المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحيـاة.. ابتـلاء بالعطـاء والحرمـان


امين
01-06-2009, 03:43 PM
الحيـاة.. ابتـلاء بالعطـاء والحرمـان


عن عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك، فمسسته فقلت: يا رسول الله، إنك لتوعك وعكاً شديدا، قال: أجل، إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم، قلتُ: إن لك أجرين؟ قال: نعم، والذي نفسي بيده ما على الأرض مسلمٌ يُصيبه أذى من مرضٍ فما سواه إلا حط الله عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها.
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة".
وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه، حتى يوافى به يوم القيامة"، وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط".
الغاية من الموت والحياة : خلق الله الإنسان في هذه الحياة للاختبار والابتلاء والتمحيص قال تعالى: "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور".
وإذا كانت الغاية من الموت والحياة لبيان المحسن من المسيء... فإن كل ما على الأرض زينة لها ولنفس الغاية: "إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً".
والحياة مزيج من الخير والشر، وخليط من الضراء والسراء والحسنات والسيئات... والإنسان في جميعها مبتلى ومختبر، قال تعالى: "ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون". وقال تعالى: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين".
وقال تعالى: ".... وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون".
والمؤمن وحده دون غيره في سرائه وضرائه ينتقل في رياض من الخير يحصد من ورائه الأجر ويرجع بالغنم، فعن أبي يحيى صهيب بن سنان ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له...".
الابتلاء بالقبض والبسط : إن بعض الناس يعتقدون أن الله إذا وسع وبسط عليه في الرزق يحسب ذلك إكراماً له، وآخرين من الناس يحسبون أن الله إذا قدر عليه وضيق في الرزق إهانة له.
وهذا اعتقاد خاطئ لأن المؤمن الصادق يوقن بأن الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب... وإنما المدار في ذلك على طاعة الله في كل من الحالين إذا كان غنيا بأن يشكر الله على ذلك، وإذا كان فقيرا بأن يصبر، وهذا المعنى ترسمه تلك الآيات.. "فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن. وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن. كلا بل لا تكرمون اليتيم. ولا تحاضون على طعام المسكين".
الابتلاء مع ازدياد الإيمان : عن مصعب بن سعد عن أبيه قال، قلت: يارسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً، اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة"، يقول صاحب التحفة في قوله صلى الله عليه وسلم : "حتى يتركه يمشي..." كناية عن خلاصه من الذنوب، فكأنه كان محبوساً ثم أطلق وخلي سبيله ما عليه بأس.
ويقول ابن الجوزي: في الحديث دلالة على أن القوي يحمل ما حُمّل والضعيف يرفق به، إلا أنه كلما قويت المعرفة بالمبتلى هان عليه البلاء، ومنهم ينظر إلى أجر البلاء فيهون عليه البلاء، وأعلى من ذلك درجة من يرى أن هذا تصرف المالك في ملكه فيُسَلِّم، ولا يعترض، وأرفع منه من شغلته المحبة عن طلب رفع البلاء، وأنهى المراتب من يتلذذ به لأنه عن اختياره نشأ... والله أعلم.
مثل المؤمن والمنافق : عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله، ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء، ومثل المنافق كمثل شجرة لا تهتز حتى تستحصد"، قال العلماء: معنى الحديث إن المؤمن كثير الآلام في بدنه أو أهله أو ماله، وذلك مكفر لسيئاته، ورافع لدرجاته، وأما الكافر فقليلها وإن وقع به شيء لم يكفر شيئاً من سيئاته، بل يأتي بها يوم القيامة كاملة".
دليل محبة الله : إن تكريم الله الإنسان وحبه له، إنما يكون بقدر استقامته على طاعة الله، واتباعه لهدي الإسلام، فنعمة الإسلام هي تمام النعمة، وكمال المنة من الله، وأما الدنيا فالله يمنحها الجميع الكافر والمؤمن والطائع والعاص ومن يحب ومن لا يحب، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله قسَّم بينكم أخلاقكم كما قسَّم بينكم أرزاقكم، وإن الله ـ عز وجل ـ يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن أحب، فمن أعطاه الله الدين، فقد أحبه، والذي نفسي بيده لا يسلم عبد، حتى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه، قالوا: وما بوائقه يا نبي الله؟ قال: "غشمه وظلمه، ولا يكسب عبد مالا من حرام فينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتصدق به فيقبل منه، ولا يترك خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار، إن الله ـ عز وجل ـ لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث".
وعطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لمحبة المعطي: عن عمرو بن تغلب قال: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم مال، فأعطى قوما ومنع آخرين فبلغه أنهم عتبوا، فقال: إني أعطي الرجل وأدع الرجل، والذي أدع أحب إليَّ من الذي أعطي، أعطي أقواما لما في قلوبهم من الجزع والهلع، واكل أقواماً إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغِنى والخير، منهم عمرو بن تغلب، فقال عمرو ما أحب أن لي بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمر النعم".
يقول الحافظ ابن حجر: "وفيه: أن الرزق في الدنيا ليس على قدر درجة المرزوق في الآخرة، وأما في الدنيا فإنما تقع العطية والمنع بحسب السياسة الدنيوية، فكان صلى الله عليه وسلم يعطي من يخشى عليه الجزع والهلع لو منع، ويمنع من يثق بصبره واحتماله وقناعته بثواب الآخرة، وفيه: أن البشر جبلوا على حب العطاء، وبغض المنع، والإسراع إلى إنكار ذلك، قبل الفكرة في عاقبته إلا من شاء الله، وفيه: أن المنع قد يكون خيراً للممنوع، كما قال الله تعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم"، ومن ثم قال الصحابي: "ما أحب أن لي بتلك الكلمة حمر النعم"، وفيه: استئلاف من يخشى جزعه، أو يرجى بسبب إعطائه طاعة من يتبعه، والاعتذار إلى من ظن ظناً والأمر بخلافه.
وموقف آخر : عن عامر بن سعد عن أبيه قال: "أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطاً وأنا جالس فيهم، قال فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم رجلاً لم يعطه، وهو أعجبهم إليَّ فقمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فساررته فقلت: مالك عن فلان، والله إني لأراه مؤمناً، قال: أو مسلماً، قال فسكت قليلاً، ثم غلبني ما أعلم فيه فقلت: يا رسول الله: مالك عن فلان، والله إني لأراه مؤمناً، قال: أو مسلماً، قال فسكت قليلاً، ثم غلبني ما أعلم فيه، فقلت: يارسول الله ما لك عن فلان، والله إني لأراه مؤمناً، قال: أو مسلماً، إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليَّ منه خشية أن يكب في النار على وجهه".


