المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوسطية الاسلامية ..بين الامال و التبديد ..


محمود المحرزي
17-02-2013, 04:48 PM
الوسطية الاسلامية .. بين الامال .. و التبديد..


الحمد لله خالق كل شئ و باريه ؛ و مخرج كل حي و فانيه ...
و الصلاة والسلام الاتمان الاكملان علي سيد ولد عدنان ، و خلاصة بني الانسان : سيدنا و مولانا محمد وعلي اله الاطهار و الرضا عن صحبه الاخيار والتابعين باحسان ما جن ليل او طلع نهار ...
وبعد ؛
فقد لامست توفر المنتدي علي العديد من المشاركات والتي تعني بمفهوم الوسطية و دلالات هذا المفهوم والتي تتباين فيما بينها تبعا لاختلاف توجهات السادة المشاركون و منطلقاتهم الفكرية ؛ و بالتالي فان الحديث عن تقرير مصطلح بالنسبة للوسطية الاسلامية يصبح متعذرا ان لم يكن ضربا من العبث !! نعم قد نتفق علي بعض الخطوط العريضة .. بيد ان هذا يكون في العموم وهو ما قد يتفق عليه البشر ..كل البشر.. و مثال ذلك :
ان الحرية مثلا مطلب انساني ؛ او كما يقول العرب :
مسالة لا يتناطح فيها كبشان ! لماذا ؟! لانها مشترك بشرى ..
الا اننا ابان تحليل هذا المفهوم نجد انه يختلف من ثقافة الي اخري تبعا لمكونات هذه الثقافة او تلك ..
فالكل يتفق علي حرية التعبير ؛ ثم نجد ان تلك الحرية احيانا يمكن ان تؤسس لبيروقراطيات مقنعة و هو ما حدث بالفعل و سجله التاريخ علي المارد الاحمر البائد !!
اذن فما المراد من هذا المفهوم ؟؟؟
احسب ان المراد من المفاهيم المؤسسة لما نطلق عليه الوسطية كالحرية و غيرها انما يتحدد بالمكون الثقافي العام للبيئة التي يراد ان يكرس بها مثل هذه المفاهيم ...
فاذا كانت هذه البيئة ذات اطار ثقافي واضح قوي ؛له صدي حقيقي في تفاعلات المجتمع الحقيقية : فاننا نجد ان مفهوم كالحرية سيحدد اطاره عبر المنحني الثقافي العام و المؤثر..
و في مجتمعاتنا العربية الاسلامية يتصادف ان اعلي مكونات الثقافة بلا مراء : هو الدين .. نعم ؛ الدين هو الاساس العام لثقافتنا و ان تلاحم مع التربة و الاعراق ليقدم انا منتجا قد يبدوا مختلفا للبعض ؛ لكنه هو هو !! و ليس ثمة فارق بين اسلام الامويين واسلام العباسيين و اخيرا اسلام العثمانيين باستثناء ما تنتجه عملية التلاقح بين الدين و بين ما يجد عليه من ثقافات قد تتباين لكنها سرعان ما يظهر عليها التشابه بل و في بعض الاحيان التماثل عند الاحتكاك المباشر العملي بهذا الدين !!!
و مثال ذلك في تاريخنا التليد لا يمكن التوفر عليه ؛ لانه كان بمثابة سنة جارية لا تعرف التبدل فضلا عن التحول !!!
فالاسلام الحنيف في الجزيرة كان مجار لاعرافها الصحيحة و بالتالي لم يصطدم معها الا حين شردت هي عن الفطرة السليمة ..
و الاسلام في فارس كان هو من يؤسس لحضارة قطعت الانسانية منها شوطا ليس بالقصير ... و ذلك بعدما هذب تلك الحضارات و اعادها الي فطرتها الصحيحة ؛ فعملت علي بصيرة و قدمت التضحيات و هي مستبصرة للامال في ضوء تصور اعمق و ارحب للحياة .. فكانت الحضارة الاسلامية و التي لم تخل في احايين كثيرة من اسباب المرض و الوهن !!
الا انها استمرت وقفزت علي السدود ..
و حاصل كلامنا السالف اننا نريد ان نقرر ان الدين و نعني به هنا الاسلام لم يكن يوما عائقا حضاريا !! بل كان علي الدوام المكون الاساس لتتابع الحضارات الانسانية بعامة ؛ و كان الشريان الحقيقي لبقاء الحياة و تجديدها لحضارات امتنعت عن التطور و المدنية لشتي الظروف كشعوب البربر ؛ بل الاسبان انفسهم و من يقرا التاريخ يعلم ان اسباب مدنية الاوربيين (المصطنعة) انما هي صناعة اسلامية مائة بالمائة .....
اذن ما الذي حدث ؟؟!!
و ما الذى ادي الي هذا الفهم المعتل الضيق لهذا الدين المرن ؛ دين الفطرة بل دين الانسان العاقل المتامل ...
لماذا فارقنا الركب الانساني في مسيره المحتوم ؟؟!!
لماذا سرنا ضد القانون الطبيعي للتطور البشري ؟؟!!
لماذا رفضنا المشترك البشري تحت دعاوي هزلية !! حاصلها الشكلية الساذجة و التنطع البغيض ؟؟!!
لماذا صادمنا الفطرة .. و نحن لم نزل نتشدق باننا دين الفطرة ؟؟!!

سنحاول الاجابة علي هذه التساؤلات و غيرها فيما هو قادم من حلقات باذن الله تعالي.....
و السلام ........................................