المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : *::. قصة ابيض وأسود .::*


حارسة لاقصى
11-01-2012, 06:12 AM
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ..
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته :
يا أيها السادة والسيدات لكم مني اجمل الدعاء والود والإحترام ، وكم يسعد القلب بجواركم والكتابة اليكم فمهما قلنا ومهما فعلنا فلن نستطيع التعبير لكم عن كل ما في قلوبنا تجاهكم فبارك الله فيكم وسدد خطاكم ويسر الله لكم كل عسير وجمع شملكم مع احبابكم اينما كانوا..
ورحم الله أمواتكم وشفا الله مرضاكم وهدا الله أولادكم وأصلح الله نسائكم وأكركم بأرضكم ودياركم وجعلكم سالمين راضين مرضيين هاديين مهدين ..
ودائما يتشرف القلب بإهدائكم ..
وهاهي قصة قد نسجتها من خيالي فانا لم ادخل الى فلسطين لكنني تخيلت نفسي فيها وكتبت بعض الأفكار والخواطر وكلها رموز لها ما لها وعليها ما عليها ..
أسال الله أن تعجبكم وتكون لنا ولكم في الميزان المقبول يارب ، وتكون محفزا لنا على إيجاد الشرف والمجد والصلاح حتى نتمكن من فتح بغداد وفتح بيت المقدس وفتح كابل والسير في طريق النجاة طريق لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
واليكم القصة وعنوانها *كأس أبيض وأسود* :
/ القطرة الأولى /
إنها قصة جارين الأول إسمه أبيض والثاني إسمه أسود ، الأول يحب اللون الأبيض في كل شيء في لباسه دائما تراه يلبس الأبيض وكل طعامه يفضل فيه دائما الأبيض كالحليب واللبن والأرز ..
وفي الحقيقة هو لا يأكل كثيرا لأنه إن فعل يمرض ولا يستطيع العمل ..
أما جاره الثاني أسود فهو دائما بلباسه الأسود وحتى طعامه يفضل منه الأسود كاللحم والخبز ، وحتى الخمرة يحبها ..
ومشكلته أنه إن لم يأكل كثيرا يمرض، فكل شيء يأكله حتى الذي حرم الله عليه ..
فإنه لا يتوانى عن إشباع غريزته ولذته ..
و في كل يوم ينصحه جاره ابيض عن الكف عن أكل الحرام ، لكن الآخر لا يبالي ولا يسمع لنصائح جاره ويستمر على حاله ..
في يوم من الأيام جاء الجار أسود الى جاره أبيض يودعه قائلا له انه سيغادر البلدة التي يسكنها ويذهب إلى أرض جميلة لعله يجد فيها ما يتمناه ، سيذهب ووعده بأن يرسل إليه كل سنة رسالة ..
سافر الجار اسود الى البلاد البعيدة ، وكانت علامات السرور بادية على وجهه وقلبه يدق بسرعة عجيبة ، حين وصل الى نهاية الطريق نزل من الحافلة فوجد بلدة بيضاء كأن عليها نور وسكانها كذلك حين رآهم تذكر جاره ابيض ، حزن شيئا ما لأن الجميع ربما سيبدأ بنصحه كجاره الذي ترك اا ..
نزل وبدأ يتجول في البلدة الجديدة وما زاد فرحه هو أن أحدا من السكان لم يكلمه ..
استمر في سيره رفقة زملائه ، وقفوا أخيرا عند حائط أسود كبير ..
لم يفهم شيئا مما يحدث غير أنه سمع من زملآئه :
انه هنا سنبقى ا ا ..
حينها بدأت علامات الإستغراب تبدو على وجهه لكنه لم يرد ان يظهرها ..
لكن الصدمة كانت اقوى منه ، كيف يجلس هنا وقد ترك بيته الجميل قرب جاره الطيب ؟.
وهل هذه هي الأماني التي يريد تحقيقها ؟ ..
أحس بحرارة في جسمه وقشعريرة تصعد من اسفل قدميه ما ان وصلت صدره حتى فشلت رجلاه على حمله وسقط مغمى عليه على الأرض ..
في تلك اللحظة جاء أحد سكان البلدة بعد أن أشفق على حاله وقدم لهم كرسي ليجلسوه عليه ..
جلس أسود على الكرسي وجلس زملاؤه بعد ذلك على الكراسي أمام الحائط الأسود. .
ومر يوم وأسود وزملاؤه على هذه الحال ، وفي مساء ذلك اليوم اقترب منهم أحد سكان البلدة وبدأ ينظر إليهم في إشفاق ، حينها طلبوا منه لأنفسهم خيمة يستظلون بها من حر الشمس وبرد الأمطار ..
والمسكين لم يتردد في قبول طلبهم بل إحضر هو بنفسه خيمة كبيرة وأهداها لهم ..
تبت أسود الخيمة وزملاءه امام الجدار الأسود .
وفي احد الأيام وقف أمام الخيمة حاكم البلدة وأعوانه ، رثوا لحال الزوار ، وفكروا في حل لهذه الحال ..
بعد تفكير وتدبر رأوا أن يبنوا لهم مسكنا غير الخيام ..
بنى أسود بيته وبنى زملاؤه بيوتهم أمام الجدار ..
مرت الأيام على هذه الحال وفي يوم تذكر أسود جاره أبيض وكتب إليه رسالة يخبره فيها بكل ما جرى ، وأن البلدة الجديدة أفضل من القديمة ..
وسرد عليه الأخبار وحثه في شوق للحضور بلا تردد أو انتظار ..
وصلت الرسالة إلى أبيض ، وبدأ يفكر في الأحوال ..
هل يذهب إلى جاره أسود ؟ ..
أم يبقى في بلدته ويرد الجواب ؟ .

***
ذلك ما سنتعرف عليه إن شاء الله في القطرة القادمة ..
دمتم في حفظ الله ورعايته ..

حارسة لاقصى
11-01-2012, 07:32 AM
بسم الله الحنان المنان ..
والحمد لله صاحب الفضل والإنعام ..
والصلاة والسلام على خير الهدى والأنام..
***
ما أسعد القلب بالتواجد مع إخوانه ورفاقه..
اللهم اجمعن على خدمة الاسلام والمسلمين يارب العالمين ..
واليكم اخواني واخواتي القطرة الثانية من كأس ابيض واسود :

/ القطرة الثانية /

( ( بعد أن وصلت الرسالة إلى ابيض احتار في أمره وفكر طويلا ..
وفي الأخير اختار أن يسافر الى بلدة جاره ..
لقد اشتاق إليه ويريد أن أن يعرف البلدان ويغير الحال ..
جمع أبيض أمتعته القليلة في حقيبته الصغيرة وتوجه إلى البلدة الجديدة ..
حين وصل إليها بدأ يسأل الناس عن الجدار الأسود ..
وفي آخر المطاف اهتدى إليه بعد صعوبة وعناء ..
حين وصل إليه وجد هناك جاره اسود رفقة أناس آخرين مجتمعين ..
ولما رأى أسود صديقه أبيض ترك مجلسه وعانقه في شوق وحنان ..
تبادلا التحية والسلام ، لم يشعرا بمرور الوقت حتى حل المساء ..
أخبره أنه بنى منزلا بقرب الجدار وأنه مسرور بحاله وأنه قد وجد ما يتمناه ..
أسدل الليل خيوطه على المكان واستضاف اسود جاره ابيض إلى الدار ..
هناك أكملا الحديث والأخبار وباتا بخير حال ..
مكث ابيض عند جاره اسود مدة وبعدها أحس بأنه يجب ان يكون له هو ايضا شغل ودار ..
حدث صديقه بالأمر فلم يمانعه بل استطاع رفقة زملائه ان يجدوا له منزلا بقرب جاره ابيض ..
وكم كانت فرحتهما كبيرة حين ذلك ..
وبعد مرور الأيام تمكن ابيض من الحصول على عمل لدى احد التجار ..
وتمكن بحسن خلقه من كسب حب الناس فزوجه صاحب المحل ابنته زينب ذات الحسن والجمال ..
كان ابيض دائما يمر على اسود وزملائه وهم بقرب الحائط الأسود ويتسائل لماذا هذه الحال ؟..
وفي احد الأيام استوقف جاره اسود وساله:
لماذا تضيع وقتك مع زملائك في الحديث والأخبار ؟
أما آن لك ان تتزوج مثلي ويكون لك مؤنس وأولاد ؟ ..
فكر اسود في كلام جاره ابيض ووجده عين الصواب..
لكن لساعته هذه لم يجد من يناسبه ويشغل باله بالأمال..
خصوصا وأن زملاءه قد اتفقوا على أن يجعلوه هو صاحب المقام لما كان له من دور فبما وصلوا اليه وما حققوه من أحلام اا..
وفي صباح احد الأيام استيقظ الجميع على مجيئ زوار عند جيران ابيض..
نسا ء ورجال من مختلف الأعمار ..
استقبلهم زملاء اسود بالسرور والترحاب ..
وكذلك اسود فرح بالزوار وما شد انتباهه اليهم وجود فتاة بينهم ذات جمال وتجيد التكلم بجميع اللغات..
عرفوها بصاحب المقام فازدادت له احتراما واجلال ..
وبعد مدة من الأيام عرض عليها الزواج فقبلت بدون تردد او انتظار ..
لقد تغير حال اسود بعد الزواج ولم يعد يهتم لجاره ابيض ولا يسأل عنه حتى السؤال ..
لكن ابيض فرح لزواج جاره وتمنى له الهناء والسلام ..
كانت البلدة تعيش في امان والجميع في احسن حال..
حتى أن أسود إذا اراد ان يشتري شيئا قال له اصحاب المحلات :
نحن كسبنا رزقنا ولله الحمد اليوم ، فاذهب عند جارنا ابيض فانه قد فتح محله الجديد ..
وهو لم يبع ولم يروج المال ..
فيذهب اسود عند جاره يبتاع منه ويسأله بسرعة عن الحال والأولاد ..
لقد رزق ابيض بصبي جميل سماه شرف الدين وهو في غاية الفرح وراحة البال..
وحتى جاره اسود رزق بابنة جميلة سماها صفية وهو مسرور لذلك..
لكن زملاءه لايسمحون له بالجلوس بالدار فهو صاحب المقام ..
ومع مرور الأيام بدأ الجيران يلاحظون وصول المزيد من الأهل والأحباب لدى جيران ابيض ..
وهو كذلك استغرب لكثرة الزوار ..
وما زاد استغرابه هو انهم يمكثون في البلدة منهم من يسكن مع احد زملاء اسود ومنهم من يشتري منزلا ولا أحد منهم يرجع من حيث اتى اا؟ .
وجاء مع الزوار يوما رجل قوي البنية عبوس الوجه كثير المال ..
أعجب كل زملاء اسود به ولم يعودوا يهتموا بصاحب المقام ..
أصيب أسود بالغيرة من الرجل القوي كثير المال ولم يوليه أي اهتمام..
لكن زوجته أكثرت من تعيبه بضعفه وقلة الحال ..
مما زاد حقد اسود على الرجل القوي البنية كثير المال ..
وبدأ يفكر في حيلة للتخلص من هذا الرجل الجديد ..
هل ينصب له فخا يكرهه بسببه جميع الزملاء ؟ ..
أم يقتله ويرتاح من وجهه العبوس المكار ؟ .


**
ذلك ما سنتعرف عليه في اللقاء القادم ان شاء الله تعالى ..
اتمنى ان تعجبكم القصة بارك الله فيكم ..
وان انتظر ردودكم بشوق بارك الله فيكم ..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
والسلام عليكم ورحمة الله ..

حارسة لاقصى
20-01-2012, 01:17 AM
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله


أحبابي في الله اسأل الله تعالى ان يبارك فيكم جميعا ويسدد خطاكم جميعا اينما كنتم الله ءامين ..
اخواني قلت في نفسي لماذا لم يرد احد من الاخوان والاخوات ؟..
وقلت ربما الوقت لم يسمح لهم او ربما القصة لم تعجبهم ..
إخواني رعاكم الله لا تقلقوا ان شاء الله سوف تعجبكم واسأل الله تعالى ان يجعل كل اوقاتكم لكل خير ويفتح عليكم من انواره وبركاته اللهم ءامين ..
وبكل سرور اكمل اليكم بقية القصة ان سمحتم فعلى بركة الله :



**
/ القطرة الثالثة /


(( .. تمر الأيام وأسود لا يزداد إلا مقتا للرجل القوي العبوس ..
بسبب مدح زوجته ، وبسبب تقرب زملائه له وابتعادهم عنه ..
وفي ليلة من الليالي تربص اسود للرجل القوي الجديد أملا في نصحه بالذهاب لحال سبيله والرحيل عن البلدة ..
وبمجرد ما انهى اسود كلامه انهال عليه الرجل القوي بكلمات التوبيخ والإحتقار قائل له :
انه لن يرحل ابدا ، وانه سيحل مكانه لا محالة، وانه هو الذي يجب عليه الرحيل..


حين ذاك لم يتماسك اسود نفسه وامسك بعصى كانت بقربه وانهال عليه بالضرب..
نفس الشيء فعله الرجل القوي، حيث وجه الى اسود عدة لكمات وضربات اسقطته ارضا ..
في تلك اللحظة كان مارا بالمكان ابيض بعدما اغلق دكانه ذاهبا في طريقه الى البيت ..
رأى رجلان الأول ساقط على الأرض، وبقربه يقف رجل قوي البنية يلهث بشدة ، وبدون تردد امسك بحجرة كبيرة القاها على راس الواقع على الأرض وهرب ..


لم يدري ابيض ماذا حدث ، غير انه توجه بدون شعور في اتجاه الساقط على الأرض مشفقا عليه ، لينظر كبف حاله ..
قلبه فإذا هو وجه جاره اسود ملطخ بالدماء ، لم يصدق اسود ما جرى لجاره المسكين ، غير انه لم يدري ما يفعل ..
في تلك الحظة جاء زملاء اسود يلهثون بعظهم توجه الى جسد اسود الملقى على الأرض ينظر اليه ..
وبعظهم القى القبض على ابيض المندهش من كل ما يحدث ..
بعد تفحص جسد اسود صرخوا بانه قد مات اا ..
رفض ذلك ابيض قائلا إنه كان حيا قبل مجيئهم ..
لكن أحدا لم يصدقه كبلوه وتركوه بقرب جثة جاره المسكين..
وهو ينظر إليه وعبيناه لا تتوقفان عن الدموع ، وقلبه يكاد يتقطع حزنا على ما أصاب جاره المسكين ..
بعد أن تمالك نفسه تذكر الرجل القوي البنية الذي كان واقفا بالقرب من اسود وانه هو الذي ضربه بحجر على راسه ، قال ذلك مرارا لكن احدا لم يأبه لكلامه ..
بعد ساعتين حضر حاكم المدينة والشرطة واحضروا معهم طبيبا عاين الضحية، فقال بحزن أنه قد فارق الحياة اا ..
وبسرعة توجهت اصابع زملاء اسود الى اتهام ابيض بقتل اسود اا .
لم يصدق ابيض ما يرى ويسمع ..
كيف يقوم بقتل جاره القديم ؟..
،وهو الذي جاء الى هذه البلدة الجديدة بسببه ؟..
، كيف ينسى تلك الأيام الجميلة التي قضاياها معا ؟ ..
كيف ، كيف يحدث كل هذا ؟ ..
، بادر بالدفاع عن نفسه وأن رجلا قوي البنية كان قد وجده بالقرب من اسود وانه هو الذي ضربه بالحجر ..
وعندما سألوه هل تعرفه ؟ اجاب لا، لأ نه بسبب الظلام لم يتمكن من رؤية وجهه غير انه قوي البنية مفتول العضلات ..
لم يصدق الحاظرون كلام ابيض وخصوصا زملاء اسود ..
بل نظروا اليه في حقد ومقت مطالبين بتنفيذ اقصى العقوبات عليه ..
تلقى حاكم البلدة طلبهم واكد انه سيجري بحثا في الموضوع ..
وإذا تبث ان ابيض هو الفاعل فإنه سيلقى اشد العقوبة .
بدأت الأفكار والوساوس تدور في راس ابيض..
ما ذا لو لم يجد الحاكم دليلا على براءته ؟ ..
وهل سيجدون الرجل القوي ام لا ؟ ..

رجاء تابعونا من فضلكم..

