و الوضوء, وهي شعائر يأمر بها محمد في القرآن." (15)

و قدامتد الوجود الأندلسي المورسكي حتى القارة الأمريكية رغم منعهم من السفر إلى أمريكاو سجلت دواوين التفتيش بمكسيكو اصطباغ حياة العديد من الأسر بالمظاهر الإسلامية. وكان صيام رمضان أهم هذه المظاهر و هذا ما أكدته دراسة بالمؤتمر الأول للأدبالخميادو-المورسكي بمدينة أفييدو الإسبانية سنة 1972, حيث جاء في هذه الدراسة :"وفي حالات أخرى فقد ضبط المسلمون, على حين غفلة عندما يقيمون الصلاة أو يصومونرمضان"

وختاما لهذا الموضوع الذي بيّن جزءا بسيطا من محنة الأندلسيين في شهررمضان, أسأل الله أن يرحم أولئك الأندلسيين الذين قضوا على يد محاكم التفتيشالإسبانية و أن يسكنهم فسيح جنانه.
و صلى الله و سلّم على محمد و على ألهأجمعين. و الحمد لله ربالعالمين.

زرقاءاليمامة-جيهان عثمان
23-08-2009, 04:36 PM
اللهم آمين أخى الفاضل العوام معلومة جميلة وجديدة جدا على ... ممكن ترفق اسم المصدر حتى يتسنى لى قرائته من فضلك

ياسر ابوزيد
24-08-2009, 04:16 PM
بارك الله فيكم..

سيد طلحه
26-08-2009, 05:14 PM
معلومات قيمة

جزاك الله كل خير

الحنين للذكريات الجميلة
01-09-2009, 09:30 AM
موضوع قيم وجميل

بارك الله فيكم أخى

اللهم رد كل شبر مغتصب من أرض المسلمين إليهم يا رب العالمين ,, واغفر تقصيرنا فى حق نصرة إخواننا المستضعفين

dr.asmaa
02-09-2009, 06:28 AM
جزاكم الله خيرا كثيرا على المعلومات القيمه

http://mysmiles.hawahome.com/Smiles/2006-10-15-03_13_50ramadan_banner.gif

أبو عبد الله
12-09-2009, 03:39 AM
:1004:بارك الله فيك وزادك الله علما ونفع بك ورجاء خاص أن ترسل لي كل ما يتعلق بالأندلس على بريدي الخاص [email protected] ([email protected]):1016:

ahmed elbrawy
13-09-2009, 07:21 PM
:1010:

معلومات جديده لم اعرفها




اللهم ارحم المسلمين والمسلمات اللهم انصر المسلمين اللهم اعز الاسلام وانصر المسلمين


:1016:

soso alshikh
17-09-2009, 12:00 PM
تحياتى لهؤلاء المورسيكيون المتشبثون باسلامهم فهم كالقابضون على الجمر اعانهم الله وثبتهم تثبيتا اسال الله ان يحفظهم ويرعاهم