المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القيافة علم وأسرار


المرتقب
04-06-2009, 06:48 AM
علم القيافة
هو على قسمين‏:‏
قيافة الأثر، ويقال لها العيافة وقد مرت‏.‏
وقيافة البشر، وهي المرادة ههنا، وهو علم باحث عن كيفية الاستدلال بهيئات أعضاء الشخصين على المشاركة، والاتحاد بينهما في النسب والولادة في سائر أحوالهما وأخلاقهما‏.‏
والاستدلال بهذا الوجه مخصوص ببني مدلج، وبني لعب، ومن العرب، وذلك لمناسبة طبيعة حاصلة فيهم لا يمكن تعلمه‏.‏
وحكمة الاختصاص تؤول إلى صيانة النسبة النبوية، كما قال بعض الحكماء‏.‏
وخص ذلك بالعرب ليكون سببا لارتداع نسائهم عما يورث خبث الحس وشوب النسب من فساد البذر والزرع وحصول هذا العلم بالحدس والتخمين لا بالاستدلال واليقين، والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏
حكي أن الإمام الشافعي، ومحمد بن الحسن رأيا رجلا فقال محمد‏:‏ أنه نجار‏.‏
وقال الشافعي‏:‏ إنه حداد فسألاه عن صنعته، فقال‏:‏ كنت حدادا والآن نجار‏.‏
وإنما سمي بقيافة البشر لكون صاحبه متتبع بشرات الإنسان وجلوده وأعضاءه وأقدامه‏.‏
وهذا العلم لا يحصل بالدراسة، والتعليم ولهذا لم يصنف فيه‏.‏
وذكروا أن إقليمون صاحب الفراسة كان يزعم في زمانه أنه يستدل بتركيب الإنسان على أخلاقه، فأراد تلامذة بقراط أن يمتحنوه به، فصوروا صورة بقراط ثم ‏(‏2/ 437‏)‏ نهضوا بها إليه وكانت يونان تحكم الصورة بحيث تحاكي المصورة من جميع الوجوه في قليل أمرها وكثيره، لأنهم كانوا يعظمون الصورة، ويعبدونها فلذلك يحكمونها‏.‏
وكل الأمم تبع لهم في ذلك، ولذلك يظهر التقصير من التابعين في التصوير وظهورا بينا، فلما حضروا عند إقليمون ووقف على الصورة وتأملها وأمعن النظر فيها، قال‏:‏ هذا رجل يحب الزنا وهو لا يدري من هو، فقالوا له‏:‏ كذبت هذه صورة بقراط، فقال‏:‏ لا بد لعملي أن يصدق فاسألوه فلما رجعوا إليه وأخبروه بما كان، قال‏:‏ صدق إقليمون أنا أحب الزنا، ولكن أملك نفسي كذا في تاريخ الحكماء‏.‏
قال في ‏(‏‏(‏مدينة العلوم‏)‏‏)‏‏:‏ ومبنى هذا العلم ما يثبت في المباحث الطبية من وجود المناسبة، والمشابهة بين الولد ووالديه، وقد تكون تلك المناسبة في الأمور الظاهرة بحيث يدركها كل أحد، وقد يكون في أمور خفية لا يدركها إلا أرباب الكمال‏.‏
ولهذا اختلف أحوال الناس في هذا العلم كمالا، وضعفا إلى حيث لا يشتبه عليه شيء أصلا لسبب كماله في القوتين أي القوة الباصرة والقوة الحافظة اللتين لا يحصل هذا العلم إلا بهما، وهذا العلم موجود في قبائل العرب ويندر في غيرهم، لأن هذا العلم لا يحصل إلا بالتجارب والمزاولة عليه مددا متطاولة، ولهذا لم يقع في هذا العلم تصنيف وإنما هو متوارث ولاهتمام العرب بهذا العلم اختص بهم، وتوارثه خلف عن سلف، ولهذا لم يوجد في غيرهم انتهى‏.‏
أقول‏:‏ وقد اعتبر القيافة الشارع أيضاً في بعض الأحكام كما ورد في الصحيح من حديث مجزز الأسلمي، أنه دخل فرأى أسامة بن زيد وزيدا وعليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما، وبدت أقدامها فنظر إليهما مجزز الأسلمي وقال‏:‏ إن هذه الأقدام بعضها من بعض، فسر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى‏:‏
وجه إدخال هذا الحديث في كتاب الفرائض الرد على من زعموا أن القائف لا يعتبر به فإن اعتبر قوله فعمل به لزم منه حصول التوارث بين الملحق والملحق به انتهى‏.‏ وقد بسط القول في ذلك القاضي العلامة محمد بن علي الشوكاني في مؤلفاته فارجع إليها ‏(‏2/ 438‏)‏ ‏(‏2/439‏)‏

