المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بين الحرية والرقابة .. كيف نربي أبناءنا ؟


ألب أرسلان
27-02-2013, 01:08 PM
http://www.up-aa.com/upfiles/NHm92056.jpg

رغم التغيرات الكثيرة التي لحقت بالعالم العربي وتأثيرها على حياة الأسرة العربية واقتراب أو ابتعاد الوالدين عن أبنائهم فإن صورتهم المتسلطة لازالت باقية في حياة بعض الأسر مما يؤثر على الحياة المستقبلية للأبناء وطريقة تفكيرهم وتعاملاتهم مع العالم الخارجي خارج نطاق أسرته .


فدائما ما يختلف مفهوم الحرية من فرد إلى آخر ومن جيل إلى جيل، حتى داخل الأسرة الواحدة نجد أن مفهوم الآباء للحرية يختلف عن نظرة الأبناء، وهو ما يؤدي إلى الصراع المعروف باسم صراع الأجيال

أشارت الدراسات العلمية أن أكثر من 80% من مشكلات الأبناء في العالم العربي وخاصة المراهقين نتيجة مباشرة لمحاولة أولياء الأمور تسيير أولادهم بموجب آرائهم الخاصة ، ومن ثم يحجم الأبناء، عن الحوار مع أهلهم لأنهم يعتقدون أن الآباء إما أنهم لا يهمهم أن يعرفوا مشكلاتهم، أو أنهم لا يستطيعون فهمها أو حلها.

وقد أجمعت الاتجاهات الحديثة في دراسة الطب النفسي أن الأذن المصغية خاصة في مرحلة البلوغ "المراهقة" هي الحل لمشكلاتها، كما أن إيجاد التوازن بين الاعتماد على النفس والخروج من زى النصح والتوجيه بالأمر، إلى زي الصداقة والتواصي وتبادل الخواطر، و بناء جسر من الصداقة لنقل الخبرات بلغة الصديق والأخ لا بلغة ولي الأمر، هو السبيل الأمثل لتكوين علاقة حميمة بين الآباء وأبنائهم خاصة في سن المراهقة".

حرية بلا حدود

وتري الدكتورة رباب عبد السلام أستاذ علم النفس بجامعة حلوان انه لا بد أن نعرف أن الأبناء بعد بلوغهم يبدأون في سحب شحنة الحب والعاطفة من الوالدين ويوجههونها إلى أنفسهم، وإلى أبطال التاريخ، والقدوة التي تعجبهم ورفاقهم ، ومع سحب هذه الشحنة يبدأ احدهم في رؤية عيوب الوالدين ، وقد يصاحب رؤية العيوب السخرية من الكبار والتوحد مع شلة الأصدقاء والانقياد لهم حتى يحوز القبول منهم، وعصبية الوالدين وثورتهم لا تعيد المراهق، ولكنها تلقي به بعيدًا إلى أيدي الرفاق، ولذا فالأفضل التفهم والحوار الهادئ دون فرض سيطرة، أو إصدار قوانين تجعله أكثر عنادًا وتدميرًا لنفسه.

وتضيف الدكتورة رباب عبد السلام أن من عيوبنا كمجتمع أن مرهقينا أصبحوا يطلبون حرية التصرفات بلا حدود أو قيود مثل المجتمعات الغربية، في نفس الوقت الذي يتمسكون فيه بنمط الرعاية الكاملة من الوالدين، والاعتماد عليهم من الناحية المادية كما هو واقع في المجتمعات الشرقية، ولذا فإن الحرية التي يطلبونها هي لأخذ فرصة أكبر في الاستمتاع والرفاهية .