حارسة لاقصى
20-01-2012, 01:21 AM
**


/القطرة الرابعة/
(( ... ذهب رجال الشرطة بابيض مكبلا ووضعوه في المخفر في انتظار التحقيق معه ..
واخذوا الجثة الى المستشفى واخذوا معهم اداة الجريمة ..
كل ذلك للتعرف على المزيد من المعلومات..
وفي صباح اليوم التالي انتشر الخبر بسرعة في كل ارجاء البلدة ..
لقد قتل ابيض اسود ..
وصل الخبر الى منزل ابيض ونزل عليهم كالصاعقة، لم تدري زينب زوجة ابيض ماذا اصابها ..
غير انها كانت متأكدة ان زوجها طيب ولا يمكن ان يقوم بمثل هذه الأعمال ..
كيف يقتل جاره القديم ؟ ..
وهو الذي كان يحدثها دائما عنه ..
إنه يحبه كثيرا ، وكم قضى معه من ايام خالدة ؟..
ضمت ابنها شرف الدين الى صدرها ودموعها لا تتوقف ولسانها يردد فقط انا لله وانا اليه راجعون ..
حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ..
في البيت الآخر بيت اسود نزل الخبر عليهم ايضا كالصاعقة ..
لم تصدق زوجة اسود ما حدث غير انها كانت متأكدة ان زوجها كان له حساد كثيرون بسبب موقعه وما وصل إليه ..
لم تتوقف عن الصراخ وترديد كلماتها : "كان له حساد كثيرون اا" ..
وسقطت على الأرض مغمى عليها ..
رأتها ابنتها صفية واسرعت نحوها تضمها وهي تبكي :" ما ذا جرى لك يا أماه ؟ "..
بعد البحث وجمع المعلومات مكث اخيرا ابيض امام المحكمة ..
كانت القاعة صغيرة ولم تتسع لكل الحاضرين لأن البلدة لم تعتد على مثل هذه القضايا من قبل ..
امتلأت القاعة برجال يلبسون ثيابا سوداء عن اخرهم ، وابيض في قفص الإتهام ..
في قاعة المحاكمة ارتفعت الأصوات بالضجيج والنحيب والتأوه ، وكانت علامات الإستغراب والذهول بادية على كل الوجوه ..
دخل القاعة رجل بلباس غريبة وقف وسط القاعة وصرخ باعلى صوته : "محكمة قضية ابيض واسود " ..
حين سمع الحاضرون الكلمات توقفوا عن الكلام بعد طول انتظار ..
دخل من احد الأبواب ثلاث رجال يرتدون بذلة متشابهة ، انهم القضاة اا ..
جلسوا في الكراسي واحد في الوسط وفي جانبيه جلس اثنان ..
بدأ القاضي الذي في الوسط الكلام بعد ان اثار انتباهه انقسام القاعة الى قسمين :
قسم يلبس ملابس سوداء ، والأخر يلبس ملابس بيضاء ..
تسائل عن سبب ذلك ، لكن احدا لم يجبه اا ، فاستغرب وقلب اوراقا كانت امامه قائلا :
" أمامنا اليوم تقرير الطبيب يقول ان اسود توفي نتيجة ضربة بحجر على رأسه ، وأمامنا كذلك محضر انجزته الشرطة يقول انه وجدت جثة اسود مرمية على الأرض في يوم مظلم وانه وجد شخص بقربها شخص اسمه ابيض ، وان هناك شهودا يقرون بان ابيض قد قتل اسود ، وإننا الآن سنظر في القضية ونستمع الى المتهم والشهود وجميع الأقوال ..
استمع الجميع الى كلام ابيض الذي حاول ان ينفي عن نفسه التهمة قائلا:
"اني لم اقتل جاري اسود ، إنني احبه وقد جمعنا القدر منذ أن كنا في البلدتنا القديمة ، وحتى ان مجيئي الى هذه البلدة الجديدة كان بسببه لأنه الح علي بالمجيئ ، وقد قضينا هنا اجمل اللحظات " وسرد عليه ما جرى تلك الليلة وانه كان مارا بالمكان الذي وجدت فيه جثة اسود ، وانه وجد رجلا قوي البنية يضربه بحجر على راسه وبعد ذلك فر هاربا ، وانه حينما اقترب من الجسد على الأرض وجده جسد صديقه اسود فلم يستطع تصديق ما حدث ، وفي تلك اللحظة حضر زملاء اسود وكبلوه قائلين له :
" انت القاتل " ..
نادى بعد ذلك القاضي على الشهود زملاء اسود فقالوا جميعا ان ابيض هو الذي قتل اسود وانهم لم يجدوا غيره في المكان ..
بعذ ذلك وجه القاضي الى ابيض السؤال قائلا :
" وهل تعرفت على الرجل الذي تقول انه قتل اسود ؟ ..
فأجاب ابيض انه للأسف لم يتمكن من رئيتة وجهه لأن المكان كان مظلما..
وانه لاذ بعد ضرب اسود بالفرار ..
سكت القاضي مدة وسكت الجميع وعيونهم جميعا تحدق الى القاضي وآذانهم تترقب ماذا سيقول ؟ ..
الكل ينتظر قرار القاضي ..
هل ستثبت التهمة على ابيض ؟ ..
ام ماذا سيكون الحال؟..
**
ذلك سنتعرف عليه إن شاء الله ..

حارسة لاقصى
20-01-2012, 01:23 AM
/ الخامسة /


(( ... الكل ينتظر قرار القاضي في صمت وذهول..
وبعد لحظة دخل القاعة رجل طويل القامة ضعيف البنية رث الثياب ..
حتى وقف أمام القاضي وطلب منه الإذن بالكلام ..
نظر إليه القاضي وقال : "عرف الملأ بنفسك واختصر المقال..
" فقال الرجل الطويل : "إسمي جوهر وأنا صديق اسود ودائما أشاركه المجالس والأخبار..
وفي احد الأيام حدثني أنه قد ندم على استدعاء جاره ابيض للبلدة ..
وفهمت من كلامه أنه يغير منه لأن اهل البلدة يحبونه ويشاركونه الأفراح وهو لا يبالي به أحد من السكان ".
استغرب ابيض من هذا المقال ، ونفى ان يكون هذا هو الحال ..
فقال الرجل الطويل :" هذا ما أعرفه واردت الشهادة والبيان "..
امتلأت القاعة باصوات الإستغراب والإحتجاج ..
اصحاب اسود في جهة ينادون بتنفيذ اقصى العقوبات ..
ومن جهة اخرى اصحاب ابيض يرفضون التهمة والعقاب ..
فاصبحت القاعة قسمان متنازعان..
كل واحد منهم يرى لنفسه الحق ويمطر الآخر بكلمات الحقد ونظرات الإنتقام ..
تكلم القاض وقال : "إن لم تلتزموا الصمت فسأخرجكم من القاعة جميعا وأغلق الأبواب ..
فزع الجميع لمقالة القاضي ورجعوا لحالهم ينظرون إليه وآذانهم تترقب الأحكام ؟..
فقال في غضب وانفعال :
" تأجل القضية لآخر الشهر حتى ندرس جميع الأقوال ونقرر ما هو الحال "..
خرج القاضي من القاعة وأخذ ابيض بالقيد الى سجنه ..
وخرج الجميع يصاحبهم الحزن والغيظ الى موعد اللقاء ..
مرت الأيام بسرعة وجاء يوم الحسم والكلام ..
فدخل الجميع الى القاعة كما كانت الأحوال ..
فكان اول الكلام للقاضي فقال: "بعد الإستماع الى المتهم والشهود والأقوال :
حكمت المحكمة على ابيض بالسجن عشرين سنة ، ويوضع رهن الإعتقال بسجن البلدة طبقا للقانون والأحكام ." .
نزل الخبر على ابيض وأصحابه كالصاعقة من السماء ..
فذهلوا لما سمعوا ولم يصدقوا المآل ..
وجلس ابيض على ركبتيه وأحنى رأسه ونزلت من عينيه دمعات فقال :
" لماذا هذا الظلم يارب ؟ ..
"حسبنا الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون ". .
امتلأت القاعة بأصوات النحيب والبكاء .


وفي الجانب الآخر أسرع زملاء اسود بالخروج من القاعة والإنصراف قبل فوات الأوان ..


بعد ذلك تغيرت الأحوال في البلدة ولم تعد هادئة تعيش في امان ..
بل امتلأت صدور سكانها بالحقد والأدغان بعد ان كانت مليئة بالحب والود والإحترام ..
فأصبحت منقسمة الى قسمين ، قسم بملابسه البيضاء وقسم بملابسه السوداء ..
ونعتت ديار زملاء اسود بالديار السوداء اا؟ ..
فلم يعد احد يقترب منها ولا يسأل عن أهلها ..
تمر الأيام والسنوات والبلدة لا تزيد إلا كرها للديار السوداء واصحابها ..
وابيض قابـع في سجنه يعد الأيام ، والهم يملأ قلبه حزنا على حاله وحال اسرته الصغيرة ..
ترى كيف حالهم؟..
إنهم يزورونه مرتين في الأسبوع ،وإبنه شرف الدين لقد كبر، وأصبح شابا نافعا يهتم بدكان والده ،ويتلقى الحب والإهتمام من السكان ..
كانت أمه منذ صغره توضح له الأحوال ..
وتؤكد له ان والده مظلوم وانه تعرض لمؤامرة خبيثة ، وتزرع في قلبه كلمات الإنتقام ..
تلك الكلمات التي بقيت في صدره تغلي ويزيدها حال والده في السجن..
لقد اصبح مريضا لايقوى على الكلام ..
كم تمنى لو يكون مكانه حتى يخفف عنه الأحزان اا ..
لكنه لا يستطيع لذلك حيلة ..
في الجهة المقابلة الكل يعيش في الديار السوداء باحسن حال ..
بعد ان اصبح الرجل القوي المكار كثير المال هو صاحب المقام ..
فقد حل مكان اسود حتى في الدار..
لقد تزوج زوجته وأغدق على الجميع الأموال..
اما صديقه جوهر فقد أصبح يمتلك اكبر محل للذهب والفضة بلا نزاع اا .


كلما مر شرف الدين على الديار السوداء تشير إليه الأبصار بالأزدراء والإحتقار فيقولون :
"هذا ولد القاتل الغدار ." ..
لكن عيونا كانت تراقبه وتبكي باستمرار وترأف لحاله وتتمنى لوتسكت الأفواه وتغير الحال ..
إنها عيون صفية ..
كانت قد أمضت مع شرف الدين أيام الصبى قبل أن يكون ما كان ..
وكانت تتذكر تلك الأيام الجميلة وما كان والدها يحكي لها عن حبه لوالد شرف الدين وما قضياه معا من أيام ..
لكنها كانت صامتة خائفة بسبب والدتها وزوجها القوي المكار..
لكنها قررت أنها لن تستمر على هذه الحال فقدكبرت كثيرا ..
واصبحت شابة كبيرة المقام وترغب في الكلام مع شرف الدين وإزاحة الغموض والإلتباس ..
لكن كيف السبيل إلى ذلك ؟ ..
وما ذا ستقول والدتها و زوجها إن علموا ما تنويه من أفعال ؟.
**

حارسة لاقصى
20-01-2012, 01:25 AM
/ القطرة السادسة /



((... كانت صفية تعيش في بيت مليئ بالأحزان والهموم..

فوالدتها لم تعد تهمتم لشأنها فكل ما يهمها هو زوجها الذي يغدق عليها المال ويهديها اجمل الحلل والمجوهرات ..
أما صفية فكانت لا تحب وجهه العبوس المكار ولو ملأ البيت بألذ الطعام واشترى احسن الثياب والمجوهرات..
كانت تشمإز من كلامه معها ولا تحب ان يلمسها ، لكن الخبيث ليس له امان فقد كانت عيناه لا تفارق صفية ويكثر عنها السؤال ..
وفي احد الأيام خرجت امها من البيت لغرض لها ، فدخل العبوس المكار واقترب من صفية واستغل خلو المكان فحاول ان يقبلها ويتمتع بشبابها وجمالها لكنها دفعته بقوة وخرجت من الدار ..
لم تدري اين تذهب فقد اسودت الدنيا امامها ، ولم تبصر سوى بيت قريب من دارهم فدخلته بدون تردد ..
ولم تشعر الا وهي في حضن ام شرف الدين تبكي وتصرخ من شدة الخوف، والفزع يكاد يقتل قلبها ..
امسكتها أم شرف الدين بعطف وحنان ومسحت عل راسها وهدأت من روعها وسألتها :
"ما ذا جرى لك يا صفية ؟" ، فاجابتها بعد ان هدأت وارتاحت للمكان،إن زوج امها اراد الإعتداء عليها ففرت من البيت وتوجهت عندها .
جلست صفية بقرب أم شرف الدين حتى جاء هو من الدكان فاخبرته امه بما جرى لصفية..
فحزن لحالها واشفق عليها وامتلأ قلبه غيظا على زوج امها ..
وتمنى لو ينتقم منه لما أحدثه من عار ..
فمنعته امه من ذلك لكنه اصر وتوجه الى منزل صفية ..
فدق الباب فخرجت امها وعندما رأته صرخت في وجهه واتهمته باختطاف ابنتها اا ..
فتبعها زوجها العبوس المكار مؤكدا ما جاء على لسانها من أخبار ..
وأنه رآها تخرج برفقته من الدار ..
وقف شرف الدين مذهولا امام الباب لا يعرف ما ذا سيقول ..
عير انه فهم انه يرمى عليه بالباطل ، وكذلك وقع لوالده المسكين من غير شفقة او إنذار ..
فاستجمع قوته وقال في حزم وقوة : " أنا اختطفتها لأنها أرادت الخروج من هذا الجحيم ..
وأنا اخترتها زوجة لي فافعلوا ما بدا لكم وخططوا المصائب والمكائد فلن تسمعوا مني ولن تروا مني إلا ما يسوءكم ومن اليوم سأقف لكم بالمرصاد ..
فذهب وتركهم ينتفخون من الهم والغيظ .
أخبر شرف الدين والدته بما جرى وما قرر من افعال ..
فلم تعرف اتفرح ام تحزن ، وجلست على كرسيها تستجمع الأفكار ..
وصفية جالسة بقربها تبكي وقلبها يتقطع على ما حصل لها وبسببها ..
بعد لحظة قالت لولدها الواقف امامها ينتظر ردة فعلها ويسمع كلامها :
" إذا كانت هذه هي رغبتك فلن امانع سادعو لك بالنجاح ..
ولكن يجب ان تعرف انك اخترت طريقا صعبا شاقا لا تعرف نهايته ..
وتذكر والدك اا ." ..
قبل شرف الدين يديها وأوصاها بالإعتناء بصفية ووقف قائلا :
" اني اعرف طريقي وأنا مصمم على السير فيه حتى تظهر الحقيقة ويعاقب الظالم وينتصر المظلوم..
إتجه شرف الدين الى سجن والده ليزوره ..
فاستأذن بالدخول فأذن له ، فدخل على والده ورحب به ..
وسأله عن حاله وحال والدته ..
فاجاب شرف الدين وحكى لما ما جرى من دون نقص او تغيير شيء مما كان ..
فسكت والده مدة فقال له :
" إني أراك ياولدي في موقف صعب ، وأنا كذلك، إن قلت لك اوافق على زواجك من صفية ضيعتك أنت ..
وإن قلت لك لا اوافق على ذلك ضيعتها هي، أنا لا أدري ما ذا ساقول لك ياولدي. ؟ ".


بماذا سيجيب والد شرف الدين ؟ وماذا سيكون الحال ؟ .


رجاء تابعونا من فضلكم

حارسة لاقصى
20-01-2012, 01:26 AM
/ القطرة السابعة /


(... وقف شرف الدين أمام والده مطأطئ الرأس وقلبه يدق بسرعة لا يدري ماذا سيكون جواب والده ..
لكن كانت في داخله رغبة كبيرة في أن يوافق والده على زواجه من صفية ويدعو الله لذلك ..
بعد لحظة خرجت من فم والده إبتسامة رقيقة وعيناه تدمعان وقال في حنان :
" أوافق على زواجك ياولدي "..
واحتظنه شرف الدين بقوة ودموعهما عليهما ووالده يدعو له بالتوفيق والسداد ويسأل الله أن ينصره على أعداءه ..
ودعه شرف الدين وقلبه يحمد الله على ما هداه..
تزوج شرف الدين بصفية وكان يتمنى أن يجعلها سعيدة ويعيشان مع والدته بأحسن حال ..
غير أن امها وزوجها كانا ينكدان عليهما الحياة ..
فاضطر شرف الدين إلى أن يبيع منزل والده وينتقل إلى حي آخر بعيدا عن تلك الديار السوداء ..
مرت ثلاث سنوات وشرف الدين يعيش مع أمه وزوجته بأحسن حال فقد رزقهم الله صبيا جميلا سموه نور الدين وبنتا صغيرة إسمها زهرة ..
لكن بدأت أيام البلدة تتغير وتعيش إضطرابا كبيرا وأنباء عن دخول رجال أجانب الى البلدان المجاورة ..
والخوف من أنهم سيدخلون البلدة الطيبة ..
لم تفهم أم شرف الدين ولا صفية شيئا مما يروج ..
غير ان شرف الدين كان يأتيهما بالأخبار ..
فقد سمع من زملاءه أن البلاد المجاورة تعرضت لهجوم يسمى
" بالإنتداب البريطاني " ..
لم يكن شرف الدين يفهم جيدا ما معنى انتداب ولا بريطانيا ..
لكنه سمع من زملاءه أيضا أن هذه الدولة تعمل على إحتلال البلاد التي تدخلها وتتحكم في إدارتها وشؤون سكانها ..
وتستغل ثرواتها ، وتكون هي الوصية على شؤونها الداخلية والخارجية ..
حين ذلك فهم شرف الدين ما ينتظر بلدته الصغيرة الهادئة ..
فنادى في اصحابه أنه يجب علينا أن نتوحد ونفهم السكان ما فهمنا وننبههم لما ينتظرهم ..
وأنه يجب ان يكونوا يدا واحدة في مواجهة العدو القادم ..
إقتنع زملاء شرف الدين بما قاله ..
فنظموا أنفسهم في جماعات..
وتفرقت كل جماعة تهتم بحي من أحياء البلدة ..
توجه كل واحد إلى عمله في جد ونشاط وعزم على تبليغ الرسالة وأدائها حق أدائها..
فكان شرف الدين يهتم بالجميع ويجمع الكل بحنانه ودكائه وحسن تدبيره ..
وايضا بإيمانه القوي بالله ..
في غمرة هذه الأحداث نسي شرف الدين والده ..
لكن أمه ذكرته به فتوجه إليه وحدثه بما جرى ..
فأكد عليه والده بضرورة الجهاد والمقاومة ودفع كل الظالمين كيفما كان حالهم ..
وأنه سيدعوا لهم جميعا بالنجاح..
إزداد شرف الدين بعد زيارته لوالده حماسا واجتهادا ..
فكان لا ينام حتى ينام الجميع وكان دائم الحذر والسؤال..
إلا أنه في أحد الأيام إستيقظ الجميع على نبإ مفاذه أن سيارات كبيرة ورجالا كثيرين يحملون معدات مختلفة يتجهون نحو البلدة وسيصلون بعد يوم أو يومين ..
جمع شرف الدين زملاءه ن وكل واحد منهم أحضر ما قدر عليه من رجال وسكاكين وعصي ..
وكذلك رجال حاكم البلدة استعدوا أيضا وارتدوا زيهم الخاص ..
ووقف كل واحد في مكانه المناسب بعد تلقي التعليمات..
كان الجميع يتناوب على الحراسة ..
ويحرض على الجهاد وقتال الأعداء ..
وفي فجر اليوم التالي سمع الحراس أصواتا غريبة وأجساما هائلة تقترب من البلدة ..
فأيقظوا النائم ونبهوا الغافل ودقت أجراس الإنتباه ..
سبق الأجسام الهائلة والصوت المرعب سيارة سوداء توجهت مباشرة الى مقر حاكم البلدة ..
تساءل الجميع حينها :
ترى لمن هذه السيارة ؟ ..
ولماذا توجهت الى مقر الحاكم ؟ ..
ومن يوجد بداخلها ؟..
**
أحبابي في الله ..
ذلك ما سنتعرف عليه إن شاء الله ..
طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة غرفا ..
ورزقكم الله جميعا رفقة حبيبه المصطفى ..