المرتقب
04-06-2009, 06:51 AM
قص الأثر ...الشاهد على عبقرية ابن الصحراء

لم القيافة .. أو قص الأثر ، هو من العلوم التي برع فيها العرب منذ القدم ...
وكما يقال بأن الحاجة هي أم الاختراع ، فإن ظروف حياة العرب الاستثنائية على مر العصور في صحاري جزيرتهم كان لها أبلغ الأثر في تلبية حاجات تلك الظروف .
وكان علم القيافة مما تشكل من خلال الإرث الثقافي التراكمي ، وكان له خصوصيته المحلية حتى وصل إلى مصاف العلوم التي برع فيها العرب ، فاعترفت به أدبياتهم المنقولة كعلم قائم بحد ذاته ..

(البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير ) هكذا قالت العرب ....
وهكذا دخل قص الأثر ضمن مأثورات العرب القولية من خلال المثل والحكاية والتي نستطيع من خلالها أن ندرس حركة الفعل الاجتماعي واتجاهات تغيره في عصر من العصور ، وأسلوب الحياة ومواجهة ما يشكل على ذلك المجتمع .
فكان قص الأثر مما لجأ إليه العرب منذ القدم لاستجلاء غموض أمر ٍ ما . بل أن كلمة ( القصة ) مأخوذة من قص يقص الأثر .

ولم يخلو التنزيل الحكيم من إشارات صريحة لقص الأثر منذ القدم فقد قال جل وعلا في محكم التنزيل ضمن سياق قصة الخضر وسيدنا موسى عليه السلام { فارتدا على آثارهما قصصا } الكهف ( 64 ) ، ونستطيع الاستدلال من هذا على أن موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم هو من أوائل من قص الأثر .
وتسمي العرب علم قص الأثر بعلم ( القيافة ) وهو على قسمين :-
قيافة الأثر ( ويقال لها أيضاً العيافة ) ، وقيافة البشر ( وهي معرفة النسب ) .
واقتفاه بمعنى تبعه قال تعالى { ولا تقفُ ما ليس لك به علم } أي لا تتبع ما ليس لك به علم ، ويقال قفوت فلاناً أي اتبعت أثره ، وفي التنزيل الحكيم كذلك { ثم قفــّينا على آثارهم برسلنا } أي أتبعنا نوحاً وإبراهيم عليهما السلام رسلاً بعدهم .

والقافية هي الحروف الأخيرة من آخر كلمة في بيت الشعر والذي تبنى عليه القصيدة ، جاء في لسان العرب قافية كل شيء آخره ، وقال امريء القيس : وقفــّى على آثارهنّ بحاصب ِ
وقال ابن أحمر :

لا تقتفي بهمُ الشمالُ إذا =تجنبَ دار بيتهمُ الشتاءُ


والقائف هو الذي يعرف الآثار ، قال القطامي :

كذبت عليك لا تزالُ تقوفــُـني =كما قاف آثار الوسيقة ِ قائفُ





لقد تفاعل الإنسان العربي مع بيئته، حيث أمعن النظر بتأنٍ وعمق إلى كل ما حوله....
وتمكن من أن يتكيف مع حيوانات ومناخ ونباتات بيئته، ولهذا فقد برع سكان الصحراء في إتقان مهارة قص الأثر حيث كانوا يتتبعون بنجاح آثار الحيوانات والوحوش التي تغزو أغنامهم ومواشيهم ..

ولعل ما ساعدهم على إتقان هذه المهارة نعومة الأراضي الرملية وظهورا لآثار الناتجة عن أي تحرك ضمن هذه البقعة.

وممن عرف بقيافة البشر الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه . ذكر ابن حجر أن عمر كان قائفا .
روي أن قوما وفدوا على عمر زاعمين أنهم من قريش وأنهم جاؤه ليثبتهم فيها ، فقال عمر : اخرجو ا بنا إلى البقيع ، فنظر في أكفهم ، فقال : ليست بأكف قريش ولا شمائلها .