وتشير الدكتورة رباب إلي أن البعض يربط بين سيطرة الآباء علي أبنائهم وبين البر بالوالدين ، لكن البر بالوالدين ليس عملية إلغاء لشخصية الابن أو إلغاء لمصالحه، وتحويل شخصيته إلى صدى لشخصية الوالدين، واعتبار نفسه ظلاً لهما، لأنه لا يجوز أن يُربّى الولد على أن يكون صورة منسوخة عن والده، أو أن تكون البنت صورة منسوخة عن أمها. بل لا بدّ من أن نعين الولد على اختيار صورته بالاستفادة من بعض ملامح الصورة الأب والأم بما يخدم حياته، لكن يجب أن يصنع الولد صورته بنفسه، مستعيناً بما يرتاح إليه أو يقتنع به من صور الآخرين، أو ما يقتنع به في نفسه.

قصور الوعي عند الوالدين

ويؤكد الدكتور حامد زهران أستاذ التربية بجامعة عين شمس أن الحماية الزائدة لأبنائنا مثل الإهمال لهم، كليهما خطأ تربوي يعود إلى أننا لم نُعلِّم الآباء والأمهات فن التربية الصحيحة فالتربية ليست عملية عشوائية بل عملية منظمة لابد أن تحكمها قواعد وأسس ، فهناك كثير من الأخطاء التربوية التي نرتكبها كآباء وأمهات دون أن نشعر ويكون مردودها خطيرًا ، وعلي رأسها تسلّط بعض الآباء الذين لا يعطون فرصة لأبنائهم في اختيار شيء أو إبداء رأي في شيء، وهذا قصور في الوعي عند الوالدين.
ويضيف أن الفرد يتخفف في مرحلة بلوغه من علاقته بالأسرة واتصاله المباشر بها، ويتصل اتصالاً قويًا بأقرانه وزملائه، ثم يتخفف من علاقته بهم ليتصل من قريب بالمجتمع القائم ولهذا كان لزامًا على أهله وذويه أن يساعدوه على هذا التحرر ويتخففوا من سيطرتهم عليه شيئًا فشيئًا، حتى يمضي قدمًا في طريق نموه، وللمغالاة في رعاية المراهق وحمايته من كل أذى وكل خبرة شاقة أثر ضار على إعاقة عظامه النفسي، وخير للمراهق أن يعتمد على نفسه في شراء لوازمه وحاجياته وملابسه وفي اختيار أصدقائه، وفي قضاء أوقات فراغه، والاستمتاع بهواياته، وتأكيد مكانته بين إخوته بما يتناسب ومستواه ونشاطه، وخير للأسرة أن تمهد للمراهق الوسيلة الفعالة للاشتراك الإيجابي في مناقشة بعض المشاكل العائلية المباشرة وأن تحترم آرائه، وأن تدربه على التعاون مع والديه في بعض أمورهما، وعلى تكوين صداقة قوية بينه وبينهما، وهكذا يتحرر المراهق من خضوع طفولته وخنوعها، ويشعر بأهميته ويتدرب على حياته المقبلة في المجتمع


شخصيات مهزوزة

وتؤكد الدكتورة ثريا عبد الخالق أستاذ ورئيس قسم علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنوفية أن الحب هو المحرك الأساسي للعلاقة بين الأبناء والوالدين فالحب هو القدرة على العطاء والأخذ أيضًا، ولذا فإن حب الآباء تجاه أبنائهم إذا تحول إلى خوف زائد ونوع من السيطرة فهو حب مؤذٍ يصيب الأبناء بالتعاسة بعد ذلك، ويجعلهم شخصيات مهزوزة لا تقدر على اتخاذ القرارات أو مواجهة المشكلات التي تصادفنا جميعًا في الحياة، ويحتاجون لطلب المشورة في كل صغيرة وكبيرة، ولهذا يضخِّمون المشكلات دائمًا، وتتحول لديهم التحديات العادية إلى مشكلات غير قابلة للحل، ولهذا فأغلب هؤلاء يصبحون انطوائيين، ويصابون بالإحباط، لأننا عندما نستطيع حل مشكلة ما والتغلب عليها نشعر بالثقة بالنفس ونحس بالسعادة، وهذا ما يفتقده هؤلاء الأبناء الذين شاء لهم حظهم أن يُربَّوا بطريقة خاطئة.



