المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صناعة الفرح.


محمدعبدالرحمن محمد
19-07-2012, 02:25 PM
صناعة الفرح.

الفرح مطلب كل إنسان لأن كل إنسان منا يريد أن يفرح وأن يضحك وأن يبتسم وكل إنسان يريد أن يشاهد الغريب والغرائب ويريد أن يمارس الضحك والرياضة واللعب والهوايات.
هذه من احتياجات الإنسان لكن ماذا قال الإسلام عن الفرح وهل النبي عليه السلام كان يبتسم وهل كان يضحك ويفرح........؟
حتى لو كان في المجتمع الإسلامي مشكلة أو أزمة أو مصيبة وما هو سلوك النبي عليه السلام وما هو سلوك الصحابة رضي الله عنهم......؟
ثم كيف نصنع الفرح وهل هو صناعة وهل يمكن لنا أن نصنع الفرح وكيف يفرح المجتمع الغربي وكيف نفرح نحن المسلمون...؟
هل هناك فرق في لغة الفرح وهل هناك اختلاف في التعبير عن الفرح هذا ما سنتعرف عليه .
في هذه المدينة والتي يقصدها أغلب السواح في العالم والتي تعتبر من أنشط المدن العالمية سياحة ومنها وإليها يأتي الناس للمتعة والفرح والسعادة.
هذه المدينة فيها أكثر من مائة مكان للفرح والمتعة والسعادة من الصغير إلى الكبير الذي تجاوز السبعين عاما.
هناك عدة مرافق ومجاميع كلها من أجل الضحك والابتسامة والفرح.
وهذه المدينة هي صناعة بشرية والمرافق التي فيها صناعة بشرية ولهذا يقصدها السواح على مدار العام.
أنا أسجل هنا الآن بالنسبة لنا نحن في الخليج في وقت الصيف وبالنسبة لهم الآن في وقت الشتاء لأن المناخ متغير عندهم فالشتاء عندنا صيف عندهم والصيف عندنا شتاء عندهم ولهذا أحببنا هذه اللحظات في الصباح الباكر قبل أن يأتي الناس والسواح.
لقد أحببنا أن ننقل هذه التجربة حتى نتعرف إلى هذه الخبرة في صناعة الفرح.
لا بد أن نعرف كيف يصنع الغربيون الفرح ويخططون لصناعة الضحك والابتسامة وصناعة الفرح.
الناس يزورون هذا المكان طيلة العام علما أنه من العادة أن يخصص للسياحة أشهرا في السنة أما هذا المكان فهو على مدار العام لأنهم استطاعوا وبنجاح أن يصنعوا مكانا للفرح.
للأطفال الصغار أكثر من مكان وللكبار أكثر من مكان وعادة فإن السياحة تكون تاريخية أو تكون سياسية أو اقتصادية أو تربوية أما السياحة في هذا البلد فهي فقط للضحك والابتسامة وللفرح والمرح.
لهذا فإن السياحة أنواع وهم يركزون على صناعة الضحك والفرح وهذه الصناعة نحن بحاجة لها.
النبي عليه السلام يقول روحوا القلوب ساعة بعد ساعة والإنسان كما نعلم يفرحه التصرف البسيط حتى لو كان يشاهد العصافير والطيور من حوله ثم تمر الساعات والساعات وهو سعيد يتفكر في خلق الله عز وجل وهو فرح وهو مسرور وكله سعادة وهو يشاهد مناظر جميلة.
لهذا فإن النبي عليه السلام وجهنا إلى أن الخضرة والماء والوجه الحسن كلها من الأمور التي فيها سعادة فكيف بالإنسان إذا تعلم صناعة الفرح والابتسامة بل ويعمل لذلك مؤسسات وشركات حتى تفرح الناس وندخل السرور على قلب الناس.
وهنا يقول النبي أيما عبد يدخل السرور على عبد من عباده فإن الله تعالى ليرضى عن العبد أن يدخل السرور إلى قلب عبد من عباده.
تخيلوا معي إلى أن رضا الله عز وجل ينزل على الشخص الذي يدخل السرور على الآخرين.
نحن نتسابق ونتنافس من أجل تحقيق رضا الله عز وجل والصحابة الكرام ضحوا بأموالهم وأنفسهم وحياتهم من أجل تحقيق رضا الله وكم فرحوا عندما رضي الله عن الذين بايعوا النبي تحت الشجرة وقال تعالى عنهم:
لقد رضي الله عنهم.