حارسة لاقصى
20-01-2012, 01:27 AM
/ القطرة الثامنة /

((...توجهت الأنظار إلى مقر حاكم البلدة ..
وفي تلك الأثناء قرر شرف الدين أن يقترح على زملاءه الذهاب إلى هناك بدلا من الوقوف والإنتظار ..
وبالفعل هذا ما كان فقد إتجه شرف الدين رفقة إثنين من زملاءه إلى مقر الحاكم فاستئذنوا بالدخول فأذن لهم الحاكم فدخلوا مكتبه ووجدوا عنده رجلان ..
أحدهما يلبس لباسا غريبا تبدوا عليه علامات غريبة . والآخر يلبس لباس البلدة ..
وأمامهم حاكم البلدة تبدوا عليه علامات الحزن والأسى ..
فتكلم الحاكم وقال ؛"قد جاء من العاصمة السيد موفد الحاكم العام للبلاد مرفق بالسيد الجنرال البريطاني ، وأنهما أحضرا معهما وثيقة موقعة من الحاكم العام أن الجنرال سينز ل عندنا مع أعوانه مراقبين ومشرفين على شؤون البلدة."..
إستغرب شر ف الدين وزميليه ولم يصدقوا ما يدور حولهم وطلبو ا من الحاكم أن يمكنهم من رؤية الوثيقة..
حين ذ لك تكلم الرجل الغريب بلغة لم يفهم منها الحاظرون شيئا ، غير أن الرجل المرافق له تكلم وقال
"إن السيد الجنرال يقو ل ومن يكون الرجال؟" ،فأجاب حاكم البلدة " إنهم ممثلون عن السكان." ..
بعدها تكلم الرجل الغريب ثانية فأفهمهم المرافق أنه يقول"يمكنهم مشاهد ة الوثيقة." ..
حينها سلم الحاكم الوثيقة التي كانت بين يديه إلى شرف الدين وزميليه فتمعنوا فيها جميعا فوجدوا أ ن ما يقو له الحاكم صحيح.
سكت ا لجميع وبدت عليهم علامات التعجب و الحزن اا ، لكن شرف الدين بادر بالسؤال وقال " وماهي مهمتكم با لضبط في هذه البلدة؟ فأجاب الغريب بلغته ثانية، فأفهمهم المرافق"فقال إنه يقول سؤال وجيه ، مهمتناحمايتكم والتعاون معكم على جميع الأخطار؛ فآنتم تعلمون أن العالم يعيش في إضطراب اا ." .
فرد عليه شرف الدين"هذا ماستفضحه الأيام؛هل صحيح ما تقوله أم غير صحيح؟اا .
فخرج من المكتب رفقةزميليه وبدت علامات الحقد والغضب بادية على وجه الجنرال، فأسرع يطلب من الحاكم الخروج لإستقبال أعوانه والزوار..
خرج حاكم البلدة يجر رجليه من الحسرة ،أما شرف الد ين ففي عينيه بريق غريب وإصرار على فضح الغرباء الأشرار ..
توقف الملأ أمام مقر الحاكم و ما هي إلا لحظات حتى وصل الصوت المرعب إلى المكان إنها سيارا ت كبيرة وصغيرة بعضها يحمل تجهيزات ومعدات..
وبعضها الآخر يحمل رجالا يرتدون لباسا تشبه التي للجنرال، و سمع شرف الدين كلمة لأول مرة..
إنهم العسكر ؟اا ..
إصطف العسكر في صفوف متناسقة كل في مكانه بدون حركة أو إلتفاة ..
بعضهم جعل يدخل المعدات والأجهزة إلى مقر الحاكم ..
وفي جهة أخرى يوجد رجال آخرون كالذين من قبل،لكن هؤلاء يحملون أشياء على أكتافهم وللمرة الأولى يسمع شرف الدين الكلمة الثانية؛إنها البنادق ..
حين أدخلت التجهيزات إلى مقر البلدة تبعها الجنود في إنتظام، أما صف أصحاب البنادق فقد وقف يحرس المكان..
إنفظ بعد ذلك المكا ن شيئا فشيئا..
الكل مندهش مما رأى لكن جسدا واحدا بقي في مكانه بدون حراك ..
إنه شرف الدين لم يغادر المكان بل عيناه تبصران ماحولهما في حيرة واندهاش..
وفي رأسه تدورعشرات الأسئلة و الإستفهامات..
ترى ماذا يريد هؤلاء الغرباء ؟،وما كل هذه الأجهزة معهم؟ وكم سيمكثون؟
وهل سيزيدون أم ينقصون؟ ..
وهل صحيح أن الوثيقة من العاصمة؟ أم أنها مزورة؟ ..
وكيف سيكون حال حاكم البلدة وسط كل هذه الحشود ؟، بل كيف سيكون حال البلدة الطيبة؟.
**

حارسة لاقصى
20-01-2012, 01:28 AM
..::**::..
((../ القطرة التاسعة /..))


(... توجه شرف الدين بعد ذلك إلى منزله بخطوات ثقيلة كأنه يحمل الجبال الثقال ..

وما إن وصل إلى غرفته حتى القى جسده على سريره بدون كلام اا؟ ..
لم يستطع الكلام ، وإذا تكلم فما عساه أن يقول ؟..
وكيف سيشرح لأمه وزوجته ما جرى في مقر الحاكم ؟، وهل ستفهمان؟..
لقد بدأت الأسئلة تكثر عليه وكلها تحتاج إلى أجوبة اا ..
وفي تلك الأثناء دخلت عليه أمه قائلة له:
"سبحان الله اا ، مالك يابني دخلت صامتا بدون سلام ليست عادتك ؟ "..
فقال لها بعد أن تنهد : " لقد رأيت اليوم ما لم ارى في حياتي وسمعت ما لم أسمع في أي يوم من الأيام ..
فاسألي الله اللطف بالعباد اا ." ..
اقتربت منه امه أكثر ومسحت على راسه تتحسسه فقالت :
"هل أنت مريض يا ولدي ؟ ماذا جرى ؟ ." ..
حكى لها شرف الدين كل ماجرى وهو يمسك بيديه رأسه الثقيل حائر البال ..
بعد لحظة أمسكت أمه بكتفه وقالت له :
"توكل على الله ، والله لن يخيبك ، واترك الأيام تفضح المستور ."..
جمع شرف الدين احزانه وأسئلته وقال :
"سأذهب عند الزملاء ." ..
وعندما اراد الخروج التقى بصفية فسألته إلى أين يذهب فلم يسمعها ، نادتها أمه فأخبرتها بما جرى ..
وصل شرف الدين عند زملاءه فوجدهم مجتمعين بقرب نخلة كبيرة في ساحة البلدة..
ذلك مكانهم الذي يجلسون فيه ويتبادلون الأحاديث والأخبار ..
لكن حديثهم اليوم مليئ بالأحزان ..
سلم عليهم شرف الدين فردوا السلام ، وأحنوا رؤوسهم من العياء ..
لا شك أن برؤوسهم أسئلة كثيرة كالتي زارت ذهن شرف الدين ؟ ..
لكن شرف الدين وقف وقال :
" مالي أراكم هكذا ؟ إرفعوا رؤوسكم ، فيجب أن تكونوا مثل هذه النخلة الشامخة في السماء ." ..
حين ذلك رفع الجميع رؤوسهم يبحثون عن رأس النخلة فاحسوا برؤيتها بالثقة والسكينة ..
نعم يجب أن يكونوا مثل النخلة لكن ما رأوه وسمعوه اليوم يحطم الجبال الراسيات اا؟ ..
جلس شرف الدين بقربهم ، وقال :
" لايجب ان نبقى هكذا بل يجب علينا أن ننظم أنفسنا ونعرف ماذا سنفعل في هذه الأزمة ." ..
إنتبه إليه الجميع وأصغوا إلى كلامه فتابع كلامه :
" إن الغرباء الذين جاءوا للبلدة لا يظهر أنهم مسالمون ، بل هم يطمعون في إحتلالنا واستعبادنا ، فيجب أن لا نسكت ، ويجب علينا أن نكون مثلهم في التنظيم وأكثر منهم عددا ، ويجب أن نعد للجهاد فلا نعرف ما ذا يخبئونه لكن يجب أن نكون على استعداد دائما ." ..
وافق الجميع على ما قاله شرف الدين ، واتفقوا على أن يكثروا من لقاءاتهم جتى يتمكنوا من التنظيم والإستعداد ..
لقد أصبح شرف الدين وزملاءه أكثر قوة من قبل فقد إزداد عددهم على المائتين ..
ولقد حاولوا جمع مبلغ لا باس به من المال والمعدات كالسكاكين ولعصي ، واتفقوا على أن يجعلوا شرف الدين المشرف عليهم ، وتفرقوا على أربع فرق :
الأولى معها شرف الدين تراقب العسكر ومقر الحاكم وتحرس الجهة الغربية التي تضم ابواب الغوانمة والناظر والحديد والقطانين والمطهرة والسلسلة والمغاربة ..
أما المجموعة الثانية فعلى رأسها صديقه امين مهمتهم تكمن في زيارة السكان وإفهامهم ونصحهم وحثهم على الجهاد وتوزيع المنشورات عليهم وحراسة الجهة الجنوبية ابواب العين و محاريب مريم وباب النبي ..
أما المجموعة الثالثة بقيادة حسن مهمتها السهر على المعدات وجمعها وتهيئتها وحراسة الجهة الشرقية التي تضم الباب الذهبي وباب الجنائز القريب من مقبرة الرحمة ..
وبخصوص الرابعة فيرأسها جمال مهمتها التنسيق بين المجموعات الثلاثة وكتابة المنشورات وإيصالها إلى فرقة أمين ومراقبة الجهة الشمالية التي تضم باب الأسباط والحطة وباب العتم ..
في الجهة المقابلة كانت الديار السوداء تراقب كل ما يحدث ، بل إن بعضهم أعجبه حضور الغرباء العسكريين ، والبعض الآخر أحس بضيق الحال والإنزعاج مما يحدث .
أما زملاء شرف الدين فكل واحد منهم أخذ مكانه وتكلف بالمهمة التي أسندت إليه ، أما هو فقد أخذ يراقب مقر حاكم البلدة ، وفي أحد الأيام لم تصدق عيناه ما يرى ..
إنه زوج أم صفية يتوجه إلى المقر ..
حين ذلك شعر شرف الدين بضيق في صدره واندهاش ، وبدأت تدور في دهنه الأسئلة مرة أخرى ..
ترى عند من يتوجه هذا المكار؟ وما هي علاقته بمقر الحاكم ؟ ..
تابعونا اقتربنا من النهاية.. تمهلوا ...

حارسة لاقصى
20-01-2012, 01:29 AM
/ القطرة العاشرة/


(...وقف شرف الدين حائر البال في مكانه لا يعرف ماذا سيفعل وبدون شعور توجه نحو مقر الحاكم ، يريد معرفة سبب دخول زوج أم صفية الى هناك ..
لكن أحد الحراس منعه من الدخول قائلا له :
"لا يمكنك الدخول فهذا مقر حاكم القدس العسكري الجنرال ستورز البريطاني ." ..
لم يصدق شرف الدين ما خرج من فم هذا العسكري ووقف عاجزا عن الكلام ..
حين ذلك رجع الى زملاءه الذين كانوا يراقبون المكان فأخبرهم بما جرى له فامتلأت قلوبهم غيضا وحقدا ..
كيف يمنعون من الدخول الى مقر بلدتهم ؟؟..
وأحسوا بأنه أول شيء يؤخذ منهم بالقوة والجبروت فلم يعد أمامهم إلا التوجه إلى حاكمهم القديم واستفساره عن الموضوع ..
بعد لحظة خرج الحاكم القديم من المقر مطأطئ الرأس وبرفقته رجلان ..
أسرع شرف الدين نحوه فاستوقفه وطلب منه الكلام عى انفراد ..
حين ابتعد شرف الدين والحاكم عن الرجلين سأله شرف الدين عن زوج ام صفية الخبيث المكار وما سبب دخوله الى المقر ؟ ..
حين ذلك تنهد الحاكم وقال :
"إنه جاء ليخبر الحاكم العسكري ستورز أن بعثة برئاسة أحد زملاءه وهو حاييم وايزمن قد وصلت إلى الإسكندرية بتاريخ 20/3/1918 وبعدها ستمر بالقاهرة فالقدس فيافا وستحضر إلى البلدة ،" ..
حين ذلك سأل شرف الدين الحاكم :
"وما ذا تعني البعثة ؟ ، وما هو عملها؟" ..
فاخبره الحاكم أنها تنوي إقامة حفريات وتنقيب عن بعض الأثار في المنطقة من أجل البحث العلمي ومعرفة خبايا التاريخ ..
اندهش شرف الدين مما سمع وازداد حماسة لمعرفة هذه البعثة ومراقبتها ..
وفي صباح أحد الأيام وشرف الدين يراقب مقر الحاكم العسكري استيقظ الجميع من غير العادة على ترتيبات هنا وهناك وخيام تنصب وورود وحلويات تدخل الى مقر الحاكم ..
تساءل شرف الدين وزملاءه عن سبب هذه التحركات ..
فربما حفلة يتم الإعداد لها ..
غير أن شرف الدين شك في ذلك فها هو الحاكم العسكري بنفسه يعطي الأوامر ويرتب الأجواء..
لاشك أن هناك أمرا كبيرا سيحدث ..
وفي مساء ذلك اليوم وصلت سيارات كبيرة برفقة عسكريين الى البلدة فتوجهت مبارشرة الى مقر الحاكم العسكري الذي خرج بنفسه لآستقبال الزوار ..
حين وصل الزوار إلى مقر الحاكم العسكري نزلوا من السيارات فإذا هم رجال من مختلف الأعمار يتقدم صفوفهم رجل طويل القامة يملأ الشيب رأسه..
تقدم نحو الحاكم العسكري ،فسلم عليه الحاكم بحرارة وقال له :
"كيف حالك ياسيد حاييم وايزمن ؟" ..
فأجابه الرجل الطويل:
"بخير وأنتم كيف حالكم في البلدة الجديدة ؟ " ..
فرد عليه الحاكم العسكري :' نحن بخير بخير " ..
حين ذلك نادى الزائر الطويل على شاب كان بقربه كي يسلم على الحاكم العسكري ، فقال له :
" يشرفني أن أقدم لكم العالم الشاب سليل أسرة روتشيلد الألمانية الكبيرة لقد أصر على مرافقتنا في رحلتنا هاته ." ..
سلم الشاب الأشقر على حاكم البلدة العسكري ، ودخل الجميع إلى مقر الحاكم..
حين ذلك استغرب شرف الدين وزملاءم مما شاهدوه وسمعوه ..
وتكلم شرف الدين وقال لزملاءه :"ما استغرب له كثيرا أنهم يتكلمون لغتنا بطلاقة رغم أنهم غرباء اا ." .
استدعى بعد ذلك شرف الدين زملاءه رؤساء المجموعات الثلاثة واخبرهم بضرورة الإجتماع والمناقشة في كل الأحداث ..
التقى الأصدقاء الأربعة في منزل شرف الدين خفية حتى لا يشعر بهم أحد فسرد عليهم شرف الدين كل الأخبار فتكلم صديقه أمين وقال :
" لآشك أن زوج أم صفية هو المحرك الأول لكل ما يجري ويدور "..
فرد عليه شرف الدين :" لا شك في ذلك ." ..
فتكلم جمال وقال : " يجب أن نكتب هذا في منشورات ونوزعها على السكان حتى يتبينوا أمرهم من الديار السوداء وما تخبئه لنا من شر ." ..
إتفق الجميع على ذلك ..
لكن حسن وجه إليهم سؤالا فقال:
" أين ستكون بالضبط هذه الحفريات التي قلتم عنها ؟ ..
وما ذا سنفعل إن هم بدأوا عمليات الحفر والتنقيب في بلدتنا ؟..
هل سنقف مكتوفي الأيدي نتفرج؟"..
مهلا .. لقد اقتربنا من النهاية ..