وممن اشتهر بها الصحابي الجليل : ( مجزر المدلجي ) حيث أنه رأى قدمي أسامة وأبيه زيد بن حارثة وكانت رؤسهم مغطاة ، وقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض .
ولما أبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك : برقت أسارير وجهه فرحا ، وسبب فرح الرسول : أنهم في الجاهلية كانوا يقدحون في نسب أسامة لأنه شديد السواد وكان أبوه زيد شديد البياض ، فلما قال القائف ذلك فرح الرسول صلى الله عليه وسلم

وعبر القرون المتعاقبة تراكمت لدى أبناء الصحراء خبرات مهمة ومتطورة عن قص الأثر، الأمر الذي أكسبهم فراسة وفطنة ودقة ملاحظة...
وتزداد محنة قصاص الأثر عندما يكون الجو ماطراً وعاصفاً، حينما تمحي كل أثر في الصحراء والوديان والجبال.

وسيبقى قصّ الأثر شاهداً على عبقرية ابن الصحراء الذي تمثل في بيئته القاسية فذلل مصاعبها وحجّم مخاطرها. فضلاً عن أن هذا العلم يعد من أقدم العلوم الشعبية الإنسانية، ومن أكثر مهارات الإنسان الأنثروبولوجية رقياً وتميّزاً .

وبالرغم من التقنية الحديثة التي توصل إليها العالم إلا أنهم مازالوا يستعينون بقصاصي الأثر ...وقصاص الأثر يتميز بملكة ذهنية ممتازة وذكاء فطري وذاكرة حادة تساعده على تذكر الآثار والوجوه وتدله على معرفة السارق من القاتل إلى تحديد نسب الشخص إلى عائلته...

ولما كان قص الأثر يشكل جزءاً مهما ً في حياتنا وفي الوقت الذي يظن فيه أغلبنا أنه لم يعد وجود لقصاصين الأثر كان لابد لنا أن نتعرف على هذا العلم الذي مر بعصور متعددة ونتعرف أيضاً على طرقه المتعددة ..وفوائده.. وأسراره ...وعن ماهية علاقته بالبحث الجنائي .

المرتقب
04-06-2009, 06:51 AM
قص الأثر والأجهزة الجنائية


لقد تواصل هذا الإرث العلمي حتى يومنا الحاضر ...
واعترفت به حتى دوائر التحقيق الجنائية في معظم دول العالم ، بل أنه داخل ضمن أساليب الإثبات واعترفت به الدراسات القانونية وقررته القوانين ضمن إجراءاتها للوصول للجناة أو أدلة الإثبات .

وينظر أبناء الصحراء بتقدير كبير إلى قصاصي الأثر وذلك لما يقدمونه من خدمات جليلة تتعلق بأمن الأفراد ومكافحة السرقات وسلامة المواشي والأموال .
ورغم قلة قصاصي الأثر في وقتنا الحاضر فلازالت أجهزة البحث الجنائي والشرطة تستعين بخبراتهم في الأمور الغامضة ، والتي تعجز فيها هذه الأجهزة عن تقصي الأثر في البعض من القضايا ، فبالرغم من تطور أساليب الجريمة في العالم على مر العصور والذي رافقها تطور في أساليب الكشف عنها أيضاً إذ ظهرت الأجهزة الحديثة المتطورة, وظهر علم البصمات ورغم ذلك لا تزال العديد من القضايا في العالم بأجزائه المتباعدة تقيد ضد مجهول وهنا يأتي دور قصاصي الأثر في الكشف عن الكثير من خفايا الأمور بخبراتهم الواسعة إذ تستعين بهم الجهات المختصة وخاصة في القضايا التي تحتاج إلى تقصي أثر المجرم أو الفاعل للدلالة عليه ومساعدة العدالة في تحقيق مهمتها .

وفي دول الخليج ومصر وسوريا اشتهر عدد من قصاصي الأثر ، وكان لهم دورهم الفعال في كشف غموض عدد كبير من الجرائم .

المرتقب
04-06-2009, 06:52 AM
أسرار قص الأثر


بالطبع فإن لقص الأثر أسرار كثيرة لا يعرفها سوى ابن الصحراء الذي لا تخفى عليه بطبيعة حياته في الصحراء، ولاسيما العارفين منهم بقص الأثر ...

