المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اختبارنا أصعب من اختبارهم


زمن الفتن
27-12-2012, 05:10 PM
التربية الناجحة تقتضي أن نحاول استثمار كل حدث ونوظفه تربويا ، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه الأيام وهي أيام الإختبارات المدرسية ، كيف نستثمر هذا الحدث ونوظفه في تربية أبنائنا ونكسبهم زاوية تربوية جديدة ، وذلك من خلال عرض المعلومات عليهم واستثارة تفكيرهم بعدة أسئلة منها : ما معنى الإختبار ؟ ومتى يكون ؟ وما الفرق بين الإختبار المدرسي واختبارات الحياة ؟ وغيرها من الأسئلة المهمة التي تلفت نظر أبنائنا للنجاح في التعامل مع أي اختبار يأتيهم في الدنيا

فنعلمهم أن ( الإختبار سنة الحياة ) ، وأن الإختبار ليس مرتبط بزمن محدد ، وإنما نحن نختبر في كل يوم من قبل الله تعالى ، فأبو البشر آدم عليه السلام دخل أول اختبار في العالم عندما أمره الله تعالى أن يأكل من أشجار الجنة عدا شجرة واحدة إلا إنه أكل من تلك الشجرة ولم ينجح بهذا الإختبار ، ولكنه تعامل مع الرسوب أو السقوط بطريقة صحيحة وهو (الإعتذار والإستغفار) ومن ثم الإنطلاقة من جديد والإستفادة من الماضي الذي لم ينجح فيه ، وهذا المفهوم الذي ينبغي أن نوصله لأبنائنا حتي ولو لم يوفقوا في نتائج اختباراتهم المدرسية أو لم ينجحوا في اختباراتهم الدنيوية ، فنعلمهم أن الخطأ أو الخطيئة ليست هي المشكلة بحد ذاتها وإنما المشكلة الكبيرة في أن المخطيء لا يعالج خطأه بالإستغفار أو بالإعتذار وتدارك ما فات بالإنطلاقة والنجاح

والإختبار الثاني الذي حدث في العالم كان قضية السجود عندما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم ، فرسب ابليس في هذا الإختبار إلا إنه لم يستفد من تجربة آدم السابقة فلم يعتذر أو يستغفر بل عاند واستكبر، فلم يقبل الله الخطأ من ابليس ولكنه قبل خطأ آدم عليه السلام ، فالإختبار يعطينا تقييما واضحا للإنسان ، فنزول الإنسان في الدنيا اختبار ، وإذا توفي ودفن بالقبر فإنه يختبر كذلك من خلال الإسئلة الثلاث : وهي من ربك ؟ ومن نبيك ؟ وما هو دينك ؟

وابراهيم عليه السلام اختبر زوجة ولده وقال لها بعدما فشلت بالإختبار أخبريه أن يغير عتبة داره ، وقد قالت له ذلك فطلقها وتزوج غيرها ثم تم الإختبار الثاني للثانية كذلك فقال لها ابراهيم أخبريه يثبت عتبة داره لأنها نجحت بالإختبار ، وبلقيس اختبرت سليمان عليه السلام بإرسال هدية له لتعرف هل هو نبي أو ملك ، ولهذا قيل إذا أردت أن تختبر انسانا سلمه منصب أو سلطة ، وكان من منهج عمر الفاروق في الحكم علي الناس أنه يحكم عليهم بعد أداء الإختبار ولهذا لما مدح رجل آخر سأله عمر رضي الله عنه هل سافرت معه ؟ أو هل هو جارك ؟ أو هل تعاملت معه بالدينار والدرهم ؟ فهذه اسئلة الإختبار في المنهج العمري للتعرف علي أخلاق الناس والحكم عليهم

بل حتى فقهاؤنا ناقشوا مسألة متى يعطي اليتيم ماله ليتصرف فيه بذاته ويكون مستقلا بماله ؟ وكان الجواب بأن يعمل له اختبار للتأكد من حسن التصرف بالمال ولهذا قال تعالى (وابتلوا اليتامي حتى إذا بلغوا النكاح ..) يعني أختبروهم ، فالإختبار يقيم مستوى الإنسان ويذكي روح التنافس عنده ، ويعرفنا بقدرات الإنسان ونقاط ضعفه وقوته ، ويعرفنا كيف يتعامل الإنسان مع مشاعره وقت الربح أو الخسارة ، ويبين لنا مدى تعلق الإنسان بربه

ومن جميل ما قرأت في السيرة النبوية أن السيدة خديجة رضي الله عنها اختبرت النبي الكريم صلي الله عليه وسلم قبل الزواج من خلال تكليفه بالتجارة بمالها وأرسلت معه ميسرة ليعطيها التقرير الواضح علي الرحلة من الناحية المالية والإجتماعية والإدارية وبناء علي ذلك تم الزواج وكان زواجا نموذجيا لأنه سبقه اختبار وهذا ما نحتاجه في زماننا بين المخطوبين حتى لا يفشل الزواج

لو أوصلنا كل هذه المعاني لأبنائنا وتحدثنا معهم في السيارة أو وقت الغداء فإننا نجعلهم ينظرون للإختبار نظرة صحيحة كما ينظرون للنجاح والفشل نظرة ايجابية وهذا هو المهم لأن الحياة كلها اختبار ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهو لا يفتنون ؟) فالمفروض أن نعلمهم تجربة آدم عليه السلام ونشجعهم عليها ونحذرهم من تجربة ابليس ونقول أن (اختبارنا أصعب من اختبارهم )

[COLOR="Red"][/COLORجاسم المطوع

أم عمار
01-01-2013, 01:39 AM
جزاكم الله خير الجزاء

مفهوم مهم التربية بالحدث ونسأل الله أن يعيننا على تربية أولادنا ويرزقنا الحكمة