حارسة لاقصى
20-01-2012, 01:31 AM
/ القطرة الأخيرة /


بسم الله الرحمن الرحيم
يارب صلي وبارك وشرف وزد وتكرم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وسلم يارب على آل بيته الطاهرين الأتقياء الأوفياء صلاة دائمة وسلاما دائما بحمدك وكرمك وجودك وإحسانك ياحي ياقيوم ..
إنها قصص أمتنا شاء لها الله أن تكون فالحمد لله على كل حال ولن يكون إلا ما يرضي الله عز وجل ..
كنت أتمنى أن أكمل القصة لأنني أحببتها ووجدت فيها نفسي غير أنني خشيت من الوقوع في الخطأ أو تغيير للحقائق الشيئ الذي جعلني أتوقف واودع تلك الرموز والمعاني..
اودعها والحسرة تملأ قلبي على أني لا أملك إلا البكاء ..
إنها قطرات بدأت ولا زالت تتقاطر في ذلك الكأس الذي شربنا منه أجيالا وأجيال فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..
أينما وجهت وجهك وأسماعك لا ترى إلا ظلما وعدوانا على المسلمين ، فسبحان الله العظيم ، يارب إليك نشكوا ضعفنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس ، ياربنا أتمم لنا نورنا الذي وعدتنا وهب لنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ..
واليكم القطرة الأخيرة :
(... لم يستطع احد من الحاضرين الجواب عن أسئلة حسن لأن أحدا منهم لا يعرف إلى ماذا ستئول إليه الأحداث غدا ..
غير أن شرف الدين قال:
" إن شخصا واحدا فقط يستطيع مساعدتنا وعلينا أن نتصل به ..
إنه الحاكم القديم" ، أتفق الجميع على أن يتوجه شرف الدين وحده الى الحاكم حتى لا يلفت الأنظار ..
وفي فجر اليوم التالي توجه شرف الدين الى بيت الحاكم فاستقبله أحسن إستقبال وجلسا للحديث فلم يخفي الحاكم اعتزازه بشرف الدين فقال له :
" إني أحبك ياشرف الدين فكلما رأيتك أحس بالطمأنينة والهدوء..
يعجبني إقدامك وشجاعتك فانت تذكرني بأيام الشباب ..
آه يالها من أيام جميلة قضيناها في هذه البلدة المباركة ..
الله يرحم أبو صلاح كان معلمنا وحبيبنا دائما يدخل السرور علينا ..
والحمد لله أنت تشبهه ياشرف الدين ." ..
فرح شرف الدين لسماع هذه الكلمات الشيء الذي ساعده كثيرا على فتح الموضوع الذي جاء من أجله ، فأسرع قائلا :
" ياسيدي يفرحني كثيرا ما قلت ، وأشهد الله أني أحبك كما تحبني وأكثر وأرجو من الله تعالى ان لا أخيب ضنك ..
لكن ما حضرت له اليوم هو أنني أريد أستفسارك عن تلك البعثة التي جاءت أين سيكون عملها ؟
وما هي نواياها الحقيقية ؟."..
تنهد الحاكم وقام من مكانه متوجها نحو النافذة المطلة على الحديقة ..
تضايق شرف الدين من قيام الحاكم وظن أنه أخطأ في الكلام فتبع الحاكم إلى نافذته وأخذ ينظر إليه فلما رأى عينيه مغمضتين..
إطمأن قليلا وعرف أنه يفكر في شيء وتركه يجول بخياله في ذكريات الأيام ..
فقال بعد أن فتح عينيه وهو يبصر إلى السماء " ..
في سنة 1911 جاءت إلى البلدة بعثة برئاسة باحث بريطاني اسمه "باركز" فقامت بإجراء حفريات في منطقة الحرم وكنا أيامها لا نزال جزءا من الباب العالي العثماني ..
وأتذكر يومها ما قام به ابو صلاح من تصدي لهذه البعثة وإعلام الأهالي بخطورة الحفريات التي كانت البعثة تنوي القيام بها ..
فتوجه أعيان البلدة الى مجلس المبعوث العثماني حيث استنكروا الصمت وقاموا بوقف عمليات البعثة فكان ذلك نصرا للأهالي ..
واليوم يعيدون الكرة فيأتون بعتاد وقوة أكبر من السابق ." ..
تكلم شرف الدين وقال : " ولكن ومن أعطى لهم الحق ؟
ولماذا هم مصممون على تلك الحفريات ؟ ..
" ، أجاب الحاكم :" إنه بسبب شخص يدعى ارثر جيمس ." ..
فقال شرف الدين : " ومن يكون هذا الشخص ؟" ..
فأجاب الحاكم : " إنه سياسي أنجليزي كان رئيس لوزراء بلاده سنة1902 ثم بعد ذلك وزيرا للخارجية وبسبب موقعه تمكن اليهود من الإتصال به واستعطافه حتى يساعدهم على إيجاد مكان يجمعون فيه شملهم ..
وللأسف فقد سقط في مصيدتهم ووعدهم بمساعدتهم ..
ولم يهنأ لهم بال حتى أخذوا منه عهدا بإيجاد وطن لهم بأرضنا..
وكان ذلك وعدا مشئوما علينا لن أنسى سنة 1917 ووعد بلفور المشئوم ." ..
رجع بعد ذلك الحاكم إلى كرسيه وتبعه شرف الدين وملأ المكان حزن شديد لكن شرف الدين بادر بالسؤال مرة اخرى وقال :
" إذن هم يحاولون تطبيق هذا الوعد على أرض الواقع ، لكن ما علاقة الحفريات بذلك كله ؟." ..
فرد عليه الحاكم وقال : إنهم يحاولون إمساك الأرض بأظافرهم إنهم يحاولون الوصول الى أرضنا بشتى الوسائل ..
والبعثة التي جاءت أمس استقبلها الحاكم "ستورز" سمعت أنها ترتكز في عملها على ثلاث قضايا :
اولا بناء جامعة لهم بالقدس ، ثانيا تسليم الحائط لهم ، ثالثا السيطرة على بعض الأراضي في البلدة وخارجها ." ..
لم يصدق شرف الدين ما سمعه من الحاكم وقام يصرخ قائلا :
" لكن هذا غير عادل ، لماذا يتسلطك علينا هؤلاء اليهود بهذه الطريقة ؟ لماذا يسرقون ما هو لنا بدون مبالات بوجودنا ؟ ..
هل هم فوق البشر ؟ ." ..
قام الحاكم من مكانه وهو يحاول إغلاق فم شرف الدين حتى لا يستمر في الصراخ وأجلسه بجانبه وقال له :
" لا تصرخ فربما سمعك أحدهم ونصبح في وضع سيء إهدأ وسنحاول فضح مخططاتهم والتصدي لهم بكل ما أوتينا من قوة وحزم ولن نتركهم يصلون إلى مبتغاهم ومقصدهم أبدا أبدا ."..
تكلم شرف الدين والدموع تملأ عينيه وقال :
"لكن كيف السبيل إلى ذلك ؟ ..
ونحن ضعفاء لا نملك ما يملكون من أسلحة وعتاد وليس لنا حتى المال الكافي لكل ذلك؟ ..
وقف الحاكم وقال :
"للأسف ما تقوله صحيح لكن لنا شيء ليس لهم وهو شيء كبير كبير جدا جدا وبواسطته سنتغلب عليهم به، إنه الإيمان بالله ."..
فقال له شرف الدين :
"صدقت ياسيدي ففي قلبي إيمان قوي بالله وعندي يقين أنه إن كان أمامي الجبال الراسيات فسأكسرها بأسناني وأظافري ، ولن أخاف من أي أحد إلا من الله ، هو الذي يميتني ويحييني ." ، فقال له الحاكم قد فهمت رسالتك ياولدي فسر على بركة الله والله لن يضيعك ، لن يضيعك لن يضيعك ."
بسم الله الرحمن الرحيم
** والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عتهم ورضوا عنه . وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا . ذلك الفوز العظيم .** صدق الله العظيم. سورة التوبة اية ..101

فوزية محمد
21-01-2012, 07:14 AM
عزيزتي حارسة الأقصى

لقد لامست في موضوعك الصدق والوفاء، خيالك واسع واسلوبك جميل ويستحق المتابعة والقراءة، لا أتفق معك في التوقف عن الكتابة، بل أرى أن تقرئي في التاريخ أكثر وأن تتقفي الحقيقة وأن تراسلي من ترين أنهم يملكون إنارة طريقك، بعدها يمكن الانطلاق إلى خطوات أخرى..

استمري..

ولك مني أجمل تحية

حارسة لاقصى
07-02-2012, 07:46 AM
السلام عليكم ورحمة الله ..
والله سررت كثيرا بمروكم الطيب اختي ..
والله انا حاولت ان استمر لأنني احسست انني بحاجة الى الاستمرار واخواننا واخواتنا بحاجة الى معرفة المزيد والمزيد ..
اللهم الهمنا رشدنا وافتح علينا يا فتاح يا عليم ..

حارسة لاقصى
07-02-2012, 07:47 AM
http://www.ultimatemyspace.com/userpics/dividers/d7.gif (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a%2f%2f%77%77%77% 2e%75%6c%74%69%6d%61%74%65%6d%79%73%70%61%63%65%2e %63%6f%6d%2f%6d%79%73%70%61%63%65%5f%67%72%61%70%6 8%69%63%2f%67%72%61%70%68%69%63%5f%31%33%31%36%2e% 68%74%6d%6c&titlet=)
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
السلام عليكم ورحمة الله ..
بارك الله فيكم ورفع قدركم ..
ما رأيكم إخواني وأخواتي ان اكمل لكم القصة ؟؟..
اسأل الله تعالى ان ينفعكم بها ونقدم بها جميعا بعض الشيء ..
انها قطرة تشبه قطرة الحمامة التي كانت تأتي بالماء وتقطر به على سيدنا ابراهيم عليه السلام حين وضعوه في النار ..
غير انها فعلت ما عليها ولم تجلس تتفرج وما اكثر المتفرجين في هذا الزمان العجيب الغريب ..
حسبنا الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ..
نعم إن شاء الله إنها قطرة وقد قررت ان اكملها فعلى بركة الله ..
توكلنا على الله :
**::..
يقول الله تعالى في سورة التوبة:
** وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ **اية 101
وإني أسأل الله جل وعلا ان تكون يا شرف الدين فارسا من فرسان الاسلام تحمل راية الجهاد كما حملها صلاح الدين الايوبي ومن قبله نور الدين محمود وعماد الدين زنكي وشرف الدين مودود، فإنها نار صليبية جديدة ولن يطفئها إلا نور الجهاد في سبيل الله ..
رد عليه شرف الدين : ما أجمل تلك الاسماء التي ذكرتها ياسيدي ، وأنا ايضا قد اسميت ابني نور الدين بطلب من ابي فقد كان مصرا عليه ولا اعرف السبب وحتى اني لا اعرف عن تلك الشخصية شيئا..
فمن هو ياسيدي نور الدين محمود ؟؟..
وهل كانت في أيامه نار صليبية وكيف هي تلك النار ؟؟..
ذلك ما سنتعرف عليه بإذن الله في اللقاء القادم ..
استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه..
اللهم انصرنا على نفوسنا وعلى كل شيطان رجيم وكل جبار عنيد ..
حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ..
..
http://www.ultimatemyspace.com/userpics/dividers/d7.gif (http://vb.arabseyes.com/redirector.php?url=%68%74%74%70%3a%2f%2f%77%77%77% 2e%75%6c%74%69%6d%61%74%65%6d%79%73%70%61%63%65%2e %63%6f%6d%2f%6d%79%73%70%61%63%65%5f%67%72%61%70%6 8%69%63%2f%67%72%61%70%68%69%63%5f%31%33%31%36%2e% 68%74%6d%6c&titlet=)

حارسة لاقصى
07-02-2012, 07:49 AM
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
السلام عليكم ورحمة الله ..
وها نحن نلتقي بحمد الله وكرمه حتى نكمل قصتنا الطيبة ..
واسأل الله ان ينفعنا بها وبكل ما يعلمنا ويجعلنا من العارفين العالمين ويرزقنا نصره وبركاته انه هو الولي الحميد ..
وحتى لا اطيل عليكم اترككم إخواني وأخواتي مع القطرة الثانية عشرة ..
القطرة 12
في اليوم التالي وكما هي العادة حضر شرف الدين الى منزل الحاكم فاستقبله احسن استقبال وجلسا للحديث في الغرفة المطلة على حديقة المنزل فتكلم شرف الدين وقال : كم اشتاق الى ساعتي هاته لاستمع الى كلامك الطيب يا سيدي ، حدثني رجاء عن نور الدين وكيف كانت أيامه ؟ هل كانت مثل ايامنا ؟ وهل تسلط عليهم الغرباء مثلنا ؟ ..



رد عليه الحاكم وهو يبتسم : لا تستعجل يا بني سأحكي لك قصة القائد نور الدين ولكي تفهمها جيدا سأخبرك عن حال الدنيا قبله ..



.. " فمنذ العام الخامس للهجرة وعبر معارك دومة الجندل وذات السلاسل ، ومؤتة وتبوك وانتهاء بحملة اسامة بن زيد رضي الله عنه وعن الصحابة اجمعين ، كان المعسكر البيزنطي يتحسس الخطر الاسلامي الجديد القادم من الجنوب ، لا سيما بعدما تمكنت الدولة الناشئة من فك ارتباط العديد من القبائل العربية شمالي الجزيرة من سادتهم القدماء الروم ، وسواء كان البيزنطيون يتحركون ضد القوات الاسلامية بفعلهم ابتداء او كرد فعل للتحرك الاسلامي ، فإن المحصلة الاخيرة هي ان هذا المعسكر بدأ يدرك اكثر فاكثر حجم التحدي الجديد ويعد العدة لوقفه ، صحيح ان هذه العدة لم تكن احيانا بالحجم المطلوب ، ربما بسبب عدم دقة المعلومات التي كانت القيادة البيزنطية تبني عليها مواقفها ، إلا ان النتيجة هي ان النار اشتعلت عبر هذا المحور ، وازدادت اشتعالا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وتدفق القوات الاسلامية في البلاد التي سيطر عليها البيزنطيون ، وبعد إخراج البيزنطيين من ممتلكاتهم في اسيا واجزاء من افريقيا على يدي القيادة الراشدة التي شهدت المراحل التالية من العصر الراشدي محاولات النفاق وردود افعال عديدة وهجمات مضادة نفذها هذا المعسكر في البر والبحر ، ولكنها آلت في معضمها الى الى الخسران ، ثم ما لبث البيزنطيون ان انحسروا عبر العقود التالية وبفضل الملاحقة الدءوبة التي قام بها الامويون ابتداءا من معاوية رضي الله عنه مؤسس الدولة الاموية وعهد عبد الملك وبنيه خصوصا الوليد وسليمان ، وبعد الدولة الاموية جاءت الدولة العباسية التي استمرت في ملاحقتهم في الشام ومصر وشمالي افريقية وانحسروا بالكلية عن الشمال الافريقي وساحات والسعة من البحر المتوسط وانزووا هناك في شبه جزيرة الاناضول ، فضلا عن ممتلكاتهم في اوربا نفسها ، وهكذا وبمرور الوقت اصبح خطر هجماتهم المضادة محدودا لأنها تركزت عند خط الثغور في الاناضول والجزيرة الفوراتية دون ان تتعداه الى العمق إلا ناذرا بسبب يقظة القيادات الاسلامية وتحصينها خط الحدود من جهة ، وقيامها بهجمات مستمرة ضد الدولة البيزنطية ، وتوغلها في العمق باتجاه القسطنطينية نفسها من جهة اخرى الامر الذي لم يدع الامبراطور البيزنطي في معظم الاحيان ان يأخذ زمام المبادرة وان يوسع نطاق هجومه المضاد اللهم إلا عند مطلع القرن الرابع الهجري حيث كانت الدولة العباسية قد ضعفت ، إلا أنه حل محلها هناك ذلك الكيان الاقليمي *الحمداني * الذي تشكل في حلب قريبا من خط الثغور ، ووقف بالمرصاد لهذه المحاولة واستطاع ان يكسر حدتها وان يمتص الكثير من اندفاعاتها ، رغم انها وصلت في حد اندفاعاتها الى حلب نفسها وتوغلت في الجزيرة الفراتية وشمالي الشام ، ثم كانت وقعة * ملاذكر* التي حقق فيها السلاجقة عام 463 هـ في قلب الاناضول نجاحا ساحقا ضد العمود الفقري للقوات البيزنطية بمثابة نهاية لتحديات الدولة البيزنطية وهجومها المضاد واستمر على تلك الحال حتى سقوطها بعد عدة قرون على يد العثمانيين .



كما أن الأندلس قد شهدت منذ بدايات مبكرة هجمات مضادة متواصلة قادمة من الشمال حيث يتحصن الاسبان في المناطق الاشد وعورة ، ولقد تمخضت هذه الهجمات عن صراع مرير قدرت القيادة الاموية عبره ان تجابه الهجوم المضاد على ما يرقب من القرون الثلاثة ، وان تحتويه وترغمه على الانحسار في الجيوب الشمالية لشبه الجزيرة الايبيرية ، ثم جاءت دفقة الحيوية الاسلامية الجديدة مرتين إحداهما على يد المرابطين القادمين من المغرب الذين سجلوا لنا في صفحات المجد انتصارهم العظيم في معركة الزلاقة على النصارى الاسبان في عام 479 هـ والأخرى على يد الموحدين الذين جاءوا من بعدهم والذين حققوا انتصارا ساحقا على النصارى في معركة الأرك عام 597 هـ التي سجلت على صفحات الزمان بماء من الذهب الصافي ، وبذلك تمكن الاسلام في الاندلس من الصمود في مواجهة التحدي ، ومصارعة الهجوم الاسباني المضاد بسلاح شبه متكافئ لمدى يقرب من القرون الاربعة ، لكن المسلمون هناك ما لبثوا أخيرا ان استنزفوا وزادهم ضعفا انقسامهم على انفسهم وصراعهم الدموي الطاحن فيما بينهم ، الامر الذي حول الميزان لصالح القيادة النصرانية التي تمكنت في نهاية المطاف من اسقاط آخر كيان اسلامي هناك ، مملكة غرناطة عام 897 هـ ثم ما لبث تحت زعامة فرديناند وإيزابيلا ان تنفذا ابشع مجزرة رهيبة في التاريخ البشري ، اشتركت فيها السلطة والكنيسة ومحاكم التحقيق ، وقدرت بأساليبها التي تتجاوز البداهات والقيم الانسانية فضلا عن الدينية على تدمير الوجود الاسلامي في الاندلس وإزالته من الخارطة الاسبانية ، ودمج الجماعات الاسلامية قسرا في المجتمع النصراني دينا وثقافة وسلوكا / 2 ص 15/..