منقول للكاتب حجازي إبراهيم

الفقير الى الله
06-06-2009, 08:39 AM
بارك الله فيكم أخى الفاضل وهذه سطور للمشاركة فى الموضوع

أسباب الابتلاء ، وأنواعه

1- يُصيبُ اللهُ جل وعلا أمةَ الإسلام بما يصيبُها بسببِ ذنوبها تارةً ، وابتلاءً واختبارًا تارةً أخرى .

2- يُصيب اللهُ جل وعلا الأُممَ غيرَ المسلمةِ بما يصيبُها إما عقوبةً لما هي عليه من مخالفةٍ لأمرِ الله جل وعلا وإما لتكون عبرةً لمن اعْتَبَرَ ، وإما لتكونَ ابتلاءً للناس ، هل يَنْجَوْنَ أو لا يَنْجَوْنَ ؟

قال اللهُ تعالى : (فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)

وهذا في العقوباتِ التي أُصِيبَتْ بها الأُممُ ، العقوباتِ الاستئصاليةِ العامةِ ، والعقوباتِ التي يكونُ فيها نكايةٌ ، أو يكونُ فيها إصابةٌ لهم .

3- تُصاب الأمةُ بأن يبتليَها اللهُ بالتفرُّقِ فِرَقًا ، بأن تكونَ أحزابًا وشِيَعًا ، لأنها تركتْ أمرَ الله جل وعلا .