ومن هذه الأسرار أن القصّاص يمعن النظر إلى مكان القدم سواء أكانت لإنسان أم لحيوان أي ينظر إلى الأثر الذي تتركه القدم ، وينظر إلى اعوجاجها ومدى عمقها الذي تركته ، وإذا رأى القصاص عمق القدم اليسرى عن القدم اليمنى يوقن ويتأكد بأن صاحبها لا يرى إلا بعينه اليسرى فقط .
وقص أثر الحيوانات يحتاج إلى مهارات فائقة و مهارات خاصة تفوق المهارات التي يحتاجها القصاص لقص أثر الإنسان ، تقول الكاتبة نورا السويدي : ( لا يجد قصاص الأثر صعوبة في معرفة أثر الحيوانات بأنواعها، وتشخيصها، ولمعرفة أثر الناقة من الجمل يلاحظ القصّاص أن خف الجمل ينهب الأرض نهباً بينما خف الناقة يلامس الأرض بلطف، في حين تكون خطوة الناقة، الحامل مضطربة وتكون خطوة الجمل الذي يحمل أثقالاً على ظهره عميقة ومتقاربة، في حين أن الجمل الذي لا يحمل ثقلاً يكون أثر خطواته واسعاً وقدمه على سطح الأرض وإذا تبين أثر لجمل ظهرت فيه الأرجل الأمامية مع الخلفية فهذا الجمل يجري وهو يحمل شيئاً، أما إذا كانت خطواته منتظمة فهذا يدل على أن الجمل طبيعي لا يحمل شيئاً، كما أن الطريق التي تحتوي أعشاباً تكشف عن إمكان الرؤية عند الجمل، فالجمل الأعور يأكل من جهة واحدة في الطريق حيث يرى بعينه السليمة، أما إذا وجد شيئاً من وبر الجمل على الأشواك فهذا يدل على أن الجمل المار في المكان أجرب يحك جسمه باستمرار )

المرتقب
04-06-2009, 06:54 AM
علم عجيب ومميز
هممممم القيافة مهنة القناص الهانتر

المرتقب
04-06-2009, 06:56 AM
المكتبة الإسلامية - أبجد العلوم - المجلد الثاني (http://www.al-eman.com/islamLib/viewchp.asp?BID=266&CID=14)

المرتقب
30-06-2009, 09:31 AM
علم الفراسة
الفِراسة من التفرس بالشيء، كالتوسم، وهي خاطر يهجم على القلب، ويثب عليه وثوب الأسد على فريسته. هذا أصل اشتقاقها، وهي أنواع متعددة، وتختلف باختلاف الأشخاص، والأحوال، وقوة القلب، وصفائه، وقوة الإيمان، وضعفه، ومنها ما يتعلق بالمتفرس خاصة، ومنها فراسة الحكام والولاة لاستخراج الحقوق لأربابها، وقمع الظلمة.

وقد ذكر ابن القيم ـ رحمه الله ـ في "الطرق الحكمية" من أنواع الفراسة وأفرادها أشياء عجيبة. وقال في "تاج العروس شرح القاموس"[3]: والفراسة ـ بالكسر ـ اسم من التفرس، وهو التوسم، يقال: تفرس فيه الشيء إذا توسمه. وقال ابن القطاع: الفراسة بالعين إدراك الباطن، وبه فسر الحديث: ((اتقوا فراسة المؤمن؛ فإنه ينظر بنور الله)). وقال الصاغاني: لم يثبت، قال ابن الأثير يقال بمعنيين: أحدهما: ما دل ظاهر الحديث عليه، وهو ما يوقعه الله تعالى في قلوب أوليائه؛ فيعلمون أحوال بعض الناس بنوع من الكرامات، وإصابة الظن، والحدس. والثاني: نوع يعلم بالدلائل، والتجارب، والخلق ، والأخلاق، فتعرف به أحوال الناس، وللناس فيه تآليف قديمة وحديثة.