.. وفي ذلك الوقت كان المجتمع الاوروبي الغربي يسوده المنازعات والحروب المحلية بين الامراء الاقطاعيين مما سعاد على ازدياد سوء الاحوال الاقتصادية والاجتماعية في الغرب الاوروبي ، كما كان للصراعات القائمة بين رأسي العالم المسيحي الغربي حينذاك وهما البابا والامبراطور اثر كبير في مجريات الاحداث الاوروبية ، فلقد بلغت البابوية درجة عظيمة من القوة واشباع النفوذ في هذه الفترة ، مما فتح امامها المجال لكي تصبح القوة العالمية بمعنيذى ان يكون البابا هو الزعيم الروحي لجميع المسيحيين في الشرق والغرب على حد سواء . بجانب الخلافات المستمرة الموجودة بين الكنيستين الارثوذكسية الشرقية والكاثوليكية الغربية ، إذ أصرت كل منهما علن تسود وجهة نظرها ، وان تكون لها الاولوية على الاخرى ، ولهذا السبب عندما عرضت فكرة الحرب المقدسة على البابا اوربان الثاني /471-491/ /1078-1097م / وجد في تنفيذها فرصة كبيرة لأنهاء الخلاف بين الكنيستين والسيطرة على الكنيسة الارثوذكسية الشرقية وإدماجها في الكنيسة الغربية تحت زعامته ، على ان يتم ذلك كله تحت ستار محاربة المسلمين وحماية البيزنطيين واسترداد الاراضي المقدسة في فلسطين ، هذا بالاضافة الى اغراض اخرى عديدة كانت البابوية ترغب في تحقيقها من وراء تمسكها بفكرة الحرب المقدسة ، منها التخلص من نفوذ كبار رجال الاقطاع في الغرب وإنهاء الحروب المستمرة عن طريق توجيه هذه الطاقات واستغلالها في الحرب المقدسة علها تفتح لهم بذلك منفذا لحياة افضل في الشرق بدون منازعات /2ص 23/..



.. ومن اشهر من تبنى الدعوة الى الحروب الصلبيبة اوربان الثاني الذي يعتبر المسؤول الاول عن الترويج لحرب المسلمين والتحريض على ارسال الحملة الاولى الى بلاد الشام ، وكانت الظروف مهيأة فسارع الى عقد اجتماع في مدينة *كليرمنت* في فرنسا واستمر المؤتمر عشرة ايام حضره اكثر من ثلاثمائة من رجال الكننيسة ، كما حضره امراء من مختلف انحاء اوربا ومندوبون عن الامبراطور البيزنطي ، وممثلون عن المدن الايطالية /2ص 24/..وكان ذلك عام 488 هـ / 1095 م / فقال في خطبة ألهبت حماسهم واصابتهم بحالة عبر عنها المؤرخ جوستان لوبون في كتابه *حضارة الغرب * ، بانها نوبة حادة من الجنون ، إذ قال البابا :



" يا شعب الفرنجة يا شعب الله المحبوب المختار ، لقد جاءت من تخوم فلسطين ومن مدينة القسطنطينية انباء محزنة تعلن ان جنسا لعينا ابعد ما يكون عن الله قد طغى وبغى في تلك البلاد وبلاد المسيحيين في الشرق ، وقلب موائد القرابين المقدسة ، ونهب الكنائس وخربها وأحرقها وساقوا بعض الاسارى الى بلادهم ، وقتلوا بعضهم الآخر بعد ان عذبوهم اشنع تعذيب ، ودنسوا الاماكن المقدسة برجسهم ، وقطعوا اوصال الامبراطورية البيزنطية وانتزعوا منها اقاليم بلغ من سعتها ان المسافر فيها لا يستطيع اجتيازها في شهرين كاملين .



على من إذن تقع تبعة الانتقام لهذه المظالم ، واستعادة تلك الاصقاع إذا لم تقع عليكم أنتم ؟ أنتم يا من حباكم الله اكثر من اي قوم اخرين بالمجد في القتال ، وبالبسالة العظيمة وبالقدرة على إذلال رؤوس من يقفون في وجوهكم ؟ ألا فليكن من اعمال اسلافكم ما يقوي قلويكم امجاد شرلمان وعظمته وأمجاد غيره من ملوككم ، فليثر همتكم ضريح المسيح المقدس ربنا ومنقذنا الضريح الذي تمتلكه الان امم نجسة وغيره من الأماكن المقدسة التي لوثت ودنست . لا تدعوا شيئا يقعد بكم من أملاككم او من شؤون اسركم ذلك بأن هذه الارض التي تسكنونها الان ، والتي تحيط بها من جميع جوانبها البحار ، وتلل الجبال ، ضيقة لا تتسع لسكانها الكثيرين ، تكاد تعجز عن ان تجود بما يكفيكم من الطعام ، ومن اجل هذا يذبح بعضكم بعضا و تتحاربون ، ويهلك الكثيرون منكم في الحروب الداخلية ، طهروا قلوبكم إذن من الحقد واقضوا على ما بينكم من نزاع ، واتخدوا طريقكم الى الضريح المقدس وانتزعوا هذه الارض من ذلك الجنس الخبيث وتملكوها انتم ، إن اورشليم ارض لا نظير لها في ثمارها ، هي فردوس المباهج ، إن المدينة العظمى القائمة في وسط العالم تستغيث بكم أن هبوا لإنقاذها فقوموا بهذه الرحلة راغبين متحمسين تتخلصوا من ذنوبكم وثقوا بانكم ستنالون من أجل ذلك مجدا لا يفنى في ملكوت السماوات"..



وهكذا كان لهذه الكلمات الحماسية التي القاها البابا اوربان الثاني أثرها البليغ في نفوس المسيحيين المجتمعين ، فبعد ان انهى البابا خطبته مباشرة صاح المجتمعون صيحة رجل واحد قائلين :"هكذا اراد الله " . ولم يكد البابا اوربان الثاني ينتهي من خطله هذا حتى نهض إليه الاسقف ادهمير دي مونتيل ، وركع امام قدمي البابا والتمس منه الاذن بأن يلحقه بالحملة المقدسة ، وأمام هذا الموقف المؤثر تحركت مشاعر المجتمعين وتدافعوا بالمئات يركعون امام البابا مثل ادهمير في حماس منقطع النظير وحملوا الصلبان وحلفوا جميعا على تخليص المدينة المقدسة " / 2 ص 37/..



قاطع شرف الدين كلام الحاكم في غضب وقال :



يا إلهي ما كل هذا الذي أسمع ؟ ألهذه الدرجة هم يكرهوننا ؟؟ ألهذه الدرجة هم يعدون العدة لإخراجنا من ديارنا ؟ لماذا هم يكذبون ويصدقون كذبهم ؟ وكيف يتحدون وهم على باطل ؟..""
..
ذلك ما سنتعرف عليه إن شاء الله تعالى في اللقاء القادم ..
والى ذلكم الحين استودعكم الله تعالى ..
سبحانك اللهم وبحمدك استغفرك واتوب اليك..

حارسة لاقصى
20-04-2012, 12:50 PM
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ..
كيف حالكم اخواني واخواتي في الله ..
هل لا زلتم تتذكرون القصة ام نسيتموها ؟
ان شاء الله ساكمل لكم في المرة القادمة ..
بارك الله فيكم وسدد خطاكم ..
اللهم وفقنا جميعا لما تحب ونرضى يارب العالمين..
اللهم اصلح احوالنا واحوال المسلمين في مشارق الارض ومغاربها ..
اللهم ءامين..

حارسة لاقصى
20-07-2012, 11:04 AM
بسم الله الرحمن الرحيم ..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه..
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ..
في البداية يسرني ان ابارك لكم شهر رمضان المبارك واسأل الله تعالى ان يجعله شهر بركة وخير وانتصار للمسلمين في مشارق الارض ومغاربها اللهم ءامين ..
وان شاء الله سنكمل القصة ونسأل الله تعالى ان يوفقنا للخير والصواب والرشاد جميعا وأن يجعل غدنا افضل من يومنا وان نبتعد عن الذنوب والمعاصب فهي التي تحجبنا عن نور الله وفضله اللهم اهدنا وارزقنا حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا لحبك ولجنتك يا ارحم الراحمين يارب العالمين اللهم ءامين..
**
رد الحاكم على كلام شرف الدين قائلا: إنتبه يا ولدي قد يمتع الله عدوه الكاقر بالزرق والجنات والأنهار والقوة المادية ، ولكنه متاع غير هنيء ، بل متاع مقترن بالتلف والشقاء والظلم ، ثم إن الذي يستقيم على منهج الله يتمتع برزق الله وهو له اهل بخلاف من لم يؤمن بالله ، فإنه تعالى يمتعهم برزقه ابتلاء لهم وزيادة في شقائهم في الدنيا والآخرة كما قال الله تعالى *قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ *سورة الاعراف..
وإذا رأيت أمة من امم الارض محادة لله ولرسوله ، وقد اغدق الله عليها من رزق السماء والارض وظهرت بصفة المسيطر المتعالي فاعلم ان ذلك ليس بركات عليهم ولا تكريما من الله لها وإنما هو محنة واستدراج لها لتنال عقابها الاليم في نهاية المطاف ،كما قال تعالى في الامم التي كفرت بأنعم الله قبل بعث رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم *فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ 43.فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ 44.فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 45*سورة الانعام..
والحياة الطيبة ليست هي الحياة التي لا تتوافر فيها انواع المتع المادية من مأكل ومشرب ومركب وملبس ومنكح وصناعة وزراعة واختراعات فحسب، وإنما هي الحياة الآمنة التي تطمئن فيها القلوب ويأمن فيها الناس على انفسهم وأموالهم واعراضهم ، ينتشر فيها العدل ويختفي فيها الظلم أو يقل ، ويقود الناس فيها الأصفياء الصالحون إلى ما يرضي الله تعالى، ومتاع الدنيا المادي المباح جزء من الحياة الطيبة.3..
رد شرف الدين وقال : لكن الأصفياء الصالحون قليلون جدا ولا يتلقون المدد الذي يحضى به هؤلاء الظالمون الذين تغلبوا علينا.؟؟ ..
رد عليه الحاكم قائلا : إن المهمة الأساسية للعلماء هي ان يزيلوا عن نفوسهم ونفوس المسلمين قاطبة تلك العقدة التي خلفها المستعمرون في نفوسنا حينما تغلبوا علينا واستعمروا اوطاننا وبهرتنا حضارتهم ومعرفتهم فأنستنا ما كان لنا من مجد وما في مقدساتنا من كنوز حفية لا بد ان تبرز متى اعدنا للعلم قيمته الى جانب الدنيا ، ومتى آمنا بالغاية التي خلق الله الانسان بما أنه انسان لها .اي خلافة الله في الارض وعمارتها وبناء المجتمع الاسلامي العالمي فيها ، وإن لنا في وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبشراته ما يجعلنا نتيقن بأن هذه الأمة ستبقى خالدة بخلود القرآن *إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ *سورة الحجر اية 9..
وليس يعني الله بحفظ القرآن بقاءه في المصاحف وفي الاوراق ولكن في الصدور وفي العقائد والشعائر والشرائع وذلك هو المجتمع الرباني الذي يقوم عى اكتاف العلماء الوارثين لرسالة النبوة وأعلامها ..
ققد روى الإمام مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
* «مَا مِن نبيٍّ بعثَه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حَوَاريّون وأصحابٌ، يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره.
ثم إنها تخلف من بعدهم خُلُوف: يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون...
فمَن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومَن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومَن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن. وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل».أخرجه:مسلم في «صحيحه»: كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، (50) (واللفظ له)..

هؤلاء الخلوف هم الذين يبشرون بعظمة الأجنبي وضعف الاسلام كدين وثقافة وحضارة ،اولئك الذين ينادون دائما بالحرية ولكنهم يقرون الاستبعاد ولو لم يبلغوا من الحكم نصيبا ويدعون للإخاء وهم يظلون يعملون على التفرقة بين الناس بخلق التيارات والدعوة للنظريات المستجلبة التي تعمل على هدم قيم الاسلام وربانية الحكم ، كما يبشرون بالمساواة وهم لا يعرفون إلا التعصب لأصحابهم والتغلب على خصومهم والدس على من لا يتفق معهم في فكر او دين هؤلاء الخلوف هم الذين يعملون على خدمة الاجنبي ونصرة مبادئه التي يستعملها لتكون اسباب تسلطه الدائم على بلاد المسلمين ، وهم الذين يرفضون كل وحدة قائمة على الدين او خاصعة لروح الاسلام الصحيح، اولئك الذين يتخذون فلانا وعلانا أندادا من دون الله يحبونهم كحب الله بل يكفرون بالله الواحد الأحد ويقدسون قادة التيارات الجديدة التي يؤمنون بها تقديس اسلافهم الماديين للأصنام والأوثان ... وإذا ذكرت امامهم اقوالهم اعتبروها القول الفصل والكلام الذي لا يقبل محاجة ولا معارضة لأنها تمثل التقدم ولو كانت عامرة بالخرافة والمخالفة لمقتضيات العلم الحقيقي الحديث ، لأن العلم نفسه عندهم لا قيمة له إلا إذا كان خاضعا لمبادئ قاداهم ونظريات ساداهم الذين اضلوهم السبيل ..
أليس من مهمة العلماء ان يقوموا بواجب التوضيح لما في هذه الإعمال الخلوفية من جاهلية جديدة وانحراف عن السبيل الانساني الصحيح ، وبالدعوة الى العودة للنبع الصافي بكتاب الله وسنة رسوله دون تخل عما يمكن ان يستجد من معلومات العصر ومبتكرات الفكر ومبادرات التقنيات ، فالمطلوب منا ان نستمر في طلب العلم وأن نأخذ الحكمة اين وجدناها ..
لقد سبق للغربيين أن أخذوا عنا فلا مانع من أن نأخذ منهم ونعرض ما نأخذه على ما نحتاجه وعلى مقاييس فلسفتنا وثقافتنا ..ولولا ان للعلماء هذه المهمات العظيمة ولولا ان الله اعلم انهم لابد ان يقوموا بها وأنهم قادرون عليها متى صمموا العزم واستمدوا من قدوة الرسول وصحبه والعلماء السابقين لهم ما جعلهم في مقام الوراثة للإنبياء ، ولما قال فيهم تعالى * ‏{‏‏يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ‏} ‏[‏المجادلة‏:‏ 11‏]‏، وقال تعالى *شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. [آل عمران:18]. .
فقرنهم سبحانه بنفسه وبملائكته في القيام بالقسط ونشر العدل والدعوة اليه ، وقيامهم بذلك يجعلهم شهداء في الارض بوحدانية الله مقيمين عليها الدليل والبرهان عن طريق العلم والعقل والحكمة والفكر ..
وفوق ذلك فقد اناط بهم دوام البحث العلمي واستنباط الأدلة واستخراج البراهين واكتشاف الانظمة الالهية في الكون وفي الحياة :﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ 28 وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ 29﴾فاطر..
*وجعل لهذا البحث الدائم شروطه القائمة على السمع والبصر والعقل والقلب وعلى الملاحظة والتجربة والممارسة والمجاهدة في القلبيات قال تعالى :{ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا } [الإسراء: 36] ..
فالبحث العلمي يحتاج الى دقة البحث والتبصر والى الاخلاص في تقرير النتائج ،الأمر الذي يستوجب الجو الصالح والحرية الكاملة ، وعدم تعرض الدولة او الافراد للحيلولة بين الباحثين ووسائل بحثهم وحرية جهودهم والاعلان عن استنتاجاتهم .
وقد جعل الاسلام العالم شرطا اساسيا في الصالحين واهل الحل والعقد في الامة فقال تعالى : *وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(247)*..
كان الاسرائليون يفكرون في ان سعة المال وقوة الجاه هي التي تؤهل الانسان للقيادة العامة للأمة لاسيما في حروبها لأعدائها، فأرشدهم الله الى ان العلم والقوة متى اجتمعا كان مرجحين لاختيار الشخص القائد او الملك او الحاكم ..
لولا ان للعلماء هذه المسؤوليات ما كان لهم هذا القدر العظيم الذي استرشدنا به من كتاب الله عز وجل..
وقد بشرنا الرسول صلى الله عليه وسلم ان هؤلاء العلماء لا يتقطعوم وان قلة منهم ستبقى لا محالة للقيام بواجبها وأداء ما أمرت به ، فقد قال عليه الصلاة والسلام " "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: "بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ". .
فالطائفة ليست فردا لما يقتضيه المدلول اللغوي ولكنها مجموعة من العلماء المقتدرين الظاهرين بالقوة والحجة على مناصرة الحق ولو خالفهم الكثيرون فإنهم لا يضرونهم وإن اضروهم بالاذى لأنهم هم الذين سينتصرون ويتعلبون: يبقون على ذلك حتى يأتي امر الله ، اي إذنه بنهاية العالم . فافراد الامة المتعلمون المدركون لحقائق الاشياء والمتضلعون في المعارف الاسلامية وغيرها يجب ان ينضموا لبعضهم ليكونوا الطائفة الممتعاونة على الخير على الدعوى الى الله وعلى نشر السنى والذب عن الاسم ودفع الشبه وتوضيح المتشابه ، ومواجهة التيارات المختلفة بما يفاصيه الجدل القراني والبرهان العقلي ..
ولقد ضرب لنا من سلق من العلماء الاولين من عهد الصحابة فمن دروسهم المثل السامية في النضال من اجل نصرة الحق ونشره وان العلماء في كل عصر لمحتاجون لأن يذكروا هذه النماذج الصالحة ويسيروا على نهجها ويعملوا لسنتها ، فإما رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الاكرمون فاخبارهم تتجاوز كل ما يمكن ان يخطر ببال العظماء ..
فهم الذين بنوا بيدهم المسجد وحفروا الخندق وحملوا السلاح وصبروا وصابروا وكانوا رهبان الليل قادة النهار علماء عاملين ومعلمين ..
وقد وصف ضرار بن ضمرة عليا كرم الله وجهه لمعاوية فقال :* إنه والله كان بعيد المديد شديد القوى - يقول فصلا ويحكم عدلا ، يتفجر العلم من جوانبه وينطق بالحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويسأنس بالليل وظلمته ، كان والله عزيز الدمعة ، طويل الفكرة ، يقلب كفه ويخاطب نفسه، ويعجبه من اللباس ما خشن ، ومن الطعام ما جش ، كان والله كأحدنا يجيبنا ان سألناه ، ويبتدئنا اذا اتيناه ، ويأتينا اذا دعوناه ، ونخن والله مع تقريبه لنا وقربه منا ، لا نكلمه لهيبته ولا نبتدئه لعظمته ، فإن تبسم فمن مثل اللؤلؤ المنظوم ، يعظم اهل الدين ويحب المساكين ، لايطيع القزي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله ..
واشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد ارخى الليل سدوله وغارت نجومه وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته ، يتململ تململ السقيم ، ويبكي بكاء الحزيم ، وكأني اسمعه وهو يقول: يادنيا الى تعرضت ام الي تشوفت ...هيهات هيهات غري غيري فقط طلقتك ثلاثا لارجهة فيها ، فعمرك قصير وعيشك حقير وخطرك كبير . . آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق..4رد شرف الدين وهو متعجب مما يسمع:
سبحان الله ما اجمل ما ذكرت ياسيدي ، كم اتمنى ان اكون مثلهم ..
رد عليه الحالكم وهو يبتسم:
انت مثلهم إن احببتهم وعملت بما عملوا به ،فأنت مثلهم ..
وكذلك كان البطل شرف الدين مودود الذي عاش بين501هـ و 507 هـ -1108-1113.. ويحتل مودود مكانة خاصة في تاريخ الجهاد ضد الصليبيين ، وقد اسهمت في تكوين هذه المكانة عوامل عدة ، اهمها لاريب الفترة المبكرة التي ظهر فيها والطابع الاسلامي العميق لشخصيته المتفانية في سبيل اهداف المسلمين الكبرى ، وسياسته الداخليه العادلة السمحة ، وقدرته بناء على ذلك كله على تزعم حركة الجهاد وايجاد نوع من التنسيق ربما لأول مرة بين كل القوى الاسلامية في ساحات الجهاد ، الأمر الذي لن نجده متبلورا وواضحا الا في عهد الاراتقة وزنكي فيما بعد ، واخيرا نجاحه في وضع الصليبين في موضع الدفاع وتحقيقه عددا من الانتصارات جاء احدها عند مرتفعات طبرية في قلب فلسطين ، بعيدا عن الساحة التي درج عليها الصراع بين ولاة الموصل السابقين واعدائهم .. ثم جاء مقتله السريع اثر ذلك قي جامع دمشق عل ايدي الشيعة الباطنية، الأعداء الشرسين لحركة الجهاد والمقاومة والحزن العميق الذي شمل جماهير المسلمين بعيد اغتياله والكلمات المخلصة التي فاه بها قبل استشهاده ..
جاء ذلك كله لكي يؤكد مكانة مودود الاسلامية كبطل من ابطال الحروب الصليبية ورائد من رواد الجهاد الاولين .5
رد شرف الدين قائلا :
وكبف قتل ذلك البطل وما هي تلك الكلمات التي قالها ؟ ومن هم هؤلاء الشيعة الباطنية ؟..
ذلك ما سنتعرف عليه ان شاء الله في اللقاء القادم ..
فالسلام عليك ورحمة الله ..
اللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا واهدنا سبل السلام وارزقنا رضاك ووالدينا والناس اجمعين وارزقنا جنة الفردوس ياارحم الراحمين ..
اللهم ءامين ..

