المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دخول الجنة بلا حساب ولا عذاب


أم عمار
13-08-2011, 12:21 PM
دخول الجنة بلا حساب ولا عذاب

13-08-2011

بقلم: أحمد أحمد جاد
بسم الله والحمد لله وبعد، فإن الله تعالى وعد عباده المتقين الجنة جزاء ما قدموا من عمل في الدنيا خالصًا لله.. لكن هناك فئة من عباده يدخلون الجنة بلا حساب وهؤلاء لهم الدرجات العلى ولهم الفضل على غيرهم ممن يدخلون الجنة، وذلك لأن لهم صفات تؤهلهم لهذه الدرجة العالية.
الجنة أمل كل مؤمن:
إن المؤمن يجتهد في العمل الصالح ابتغاء رضوان الله وابتغاء ما عنده من السعادة الخالدة في دار الخلد.. فالجنة أمل كل مؤمن، وكلنا حولها ندندن، ففي الحديث: قال النبي- صلى الله عليه وسلم- لرجل "كيف تقول في الصلاة؟" قال أتشهد وأقول اللهم أني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما أني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- "حولها ندندن" أبو داوود: 792 وابن ماجه: 910 صحيح وأحمد: 3/474 والدندنة قراءة مبهمة غير مفهومة، فالرجل لم يعرف دعاء النبي- صلى الله عليه وسلم- في الصلاة ولم يقدر على حفظه ومعنى كلام النبي- صلى الله عليه وسلم- ما ندندن إلا حول طلب الجنة، والتعوذ من النار كما تفعل.
دخول الجنة بفضل الله ورحمته:
لا يدخل أحد الجنة إلا إذا عمل لها وعاش من أجلها ﴿وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (39)﴾ (الصافات)
﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه (7)﴾ (الزلزلة)، لكن العمل وحده لا يكفى إلا أن يتداركه الله برحمة منه وفضل، ففي الحديث "لن ينجي أحد منكم عمله،
قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته.." البخاري: 6463 وفي رواية "برحمة الله وفضله" مسلم: 2816.
دخول الجنة بلا حساب:
قال النبي- صلى الله عليه وسلم- "عرضت على الأمم.. فنظرت فإذا سواد كثير، قلت: يا جبريل، هؤلاء أمتي؟ قال لا ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد كثير، قال: هذه أمتك، وهؤلاء سبعون ألفًا قدامهم لا حساب عليهم ولا عذاب. قلت: ولم؟ قال: كانوا لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون"، فقام إليه عكاشة بن محصن قال: ادع الله أن يجعلني منهم قال: "اللهم اجعله منهم".. ثم قام إليه رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، قال: "سبقك بها عكاشة". البخاري في الرقاق ومسلم في الإيمان "فأصحاب هذه الدرجة هم المتوكلون الذين خلا توكلهم من الصفات التي تقدح في التوكل فهم الذين:-
1- لا يكتوون: ففي الحديث ".. ما أحب أن اكتوى" البخاري: 5704، والكي نوعان: كي الصحيح لئلا يعتل فهذا الذي قيل فيه "لم يتوكل من اكتوى".. وكي الجرح إذا فسد، والعضو إذا قطع فهذا الذي يشرع التداوي به، فإن كان الكي لأمر محتمل فهو خلاف الأولى لما فيه من تعجيل التعذيب بالنار لأمر غير محقق.. فتح الباري شرح حديث البخاري السابق..
2- ولا يسترقون: عن عوف ابن مالك قال: كنا نرقى في الجاهلية فقلنا يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: "أعرضوا على رقاكم، لا بأس بالرقي ما لم يكن فيه شرك" مسلم: 2200 وأبو داوود: 3886 وغيرهما وفي الحديث "إن الرقي والتمائم والتولة شرك"، فقالت امرأة عبد الله بن مسعود: لِمَ تقول هذا؟ والله لقد كانت عيني تقذف وكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيني فإذا رقاني سكنت، فقال عبد الله إنما ذاك عمل الشيطان كان ينخسها بيده فإذا رقاها كفَّ عنها، إنما يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: "اذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقمًا" أبو داوود 3883 وابن ماجه: 3520 وأحمد 1/381
