المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فضائل شهر الله المحرم ..


محمد فراج عبد النعيم
29-11-2011, 07:36 PM
http://www.alamatonline.net/load_files/pics/1322403200.jpg




نحن ودعنا عاما، واستقبلنا أخر، ودعنا عاما بحسناته وسيئاته، بتقصيرنا وتفريطنا، بخيرنا وشرنا، واستقبلنا عاما ينادينا... يا ابن آدم: أنا عام جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أعود إلى يوم القيامة.

يقول عبدالله ابن المبارك إن من ختم نهاره بذكر كتب نهاره كله ذكراً، فالأعمال بالخواتيم، فإن كانت البداية والختام ذكراً، فالأولى أن يكون حكم الذكر شاملاً للجميع، فيتعين افتتاح العام الجديد بتوبة نصوح تمحو ما سلف من الذنوب السالفة في الأيام الخالية.

ومن يُمن الطالع أن الله تعالى افتتح السنة بشهر حرام "المحرم" وختمها بشهر حرام "ذي الحجة"، وليس هناك شهر في السنة بعد شهر رمضان أعظم عند الله تعالى من شهر المحرم، وكان يسمى شهر الله "الأصم" من شدة تحريمه، كما قال الحسن البصري رضي الله عنه.

فإن لله أشهر وأياما يتفضل فيها على عباده المسلمين بمزيد من الطاعات والقربات، ويتكرم فيها عليهم بعظيم الدرجات والحسنات. ومن تلك الأشهر: "شهر الله المحرم".

وفي شأن الأشهر الحُرم يقول الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ، وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}، .

وعن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حَجِّتِه، فقال: "ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر بين جمادى وشعبان"، الحديث متفق عليه.

ويقول القرطبي خص الله تعالى الأشهر الحرم بالذكر ونهى عن الظلم فيها تشريفاً لها، وإن كان منهياً عنه في كل الزمان، كما قال تعالى: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَج }، .
وعلى هذا أكثر أهل التأويل، أي: لا تظلموا في الأربعة أشهر الحرم أنفسكم.

وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الليل خير؟، وأي الأشهر أفضل؟ فقال: "خير الليل جوفه، وأفضل الأشهر شهر الله الذي تدعونه المحرم"، رواه النسائي.

ويسن في هذا الشهرالصيام، بل صحت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صيام شهر المحرم أفضل الصيام بعد شهر رمضان، ويؤيد ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل".

فهذه دعوة لكل الأحباب الكرام أن يُحسنوا ضيافة هذا الشهر الكريم شهر الله المحرم،وأن يكون سيرهم فيه سيرًا حسنًا، وأن يعمروه بالطاعة، ويزينوه بالعبادة، ويغتنموا فيه الحسنات، ويجتنبوا السيئات، وأن يحققوا في أنفسهم معاني الصلاح التي يدعون الناس إليها، حتى يمتلكوا إرادة الإصلاح والتغيير، وهم بذلك يسايرون السنن الكونية فالتغيير للأفضل والأصلح، يقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}،

محمد فراج عبد النعيم
29-11-2011, 07:39 PM
فضائل يوم عاشوراء



في شهر الله المحرم يوم طيب مبارك كثير البركة وله منزلة عظيمة وحرمة قديمة وكانت الأنبياء تصومه، ولم يعرف يوم صامه الأنبياء مثل يوم عاشوراء، وما ذلك إلا لفضله ومكانته، فهو يوم التوبة، يوم تاب الله تعالى فيه على سيدنا آدم عليه السلام، وتاب الله تعالى فيه على قوم يونس عليه السلام، كما أشار إلى ذلك حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنّ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال: "إن كنت صائمًا شهرًا بعد رمضان فصم المحرم؛ فإنه شهر الله، وفيه يوم تاب الله فيه على قوم ويتوب على آخرين"، أخرجه الإمام أحمد في مسنده والترمذي في سننه.
وهو يوم النجاة الذي أنجى الله تعالى فيه سيدنا نوحًا عليه السلام من الغرق واستوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح عليه السلام؛ شكرًا لله تعالى على نجاته هو ومن معه من المؤمنين.

وهو اليوم الذي أنجى الله تعالى فيه سيدنا موسى عليه السلام وقومه من فرعون ومَلئه، فصامه موسى وقومه شكرًا لله تعالى. روى الإمامان البخاري ومسلم رضي الله عنهما عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فوجد اليهود صيامًا يوم عاشوراء؛ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هذا اليوم الذي تصومونه؟"، قالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا، فنحن نصومه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فنحن أحق وأولى بموسى منكم"، فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه.

وكان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم عاشوراء كما أخبر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان"، رواه البخاري ومسلم.

وقد ثبت أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم صامه وحرص على صومه، وأمر أصحابه بصيامه قبل فرض صيام شهر رمضان، وصامه كذلك بعد فرض صيام شهر رمضان، وأنه صامه حتى العام الذي مات فيه.

وحين سأله أصحابه عن فضل الصيام يوم عاشوراء قال: "يكفر السنة الماضية"، وفي رواية: "أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله" رواه مسلم في صحيحه.

وقد بلغ حرص السلف الصالح من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على صيام يوم عاشوراء أنهم كانوا يصومونه ولو كانوا على سفر، ومنهم عبد الله بن عباس والإمام الزهري التابعي وقال: رمضان له عدة من أيام أخر وعاشوراء يفوت، ونص الإمام أحمد على أن يصام عاشوراء في السفر.

كما يسن أيضاً صيام اليوم التاسع من محرم لحديث ابن عباس عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر"، ولقوله أيضا: "خالفوا اليهود صوموا يوماً قبله (عاشوراء) أو يوماً بعده"، أخرجه أحمد وابن خزيمة.

فاللهم اختم لنا عام مضى بالقبول والغفران، واجعل عامنا هذا عام فتح ونصر وطاعة يا رب العالمين.