زمن الفتن
20-07-2012, 11:58 AM
شكرا اختي على هده القصةولكن حاول ان تدقيقي في كتاب الايات حتى لاتقع في التحريف المنهي عنه.
يقول تعالى(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)

حارسة لاقصى
20-07-2012, 12:11 PM
السلام عليكم ورحمة الله ..
اسأل الله تعالى ان يبارك فيكم وشكرا للملاحظة جزاك الله خيرا انا عدلتها الحمد لله..
فقط اختك تعمل على مفاتيح بالفرنسية وانا اجد صعوبة عليها كثيرا رجاء المتابعة والنصيحة بارك الله فيكم وهل من اقتراحات او افكار جديدة رعاكم الله ..
اللهم يسر ولا تعسر..

زمن الفتن
20-07-2012, 12:23 PM
شكرااحتي على هدا التصحيح ونحن نتابع قصتكم الشيقة ورمضان مبارك عليكم واعاده الله بالخير ويمني والبركات على الامة الاسلاميةوكل عام وانتم بخير.

حارسة لاقصى
24-07-2012, 12:02 PM
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ..
اسأل الله جل وعلا ان يتقبل صيامكم وكل طاعاتكم ويرزقنا واياكم وكل اهلينا وكل المسلمين والمسلمات رفقة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة اللهم ءامين ..
إن شاء الله إن سمحتم نكمل القصة فعلى بركة الله :
(****)
.. رد الحاكم قائل :سير مودود وحليفه رسول الى السلطان السلجوقي في اصفهان يبشرانه بما تم على ايديهما من فتح وبعثا مع الرسول بعض ما اغتنماه ، وعددا من اسرى الفرنج ورؤوسهم ، إلا أن بعد المسافة عن بلادهم وانقطاع الإمداد والتموين عنهم ، واشتداد البرد عليهم ، اضطرهم الى وقف عملياتهم في المنطقة والعودة الى دمشق في الحادي والعشرين من ربيع الأول على امل الرجوع ثانية لقتال الصليبيين عند حلول الربيع ..
وبعد ان يتلقى مودود جواب السلطان على رسالته والتعليمات التي سيصدرها بهذا الصدد ، ودخل جامع دمشق يوم الجمعة ربيع الأول ليصلي فيه هو وطغتكين ، فلما فرغ من الصلاة وخرج الى صحن الجامع ويده في يد طغتكين وثب عليه باطني فضربه وجرحه اربع جراحات وقتل الباطني واخذ رأسه ، فلم يعرفه لااحد فأحرق ، وكان مودود صائما ، فحمل الى دار طغتكين واجتهد يه ليفطر فلم يفعل ، وقال : لا لقيت الله إلا صائما ، فمات من يومه رحمه الله ..
وتأثر المسلمون لمصرع بطل من ابطال الجهاد اشتهر باخلاصه وثقافته وجرأته ، وحزنوا عليه حزنا عميقا لاختفائه السريع ..
وكتب ملك الفرنج في بيت المقدس كتابا الى طغتكين جا ءفيه : إن أمة قتلت عميدها يوم عيدها في بيت معبودها لحقيق على الله ان يبيدها ا؟ ..
غير ان ملك الفرنج وغيره من امراء الصليبيين تجاهلوا او تعمدوا التجاهل آنذاك ، أن ما هو اكثر عونا واشد خطرا على كل محاولة اسلامية لقتالهم ليست هي الامة التي ظنوا انها قتلت عميدها في بيت معبودها فقد عرفنا موقف هذه الامة من قتل بطلها المجاهد ، إنما هي تلك الفرقة الباطنية الرافضية التي قامت على مذهب جديد شديد الميل الى التدمير ، كان قد انشأه في بلاد فارس شخص يدعى الحسن بن الصباح ..وقد دعمته الدولة الفاطمية الرافضية الباطنية ، ولم تكن كراهية الحشاشين هؤء للمسيحيين تزيد على بغضهم للمسلميين السنيين ..صفحة 87 -2-..
وعلى الرغم من الاخفاق الذي حل بحملات بطل الاسلام مودود إلا أنها تمخضت عن عدد من النتائج المهمة في مسار تاريخ حركة الجهاد الاسلامي ضد الصليبيين ، ويمكن إجمالها فيما يلي:
-ان إمارة مودود - على قصر مدتها- تعد نقطة تحول في تاريخ الصراع الاسلامي الصليبي ، خلال تلك المرحلة المبكرة ، فقد صارت فكرة الجهاد حقيقة واقعة ، ووجدت فارسها المخلص الذي حمل لواءها ما يقرب من نصف المدة الت تولى فيها امارة الموصل ..
-يمكن اعتبار حملات مودود مقدمة لحملات عماد الدين زنكي ، مع عدم اغفال الفارق الزمني في صورة الثلاثة عقود الفاصلة بين انجاز كل منهما ، والتي ادت الى سقوط إمارة الرها الصليبية عام 539 هـ /1114 ،حيث ان مودودا وجه حملاته الاولى الى الرها وتل باشر ، وعمل على إرهاق أهلها على نحو نصفه بأنه المقدمة الاولى لجهود زنكي ضدها على اعتبار ان قافلة الجهاد متصلة قائدا بعد قائد..
-كشفت حملة مودود عن الضعف الذي كانت عليه القوى الاسلامية في بلاد الشام والجزيرة وعدم اخلاص بعضها لقضية الجهاد ضد الغزاة الصليبيين .صفحة90.2-..
وهناك بطل آخر جاء بعد مودود ولقي نفس مصيره وهو والى الموصل السلجوقي ،اق سنقر البرسقي... وعندما استؤذن للوفد الحلبي بالدخول أذن البرسقي لهم فدخلوا عليه واستغاثوا به ، وشرحوا له الاخطار التي تحيق بحلب ومدى العقوبات التي يعانيها اهل المدينة فأجابهم الرجل :إنكم ترون ما أنا فيه من المرض ، ولكني قد جعلت لله علي نذرا لإن عافاني من مرضي هذا لأبذلن جهدي في أمركم والذب عن بلدكم وقتال اعدائكم ..
فلم تمض ثلاثة ايام على مقابلته حتى فارقته الحمى وثمال للشفاء وسرعان ما ضرب خيمته بظاهر الموصل ونادى قواته لأن تتأهب لقتال الصليبيين وانقاذ حلب وفي غضون ايام معدودات غذا جيشه على اهبة الاستعداد ، فغادر الموصل متجها الى الرحبة وارسل من هناك الى طغتكين امير دمشق وخير خان امير حمص يطلب منهما مساعدته على انجاز مهمته ، فلبى هذان الاميران دعوته وبعثا عساكرهما للإنضمام الى جيش البرسقي الذي كان قد تحرك آنذاك صوب بالس القريبة من حلب ، وارسل من هناك الى مسؤوليها وشرط عليهم تسليم قلعة حلب لنوابه لكي يحتمي بها في حالة انهزامه امام الصليبيين فاجابوه الى طلبه .. وما ان استتب الامر لهلاء النواب واطمأن الرجل الى وجود حماية امنية في حال تراجعه ، حتى بدأ زحفه صوب مواقع القوات الصليبية التي تطوق حلب ..
وصلت قوات طلائع البرسقي حلب يوم الخميس الثاني والعشرين من ذي الحجة من سنة518 هـ وما ان اقترب البرسقي يقواته المنظمة حتى اسرع الصليبيون في التحول الى منطقة افضل من الناحية الدفاعية ، فعسكروا في جبل جوسن على الطريق الى انطاكية ، وهكذا غذوا في حالة الدفاع بعد أن كانوا مهاجمين ، وخرج الحلبيون الى خيامهم فنالوا منها ما ارادوا ، بينما اتجه قسم اخر منهم لاستقبال البرسقي ، والاحتفاء به لدى وصوله ، وقد اردك الرجل ما يرمي اليه الصليبيون بانسحابهم واتخاذهم موقفا دفاعيا فلم يتسرع بمهاجمتهم قبل ان يعيد تنظيم قواته من جديد ، خوفا من نزول هزيمة فادحة بعساكره ، قد تعرض حلب للسقوط، وارسال طلائعه الكشفية لرد القوات المتقدمة الى معسكراتها في حلب وقال موضحها خطته هذه :مايؤمننا ان يرجعوا علينا ويهلك المسلمون؟ ولكن قد كفى الله شرهم فندخل الى البلد ونقويه وننظر الى مصالحه ، ونجمع لهم ان شاء الله ، ثم نخرج بعدزذلك اليهم ..
ومن ثم دخل البرسق حلب ، وبدأ يحل مشاكلها ورفع مستواها الاقتصادي والاجتماعي ، فنشر العدل واصدر مرسوما يرفع المكوس والمظالم المالية والغاء المصادرات وعمت عدالته الحلبيين جميعا بعدما منوا به من الظلم والمصادرات ، وتحكم المتسلطين طيلة فترة الحصار الصليبي ..
ولم يكتفي البرسقي بذلك بل قام بنشاط واسع بجلب المؤن والغلال الى المدينة كي يخفف من حدة الغلاء ويقضي على الضائقة التي يعانيها الحلبيون ، وما لبث النشاط الزراعي في منطقة حلب ان عاد الى حالته الطبيعية حيث استأنف المزارعون العمل في الاراضي التي شردوا منها ، كما عاد النشاط التجاري الى سابق عهده اعتمادا على ما تمتعت به المنطقة من امن واستقرار..
وهكذا استطاع البرسقي ان يحطم الطوق الذي احاط به الصليبيون حلب وان يخلص هذا الموقع الهام من اخطر محنة جابهته طيلة الحروب الصليبية ويوحده مع الموصل لأول مرة منذ بدء هذه الحروب ، الامر الذي اتاح لتحقيق انتصارات عديدة ضد الغزاة ..صفحة104.2..
رد عليه شرف الدين في اندهاش وقال:
إنه فعلا رجل عظيم لكنك ياسيدي قلت قبل هذا انه قتل فكيف كان ذلك؟؟
رد عليه الحاكم وقال :
في سنة520هـ ثامن ذي القعدة قتل قسيم الدولة اق سنقر البرسقي صاحب الموصل ، قتله الباطنية بمدينة الموصل يوم جمعة بالجامع وكان يصلي الجمعة مع العامة. وكان قد رأى تلك الليلة في منامه ان عدة من الكلاب ثاروا به ،فقتل بعضها ونال منه الباقي ما آذاه فقص رؤياه على اصحابه فاشاروا عليه بترك الخروج من داره عدة ايام ،فقال: لا اترك الجمعة لشيء ابدا ، فغلوا على رأيه ، ومنعوه من قصد الجمعة ،فعزم على ذلك ،فأخذ المصحف يقرأ فيه ،فأول ما قرأ
* وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا * سورة الاحزاب 38فركب الى الجامع على عادته وكان يصلي في الصف الأول فوثب عليه بضعة عشر نفسا عدة الكلاب التي رآها فجرحوه بالسكاكين ..
فجرح هو بيده منهم ثلاث وقتل رحمه الله ، كان مملوكا تركيا خيرا يحب اهل العلم والصالحين ويرى العدل ويفعله ، وكان من خير الولاة يحافظ على الصلوات في اوقاتها ، ويصلي من الليل متهجدا فرحمه الله تعالى ..
رد عليه شرف الدين قائلا:
رحمة الله عليه وعلى القائد مودود ، ما أقبح هؤلاء الباطنية إنهم هم والصليبيون عدويين في آن واحد ..
رد عليه الحاكم قائلا:
اثبت الباطنية عداءهم الكامل لقادة الجهاد الاسلامي في ذلك العصر وكأن خناجرهم المسمومة كانت تشق للصليبيين طريقا نحو تثبيت اقدامهم في بلاد الشام والجزيرة على حساب المسلمين ، وهكذا اثبتت وقائع التاريخ كيف التقى قادة الجهاد الاسلامي في ذلك العصر في بعض الأحيان في الشهادة من قبل شرف الدين مودود ، والآن نجد آق سنقر البرسقي يلقى نفس المصير ، وقد عكس ذلك كله فإن مسلك الاسماعيلية النزارية في ذلك الحين كان من اخطر معوقات حركة الجهاد ضد الغزاة نظرا لوجود عدويين في وقت واحد امام القيادات المسلمة السنية على نحو عكس المشاق البالغة التي واجهت اولئك القادة في الدفاع عن عقيدة الامة ودينها وأعراضها..صفحة105.2..
هذا وإن اق سنقر البرسقي قد استشهد فإن قائمة المجاهدين عامرة ومتأبة للقتال في سبيل الله ، ففي ربيع الاخر من عام 521هـ /1127 م عهد السلطان محمود إمارة الموصل الى عماد الدين زنكي ..
رد عليه شرف الدين وقال:
أسر كثيرا بسماع اسم هذا القائد وأشتاق الى معرفة المزيد عنه باسيدي ،فمن هو وكيف واجه كل ذلك؟؟..
ذلك ما سنتعرف عليه إن شاء الله في المرة القادمة ..
وفقكم الله وزادكم من نوره وبركاته وتقبل الله صيامكم وكل طاعاتكم وجعلنا واياكم وكل اهلينا والمسلمين والمسلمات في مشارق الارض ومغاربها من رفقاء النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ..
اللهم ءامين..

حارسة لاقصى
16-11-2012, 06:26 AM
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..

يشرفني أن أكمل إليكم القصة وأسأل الله تعالى أن ينفعنا بها ويجعلنا من الهاديين المهديين جميعا ويرزقنا الله جل وعلا رفقة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الدنيا والاخرة اللهم ءامين ..

-القطرة الخامسة عشر –

**.. رد عليه الحاكم قائلا : بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم ظهر رجل يسمى عبد الله بن سبأ ويسمى ايضا ابن السوداء وهو عربي يهودي من اهل صنعاء في اليمن وقد ادعى ابن سبأ أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الماشيح الذي سيرجع مرة اخرى ، فكان يقول: العجب ممن يزعم ان عيسى سيرجع ، ويكذب برجوع محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد أيد رأيه بآية من القرآن *إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ *85 سورة القصص..

ومن ثم فإن محمد أحق بالرجوع من عيسى وقال ايضا أن في التوراة : لكل نبي وصي ، وان عليا زوج ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، هو وصيه ولذا فعلي خاتم الاوصياء بعد محمد خاتم النبيئين..