وقال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ في "مدارج السالكين" في الكلام على الفراسة[4]: قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ}... فإن الناظر متى نظر في آثار ديار المكذبين، ومنازلهم، وما آل إليه أمرهم، أورثه ذلك فراسة، وعبرة، وفكرة. وقال تعالى في حق المنافقين: {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: 30]، فالأول: فراسة النظر والعين، والثاني: فراسة الأذن والسمع. وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ يقول: علق معرفته إياهم بالنظر على المشيئة، ولم يعلق تعريفهم بلحن خطابهم على شرط، بل أخبر به خبرًا مؤكدًا بالقسم، فقال: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}، وهو تعريض الخطاب، وفحوى الكلام، ومغزاه. واللحن ضربان: صواب، وخطأ، فلحن الصواب: نوعان: أحدهما: الفطنة، ومنه الحديث ((ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض))[5]، والثاني: التعريض والإشارة، وهو قريب من الكناية، ومنه قول الشاعر:

وحـديث ألذه وهو ممـا يشتهي السامعون يوزن وزنا

منطق صائب ويلحن أحيا نا وخير الحديث ما كان لحنا

والثالث: فساد المنطق في الإعراب. وحقيقته تغيير الكلام عن وجهه، إما إلى خطأ، وإما إلى معنى لم يوضع له اللفظ... فإن معرفة المتكلم، وما في ضميره من كلامه أقرب من معرفته بسيماه، وما في وجهه. فإن دلالة الكلام على قصد قائله وضميره أظهر من السيماء المرئية. والفراسة تتعلق بالنوعين: بالنظر والسماع. وفي الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اتقوا فراسة المؤمن؛ فإنه ينظر بنور الله))، ثم تلا قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ}.

والفراسة ثلاثة أنواع:

إيمانية:... وسببها نور يقذفه الله في قلب عبده، يفرق به بين الحق والباطل، ... والصادق والكاذب. وحقيقتها أنها خاطر يهجم على القلب، ينفي ما يضاده، يثب على القلب وثوب الأسد على الفريسة، ... وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان، فمن كان أقوى إيمانا، فهو أحد فراسة،... وقال عمرو بن نجيد: كان شاه الكرماني حاد الفراسة لا يخطئ، ويقول: من غض بصره عن المحارم، وأمسك نفسه عن الشهوات، وعمر باطنه بالمراقبة، وظاهره باتباع السنة، وتعود أكل الحلال، لم تخطئ فراسته... وقال ابن مسعود[6] ـ رضي الله عنه ـ أفرس الناس ثلاثة: العزيز في يوسف، حيث قال لامرأته: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} [يوسف: 21]، وابنة شعيب حين قالت لأبيها في موسى: {اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26]، وأبو بكر في عمر ـ رضي الله عنهما ـ حيث استخلفه، وفي رواية أخرى: وامرأة فرعون، حين قالت: {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} [القصص: 9].

وكان الصديق ـ رضي الله عنه ـ أعظم الأمة فراسة، وبعده عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ووقائع فراسته مشهورة، فإنه ما قال لشيء: (أظنه كذا)، إلا كان كما قال، ويكفي في فراسته موافقته ربه في المواضع المعروفة...

وأصل هذا النوع من الفراسة من الحياة والنور، اللذين يهبهما الله لمن يشاء من عباده؛ فيحيا القلب بذلك، ويستنير؛ فلا تكاد فراسته تخطئ. قال الله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: 122]....

الفراسة الثانية: فراسة الرياضة، والجوع، والسهر، والتخلي. فإن النفس إذا تجردت عن العوائق صار لها من الفراسة والكشف بحسب تجردها، وهذه فراسة مشتركة بين المؤمن والكافر، ولا تدل على إيمان ولا على ولاية، وكثير من الجهال يغتر بها، وللرهبان فيها وقائع معلومة، وهي فراسة لا تكشف عن حق نافع، ولا عن طريق مستقيم، بل كشفها جزئي، من جنس فراسة الولاة، وأصحاب تعبير الرؤيا، والأطباء، ونحوهم. وللأطباء فراسة معروفة، من حذقهم في صناعتهم، ومن أحب الوقوف عليها، فليطالع تاريخهم، وأخبارهم. وقريب من نصف الطب فراسة صادقة، يقترن بها تجربة...