هنا فرح الصحابة والنبي عليه السلام يدلنا على وسيلة لتحقيق رضا الرب عز وجل وهي صناعة الفرح وإدخال السرور على الآخرين من خلال المشاريع والمؤسسات ومن خلال المرافق والخدمات.
إذن الفرح اليوم أصبح صناعة والابتسامة اليوم أصبحت صناعة لهذا روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة.
لقد كنت في زيارة إلى ماليزيا وتعرفت على أحد الأصدقاء الذي كان يشكو من رجل صيني وهذا الصيني مقتنع بالإسلام تماما ولديه رغبة في الدخول إلى الإسلام لكن كانت لديه مشكلة.
وهذه المشكلة أن حياته كلها عمل وترفيه وفرح ومتعة وهو يقول المشكلة عندي أن الإسلام يدعو إلى خمس صلوات وأنا أشعر بأن الصلوات ثقيلة علي وهذا هو السبب الرئيسي الذي منعني من الدخول في الإسلام.
تخيلوا معي الآن تعريف الفرح كيف أعرف الفرح وما هو الفرح عند المسلم وعند غير المسلم...؟
عندما يقول النبي عليه السلام روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة فهذا يعني أنه ليس من مفاهيم الإسلام العمل أربعا وعشرين ساعة وليس من مفاهيم الإسلام تقطيب الحاجبين بل كان النبي عليه السلام أكثر ما يكون تبسما.
وهذا الرجل الصيني فهم الإسلام فهما خاطئا وكذلك العبادات فهو لا يعلم أن الصلوات تريح النفس.
والله تعالى خلق الإنسان من روح وطين والروح ترتاح عندما تتصل بخالقها والطين ترتاح عندما تلتصق بالأرض فتسعى وتشقى وتلعب.
إذن عندما يرجع كل جزء إلى أصله فإن الإنسان يستقر وفي الإسلام إذن لون لكن ما هو لون الإسلام.
لقد سألت مرة إحدى المسلمات الجدد وقلت لها أعطني لونا لإسلام فماذا تعطينا قالت أعطيه اللون الأخضر وآخر قال أعطيه اللون الأزرق وقال آخر أعطيه اللون الأبيض.
لكن لم يقل أحدهم سوف أعطي الإسلام اللون الأسود الكدر الذي إذا رآه أحدنا يشعر بالغم.
لهذا فإن إحدى المسلمات الجدد عندما دخلت الإسلام ماذا قالت......؟
قالت والله ما كنت ليه في السابق كالفحم الأسود وما دخلت عليه في الإسلام كاللؤلؤ ناصع البياض.
فمرة أخرى الفرح صناعة والإسلام علمنا كيف نصنع الفرح أما ذلك الرجل الصيني فإنه ما كان يفهم الفرح الفهم الصحيح.
صديقه الصيني الثاني دخل الإسلام لأنه أحب فتاة وهكذا فإن دخوله كان لمصلحة فالتقيت به أيضا في ماليزيا وقال لي:
لقد دخلت الإسلام لمصلحة وحبي لفتاة لكنني بعدما فقهت وتعلمت الإسلام حمدت الله عز وجل أن هداني للإسلام وأنه دين يتناسب مع الفطرة.
إن كل مجتمع له ثقافته وطبيعته في التعبير عن فرحه لهذا فإننا المسلمين لنا عيدين في السنة ولنا عيد أسبوعي تجاوزا نسميه عيدا وهو يوم الجمعة الذي هو يوم الراحة وهذا بخلاف عيد الفطر والأضحى.
والمتأمل في الحكمة من الأعياد يرى أن عيد الفطر يأتي بعد تعب ومشقة من الصيام في رمضان ويأتي يوم العيد والراحة ويفرح فيه المسلمون.
وأما عيد الأضحى وكذلك يأتي من بعد تعب ومشقة وفيه تذكير لسيدنا إبراهيم عليه السلام وهكذا فإن العيد معناه الفرح والراحة وكذلك يوم الجمعة يعتبر عيد المسلمين في الأسبوع فلا يوجد دين ولا مذهب ولا قانون يمنع العمل إلا وهو موجود في الإسلام ولهذا إذا أقيمت صلاة الجمعة فلا يوجد أي عمل وإنما راحة إجبارية فإذا انتهت صلاة الجمعة فانتشروا.