4- تُصاب الأمةُ بالابتلاء بسببِ بَغْيِ بعضِهم على بعضٍ ، وعدمِ رجوعِهم إلى العلمِ العظيمِ الذي أنزله اللهُ – جل وعلا قال الله تعالى فيما قصَّه علينا من خبر الأُمَمِ الذين مَضَوْا قبلَنا :
(وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ). وقال سبحانه ) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ).
عندَ أهلِ الكتابِ العلمُ النافعُ ، ولكن تَفَرَّقُوا بسببِ بَغْيِ بعضِهم على بعضٍ ، وعدمِ رجوعِهم إلى هذا العلمِ العظيمِ الذي أنزلَه اللهُ جل وعلا تَفَرَّقُوا في العملِ ، وتركُوا بعضَه .

5- يُصاب قومٌ بالابتلاءِ بسببِ وجودِ زيغٍ في قلوبهم ، فَيَتَّبِعُونَ المتشابِه قال اللهُ جل وعلا في شأنهم : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ) . فليس وجودُ المتشابه سببًا في الزيغ ، ولكنَّ الزيغَ موجودٌ أولاً في النفوسِ. فاللهُ سبحانَهُ أثبتَ وجودَ الزيغِ في القلوبِ أوَّلاً ، ثم اتباعِ المتشابه ثانيًا ، وقد جاءت (الفاءُ) في قوله جل وعلا : (فَيَتَّبِعُونَ) لإفادةِ الترتيبِ والتعقيبِ. ففي النصوصِ ما يَشْتَبِهُ ، لكن مَنْ في قلبه زيغٌ يذهبُ إلى النصِّ فيستدلُ به على زَيْغِهِ ، وليس له فيه مُسْتَمْسَكٌ في الحقيقةِ ، لكن وَجَدَ الزيغَ فذهبَ يتلمَّسُ له . وهذا هو الذي ابْتُلِيَ به الناسُ أي : الخوارجُ في زمنِ الصحابةِ ، وحصلتْ في زمن التابعينَ فتنٌ كثيرةٌ تَسَـبَّبَ عنها القتالُ والملاحِمُ مما هو معلومٌ .
فوائد الابتلاء
الأمةُ الإسلاميةُ والمسلمون يُبْتَلَوْنَ . وفائدةُ هذا الابتلاءِ معرفةُ مَنْ يَرْجِعُ فيه من الأمةِ إلى أمرِ اللهِ – جل وعلا – معتصِمًا بالله ، متجرِّدًا ، متابعًا لهدي السلفِ ممّن لا يرجعُ ، وقد أصابته الفتنةُ ، قلّتْ أو كَثُرَتْ .

للشيخ/ صالح آل الشيخ

تاريخ الاسلام
13-06-2009, 08:06 AM
جزاكم الله خيرا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم

عَنْ سَعْدِ بْنِ أّبِي وّقَّاصٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: "الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ". أخرجه الطيالسي (ص 29، رقم 215) ، وأحمد (1/172، رقم 1481) ، وعبد بن حميد (ص 78، رقم 146) ، والدارمي (2/412 ، رقم 2783) ، والترمذي (4/601، رقم 2398) وقال : حسن صحيح. وابن ماجه (2/1334، رقم 4023) ، وابن حبان (7/161، رقم 2901) ، والحاكم (1/100، رقم 121) وصححه الألباني (المشكاة ، رقم 1562).قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي": (بَلَاءً) أَيْ مِحْنَةً وَمُصِيبَةً (قَالَ الْأَنْبِيَاءُ) أَيْ هُمْ أَشَدُّ فِي الِابْتِلَاءِ لِأَنَّهُمْ يَتَلَذَّذُونَ بِالْبَلَاءِ كَمَا يَتَلَذَّذُ غَيْرُهُمْ بِالنَّعْمَاءِ, وَلِأَنَّ مَنْ كَانَ أَشَدَّ بَلَاءً كَانَ أَشَدَّ تَضَرُّعًا وَالْتِجَاءً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى (ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ) قَالَ اِبْنُ الْمَلَكِ: أَيْ الْأَشْرَفُ فَالْأَشْرَفُ وَالْأَعْلَى فَالْأَعْلَى رُتْبَةً وَمَنْزِلَةً. يَعْنِي مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَى اللَّهِ بَلَاؤُهُ أَشَدُّ لِيَكُونَ ثَوَابُهُ أَكْثَرَ قَوْلُهُ: (يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ) أَيْ مِقْدَارِهِ ضَعْفًا وَقُوَّةً وَنَقْصًا وَكَمَالًا.