فالرقى التي يحمد تركها ما كان من كلام الجاهلية من الذي لا يفهم معناه؛ لاحتمال أن يكون كفرًا خلاف الرقى بالذكر ونحوه.
3- ولا يتطيرون: والطيرة هي التشاؤم وفي الحديث "لا عدوى ولا طيرة" البخاري: 5753، "الطيرة شرك وما منا إلا تطير ولكن الله يذهبه بالتوكل" أبو داوود والترمذي وإنما جعل ذلك شركًا لاعتقادهم أن ذلك يجلب نفعًا أو يدفع ضرًّا فكأنهم أشركوه مع الله وأخرج البيهقي "من عرض له من هذه الطيرة شيء فليقل.. اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك".. فتح الباري 10/ 224.. ويحتمل أن يكون المراد بهؤلاء... من غفل عن أحوال الدنيا وما فيها من الأسباب المعدة لدفع العوارض فهم لا يعرفون الاكتواء ولا الاسترقاق، وليس فيما يعتريهم إلا الدعاء والاعتصام بالله والرضا بالقضاء، فهم غافلون عن طب الأطباء ورقي الرقاة. فالمراد ترك ذلك اعتمادًا على الله في دفع ذلك بقدره لا القدح في جواز التداوي لثبوت وقوعه في الأحاديث الصحيحة.
4- فضل هؤلاء على غيرهم:
* أنهم أول من يدخل الجنة ففي الحديث "إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر" رواه مسلم. 2834.
وفي الحديث "ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا أو سبعمائة ألف.. متماسكون آخذ بعضهم بعضًا، لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم وجوههم على صورة القمر ليلة البدر" مسلم 219 والبخاري 6542.
* أنهم يدخلون الجنة من الباب الأيمن وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب أي لا يمنعون من سائر الأبواب راجع البخاري: 4712 ومسلم: 194وغيرها.
3- يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب: عن عائشة قالت: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول "اللهم حاسبني حسابًا يسيرًا" قالت: ما الحساب اليسير؟ قال: "أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه، إنه من نوقش الحساب هلك" البخاري 103 وأحمد 6/48 وغيرهما، وفي رواية "ومن نوقش الحساب عذب" مسلم: 2876، أما عكاشة الذي نال هذه الدرجة العالية فقد كانت أعماله تؤهله لذلك، فقد هاجر وشهد بدرًا وقاتل فيها قتالاً شديدًا حتى انقطع سيفه في يده فأعطاه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- جزلاً من حطب فقال قاتل بهذه، فقاتل به فصار في يده سيفًا طويلاً.. فقاتل به حتى فتح الله، فكان ذلك السيف عنده حتى استشهد في قتال الردة مع خالد ابن الوليد سنة اثنتي عشرة. راجع فتح الباري: 11/419. أما عددهم فقد جاء في الحديث "سبعون ألفًا". البخاري وجاء في بعض الروايات الصحيحة "وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفًا لا حساب عليهم ولا عذاب، مع كل ألف سبعون ألفًًا وثلاث حثيات من حثياته" الترمذي: 2437 وفي رواية "من حثيات ربي عز وجل" ابن ماجه: 4286 وأحمد 5/268 صحيح. وحثيات جمع حثية والحثوة والحثية، مما يعطيه الإنسان بكفيه دفعة واحدة من غير وزن ولا تقدير. وفي رواية "قد وعدني ربي سبعين ألفًا مع كل ألف سبعين ألفًا وزادني ثلاث حثيات"، قال المنذري في الترغيب: رواته محتج بهم في الصحيح. راجع: الأحوذي شرح حديث الترمذي آنفًا
اللهم إنا نسألك الجنة بلا حساب ولا عذاب اللهم آمين.