وذهب عبد الله ابن سبأ الى القول بالتناسخ وبحسب قوله ، فإن روح الرسول صلى الله عليه وسلم لم تمت مع محمد بل استمرت حية تتعاقب في ذريته ، فروح الله التي تبعث الحياة في الرسل تنتقل بعد وفاة احدهم الى آخر وأن روح النبوة بصفة خاصة انتقلت الى علي واستمرت في عائلته ، ومن ثم فعلي ليس مجرد خلف شرعي للخلفاء الذين سبقوه وهو ليس في مستوى واحد مع ابي بكر وعمر -رضي الله عنهما - اللذين اندسا مغتصبين بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم وأخذا الخلافة بغير وجه حق، كما هي الروح القدسية تجسدت معه وهو وريث الرسالة ، ومن تم فهو بعد وفاة محمد الحاكم الوحيد الممكن لأمة ، تلك الأمة التي يجب ان يكون على إمامها مثل حي لله ، واستطاع ابن سبأ تكوين خلايا سرية في عديد من الأمصار الاسلامية التي مر بها – الحجاز ، البصرة والكوفة والشام ومصر- ، وجرت بينه وبين اعضاء هذه الخلايا مكاتبات وحاك ابن سبأ المؤامرات ووضع مخططات للثورة ، وبعد مقتل علي رضي الله عنه عام 40 هـ،661 م ـ انكر أن عليا قتل زاعما ان من قتل هو في واقع الامر شيطان يشبه عليا ، وان عليا نفسه فيه الجزء الالهي وانه هو الذي يجيء في السحاب ، وان الرعد صوته والبرق سوطه ، ولذا كان اتباعه يقولون عند سماع الرعد- السلام عليك يا امير المؤمنين- وانه لابد ان ينزل الى الارض فيملآها عدلا كما ملئت جورا ، وقد اسس ابن سبأ الطائفة السبئية التي تقول بألوهية علي ويقال للسبئية -الطيارة- لزعمهم انهم لا يموتون وإنما موتهم طيران نفوسهم في الغلس قبيل انبلاج النهار ، ويقال ان عبد الله بن سبأ جاء الى الامام علي رصي الله عنه مع جماعته وقالو له : أنت الله ، فأحرقهم بالنار ، بجعلوا يقولون الآن صح عندنا أنه الله لأنه لا يعذب بالنار الا رب النار -5-128.

رد عليه شرف الدين قائلا: ماهذا الجنون ان عبد الله بن سبأ هذا يزرع الفتنة ويسقيها بالخرافات والأكاذيب والله إنها فتنة كبيرة ..

رد عله الحاكم وهو يهم بالجلوس : إن نظرة اهل السنة والجماعة في مسألة الخلافة نابعة بالأساس من نظرة القرآن لها ، والمثمتل بقوله تعالى في محكم كتابه * {

وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ * سورة الشورى: آية 38‏] *

فالخلافة عند اهل السنة إذن هي امر يوجه دفته المسلمون أنفسهم بدليل نص الآية الكريمة ، وبموجب آليات وقوانين معينة ، ولما كانت الخلافة عند اهل السنة هكذا –مفهوما واسعا لا يقيده إلزام معين ، كان باب الترشيح بها مفتوحا على مصراعيه لكل من تتوفر في حقه الأهلية والجدارة لاعتلاء منصب الخليفة ، ليرى المسلمون بعد ذلك من خلال اهل الحل والعقد فيهم من من المرشحين يصلح لها أكثر من غيره فيبايعونه ، ومن تقصر بعض صفاته عن ان يفوز بسبق المفاضلة هذه فينصرفون عنه او يؤخرونه الى حين تحقق الاهليه والاستحقاق فيه ، كما يعطي اهل السنة والجماعة الحق للمسلمين في محاسبة هذا الخليفة ان بدر منه عجز او قصور ، وحتى إقالته والخروج عليه إن جاء بكفر صريح لا يحتمل التاويل او التبرير.

أما نظرة الشيعة لموضوع الخلافة فيختلف عن هذا النهج القرآني اختلافا جذريا ، إذ انهم يعتبرونها حقا محصورا ومقصورا على اثني عشر إماما فقط لا يحوز بأي حال من الأحوال ان يتجاوتهم لغيرهم او يخلوا الزمان من أحدهم مهما طال الزمان او قصر، ثم زعموا ان هؤلاء الأئمة ينبغي ان يكون منصوصا عليهم – بالاسلام والترتيب – من الله تعالى ، مصرين على زعمهم هذا بكل عناد وعنت دون أدنى رصيد على دعواهم تلك من نقل او عقل ، بل انهم عجزوا ان يدللوا على دعواهم تلك ولو يآية واحدة او جزء من آية من كتاب الله العزيز ، ثم أنهم اعتبروا الإمامة من اصول الدين كالتوحيد والمعاد والنبوة ، ورتبوا على كل ذلك نتيجة طبيعية مفادها الحكم بكفر كل من لم يؤمن بهذا الأصل او يعتقد به- تماما كمن ينكر اصل التوحيد او المعاد او النبوة ، ولم يكتفوا بذلك ، بل كفروا حتى من اقر بأصلها لكنه اتكر شخص احد الإمة الاثنى عشراو انكر استحقاقه لها ،6-216.217..عن سورة ابن كليب، عن اب جعفر عليه السلام قال : قلت له : قول الله عز وجل:* وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ * سورة الزمر اية60..؟؟ قال : من قال : *إني إمام وليس بإمام * قلت: وإن كان علويا ؟ ، قال / وإن كان علويا ، قلت / وإن كان من ولد علي بن ابي طالب عليه السلام؟قال: وإن كان *.6-222..

وفي مقابل هذا العدل والتوسط ترى النهج الشيعي المألوف بما فيه من زيع وقبح وضلال ، يحاول ان يشوه الصورة ويقلب الموازين ، فينفي جدارة كبار الصحابة –وتحديدا ابي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ويطعن في خلافتهم مع سبقهم في الاسلام ونصرهم له بالانفس والاموال ومع حبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحبه لهم حتى انه صاهرهم وصاهروه وأدناهم منه ، فكانوا احب صحابته اليه واقربهم الى قلبه مع ثناء الله تعالى في اكثر من موضع في القران الكريم وتصريحه برضاه عنهم ورضاهم عنه في عدة ايات كقوله تعالى : *** والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عتهم ورضوا عنه . وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا . ذلك الفوز العظيم .** صدق الله العظيم. سورة التوبة اية ..101 *..

وهذا عثمان رضي الله عنه قد تزوج بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو شرف لم ينله احد من الصحابة غيره ولذا لقب بذي النورين ، وهذا ابو بكر فقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بنته عائشة رصي الله عنها ، وكذا عمر تزوج رسول الله بنته حفصة رضي الله عنهم اجمعين ، وهو بدوره اي عمر رضي الله عنه قد تزوج من ام كلثوم بنت علي بت ابي طالب رضي الله عنه ..

رد شرف الدين وقال : اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وال ابراهيم وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وال ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد اللهم ارضى عن أصحاب رسول الله من المهاجرين والانصار ومن تبعهم باحسان ، اللهم صل على من إذا تكلم كفى ومن إذا صاحب صفى وإذا عاهد وفى وسميته حبيبا ومحبوبا ومصطفى..

رد عليه الحاكم قائلا : نعم يا بني فقد صعد النبي صلى الله عليه وسلم الى السماوات العلى ليرى من آيات ربه الكبرى ، وكان المسجد الاقصى هو المكان الذي صعد منه ..وكان حدث المعراج شرفا آثر الله به النبي العظيم من ذلكم المسجد العظيم ليرقى الى مأ عظيم في ليلة عظيمة.. فبعد ان توطدت دعائم الدولة الاسلامية الناشئة في المدينة المنورة ، وبعد ان تم فتح مكة المكرمة واعز الله دينه فيها .. تلفتت أنظار النبي صلى الله عليه وسلم صوب بيت المقدس في الشام ليطهرها من ادران الشرك الروماني النصراني ، كما طهر مكة من اوضار الشرك العربي الوثني ، ولتبدأ بذلك الخطوة الأولى نحو الهدف الكبير ، تحرير الأرض المقدسة ، وتكسير الآصار التي حلت بها ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث برسائل الى هرقل عظيم الروم يدعوه الى الاسلام ،وبعث الحاث بن عمير الازدي الى عظيم بصرة وحاكهما من قبل الروم شرحبيل بن عمرو الغساني ، ولكنه اوثق المبعوث رباطا وقتله ، ولم يقتل لرسول الله صلى الله عليه وسلم رسول غيره ، فنذب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس للخروج للشام في العام الثامن من الهجرة ، فاجتمع من المسلمي ثلاثة آلاف مقاتل قد تهيؤوا الخروج الى مؤتة وهي منطقة تقع شمال البتراء في شرق الاردن ، قرب الطرف الجنوبي للبحر الميت من جهة الشرق، ولم يخرج النبي صلى الله عليه وسلم معهم ، وفي هذه العزوة قتل زيد بن حارثة وجعفر بن ابي طالب ثم عبد الله بن رواحة الذي تناول الراية من يد اخيه جعفر بعد استشهاده ، ثم لما قتل بن رواحة شهيدا التقف الراية سيف الله المسلول خالد ابن الوليد ، ففتح الله عليه بأن انسحب ببقية الجيش انسحابا آمنا بعد أن ناوش الروم و نال منهم حين انسحابه ، وقد حمد له النبي صلى الله عليه وسلم هذا الصنيع ..

رد عليه شرف الدين قائلا: سبحان الله ما اعظم هؤلاء القادة وما اجمل ايامهم التي كانت بجوار النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ترى هل يمكن ان تعود تلك الأيام ؟؟ وهل يمكن ان اكون مثلهم؟؟..

ذلك ما سنتعرف عليه في اللقاء القادم ان شاء الله تعالى ..

حارسة لاقصى
08-12-2012, 06:08 AM
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله ..
اسال الله تعالى ان يبارك فيكم ويسدد خطاكم ..
اللهم ارحم امة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..
لا اله الا الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ..
ونواصل بإذن الله تعالى :
القطرة 16..
..( رد عليه الحاكم قائلا : ستكون بإذن الله مثلهم ، لكن قبل ذلك يجب ان تعرف سيرتهم الطاهرة حتى تسير على ركب النور والخير وترد كل ظالم ومعتد ..
رد عليه شرف الدين قائلا: هذا صحيح يا سيدي ، ولا شك فالروم سيقفون ضد هذا النور ليطفئوه ..
رد عليه الحاكم وقال : إن الروم قد بات بحشد الجيوش للاغارة على دولة الاسلام لتضمن البقاء جاتمة على ارض بيت المقدس ممسكة بزعامة العالم النصراني من هناك حيث الارض التي ولد عليها عيسى عليه السلام ومنها رفع ، وهم يدعون انه صلب وقتل ثم دفن فيها ..
واعد الرومان حشودهم ليعيدوا الكرة ، وليضربوا الاسلام من شمال الجزيرة ضربة ترده من حيث جاء . وتوصد عليه باب الحدود فلا يستطييع التسرب منها الى الارض المقدسة ، وتنامت الى سماع المسلمين انباء الاعداد النصراي ، ومع ان قتال الروم ليس بالغزوة السهلة او المواقعة اليسيرة لكون دولتهم دولة عظمى آنذاك تبسط سيطرتها على عدة قارات مع ما تملك من الموارد الكثيرة رجالا واموالا..
مع ذلك كله لم يجد النبي صلى الله عليه وسلم بدا من استنفار المسلمين لملاقات ذلك العدو المستكبر ، وذلك بعد منصرفه من الطائف في السنة التاسعة للهجرة ، وقد اكتنف إعداد الجيش الذي انشىء لقتال الروم في الشام ظروف عصيبة ، حتى سمي جيش العسرة ، والايات التي نزلت في القران متعلفة بعزوة العسرة هي اصول ما نزل في قتال بين اهل الاسلام وغيرهم من ملل الكفر ..
فسورة التوبة تفيض بصفحات طوال عن انباء واحوال جيش العسرة ، ولما بلغ الجيش الاسلامي تبوك لم يجد الرومان أثر يدل على استعدادات للحرب ، فيبدوا انهم آثروا الاختفاء عن ملاقاة حيش الاسلام الفتي الذي خرج في عدد لم يخرج المسلمون بمثله من قبل ، إذ كان نحوا من ثلاثين الفا من المقاتلين المعبئين تعبئة لم تسبق لجيش اسلامي .
وجاء ختام الغزوة طمأنينة بعد ان ازال رهبة نزال الروم من قلوب المسلمين ، وكسر حاجز الخوف من لقائهم به ..
بعد ان عاد النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع الى المدينة المنورة امر المسلمين بالتهيؤ لعزو معاقل الروم في ارض الشام ، واختار لأمرة هذا العزو اسامة بن زيد -رضي الله عنهما -..
وكان ذلك مع مبدأ شكواه صلى الله عليه وسلم من مرضه الذي توفي فيه ..
وتجهز الجيش وخرج بقيادة اسامة بن زيد الى ظاهر المدينة وعسكر بالجرف وفي هذا الوقت اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم شكواه التي قبضه الله تعالى فيها ، فأقام الجيش هناك ينتظروف ما الله قاصض في هذا الامر ..
اختار الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم للقائه ، وآثر صلى الله عليه وسلم الرفيق الاعلى على البقاء في الدنيا واختارت الامة ابا بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظروف عصيبة ومنعطف حاد في مسيرة الدعوة الاسلامية ..
وبدأ الخليفة الجديد في ترتيب امور الدولة والابقاء على النظام والاستقرار فيها ، ووجد بعث اسامة ينتظروف قرارا بالانفاذ او الايقاف ، ولكن الصديق كعادته في الوفاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ابى الا ان ينفذ جيشا اعده الرسول صلى الله عليه وسلم قبل وفاته ..
ووجه الجيش الى تخوم البلفاء فسار الى حيث وجهه ابو بكر ، ولم يكد عهد ابي بكر يستقر حتى تداعت فتنة العرب المرتدين تتكالب على امة لم تندمل جراحها بعد بسبب مصابها الجلل في قائدها وإمامها ونبيها صلى الله عليه وسلم ، وشمر اهل الدعوة للدفاع المستميث عنها في حقبة رهيبة ، ومع ذلك لم ينشغل القائد الخليفة بمهم الاحداث عن أهمها، ولم تلفه تداخلاتها ، بل نسق جهوده ورتب خطواته في مسيرة الحفاظ على الامانة التي تحملها امام الله تعالى وامام الامة ، وادرك ابو بكر خطورة الخطوة التي تجرأ عليها المرتدون ، وعزم على قتالهم ، وقتال مانعي الزكاة ، ولم يلتفت الى نصح من نصحه بالكف عنهم وقال قولته :* والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة* ..
وقال: والله لأقاتلنهم حتى نتفرد سالفتي ، ولو خالفتني يميني لقاتلتهم بشمالي *.. ونصح ابو بكر بالاستفاذة من بعث اسامة في قتال المرتدين ، ولكنه اصر على انفاذ جيش اسامة..
وأتم الله تعالى لأبي بكر النصر الحاسم عى المرتدين ، وتوجه نظره بعد ذلك الى توجيه حيش اسلامي كبير الى الشام والعراق ، فوجه ابو عبيدة عامر بن الجراح الى حمص ، وولاه امرة الجيوش ، كما ارسل يزيد بن ابي سفيان الى دمشق ، وعمروا بن العاص الى فلسطين ، وشرحبيل من حسنة لوادي الاردن ، وكان عدد هذه الجيوش يقارب الاثني عشر الفا .
ثم اسند ابو بكر القيادة العامة لجيش الشام الى خالد ين الوليد رضي الله عنه ، بعد انتهائه من قتال الفرس في العراق ، وبدأ الصدام بين جند الرحمان وجد الشيطان ، والتقى يزيد بن ابي سفيان في وادي عربة جيشا نصرانيا يقوده البطريرك *سورجيوس-.. فهزمه شر هزيمة سنة 13 هـ ، قم وقع الالتقاء الثاني بين جيش اسلامي وجيش الروم بقيادة -ثيودورس- شقيق هرقل في حمص ، وعين قائدا اخر هو -وردان- على اثني عشر الف مقاتل ووجهه الى بعلبك ، وامره ان يحاول منع المسلمين من التجمع تحت قيادة خالد بن الوليد الذي كان محاصرا لدمشق في ذلك الوقت ، وجرت محاورات والتفافات قرر هرقل بعدها تجميع جنوده من اجنادين ، فتجمع جمع مبارك من افذاذ القادة المسلمين حتى ينهزم الجمع المشرك ويولوا الادبار ..
حضر شرحبيل بن حسنة بجيشه وكان بارض بصرى ، ومعاذ بن جبل وكان بحوران ، ويزيد بن ابي سفيان وكان بالبلقاء ، والنعمان بن المغيرة وكان بارض اركة وتدمر ، اما عمروا بن العاص فكان بفلسطين ، واتجه الجمع الى اجنادين بفلسطين ، يتقدمهم سيف الله المسلول ، وكان في المؤخرة ابو عبيدة بن الجراح معه الاحمال والاموال ، وبدأت رحى المعركة تدور بضراوة حتى انجلى عبارها عن نصر مظفر لاهل لا اله الا الله ..
وتمخضت ملاحم النصر عن فتح عدة مدن بفلسطين منها : نابلس وعسقلان وعزة والرملة وعكا واللد ، وفتح عمرو بن العاص مدنا اخرى منها يافا ورفح ، وبهذا مهدت الحيوش الاسلامية في خلافة ابي بكر الصديق الطريق للزحف نحو بيت المقدس..
وطار الرشاد من عقل الدولة البيزنطية وهي تعاين معاقلها تتهاوى وحصونها تندك تحت اقدام جند الله المؤمنين ، فحشدت جيوشا جرارة اخرى قوامها خمسون الفا ، وقيل مائة الف مقاتل ، وتجمع الجيش الروماني في اليرموك بقيادة -تيودورس- اخي هرقل ليواجه جيش المسلمين البالغ خمسة وعشرين الفا منهم الف صحابي ومائة بدري ، الا ان الله عز وجل نصر جنده مرة ثانية وفتح للمسلمين فتحا مبينا ، وتمت السيطرة على المنطقة الوسطى من سوريا التي تحمي ظهورهم بالبادية مما مهد فتح بيت المقدس بعد ذلك .
وبعد هذه الاحداث بوقت قريب لحق ابو بكر بملأ السماء ، وظفر جتمانه الطاهر بجوار الرسول صلى الله عليه وسلم في يوم:22 جمادى الاخرى سنة 13 هـ ، بعد ا انجز الوعد ووفى بالعهد ..-49..1..
رد عليه شرف الدين قائلا :
سبحان الله العظيم ما اعظم هؤلاء الرجال ؟، وما اكبر شوقهم نحو بيت المقدس ..
ترى كيف كان في تلك الايام ؟؟..
وكيف وصلوا اليه بعد كل هذا الطريق الشاق ؟؟..
ذلك ما سنتعرف عليه باذن الله فالى اللقاء القادم ان شاء الله تعالى

**
اللهم اغفر وارحم وانت ارحم الراحمين ..
سبحان الله كم نشتاق اليك يا سيدنا يارسول الله ..
اللهم برحمتك ارحم كل امة سيدنا محمد الله عليه وسلم ..
اللهم اشفي مرضانا ومرضى المسلمين ..
اللهم انصر اخواننا المجاهدين في سبيلك يا رب العالمين ..
ترى هل سيرجع اولئك الابطال من جديد..؟؟
اللهم نصرك القريب يارب العالمين..
حسبنا الله ونعم الوكيل ..