الفراسة الثالثة: الفراسة الخلقية، وهي التي صنف فيها الأطباء وغيرهم واستدلوا بالخلق على الخُلق؛ لما بينهما من الارتباط الذي اقتضته حكمة الله، كالاستدلال بصغر الرأس الخارج عن العادة على صغر العقل، وبكبره، وبسعة الصدر، وبُعْد ما بين جانبيه على سعة خلق صاحبه، واحتماله، وبسطته، وبضيقه على ضيقه، وبجمود العين وكلال نظرها على بلادة صاحبها، وضعف حرارة قلبه، وبشدة بياضها مع إشرابه بحمره ـ وهو الشكل ـ على شجاعته، وإقدامه، وفطنته، وبتدويرها مع حمرتها وكثرة تقلبها على خيانته، ومكره، وخداعه. ومعظم تعلق الفراسة بالعين؛ فإنها مرآة القلب، وعنوان ما فيه، ثم باللسان؛ فإنه رسوله وترجمانه. وبالاستدلال بزرقتها مع شقرة صاحبها على رداءته، وبالوحشة التي ترى عليها على سوء داخله وفساد طويته، وكالاستدلال بإفراط الشعر في السبوطة على البلادة، وبإفراطه في الجعودة على الشر، وباعتداله على اعتدال صاحبه.

وأصل هذه الفراسة أن اعتدال الخِلقة والصورة هو من اعتدال المزاج والروح، وعن اعتدالها يكون اعتدال الأخلاق والأفعال، وبحسب انحراف الخلقة والصورة عن الاعتدال يقع الانحراف في الأخلاق والأعمال، هذا إذا خُليت النفس وطبيعتها...

وفراسة المتفرس تتعلق بثلاثة أشياء: بعينه، وأذنه، وقلبه. فعينه للسيماء والعلامات. وأذنه للكلام، وتصريحه وتعريضه، ومنطوقه ومفهومه، وفحواه وإشارته، ولحنه وإيمائه، ونحو ذلك. وقلبه للعبور والاستدلال من المنظور والمسموع إلى باطنه وخفيه، فيعبر إلى ما وراء ظاهره، كعبور النقاد من ظاهر النقش والسكة إلى باطن النقد، والاطلاع عليه، هل هو صحيح أو زغل، وكذلك عبور المتفرس من ظاهر الهيئة والدل إلى باطن الروح والقلب، فنسبة نقده للأرواح من الأشباح كنسبة نقد الصيرفي، ينظر للجوهر من ظاهر السكة والنقد...

وللفراسة سببان:

أحدهما: جودة ذهن المتفرس، وحدة قلبه، وحسن فطنته.

والثاني: ظهور العلامات والأدلة على المتفرس فيه. فإذا اجتمع السببان، لم تكد تخطئ للعبد فراسة، وإذا انتفيا لم تكد تصح له فراسة، وإذا قوي أحدهما وضعف الآخر كانت فراسته بين بين.

وكان إياس بن معاوية من أعظم الناس فراسة، وله الوقائع المشهورة، وكذلك الشافعي ـ رحمه الله ـ وقيل: إن له فيها تآليف. ولقد شاهدت من فراسة شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أمورًا عجيبة، وما لم أشاهده منها أعظم وأعظم. ووقائع فراسته تستدعي سفرًا ضخمًا... إلى آخر كلام ابن القيم في "مدارج السالكين".
------------------------------
[1] الترمذي (3127) وغيره، وهو حديث لا يصح مرفوعًا، وإنما هو قول عمرو بن أبي قيس: كان يقال: اتقوا... فذكره. انظر: العقيلي (4/129).
[2] البراز 04/3632) "كشف الأستار" و"مسند" الشهاب (2/1005، 1006) وابن جرير في "التفسير" (13/46 حلبي).
[3] مادة (ف ر س).
[4] انظر (2/482).
[5] البخاري (2458، 2680، 6967، 7169، 7181، 7185) ومسلم (1713).
[6] الطبري (12/176) و"مصنف" ابن أبي شيبة (14/574) وابن أبي حاتم 12/81، 221) والحاكم (2/345، 3/90) والطبراني في "الكبير" (9/185) وابن كثير في "التفسير" (4/306).

