المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : *( من أعجب العجب )*........لابن القيم


انصر النبى محمد
27-11-2013, 09:22 AM
:الحمــــــــد للـــــه رب العالميـــــــن

من أعجب العجب أن تعرفه ثم لا تحبه، ومن أعجب العجب أن تحبه ثم لا تطيعه، من أعجب العجب أن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة، وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره، وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له، وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته، وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير حديثه والحديث عنه، ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره ومناجاته، وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره، و لا تهرب منه إلى نعيم الإقبال عليه والإنابة إليه، أعجب من هذا علمك أنك لابد لك منه، وأنك أحوج شيء إليه وأنت عنه معرض، وفيما يبعدك عنه راغب، هذا من أعجب العجب.


شاب قال له شيخه: يا بني إن لكل سيئة عقاباً، يبدو وقع في خطأ، زلت قدمه في معصية، انتظر عدة أيام ولم يصب بشيء، أثناء الصلاة ناجى ربه، قال: يا رب لقد عصيتك فلم تعاقبني، قال: وقع في قلبه أن يا عبدي لقد عاقبتك ولم تدرِ، ألم أحرمك لذة مناجاتي ؟








قال (الجنيد) - رحمه الله - : لو أقل عبد على الله ألف سنة ثم أعرض عنه لحظة كان الذي فاته أكثر مما حصل له.

وكان بعض السلف - رحمه الله - يقول: وددت لو أن يدي قطعتا وغفر لي عن ذنوب الشباب.

قال المصنف - رحمه الله - : قلت يوما في الوعظ: أيها الشاب أنت في بادية، ومعك جواهر نفيسة وتريد أن تقدم بها على بلد الجزاء، فاحذر أن يلقاك غرار من الهوى فيشتري ما معك بادون ثمن، فتقدم البلد فترى الرابحين فتفقع أسفا، وتبكي لهفا، وتقول: (يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله) هيهات أن يرد الأسف ما سلف.

ومما قلته فى من الشعر في هذا المعنى:

أما الشباب فظلمة للمهتدى ... وبه ضلال الجاهل المتمرد

ليس الذي ترك الذنوب مشيبا ... كالتارك لها وقت شعر أسود

فافرح إذا جاهدت نفسك صابرا ... يا صاح صح في اللهو يا نار اخمدي

اغنم مديحة يوسف في صبره ... واحذر تعجل آدم في المفسد

لولا اجتباه لكان شينا فاضحا ... يعصى فيالك من حزين مكمد

فاقمعه بالصبر الجميل ودم على ... الصوم الطويل فإنه كالمبرد

واغضض جفونك عن حرام واقتنع ... بحلال ما حصلت تحمد في غد

ودع الصبا فالله يحمد صابرا ... يا نفس هذا موسم فتزودي

الصبر عن شهوات نفسك توبة ... فاثبت وغالط شهوة لم ترقد

تحمد هناك إذا هواك تركته ... يا سعد تسعد بالمعاش الأرغد

إن شئت نيل المفاخر في الطريق الأبعد