وتوضح انه لابد أن يراعى التدريج في تعويد الأبناء على التمتع بالاستقلال والحرية خلال مراحل نموه المختلفة، أما منح الحرية فجأة فقد يؤدي بالأبناء إلى إساءة فهم دوافع آبائهم وإحساس المراهقة بأنه قد فقد العون والسند الذي كان يعينه أيام الطفولة ، مشيرة إلي أن الأبناء يريدون أن يشقوا طريقهم بأنفسهم وأن ينظموا حياتهم بأنفسهم ، فإذا ما حاول الآباء الاستمرار في السيطرة عليه ووضع القيود والقوانين متجاهلين نموه الطبيعي فإنه سيقاوم هذه القيود ويخرج عليها. وإن التدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياة المراهق إما أن يدفعه إلى التمرد أو إلى الخنوع والقلق.

الرسول صلى الله عليه وسلم خير مرب
ويؤكد الدكتور محمد رأفت عثمان -الأستاذ بجامعة الأزهر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- هو خير مرب علي مر العصور والأجيال فمهما تغيرت العصور فهو المعلم والمرشد والمربي الأول ، فهو خير مرشدا للآباء في تربية أبنائهم في عبارة موجزة جامعة لأحدث أساليب التربية الحديثة قائلاً: "لاطفه سبعًا، وأدبه سبعًا، ثم صادقه سبعًا، ثم أطلق له الحبل على الغارب بعد ذلك..." ، مشيرا إلي أن ملاطفته تكون في السنوات السبع الأولى من سن الطفل التي يجب أن تكون عيننا عليه في كل تصرف وفي كل سلوك؛ حتى نرشده ونوجهه، ف
الطفل في هذه المرحلة يكون عنده ما يسمى (باختبار الحدود) أي أنه يختبر دائما ردود فعل والديه على ما يفعله، حتى يعرف حدوده، ويميز بين الصحيح الخطأ.


ويضيف الأستاذ بجامعة الأزهر أن للأبناء حقوق عند إبائهم وعلي رأسها أن يُحسِن الأب تربيتهم ، وأن يحرص على وقايتهم مِن أسباب الهلاك والعَطَب في الدنيا والآخِرة, ومنها: أن ينفق على الصغير الفقير من الذكور وعلى الإناث حتى يتزوجن بالمعروف من غير إسراف ولا تقصير، لأن ذلك من حق أولاده عليه، وهو من شكر نعمة اللّه عليه بما أعطاه من المال، وكيف يمنعهم المال في حياته ويبخل عليهم به ليجمعه لهم فيأخذونه قهراً بعد مماته, ويدخل في أمر النفقة: أن يُطعِمه ويكسوه مثل ما يُكسَى من هو مثله, وأن يُوفِّر له المسكن حسب القدرة وجريان العرف ، فعلى الأب أن يتقي الله سبحانه في أولاده وأن يتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت".

ووفي مقابل هذا يجب علي الآباء أن يشاوروا أبناءهم لأن الشورى خلق قرآني ، قال سبحانه لسيد البشر صلى الله عليه وسلم: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ " ، وقال سبحانه في صفات المؤمنين: "وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ " ، ويتأكد أمر الشورى فيما يخص الأمور الكبيرة في حياة الأولاد والتي تكون من أسباب استقرار حياتهم في المستقبل, كأمور الزواج مثلاً, فليس للأب أن يجبر ابنه على الزواج من فتاة لا يريدها, وليس للأب أن يجبر ابنته على الزواج من رجل لا ترضاه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يستأذنها أبوها في نفسها وإذنها صماتها.