وبعد صلاة الجمعة ينبغي الانتشار والعمل ولهذا فما الحكمة من قراءة سورة الكهف يوم الجمعة وما هو السر في قراءة هذه السورة يوم الجمعة...؟
يوم الجمعة هو يوم الراحة والفرح والسعادة فأولا فإن سورة الكهف فيها أكثر من قصة ومحور القصص يتكلم عن الراحة والعمل وعن الإتقان في العمل مع الإيمان ولهذا فإننا نلاحظ في القصة الأولى في سورة الكهف تتكلم عن مجموعة شباب وهؤلاء الشباب وجدوا فسادا في مجتمعهم وهناك كثير من المنكرات فتوقفوا ولم يعملوا واتخذوا قرار العزلة.
أي الراحة والابتعاد عن المجتمع والابتعاد عن إصلاح الفساد الذي فيه ثم لجؤوا إلى الكهف وهناك ناموا فيه سنوات طوال هذه هي القصة الأولى التي تبين أنه يوجد إيمان لكن لا عمل ولا إتقان في العمل.
ثم في القصة الثانية نلاحظ صاحب الجنتين حيث دخل جنته ورأى الجو الجميل والثمار والأزهار وتذكر صاحب الجنة من زرع هذا النخل والثمار والأزهار إنه هو.
فهو متقن في عمله وكان يجتهد لكن من دون إيمان.
القصة الثالثة قصة ذي القرنين الذي بلغ العالم كله وكان مجتهدا ويعمل ومؤمنا وهذا كان لديه إيمان وعمل ولهذا فإنه عندما بنى السد والجسر كان عمله متقنا جدا.
فذو القرنين نموذج والذي يريد الله عز وجل أن يوصله كل جمعة لكل مسلم هو العمل المتقن مع الإيمان الكامل.
فليس النموذج هم الشباب الذين اعتزلوا المجتمع لا ولا النموذج ذلك الرجل الذي افتخر وظن أن تنسيقه وإتقانه في العمل هو سر هذا الجمال لا.
إنما النموذج أن يجتمع الإيمان مع العمل والإتقان وهنا يفرح المسلم وهذه نظرة الإسلام للفرح.
فرعون حدد يوما لكي يجتمع فيه الناس ويروا انتصاره على موسى عليه السلام إنه يوم الزينة.
لكن ما معنى يوم الزينة........؟
لقد كان يوم الاحتفال ويوم العيد لكن لماذا خطط فرعون أن يتحدى موسى في ذلك اليوم...؟
لأنه يوم فرح ويوم اجتماع الناس وفي ذلك اليوم كان يوم عيد الوفاء للنيل لأن مصر في السابق كانوا يظنون أن النيل هو الذي وهبهم النصر لهذا خصصوا له يوما سمي بيوم الزينة.
وأنتم تعلمون خسارة فرعون أمام الحق الظاهر أمام الناس وهذا العيد وهذا الفرح انقلب إلى حزن بالنسبة لفرعون.
وهكذا فإن كل مجتمع وكل قوم يفرح ويريد أن يعبر عن فرحه.
وبالمناسبة فإنني وأنا وأسجل هذه الحلقة التي أتكلم فيها عن صناعة الفرح ونحن في استراليا اجتمع حولي بعض السواح الذين يقفون ونحن نصور وبدؤوا يسألونني من أين أنت ومن أين جئت وماذا تتحدث فقلت لهم أنا مسلم من الكويت وجئت من الخليج حتى أصور وحلقتنا اليوم عن صناعة الفرح وأنا أتكلم عن كيف تفرحون وكيف نفرح وما هو الفرح عندكم وما هو الفرح عندنا فتعجبوا فقال أحدهم هل تفرحون أيها المسلمون....؟
لاحظوا هذا السؤال الخطير وانظروا إلى صورة المسلمين عند بعض الغرب قلت لهم ألا تلاحظون أنني أسجل حلقة الفرح من هنا ونحن نعبر عن فرحنا.
ولذلك فإن النبي عليه السلام في يوم الفتح أمره الله تعالى بأن يسبح له ويستغفره.
هكذا نعبر عن الفرح ولذلك فإن عمر بن الخطاب جاءه أحد الأحبار من اليهود فقال والله آية نزلت عليكم أيها المسلمون لو نزلت علينا اليهود لجعلنا لها عيدا فقال عمر وما هي قال يوم نزل على نبيكم اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا.
فقال عمر ألا تعلم أنها نزلت في يوم عرفة ويوم الجمعة يقصد بأنها نزلت في يوم عيد للمسلمين.
إسلامنا يعلمنا الفرح ولهذا فإن النبي عليه السلام عندما طلبت منه السيدة عائشة أن ترى رقص الأحباش وفرحهم ماذا فعل النبي عليه السلام لم يمنعها ولم يقل لها لا.