المرتقب
30-06-2009, 09:34 AM
الفِراسة في اللغة: التثبت والنظر،
وفي اصطلاح أهل الحقيقة: هي مكاشفة اليقين، ومعاينة الغيب)
وقال العارف بالله ابن عجيبة رحمه الله تعالى: (الفراسة هي خاطر يهجم على القلب، أو وارد يتجلى فيه، لا يخطىء غالباً إِذا صفا القلب، وفي الحديث: " اتقوا فراسة المؤمن، فإِنه ينظر بنور الله" [رواه الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في كتاب التفسير].
وهي على حسب قوة القرب والمعرفة، فكلما قوي القرب، وتمكنت المعرفة صدقت الفراسة، لأن الروح إِذا قربت من حضرة الحق لا يتجلى فيها غالباً إِلا الحق
["معراج التشوف" ص18].
والكشف نور يحصل للسالكين في سيرهم إِلى الله تعالى ؛ يكشف لهم حجاب الحس، ويزيل دونهم أسباب المادة نتيجة لما يأخذون به أنفسهم من مجاهدة وخلوة وذكر [قال حجة الإِسلام الغزالي رحمه الله تعالى: (إِن جلاء القلب وإِبصاره يحصل بالذكر، وإِنه لا يتمكن منه إِلا الذين اتقوا، فالتقوى باب الذكر، والذكر باب الكشف، والكشف باب الفوز الأكبر، وهو الفوز بلقاء الله تعالى). "إِحياء علوم الدين" للغزالي ج3. ص11]. فتنعكس أبصارهم في بصائرهم، فينظرون بنور الله وتنمحي أمامهم مقاييس الزمان والمكان، فيطَّلعون على عوالمَ من أمر الله اطلاعاً لا يستطيعه مَنْ لا يزال في قيد الشهوات والشكوك والبدع العقائدية والوساوس الشيطانية، ولا تتسع له إِلا تلك القلوب النيّرة السليمة التي زالت عنها ظلمات الدنيا وغواشيها، وانقشعت عنها غيوم الشكوك ووساوسها، وكثافةُ الماديات وأوضارها.

نعم إِنَّ من غض بصره عن المحارم، وكفَّ نفسه عن الشهوات، وعمَّر باطنه بمراقبة الله تعالى، وتعوَّد أكل الحلال لم يخطىء كشفه وفراسته، ومن أطلق نظره إِلى المحرمات تنفست نفسه الظلمانية في مرآة قلبه فطمست نورها.

ويرجع هذا الكشف إِلى أن العبد إِذا انصرف عن الحس الظاهر إِلى الحس الباطن تغلبت روحه على نفسه الحيوانية المتلبسة ببدنه ـ والروح لطيفة كشَّافة ـ فيحصل له حينئذ الكشف، ويتلقى واردات الإِلهام.