أما عن تربية الأبناء في الإسلام فيري ان هناك الكثير من الطرق التي يمكن من خلالها الموعظة لأبنائنا دون أي نوع من التسلط ، ومن هذا أسلوب القصّ، أي حكاية قصة فيها معنى ما تريد إيصاله إلى أبنائك، وكثيرًا ما كان الرسول(صلى الله عليه وسلم ) يفعل ذلك مع أصحابه. وكذلك عن طريق الحوار والاستجواب، فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أتدرون من المسلم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: المسلم من سلِم المسلمون من لسانه ويده، قال: أتدرون من المؤمن؟، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: المؤمن من أمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم، ثم ذكر المهاجر فقال: والمهاجر من هجر السوء فاجتنبه".

ويضيف انه يمكن أيضًا أن تدمج الموعظة بالمداعبة، فقد روى أبو داود والترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحمله بعيرًا من الصدقة ليحمل عليه متاع بيته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني حاملك على ولد الناقة، فقال الرجل: يا رسول الله ما أصنع بولد الناقة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهل تلد الإبل إلا النوق؟" ، فأفهمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه المداعبة أن الجمل ولو كان كبيرًا يحمل الأثقال ما يزال ولد الناقة.

حدود التدخل في حياة الأبناء

ويري الدكتور محمد الناصر صاحب كتاب "تربية المراهق في رحاب الإسلام" ان التدخل من الأبوين ينبغي أن يكون في الأمور التي تستحق التدخل، وفي الأمور التي تكون فيها معرفة المراهق محدودة أو عندما تعرضه قراراته لخطورة ما، مع إهمال الأمور الهامشية الصغيرة التي لا تضر، والأمور التي يستطيع المراهق اتخاذ قرارات ناضجة فيها.

ويضيف أن التوسط مطلوب في هذه الأحوال، ونساعد بذلك المراهق في الاعتماد على نفسه وفي أخذ القرارات ونتعامل معه بمرونة في حدود الأطر الدينية والقيم السليمة، وبذلك يعد المراهق ليكون شابًا له دوره في المجتمع وتعد المراهقة لتكون شابة لها دورها كذلك..".

فالأم مثلاً تتيح لابنتها فرصة دخول المطبخ والعمل فيه، وعلى الأم أن تثني عليها، وتتقبل خطأها بنفس راضية، إذ تعد الفتاة لمرحلة الرشد والقيام بمهام جديدة والأب ينبغي أن يُسر بعمل ابنته، ولا يعتب على زوجته عند تكليفها بأي عمل.

ويشير إلي أن هناك قاعدتان لتدخل الأهل في حياة الأبناء: الأولى: مبدأ {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} ، الثانية: مبدأ "لاعبه لسبع وأدبه لسبع وصاحبه لسبع ثم اترك حبله على الغارب" ، مشيرا الي ان المراهقة هي مرحلة المصاحبة والأبناء في أشد الاحتياج إلى الصديق الوفي والناصح المخلص، والصاحب المتفاهم، وليس هناك أحد في الوجود كله أوفى وأخلص من الوالد لابنه ولا أوفى وأخلص من الأم لابنتها.
ويقول ان السبب في حدوث هذه المشكلة يكمن في اختلاف مفاهيم الآباء عن مفاهيم الأبناء، واختلاف البيئة التي نشأ فيها الأهل وتكونت شخصيتهم خلالها وبيئة الأبناء، وهذا طبيعي لاختلاف الأجيال والأزمان، فالوالدان يحاولان تسيير أبنائهم بموجب آرائهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم، وبالتالي يحجم الأبناء عن الحوار مع أهلهم؛ لأنهم يعتقدون أن الآباء إما أنهم لا يهمهم أن يعرفوا مشكلاتهم، أو أنهم لا يستطيعون فهمها، أو أنهم - حتى إن فهموها - ليسوا على استعداد لتعديل مواقفهم.