حارسة لاقصى
29-12-2012, 05:52 AM
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله ..
اسال الله تعالى ان يبارك فيكم ويسدد خطاكم ..
اللهم ارحم امة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..
لا اله الا الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ..
ونواصل بإذن الله تعالى :
القطرة 17..
** أجاب الحاكم قائلا : انتهى دور خالد بن الوليد رضي الله عنه في قيادة جيش اليرموك بإنتهاء حياة ابي بكر رضي الله عنه ، وعين عمر بن الخطاب ابا عبيدة قائدا بعد خالد ، حتى لا يفتن الناس بخالد المظفر الذي لم يهزم في معركة قط ..
وحتى يعلموا ان النصر من عند الله وليس من عند خالد ..
ووجه عمر بن الخطاب ابا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه لفتح المدينة المقدسة ..
وكان معسكرا بالجابية ، وهي قريبة من منطقة الجولان الآن ، ولما وصله رسول عمر قام ابو عبيدة بتوجيه خالد بن الوليد في خمسة الاف فارس نحو بيت المقدس ..
ثم اتبعه بخمسة آلاف آخرين بقيادة يزيد بن ابي سفيان ، ثم خمسة آلاف بقيادة شرحبيل بن حسنة -رضي الله عنهم جميعا- ..
ولما اجتمعت الجيوش كلها ولحق بها ابو عبيدة ، وضربوا الحصار حول المدينة المقدسة في ايام برد شديد، حتى استيأس أهل إيلياء من مغالبة الحصار بعد مرور اربعة اشهر ..
فطلبوا الصلح من ابي عبيدة على ان يتولى الخليفة عمر بنفسه استلام المدينة ليضمنوا العهد والامان منه - وأجابهم ابو عبيدة الى مرادهم وارسل طالبا الى الخليفة عمر رضي الله عنه ان يحضر لتسلم المدينة ، وجاء وفد ابو عبيدة الى المدينة وبصحبتهم وفد من النصارى ..
فسألوا عن امير المؤمنين ليببلغوه طلب رؤسائهم ، واشتد عجبهم عندما رأوا قائد دولة المسلمين ، مفترشا الأرض تحت ظل شجرة يحتمي بها من قيظ الحر..
أجابهم عمر وقرر الخروج الى الياء ، وكانت لا تزال تسمى بهذا الاسم ..
ووصل عمر الفاروق المظفر الى المدينة ليحرر مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم من آصار الشرك الصليبي ..
ودخل القدس على طريق جبل المكبر ، وهو جبل طور زيتا الذي يسمى بهذا الاسم لأن عمر رضي الله عنه ، لما اشرف على المدينة المقدسة من فوقه كبر وكبر معه المسلمون ..
وكان عمر رضي الله عنه ممتطيا بعيرا احمر عليه غرارتان في احدهما سويق وفي الاخر تمر ، وبين يدي قربة مملوءة بالماء . وخلفه جفنة للزاد ..
وذكر ابن الجوزي انه كان يتبادل مع غلام له الركوب على الراحلة ، وعندما بلغ الخليفة سور المدينة كان دور الركوب لغلامه فنزل عمر وركب الغلام وعمر يمسك بخطام البعير ..
فلما رآه المحاصرون آخذا بمقود الراحلة وغلامه فوقها اكبروه ، وبكى بطريرك النصارى -صفرنيوس- وقال : إن دولتكم باقية على الدهر ، فدولة الظلم ساعة ودولة العدل الى قيام الساعة *..
وكتب عمر وثيقة الامان ، وبعد ان انتهى من كتابتها طلب من البطريرك أن يدله على مكان مسجد داود فساروا وسار معهما اربعة الاف من المسلمين متقلدين سيوفهم حتى وصلوا الباب المسمى باب محمد ، وكان الباب يكاد يغلق لانحدار ما في داخل السور من الزبالة على درجه ..
فتجشم الجميع الدخول الى الصحن ..
ونظر عمر يمينا ثم قال الله اكبر ، هذا والذي نفسي بيده مسجد داود عليه السلام الذي اخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم انه اسري به اليه *..
وكان على الصخرة زبل كثير مما طرحته الروم غيظا لبني اسرائيل فبسط عمر رداءه وجعل يزيل هذا الزبل والمسلمون يحذون حذوه ، ومضى عمر نحو مكان محراب داود فصلى فيه وقرأ سورة * ص * ، وسجد ..
وذكر المؤرخون ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما دخل الساحة سأل كعب الاحبار الذي كان من حنود الفتح ، وكان يهوديا فأسلم رضي الله عنه ، سأله عن مكان الصخرة ، فدله عليها وكانت مغطات بالزبل ، فازال عمر ومعه المسلمون الزبل من عليها ، وقرر ان يبني هناك مسجدا ..
فاستشار كعب الاحبار فاشار عليه ان يبنيه خلف الصخرة لتجتمع قبلتا موسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن عمر رفض وقال له:*ظاهيت اليهود يا كعب ، وأقام المسجد امام الصخرة وجعلها في مؤخرته *..52 -1-..
رد عليه شرف الدين وقال :
ياله من رجل عظيم وياله من فتح عظيم حقا ، لكن ماذا كان في اوثيقة الامان ؟؟..
اجاب الحاكم قائلا إنها العهدة العمرية ولقد جاء فيها :
** هذا ما أعطى عبد الله امير المؤمنين - عمر بن الخهطاب - أهل ايلياء من الأمان ، أعطاهم أمان لأنفسهم واموالهم وكنائسهم وصلبانهم ، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها ، أنه لا تسكن كنائسهم ، ولا تهدم ، ولا ينتقص منها ، ولا من خيرها ، ولا من صلبهم ولا من شيء من اموالهم ، ولا يكرهون على دينهم ، ولا يضار احد منهم ، ولايسكن بإيلياء *القدس * معهم احد من اليهود ، وعلى اهل ايلياء ان يعطوا الجزية كما يعطي اهل المدائن ، وعليهم ان يخرجوا منها الروم واللصوص ، فمن خرج منهم فهو آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مامنهم ، ومن اقام منهم فهو آمن ، وعليه مثل ما على اهل ايلياء من الجزية ، ومن احب من اهل ايلياء ان يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بيعهم وصلبهم فإنهم آمنون على انفسهم وعلى بيعهم وعلى صلبهم ، وحتى يبلغوا مأمنهم ، ومن كان فيها من اهل الارض ، فمن شاء منه قعد وعليه مثل ما على اهل ايلياء من الجزية ، ومن شاء سار مع الروم ، ومن رجع الى اهله فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصدوا حصادهم ..
شهد على ذلك الصحابة الكرام..
خالد بن الوليد ، عمر بن العاص ، عبد الرحمان بن عوف ، معاوية بن ابي سفيان ..52-1-..
رد عليه شرف الدين قائلا :
الله اكبر ياله من فتح كبير ، الحمد لله ، وما اعظم تلك العهدة العمرية التي اعطت للنصارى حقوقهم كاملة حتى لا يقول احد من الناس ان النصارى يفقدون قيمتهم مع المسلمين فما أحداعطى الحق للنصارى مثل المسلمين ، ولقد احسن صنيعا الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين منع اليهود من السكن في القدس لقد كان يعرف مكرهم وكثرة تدنيسهم للاماكن المقدسة ..
رد عليه الحاكم قائلا:
نعم يا ولدي هذا صحيح وكذلك البعثة التي اأتت الى البلدة قبل أيام برئاسة اليهودي حاييم وايزمان ، لقد جاءت لتدنس هذه الارض الطاهرة ..
رد عليه شرف الدين :
لقد سمعت انها زارت القاهرة قبل ذلك : ترى ما الذي جرى هناك ؟؟
وماذا يخبئ لنا هؤلاء اليهود الماكرون ومن يتحالف معهم في مكرهم وخبثهم؟؟..
..
ذلك ما سنتعرف عليه ان شاء الله تعالى في اللقاء القادم فكونوا معنا في الموعد بارك الله فيكم وسدد خطاكم ..
واسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

حارسة لاقصى
29-12-2012, 06:07 AM
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ..
سبحان الله العظيم ..
ما اشبه اليوم بالامس ..
والله ان لنا في التاريخ لعبرة ..
وللنصارى ايضا في التاريخ لعبرة كبيرة ..
ولن يكون للنصارى راحة الا مع الاسلام ..
فوالله الذي لا اله غيره إن حال الامة لن يصلح الا بما صلح به اولها ..
فسبحان الله العظيم ..
اللهم ارحم امة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبارك فيها ويسر لها امورها وافتح علينا انك انت الوهاب ..
اللهم اجعلنا رحمة لعبادك يا ذا الجلال والاكرام ..
نستغفرك ياربنا ونتوب اليك ..
اللهم انصر المستضعفين في مشارق الارض ومغاربها ..
لا اله الا الله محمد رسول الله ..
لا اله الا الله عيسى رسول الله ..
لا اله الا الله موسى رسول الله ..
لا اله الا الله ابراهيم رسول الله ..

http://www.mamarocks.com/ovf26.gif

‫ط¯ط¹ط§ط، ط¨طµظˆطھ ط§ظ„ط´ظٹط® ظ…ط§ظ‡ط± ط§ظ„ظ…ط¹ظٹظ‚ظ„ظٹ‬‎ - YouTube (http://www.youtube.com/watch?v=EG1NNZtPMVE)

http://www.mamarocks.com/ovf26.gif

حارسة لاقصى
10-05-2013, 11:55 AM
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ..
اخواني واخواتي في الله يسرني اليوم ان نتفقد معكم قصتنا ونرى ما الجديد فيها ؟؟..
فهل انتم معي ؟؟..

فعلى بركة الله ..

رد عليه الحاكم قائلا:"قبل بدء الحرب الاولى كانت البلاد العربية الافريقية كلها وأطراف المنطقة العربية الاسيوية قد وقعت في قبضة السيطرة الاستعمارية ، انكلترا وفرنسا ، ومع ذلك كانتا تطمعان ايضا في الاراضي العربية الباقية بيد العثمانيين وخاصة المنطقة الاستراايجية ما بين الخليج العربي والبحر المتوسط، الشام والعراق . وانحصرت القضية العربية خلال تلك الحرب في هذه المنطقة ، وخادع الحلفاء مشاعر العرب وآمالهم في الاستقلال لوضع أيديهم اخيرا عليها رغم ما قدمه العرب لقضية الحلفاء من عون وما أخذوه من وعود . ومع نشوب الحرب في آب اغسطس1914 واشتراك الدولة العثمانية فيها اصبحت بقاع عديدة من الوطن العربي ارض معركة اعلنت انكلترا على الفور الحماية على مصر بينما كانت حملة انكليزية من الهند تنزل جنوب العراق وتحتل البصرة محاولة شق الطريق الى بغداد في وجه مقاومة تركية قاسية ، بالمقابل تحرك الجيش العثماني الالماني للهجوم على القناة بقيادة جمال باشا قبراير1915 ، وبعد اشهر كان السنوسيون يرهقون القوات البريطانية على حدود مصر الغربية ، ثم قام سلطان دارفور1916 بانتفاضة ضد الانكليز بالهجوم على السودان ، اما الفرنسيون فجنذوا مئات الالوف من ابناء المغرب العربي وقودا للمعارك الاوروبية.
لم تكن جماهير العرب عامة منحازة ضد الدولة العثمانية ، لكن الاتحاديين المسيطرين على الحكم أثاروا كره العرب ونقمتهم سياساهم الطورانية واصطناعهم القمع والارهاب والنفي والاعدام للمتخوين: شهداء 6 ايار –مايو1916 ، زاد في قسوة هذه الاعمال ما راافاقها من تدابير تعسفية: كمصادرة المحاصيل وقطع الشجر لوقود القاطرات وفرض السخرة ، وزاد الامر سوءا تفشي الامراض واستفحال المجاعة في كثير من البقاع واستغل الانجليز هذه الظروف السيئة ليفتحوا على العثمانيين الجبهة الداخلية فاتصلوا بالشريف حسين في مكة ، وكانت له مكانته الدينية والقومية ، وقدموا له تعهدات غامضة بضمان استقلال العرب إن هم وقفوا الى جانب الحلفاء . فتبادل الشريف حسين معهم الرسائل التوضيحية – مراسلات حسين –مكماهون-، في الوقت الذي اتجهت فيه إنظار المتنورين في الشام والعراق ومصر إليه للتحرك . وفي 10 حزيران يونيو اعلن الثورة واتخذ لقب ملك العرب ، فيما اكتفى الحلفاء بتلقيبه بملك الحجاز ، إنضم اليه الكثير من المتطوعين من ضباط العرب ومن قبائل البدو .
وامتعض من الثورة عدد من الدوائر الاسلامية في مصر والمغرب العربي ، وحتى في بلاد الشام ، لكن العثمانين فجعوا بها ، لأنها كانت اول تحد عسكري لهم عربي لسيادتهم ، ولأنها فتحت عليهم جبهة غير منتظرة . أمد الانكليز جيش الثورة بالسلاح والمال ، والتنظيم فاستطاع بعد معارك قاسية ان يخرج العثمانيين من الحجاز كله بقيادة الامير فيصل بن الحسين ، يساعده الضابط الانكليزي لورانس ، وحين وصلت القوى العربية الى العقبة في تموز يوليو1917 كان الانكليز بالاتفاق مع ايطاليا قد قضوا على الحركة السنوسية تموز يوليو1916 ، ثم على سلطة دارفور :تشرين القاني نوفمبر1916 ، واستطاعوا بعد هزيمتهم في الكوت:نسيان ابريل 1916 أن يعاودوا المسير الى بغداد فيدخلوها في : آذار مارس1917 وان يعبروا سيناء الى فلسطين : كانون الثاني – يناير عام 1917 .
بذلك صار جيش الثورة العربية هو الجناح الايمن للقوات البريطانية التي تواجع الجيش العثماني في الشام ، وبعد ان دخل الجنرال النبي القدس في كانون الاول ديسمبر1917 نولت القوات الفرنسية في الساحل السوري ، واخترقت القوات العربية شرقي الاردن الى دمشث ايلول سبتمبر1918 ، بعد ذلك باشهر اعلن الامير فيصل تأسيس حكومة عربية فيها ، وكانت المعركة الاخيرة مع القوات العثمانية في مرج دابق في شمال سوريا : ت 1 اكتوبر 1918 ، حررت آخر الاراضي العربية من سلطة الاتراك.
رد عليه شرف الدين في غضب وقال:
يا للمصيبة لقد تبع العرب ضغونهم وأوهامهم حتى خدعوا اكبر خديعة والاخطاء تتكرر فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
رد الحاكم قائلا : لقد ضن العرب أن انتصاراتهم العسكرية مع وجود الحلفاء تكفي لضمان الا ستقلال والوحدة لهم ، لكنهم حتى وهم لايزالون في العقب بدأوا في اكتشاف الخداع الا ستعماري ، فالثورة الروسية:ت 1 اكتوبر1917/ فضحت وثائق الاتفاق الانكليزي – الفرنسي – الروسي لتقاسم المشرق العربي ، عرفت تلك الوثائق باتفاقية :سايكس بيكو، التي تقضي بان يكون النصف الشمالي من سوريا لفرنسيا ، وباقيها في الجنوب:فلسطين الاردن ، مع العراق لبريطانيا ، ولم يكن ذلك هو الخداع الوحيد ، فقد كانت بريطانيا ايضا قد اصدرت في 23 ت 2 نوفمبر1917 تصريحا سريا للحركة الصهيونية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ، وعرف ذلك التصريح بوعد بلفور ، وبذلت الدبلوماسية الانكليزية جهدها للتمويه على ذلك كله أثناء الملميات العسكرية ، لكن حين وقعت الحرب اوزارها ، أخذت الاطماع الاستعمارية كل ابعادها في التنفيذ العملي على الارض.
رد عليه شرف الدين قائلا: لقد انتهت الرحب العالمية هذا العام 1918 انتهت لتترك وراءها العالم العربي وقد مزقته الدول الاستعمارية ، وقد تمزقت ايضا الدولة العثمانية وازداد النفوذ الصهيوني على مستوى العالم ..
ترى ما الذي سيحمله لنا العام القادم 1918 ؟؟..
وما الذي يخبؤه لنا هذا الماكر الحاكم العسكري ستورز البريطاني؟؟..
ذاك ما سنتعرف عليه بعون الله في اللقاء القادم ..

إخواني واخواتي اسأل الله ان تعجبكم القصة وان تجدوا معي فيها مبتغاكم..
اسال الله لكم ولنا التوفيق والرشاد..
حسبنا الله ونعم الوكيل ..