قال تعالى (إنّ في ذلك لآيات للمتوسمين)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله)
قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين في منزلة الفراسة :
(الفراسة ثلاثة أنواع :إيمانية .وهي المتكلم فيها في هذه المنزلة .
[النوع الأول الفراسة الإيمانية ]
وسببها :نور يقذفه الله في قلب عبده .يفرق به بين الحق والباطل ,والحالي والعاطل والصادق والكاذب
وحقيقتها :أنها خاطر يهجم على القلب ينفي مايضاده.يثب على القلب كوثوب الأسد على الفريسة .لكن الفريسة بمعنى فعيلة أي مفعولة .وبناء الفراسة كبناء الولاية والإمارة والسياسة.
وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان .فمن كان أقوى إيمان فهو أحدُّ فراسة .
[أقوال السلف في الفراسة]
***قال أبو سعيد الخراز(من نظر بنور الفراسة نظر بنور الحق ,وتكون مواد علمه مع الحق بلا سهوة ولاغفلة.بل حكم حق جرى على لسان عبده)
***وقال الواسطي (الفراسة شعاشع أنوار لمعت في القلوب ,وتمكن معرفة جملة السرائر في الغيوب من غيب إلى غيب ,حتى يشهد الأشياء من حيث أشهده الحق إياها,فيتكلم عن ضمير الخلق )
***وقال الداراني :(الفراسة مكاشفة النفس ومعاينة الغيب ,وهي من مقامات الإيمان )
***وسئل بعضهم عن الفراسة فقال :(أرواح تتقلب في الملكوت ,فتشرف على معاني الغيوب ,فتنطق عن أسرار الخلق ,نطق مشاهدة لانطق ظن وحسبان )
***وقال عمرو بن نجيد (كان شاه الكرماني حاد الفراسة لايخطيء.ويقول :من غض بصره عن المحارم ,وأمسك نفسه عن الشهوات ,وعمر باطنه بالمراقبة وظاهره باتباع السنّة وتعود أكل الحلال لم تخطيء فراسته)
***وقال أبو جعفر الحداد(الفراسة أول خاطر بلا معارض فإن عارضه معارض آخر من جنسه .فهو خاطر وحديث نفس)
***وقال أبو حفص النيسابوري :ليس لأحد أن يدعي الفراسة .ولكن يتقي الفراسة من الغير .لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (اتقوا فراسة المؤمن .فإنه ينظر بنور الله )ولم يقل :تفرسوا وكيف يصح دعوى الفراسة لمن هو في محل اتقاء الفراسة؟.&وقال أحمد بن عاصم الأنطاكي (إذا جالستم أهل الصدق فجالسوهم بالصدق فإنهن جواسيس القلو ب,يدخلون في قلوبكم ويخرجون من حيث لاتحتسبون)
***وكان الجنيد يوما يتكلم على الناس.فوقف عليه شاب نصراني متنكرا .فقال أيها الشيخ مامعنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله )؟فأطرق الجنيد ثم رفع رأسه إليه وقال:أسلم فقد حان وقت إسلامك ,فأسلم الغلام .(مايلي من كلا ابن القيم بتصرف واختصار)
***وكان الصديق أفرس الأمة وبعده الفاروق فإنه ماقال على شيء أظنه كذا إلا وقع كما قال ,كما في قصته عندما مر عليه سواد بن قارب فقال له بما معناه (لقد أخطأ ظني أو أن هذا كاهن ..)فقال سواد (صدقت ياأمير المؤمنين كنت كاهنا في الجاهلية ).
[الفراسة الثانية :فراسة الرياضة والجوع والسهر والتخلي]وهي مشتركة بين المؤمن والكافر..
[الفراسة الثالثة :الفراسة الخلقية]
قال ابن القيم (ولقد شاهدت من فراسة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أمورا عجيبة ..أخبر أصحابه بدخول التتار الشام (سنة 699)وأن جيوش المسلمين تكسر ,وأن دمشق لايكون بها قتل عام ولاسبي عام ,وأن كلَب الجيش وحدته في الأموال :وهذا قبل أن يهم التتار بالحركة .
ثم أخبر الناس والأمراء (سنة702)لما تحرك التتار وقصدوا الشام :أن الدائرة والهزيمة عليهم ,وأن الظفر والنصر للمسلمين .وأقسم على ذلك أكثر من سبعين يمينا .فيقال له :قل إن شاء الله .فيقول (إن شاء الله تحقيقا لاتعليقا )وسمعته يقول ذلك ,قال :فلما أكثروا علي .قلت :لاتكثروا .كتب الله تعالى في اللوح المحفوظ :أنهم مهزومون في هذه الكرة .وأن النصر لجيوش الإسلام .قال :وأطعمت بعض الأمراء حلاوة النصر قبل خروجهم إلى لقاء العدو.)(مدارج السالكين ج2ص192 ومابعدها بتصرف واختصار

$الكشف عند عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه:

ذكر التاج السبكي رحمه الله تعالى في الطبقات وغيره: (أنه دخل على عثمان رضي الله عنه رجل، كان قد لقي امرأة في الطريق، فتأملها، فقال له عثمان رضي الله عنه: يدخل أحدكم، وفي عينيه أثر الزنا ؟ فقال الرجل: أوحْيٌ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: لا، ولكنها فراسة المؤمن). وإِنما أظهر عثمان هذا تأديباً للرجل، وزجراً له عن شيءٍ فعله ["حجة الله على العالمين" للنبهاني ص862].

المرتقب
30-06-2009, 09:35 AM
وهذا موقع به منتدى خاص بالفراسة
منتدى الإسلام وعلم الفراسة - .+*^*+.ArAbGrApH.+*^*+. (http://www.arabgraph.com/vb/forumdisplay.php?f=3)

ياسر ابوزيد
10-09-2009, 02:35 PM
جزاكم الله خيرا

المرتقب
11-09-2009, 03:36 AM
شكرا على المرور

المرتقب
02-11-2009, 12:26 PM
في إضافة وهمية

نبهات
06-11-2009, 01:04 PM
السلام عليكم
موضوع شيق ومفيد جزاك الله خيرا

المرتقب
14-11-2009, 08:33 AM
معاتبة إسم الموضوع غير بواسطة فلان
أفشلت مخططي