معادلة صعبة

من جانبه تري الدكتورة علوية السيد أستاذ التربية بجامعة الزقازيق ان الحرية داخل الأسرة معادلة صعبة فهي تتطلب أبا مثقفا ومتحضرا يناقش قبل أن يعطي خلاصة تجاربه في الحياة، ويعلم أولاده عدم الخوف، ويعطيهم الفرصة للتجربة ولممارسة حقوقهم، وأن يتعلموا عواقبها، سواء مع الفشل أو النجاح ، ولا يجب أن يعتبر الوالد حق الحرية منحة منحها للابن لأنه يمن عليه بأبوته، ولا يصح أن يلجأ الأب الكبير وقائد الأسرة إلى منطق المساومة مع الأبناء، ويجب أن يتوافر عند الأب منطق السماح والمغفرة، وأن يكون حكيما وليس ممسكا بالعصا التي تهدد الأبناء، ويستوعب حكمة سيدنا عمر بن الخطاب عندما قال : " لا تعلموا أولادكم عاداتكم، فقد خلقوا لزمن غير زمانكم" فكأنه كان يقرأ المستقبل، وهو المنهج العلمي الحديث الذي توصل إليه العلماء والباحثون وهو منهج الدراسات المستقبلية.

وعن قضية الحرية والحوار بين الآباء والأبناء،فتري أن الأب لا بد أن يتنازل إلى حد عن سلطته وقهره لأبنائه، وفي الوقت نفسه على الابن أن يثق بمشاعر والديه، وأن يكون هناك دائما حسن نية في العلاقة، لكن المشكلة تظهر أكثر لو كانت سلطة الأب والأم قاسية، ويشعر الأبناء بالقيود والاختناق من والديهما، وهو ما نسميه بالحب الخانق في علم النفس، والذي ينتج عن كثرة القلق والهيمنة الزائدة والمتابعة المستمرة وشدة الخوف كل هذا يقتل الأبناء نفسيا ويسبب لهم مشاكل مؤلمة.

وتشير إلي أن الحرية بين الجيلين قضية مستمرة ، فكل جيل يتصور أن الجيل السابق له متخلف عنه، ولا يعرف شيئا، بينما ينظر القديم إلى الجديد بحذر ويعتبره مفرطاً في القيم ومستهترا ، والجديد في هذا الوضع أن صراع الأجيال أصبح قويًا وعنيفًا نظرا للقفزات الكبيرة التي تمت في القرن العشرين، سواء ماديا أم معنويا أو تكنولوجيا وما يشاهده الأبناء في الأفلام الأمريكية مما أثر على العلاقات، وجعل هناك فجوة أكبر بين الآباء والأبناء، خاصة في مجتمعنا الشرقي المسلم، فعندما ننظر إلى أبنائنا نجد اللغة التي يتحدثون بها مختلفة وكذلك القيم والمفاهيم.

وتختتم إذا كان العالم يشهد طفرة هائلة من التقدم العلمي ، ولا شك في أن هذا الكم الهائل من العلم والمعرفة لم يصنعه جيل واحد بعينه ، وإنما هو خلاصة فكر الأجيال إذ يضيف كل جيل إلى جهد سابقيه ، وهكذا تبدو أهمية احترام ما لدى جيل الكبار من خبرات يستفيد منها من بعدهم ، يعدلون فيها ويضيفون إليها ، ولكن الخطر كل الخطر أن يعزفوا عنها ويقللوا من أهميتها .. قد يحدث اختلاف لكن هذا الاختلاف لا ينبغي أن يكون سبباً في الصراع والتنافر ، وقد كان الخلفاء المسلون يحترمون علماءهم ممن هم أكثر منهم خبرةً ، فهذا الرشيد يلاطف الأصمعي ويقول : هكذا وقرنا في الملأ ، وعلمنا في الخلاء ، وهذه الحالة من الحوار لابد أن تبدأ أولا داخل الأسرة الصغيرة ثم تنعكس علي الأسرة الكبيرة وهي المجتمع .


هبه عسكر | 15/10/1429 هـ