المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عين على الطفولة


مؤمنة معالي
26-03-2009, 06:34 AM
عين على الطفولة
مؤمنة معالي
منذ فترة لم أجلس معهم،أكتفي بإعطائهم خمس دقائق من يومي أجمع بها رسوماتهم وخربشاتهم وأكافئهم عليها دون أن أنظر فيها بسبب ضيق الوقت، لكن الضرورة ألزمتني أن أقضي معهم ثماني ساعات ريثما تعود أمي وخالتي "زوجة أبي"من المشفى،كانت ساعات شاقة وضجرة وممتعة أيضا..
بغياب الأم عن عيني طفلها تلمح فيهما لون الإستعطاف والمهابه،وتستشعر برجفة تهز جفنيه بهدوء رغم ان جو الخوف ليس له أثر،يقترب منك ويقف إلى جوارك وما يلبث أن يهرب، لا لشيئ إلا أنه ما وجد موجات الحنان التي اعتاد أن تنبعث من صدر أمه..يبحث عن لحاف أو وسادة،يعانقها محاولا البحث عن ذكريات له معها برفقة أمه،وكأنه لا يفقه معنى العودة.
اكتشفت أن الأطفال لا يعرفون معنى الركون،يبقون في حركة دائبة،تسائلت إن كانوا يقلدون النحل في خلاياه؟ لسعتني أصغرهم بعضة في يدي وكأنها أرادت إخراجي من صمتى، أجبتها بصرخة، ابتسمت فبانت أسنانها المجرمة وكأنها تعترف،تركتها لا أدري خوفا أو رفقة بلحمها الطري ولوعة بخديها الحمراوين.
ما أصعب خلافهم..يلتحمون ليضرب كل منهم الآخر،كم أثارني المشهد،أعترف أني قسوت عليهم،لكنها الحيلة الوحيدة التي ملكتها يداي لحل النزاع، انزووا كل في مكان..كلهم ينشجون، أخذتني العزة بالإثم فلم أقترب من أي منهم رغم أن دمعاتهم كانت تجرح قلبي،وبعد مدة وجيزة جاؤوا كل على حدة متأسفين،وما لبثوا أن تصالحوا فيما بينهم،ما أروع براءة الطفولة..قلوبهم طاهرة،لا يعرفون معنى العداء..قالت لي نفسي:ليت الكبار يأخذون مسحة من طهارتهم.
ما أسرع جوعهم،قبل قليل رفعت المائدة وها هم يشكون الجوع،شككت في صدق دعواهم لكني رغبت بمسايرة هذه الإدعاءات،يريدون البطاطا المقلية!!حاولت اقناعهم بغيرها لكني لم أفلح، وبمجرد أن رأوني أقشر عشيقتهم عادت المشاكل مرة أخرى..كلهم يرغب بمساعدتي،ولا يوجد سوى قشارتين،تمكنت من اقناعهم بتقاسم الأدوار،وكان لي هذه المرة ما أردت.كم تثير أفعالهم الضحك،اكتشفت أن لديهم روح مبادرة عالية رغم أنهم لا يستطيعون فعل شيئ.
قضيت ساعات طويلة بين صرخاتهم وضحكاتهم،اعترف اني تعلمت فيه الكثير،كنت أتلذذ برؤية اعتاء النوم على أجفانهم،وكأنه جاء خصيصا لمعاو نتي في هذه المهمة الشاقة.

عاسف المهرة
24-02-2010, 07:22 AM
شكرا جزيلا لك ونتمنى المزيد