إنما فتح لها فتحة من تحت يده جعلت من خلال الفتحة تنظر إلى رقص الأحباش.
هكذا كانت فرحة الصحابة مع الرسول وهكذا فإن الإسلام ليس دين نكد زلا دين حزن.
وقد نعاني من مشاكل وأزمة في فلسطين والعراق وفي كثير من دول الإسلام لكن هذا لا يعني أننا لا نضحك ولا نفرح.
إنما الفرح يعطي للإنسان طاقة وتجديد وانطلاقة ولهذا قال عليه السلام تبسمك في وجه أخيك صدقة لماذا....؟
لأنك إذا تبسمت فإنك تشجعه على الكلام وعلى التعامل معك وعلى العمل بل وتعطيه رسالة جميلة بأنك رجل محترم ومريح في التعامل وطيب وخلوق وكل هذه الرسائل نأخذها من الابتسامة.
إذن ديننا هو دين فرح وابتسامة لهذا ينبغي أن نصدر للعالم الابتسامة بدلا من أن نصدر لهم التفجير والتدمير والإرهاب والتطرف.
لا بد أن نصدر لهم السلام ونصنع لهم هذه البضاعة ونرسلها لهم.
فكما هم يصنعون الفرح فنحن كذلك لدينا فن في صناعة الفرح.
ثم إن النبي الكريم عليه السلام أمر الجميع بالخروج للعيد حتى النساء الحيض أمرهم أن يشاركوه ذلك الاحتفال العظيم لأنه يوم فرح وإنه يوم فيه سعادة وأنا أعرف قصة في هذا البلد الذي نصور فيه في استراليا.
سأل أحد الرجال ممن يريد التعرف على الإسلام وقال له أريد أن أتعرف على الإسلام فقال له المسلم:
بعد أربعة أيام نحن سنحتفل بعيد يجتمع فيه المسلمون والجالية الإسلامية كلها في المسجد وهناك ألعاب وطعام وبعض المسابقات.
فشارك هذا الرجل فيذلك الاحتفال وكانت المفاجأة أنه في نهاية ذلك الاحتفال قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.
إذن لو استطعنا أن نوظف الفرح توظيفا صحيحا لنشرنا الإسلام من خلاله ولهذا فإن النبي عليه السلام أراد من الجميع أن يفرح فأمر النساء الحيض أن يخرجن في صلاة العيد.
الإمام ابن حجر رحمه الله تعالى وسمي بهذا الاسم لأنه كان يطلب العلم على الحجر من شدة فقره لقد تفرغ لشرح صحيح البخاري عندما انتهى من فتح الباري في شرح صحيح البخاري بعد خمس وعشرين سنة.
احتفل بذلك اليوم وهو فرح جدا وصرف من جيبه الخاص خمسمائة دينار لذلك الاحتفال لأنه كان في غاية السعادة.
والنبي عليه السلام احتفل حتى في يوم مولده عندما قال ذلك يوم ولدت فيه ويوم بعثت فيه واحتفاله كان بالصيام ليوم الاثنين.
فالمشكلة ليست بالاحتفال إنما المشكلة بالتعبير عن الاحتفال وليست المشكلة في الفرح إنما المشكلة في كيف نعبر عن الفرح.
والأصل في الفرح أن يكون في طاعة الله تعالى لا في معصية الله تعالى
إذن ديننا الإسلامي يحثنا على الفرح وعلى صناعة الفرح وصناعة الفرح فن ومهارة لا بد أن نتعلمها وأن نؤسس مشاريعنا في بلداننا وفي دولنا حتى تكون الأسر سعيدة وتكون العائلات فرحة والفرح لغة يتمناه كل مسلم اليوم أن يعيش فرحا في حياته وبعد وفاته.
فالفرح ليس فقط في الدنيا بل حتى في الآخرة فليفرح الفرحون.
والله عز وجل عندما نلتقي به ونراه يوم القيامة فهي أجمل لحظة وأفضل لحظة يفرح فيها المؤمنون عند لقاء الله تعالى.
وربما هذا هو الفرق بين فرح المسلمين وفرح غير المسلمين.
غير المسلم همه أن يصرف كل ماله حتى يسعد نفسه في هذه الدنيا أما المؤمن فهمه أن يفرح في الدنيا والآخرة.
هذه هي رسالتنا من الفرح وهذا ما نتمناه لجميع المسلمين.